تبا لرجال الأعمال الوهميين ( سماسرة الاستيراد ) الذي أفسدوا حياتنا الصحفية والثقافية بعدما افسدوا طعامنا وشرابنا ودواءنا ودماءنا وتحية إجلال وتقدير لكل صحفي حر قابض على قلمه الشريف كما يقبض المؤمن على الجمر و رأسه عالية شامخة فى السماء لأنه لا يخط بقلمه إلا ما يمليه عليه ضميره الحر الأمين. الصحافة هي ضمير ونبض الشعب ، وهى الرقابة الجماهيرية على أداء الحكومة ، وهى لسان وصوت الجماهير للحكومة ، كما هي المنبر الحر لحراك الثقافة والفكر فى المجتمع ، وهى السلطة الرابعة فى مجموع السلطات التى تدير وتنظم حركة المجتمع والدولة . وبوصلتها منذ نشأت تتجه فى اتجاه واحد فقط نحو الحقيقية ونحو مصلحة الشعب . بيد أن الأمور فى مصر تغيرت وتبدلت كثيرا خلال العشر سنوات الأخيرة تحديدا .وبمعدل هبوط وانحدار عالي جدا ومخيف ، على مستوى الاهتمامات والموضوعات التى تتناولها الصحافة وأخير على مستوى المصطلحات والألفاظ البذيئة التى يتم تناولها وبشكل عادى ، والله تحرجت كثيرا ساعة شاهدت احد الإعلاميين الرياضيين المصريين المعروفين حين تلفظ بعدة ألفاظ تكرر ذكرها كثيرا فى قنوات مصرية بشكل عادى استاءت منها مذيعة الجزية وأشارت إليه بضرورة التوقف عنها التزاما بمستوى وأخلاقيات الجزيرة . وكذلك على مستوى الحملات الإعلامية المجنونة التي تدار دوريا وبشكل مستمر وفى اتجاهات مختلفة وفق أجندات ومصالح خاصة متعددة ومتنوعة ، ان الإعلام والاعلامى أصبح أداة فى يد من يدفع . كذلك أتعجب من قنوات تستغل حاجات المواطنين وتعبث بهم لعمل ما يعرف بالشو الإعلامي وجذب اكبر عدد من المشاهدين ، وفى برامجها الحوارية يستضيف المحاور عدد من الضيوف فى أشبه ما يكون بجلسات المصاطب الريفية التى لم يتوفر لها أى هدف ولا إعداد ولا علاقة لها بالعمل الاعلامى من قريب أو بعيد ولكنها تحسب على الإعلام المصري والذي ترتسم ملامحه يوما بعد يوم على يد هولاء العابثين بالإعلام على انه إعلام هابط .ومأجور . متغيرات كثيرة ساهمت في حالة التردي التي أصابت الإعلام المصري. مع تطور تكنولوجيا الاتصالات والمعرفة وتعاظم دور الصحافة التلفزيونية والالكترونية والصحافة بشكل عام فى تشكيل ثقافة ووجدان وتصور ومن ثم خيارات وقرارات المجتمع صحافة وفضائيات رجال الأعمال تزاوج المال مع السلطة ودخول رجال الأعمال إلى عالم السياسية تعدد وتنوع الأجندات الخارجية الطامحة فى أهداف خاصة لها داخل القرار المصري وحاجتها لوجود وكلاء صحفيين لها يتحدثون بلسانها داخل مصر حالة الفشل والإفلاس السياسي التى تعيشها الحكومة المصرية منذ عقود وبحثها عن أية أطواق للنجاة تخفى فيها سوءتها يمكن حصر أهمها هذه الأطواق فى جملة من السياسات الإعلامية شغل الرأي العام عنها بقضايا ثانوية وفرعية يتم تضخيمها ( أخبار وحوادث الفنانين والرياضيين، والتناول السردي لأحداث تاريخية معينة تتوافر فيها عناصر الإثارة ) اختلاق معارك وبطولات مزيفة لتجميل صورتها القبيحة ( معركة الجزائر / معركة غزة ) شن حملات إعلامية مختلقة على قوى ورموز المعارضة عبر هذه السياسات يموت الضمير الانسانى ، وتغيب الأمانة الصحفية ويستبدل مداد القلم الصحفي الشريف الطاهر الذي يشهد لصاحبه فى الدنيا بالأمانة والمهنية والشرف الصحفي في الدنيا ، كمل سيشهد له عند رب العالمين في ساحة العرض يوم أن يقف في صفوف الصالحين المصلحين تحت لواء الأنبياء والمرسلين، يستبدل بمداد فاسد وملوث يشهد على صاحبة ببيع ضميره الصحفي فى سوق النخاسة والخيانة والعمالة فى الدنيا ، ويشهد عليه أمام الله عز وجل وعلى مرأى ومسمع من جميع الخلائق فى ساحة العرض الا لهى . عبر هذه السياسات الإعلامية يضخم الصغير الهين، ويهون الكبير الخطير. تهون القضايا الخطيرة بداية من انتهاك السيادة الوطنية على يد الطيران والجنود الاسرائلييون على الحدود ، وتهون وتتغافل قضايا الفساد فى بيع ممتلكات الدولة بأبخس الأثمان ، وتتغافل قضايا الإهمال والفساد في كافة مرافق الدولة وما تسببه من غياب لآلاف الأرواح ...الخ ، فى حين يضخم الثانوي من الأمور ويشغل الراى العام به ليل نهار. توجه البوصلة إلى تأجيج مشاعر العداء لأبطال غزة المحاصرين فى حين تتجاهل بوصلتهم الصحفية إجراءات هدم الأقصى الدائرة على قدم وساق ، كما توجه البوصلة إلى تشويه حركات المقاومة ضد المشروع الصهيوامريكى ، فى حين تتجاهل قتل وسحق الأبرياء فى العراق وأفغانستان وفلسطين كل ساعة . الخطير فى الأمر هو دخول الفنانين و الرياضيين على الخط واستغلال تاريخهم وانجازاتهم الرياضية وحب الجماهير لهم في هذه الإستراتيجية الكبرى التي رسمها مفكرو الفساد والإفساد فى الحزب الوطني استراتيجية استخدام رموز وأعلام رياضية وفنية مقبولة جماهيريا لاستغفال الراى العام وتمرير ما يريدونه من أفكار وأوهام وخرافات وخداع على الرأي العام ، واهم ما يدلل عليه هذا الأمر هو حالة الإفلاس الحكومي التام على مستوى الوجوه التى يمكن ان تمثلهم أو تتحدث باسمهم أمام الرأي العام ، كذلك الإفلاس على مستوى لأفكار والأطروحات التي يمكن ان تطرحها الحكومة ، كذلك الإفلاس فى رصيد ثقة الشعب فى كل ما يمكن ان تعرضه و تقدمه الحكومة. للأسف الشديد اعتقد كما يعتقد الكثيرون معي ممن التقيتهم من خبراء ومتخصصين في المجال الإعلامي في العالم العربي وممن يراقبون المشهد الإعلام المصري بكل أسف وأسى وهم يعتصرون ألما على ما آل إليه حال الإعلام المصري الذي تعلم اغلبهم ودرسوا الإعلام وولجوا ساحة الإعلام عبر بوابة الإعلام المصري ، وعلى يد أساتذة الإعلام والصحافة المصريين يوم كانت الصحافة والأعلام المصري جامعة كبرى تتفرع منها العديد من المدارس الصحفية الكبرى بغض النظر عن انتماءاتهم الفكرية والسياسية ولكنهم كانوا جميعا رموزا ونماذج للالتزام بالقيم المهنية والضمير المهني الذي لا يمكن ان يشترى مهما كان الثمن. . المؤسف فى الأمر أيضا هو ان تتقدم مؤسسات صحفية لم يتجاوز عمرها الإحدى عشر عاما مثل الجزيرة لتتقدم وحدها على الإعلام المصري بأسره على مستوى ثقة المشاهد فيها ، وفيما تقمه له من أخبار وتحليلات وبرامج جادة تحترم عقله وتروى ظمأه المعرفي ، وتلبى احتياجاته فى البحث عن الخبر الصادق والتحليل الواعي الشامل وتحصد اكبر الأرقام من المشاهدين ، وذلك لتميزها المهني والقيمي على صحافة وإعلام مصر الذي تجاوز عمره وتاريخه وتراكمه المهني أكثر من مائة وعشرون عاما . الرسالة التى نود أن نؤكد عليها هي انه لا يصح الا الصحيح ، كما ان قيمة الصحفي لا تحسب بقدر بالمناصب التى يصل إليها عبر رضا المسئولين الحكوميون أو بعض رجال الأعمال عنه ، ولا بقيمة ما يتحصل عليه من أجور ومكافآت مصحوبة باحتقاره لذاته داخليا جراء مخالفته لما تعلمه و يوقن به ضميره ، بل إن قيمة الصحفي تكمن في إحساسه بما يقوم به من عمل وما يؤديه من رسالة وما يتلقاه من احترام وتقدير الجمهور له وما يحققه من انجازات إصلاحية على ارض الواقع ولو محدودة. حفظ الله تعالى لمصر تلك الثلة من الجماعة الصحفية التى تمثيل الضمير الصحفي المصري الحقيقي وتدافع عنه بشموخ وإباء من خلال حياديتها ومصداقيتها التامة والتزامها بالقيم المهنية الصحفية بالرغم مما تتعرض لها من ضغوط وحصار وأزمات مالية ربما تعصف بوجودها من الأصل . ولكنها رعاية وحماية الله تعالى الذي وعدنا ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا )