فتحت أحداث نجع حمادي الباب لدعوات الأقباط وحلفائهم من اليسار لحذف المادة الثانية من الدستور المصري التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع وإلغاء تدريس مادة التربية الدينية بالمدارس المصرية، بزعم أنهما السبب في وقوع الحوادث الطائفية المتكررة خلال الفترة الأخيرة. لكن تلك الدعوات التي يتبناها أقباط وقيادات باليسار المصري مرتبطة بأقباط المهجر أثارت انتقادات مضادة من قبل علماء دين مسلمين اعتبروها تكشف عن جهل حقيقي بحقيقة الدين الإسلامي الذي يدعو إلى معاملة الآخر معاملة حسنة حتى لو كان يهوديا، مبدين استغرابهم إزاء محاولة الربط بين وجود علاقة بين تلك الأحداث والشريعة الإسلامية أو تدريس الدين الإسلامي في المدارس. وذهب الدكتور محمد عبد المنعم البري المراقب العام ل "جبهة علماء الأزهر" في تفسيره لأسباب تكرار حوادث العنف بين المسلمين والأقباط إلى عدم تطبيق الشريعة الإسلامية كاملة، حيث أنها تحض على احترام الجار حتى ولو كان يهوديا، كما أرجعها إلى وجود "الجهلاء والحمقى" بالجانبين- المسلم والمسيحي- ممن قال إنهم لا يعرفون شيئا عن حقيقة الدين الإسلامي الذي يدعو إلى السلام والمحبة وليس إلى القتل والإرهاب. وانتقد المطالب بإلغاء تدريس مادة التربية الدينية بالمدارس، لكون ذلك لا علاقة له بالإشكاليات بين المسلمين والأقباط، بل على العكس اعتبرها تعكس روح الإسلام في معاملة الآخر مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث النبوي: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" فهي تدعو إلى احترام الآخر والإحسان إليه ومعاملته معاملة حسنة، واصفا المطالبين بحذف الشريعة أو إلغاء مادة التربية الدينية بالحاقدين والكارهين للدين. ودلل البري بواقعة تعكس احترام الإسلام للمسيحية حدثت في الولاياتالمتحدة عام 2007 عندما تمت دعوته في مائدة إفطار رمضانية بإحدى الكنائس الأمريكية وحضرها الأنبا ديفيد أحد الأساقفة العموميين ووكيل للبابا شنودة هناك، وذلك عندما اصطحب معه عددًا من المجلدات التي توضح مكانة السيدة مريم العذراء والسيد المسيح عليه السلام في الإسلام، وهو ما لاقى إعجابًا واستحسانًا شديدا من جانب قيادات الكنيسة التي كانت لا تعلم عن ذلك شيئا، وكان رد الفعل العملي إصدار الكنيسة للنتيجة السنوية مرسومًا عمامتين تعانقان بعضهما أحدهما بيضاء والأخرى سوداء. وهي ذاتها الروح التي تعكس أجواء العلاقة بين المسلمين والأقباط في مصر على مدار التاريخ كما يؤكد الداعية الإسلامي الشيخ يوسف البدري، حيث عاش المسلمون والأقباط في أجواء أخوية ولم تقع بينهم أي فتن طائفية إلا منذ تحريض أقباط المهجر الولاياتالمتحدة ضد مصر، وتعالي الأقباط على المسلمين حينما شرع بعضهم في استدعاء الدول الغربية وعلى رأسها الولاياتالمتحدة ضد مصر بزعم اضطهاد الأقلية القبطية. وقال إن فترة الاستقواء بالخارج هي التي تشهد هذا التعالي من جانب الأقباط مذكرا بأنه وأثناء الحملة الفرنسية على مصر في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر قام يعقوب حنا الملقب بالمعلم يعقوب بالحصول على رتبة جنرال بجيش نابليون وتجنيده لأربعة آلاف قبطي لمحاربة المسلمين ونصرة لجيش فرنسا، ما دعا الجبرتي المؤرخ الشهير لوصفه ب "يعقوب اللعين". وأبدى استغرابه لمحاولة الربط بين أحداث العنف ومادة الشريعة الإسلامية بالدستور وتدريس مادة التربية الدينية، متهما حزب "التجمع" الذي يتبنى تلك المطالب بأنه "حزب يبغض الدين ويراه في القلوب فقط بينما يمارس حياته على طريقة ماركس". وأكد أن تدريس مادة التربية الدينية في المدارس لم يتسبب في يوم من الأيام في حدوث أي أحداث عنف طائفية داخل المدارس، وأن أحدًا لم يسمع عن نشوب نزاع بين الطلاب المسلمين والأقباط بسبب تدريس مادة التربية الدينية. أما الدكتور أحمد عبد الرحمن أستاذ الفلسفة والأخلاق الإسلامية فنفى أن يكون هناك أي أسباب دينية لوقوع تلك الأحداث، التي اتهم أقباط المهجر باستغلالها في محاولة لإشعال الفتنة، قائلا: ليس معقولا أن يقتل مسلم مسيحيا لأنه مسلم متدين ويغار على دينيه مثلا، مرجعا أسباب وقوعها إلى عوامل اجتماعية واقتصادية، مطالبا الحكومة في بحث تلك الأسباب بشكل علمي بهدف حلها والقضاء عليها من جذورها. من ناحيته، رد الدكتور مصطفى الشكعة عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر على المطالبين بحذف مادة الشريعة الإسلامية من الدستور وإلغاء تدريس مادة التربية الدينية متهما إياهم بأنهم "أناس لا دينيين ولا يرتبطون بالإسلام"، وقال في تعقيبه على مطالب اليسار بهذا الخصوص، إنه ليس غريبا على حزب مثل حزب "التجمع" الذي لا يعترف بالدين في برنامجه أن يطالب بذلك رافضا الربط بين وجود مادة الشريعة الإسلامية في الدستور وتدريس مادة التربية الدينية في المدارس والأحداث الطائفية التي يقوم بها "جهلاء وأميون"، لأن الإسلام يدعو إلى الوسطية والتعايش السلمي.