شن حسين عبد الرازق، عضو مجلس رئاسة حزب "التجمع"، هجوما لاذعا على المادة الثانية من الدستور المصري التي تنص على أن الإسلام هو دين الدولة ولغتها هي العربية، والإسلام هو المصدر الرئيس للتشريع، واعتبرها السبب الرئيس وراء حوادث الفتنة الطائفية وأعمال العنف المتكررة بين المسلمين والمسيحيين، على حد زعمه. وطالب في تصريحات لبرنامج "48 ساعة" على فضائية "المحور" بتعديل المادة المشار إليها مكررا دعوات الأقباط بزعم أنها تحمل تمييزا ضدهم، متذرعا بأن تعديل هذه المادة وإعادة صياغتها بما يتلاءم مع الأوضاع الحالية سيؤدي إلى حل مشاكل كثيرة ويضع حدًا لأعمال العنف الطائفية بين المسلمين والأقباط. ودعا القيادي اليساري إلى أن تكون مصر "دولة بلا دين"، أسوة بالهند ودول أخرى قال إنها لا تضع الدين دستورًا لها، وتابع قائلا: "في دولة الهند رفض الرئيس أن يكون هناك دين للدولة ونفس الشيء في إندونيسيا، لأن الدولة كائن معنوي ليس له عقل ولا إحساس ولا انتباه، وبالتالي لابد أن تكون الدولة بلا دين". ورغم أن المادة المشار إليها والتي وضعها الرئيس الراحل أنور السادات في دستور 1972 لا يتم تطبيقها أو الرجوع إليها في سن القوانين والتشريعات، إلا أن الأقباط يعتبرونها مصدرًا للتمييز ضدهم، ويوافقهم الرأي حزب "التجمع" الذي يرتبط بعلاقات وثيقة بأقباط المهجر. وأشار عبد الرازق إلى أن كثيرًا من الفقهاء اقترحوا تعديل نص المادة من الدستور لتكون على النحو التالي: "الإسلام دين غالبية سكان الدولة، والشرائع السماوية هي المصدر الرئيس للتشريع"، في إشارة إلى المطالبة باعتماد المسيحية والأديان الأخرى مصدرًا للتشريع إلى جانب الشريعة الإسلامية. ودون أن يعطي دليلاً منطقيا على ادعاءاته باستغلالها في اضطهاد الأقباط، يتساءل: "لا أعلم لم التمسك بهذه المادة حتى الآن رغم كل ما يحدث بين المسلمين والمسيحيين من عنف ومشاكل بسبب هذه المادة التي تشعر المسيحي بأنه مضطهد وأنه درجة ثانية وتميز المسلم عنه، والنتيجة في النهاية حوادث وجرائم آخرها ما حدث في نجع حمادي"، في إشارة إلى الهجوم الذي أسفر عن مقتل ستة أقباط وشرطي مسلم في هجوم عقب أداء قداس عيد الميلاد المجيد. وتابع: لابد من تعديل هذه المادة وأيضًا تغير المنظومة التعليمية بحيث يتم تدريس مادة الدين كمادة مشتركة على الطلاب المسلمين والأقباط ولا يتم الفصل بينهم كما هو قائم حاليا، موضحا أن مادة الدين لابد أن تكون مشتركة وأن تكون عن الأخلاقيات وحسن التعامل وليس عن النصوص القرآنية أو الإنجيل بل عن السلوكيات والأخلاق، وأن يكون الدين في الجوامع والكنائس وليس في المدارس. وأشار القطب اليساري إلى مشروع دستور 54 الذي لم ير النور حتى الآن والذي لم يكن متضمنًا النص على أن دين الدولة الإسلام، وأكد أنه آن الأوان الآن لتغيير هذه المادة وتعديلها وليس حذفها بما يتلاءم مع أوضاعنا الآن، خاصة وأن أحداث الفتنة بدأت منذ السبعينات وبالتحديد عام 1972 ولا تزال مستمرة حتى الآن، على حد زعمه . وخالفه الرأي المحامي الإسلامي ممدوح إسماعيل في الزعم بأن المادة الثانية هي سبب ظاهرة التعصب الديني وإحداث الفتنة بين المسلمين والأقباط، وقال إن هذه المادة وضعت من خلال مجموعة من العلماء والمفكرين والتي كانت مشكلّة من مسلمين ومسيحيين ويهود، وبالتالي فليس هناك أي داع لتعديلها، بل لابد من التمسك بها على أساس أن غالبية سكان مصر مسلمين. ووصف ما حدث في نجع حمادي بأنها جريمة أدانها المسلمون قبل المسيحيين، وأنها لم تقع بسبب المادة الثانية من الدستور، استدرك قائلا: لا يمكن أن نعلق كل جريمة تحدث بالإسلام، فالتعسف في جعل الإسلام مبررًا للجرائم أمر غير مقبول، لأنه من حيوية الإسلام أنه ليس به كهنوت ولا عصبة لأحد والإسلام يرفض حياكة الفتاوى لأهواء الحكام . واتهم إسماعيل، حزب "التجمع" الذي يتزعمه الدكتور رفعت السعيد بأنه يستغل الحوادث الطائفية من أجل المتاجرة وتحقيق الكسب المادي، واتهم جريدة "الأهالي"- لسان حال الحزب- بأنها تتربح من الكنيسة، وقال إن هناك اتفاقًا بين الجريدة والكنيسة على أن يشتري عشرة آلاف قبطي الجريدة مقابل "شعللة" موضوع الفتنة لصالح الأقباط. وقال إن هذا ظهر جليًا في مقال لعبد الرازق حول أحداث نجع حمادي قال فيه إن الأقباط يعانون من الاضطهاد وإنهم لا يحصلون على حقوقهم بالمساواة مع المسلمين رغم أن هذا غير صحيح، معتبرا أن ذلك يأتي في إطار التخديم على مصالح الأقباط مقابل الحصول على أموال من الكنيسة وأقباط المهجر. وأثار ذلك غضب عبد الرازق الذي توجه إليه منفعلاً "لابد أن تتحدث بشكل محترم ولا تلقي بالاتهامات الكاذبة وكفاك تجاوز في كلامك وكفاك كذب وافتراء"، بينما تمسك إسماعيل باتهاماته قائلا له: كلامك هو نفسه كلام أقباط المهجر (...) وأنا أرى أن هناك استغلالاً للمادة الثانية من الدستور في كل حادثة تقع"، مستدركًا: لابد أن يكون لكل بلد هوية وفرنسا رفضت الحجاب ومنعته للحفاظ على هويتها العلمانية ونحن دولة أغلبيتها مسلمين ولابد أن يكون لنا هوية وديانة فنحن أيضًا لابد أن نتمسك بإسلامية دولتنا". وتابع إسماعيل متوجهًا له: "هذا ليس كلامي بل كلام عطية الصيرفي الذي أكد إنكم تتكسبون بطرق غير مشروعة"، في إشارة إلى اتهامات لعضو الحزب الذي قررت أمانته العامة في أكتوبر الماضي إيقافه والتحقيق معه من قبل لجنة الانضباط بشأن المذكرة المقدمة ضده من زملائه بالحزب حسين عبد الرازق وفريدة النقاش وسيد شعبان. لكن عبد الرازق قاطعه بانفعال: "عطية الصيرفي يروح في ستين داهية واتهاماته كاذبة وهناك بلاغ ضده في النيابة العامة لاتهاماته الكاذبة ضدي وضد فريدة النقاش"، أما فيما أكده عن قرار فرنسا بحظر بالحجاب، فاعتبر هذه من الأمور التي تخص المجتمع الفرنسي "وليس لنا شأن بها ولا تلعب على وتر الدين"، وهاجمه قائلا: أنا مسلم أكثر منك وأفهم ديني ولا أستغله وكفاك تجاوزًا .