على بعد 150 كيلو من مدينة الفيوم، داخل الصحراء الشاسعة يقع دير الأنبا مقاريوس المقارى الأسكندرانى، والذى ترددت بشأنه الشائعات باستيلاء رهبان الدير على مساحة 10 آلاف فدان لإقامة أكبر تجمع قبطى فى العالم يضم كنائس وقلايات ومبان خدمية ومشروعات إنتاجية تمهيدا للتوسع نحو الشرق حتى حدود محافظة مطروح شمالا والوادى الجديد جنوبا فى الوقت الذى عجزت فيه أجهزة الدولة عن مواجهة تلك التجاوزات بحجة الفتنة الطائفية. وتسببت تلك التجاوزات فى حالة من الاحتقان حول التعديات على المحميات الطبيعية فى وادى الريان ووادى الحيتان بالفيوم التى قام بها رهبان الدير المنحوت، على آلاف الأفدنة بمنطقة المحمية، والتى تخضع للاتفاقيات الدولية وحماية الحياة البرية لما تتمتع به من غطاء نباتى كثيف وحيوانات نادرة قابلة للانقراض وكذلك أربع عيون طبيعية يتغذى منها النبات والحيوانات النادرة، منها الثعلب الفنك والغزال المصرى والغزال الأبيض، إضافة إلى 200 نوع من الطيور البرية النادرة، وتسهم بشكل كبير فى التوازن البيئى، سبق أن صنفتها منظمة اليونسكو بأنها أول محمية طبيعية للتراث العالمى بالشرق الأوسط . وتعود الوقائع إلى قيام رهبان الدير المنحوت ببناء سور كبير على آلاف الأفدنة، وضم عيون المياه الطبيعية الكبريتية التى تفجرت وسط هذه الصحراء منذ آلاف السنين، الأمر الذى أثار حفيظة أهالى وادى الريان وحاولوا منع الرهبان من البناء ليتطور إلى شكل الفتنة الطائفية مع تدخل كبار العائلات لمنع احتكاك الأهالى بالرهبان الذين قاموا بتقديم العديد من الشكاوى، فضلا عن تقدم جهاز حماية البيئة بالفيوم ببلاغات ومحاضر رسمية ومنها بلاغ يحمل رقم 349 إدارى مركز يوسف الصديق لسنة 2011 ضد رهبان الدير والمعروف بدير الأنبا مقار بوادى الريان. وبعد قيام ثورة يناير قام الرهبان بزيادة المساحة المتعدى عليها وأقاموا سورا حول مساحة شاسعة من الأراضى الصحراوية فى المحمية الطبيعية تبلغ مساحتها حوالى 1000 فدان ، وتجاهلت الأجهزة الحكومية تنفيذ قرارات الإزالة لهذه التعديات . وأكد مدير جهاز حماية شئون البيئة بالفيوم أن رهبان الدير قاموا باقتحام نقطة المراقبة التابعة لجهاز شئون البيئة بمنطقة العيون المجاوره للدير، والاستيلاء على محتويات المقر من أجهزة كمبيوتر وتليفزيون مستندات خاصة بجهاز المحمية بعد إطلاق النار من أسلحة آلية على الموظفين لترويعهم، مؤكدا أنهم تقدموا بعشرات البلاغات ضد الرهبان لتعديهم على آلاف الأفدنة بزراعة الأشجار وإقامة المبانى عليها، وقاموا بردم حمام سباحة بمنطقة العيون والبناء حوله. رئيس الوزراء ووزير البيئة والمحافظ فشلوا فى حل الأزمة وأشار إلى أنه بالرغم من قيام الدكتور خالد محمد فهمي، وزير الدولة لشئون البيئة، والمهندس أحمد على أحمد محافظ الفيوم، بزيارة لمحمية وادى الريان لتفقد الدير المنحوت ومقابلة رهبان الدير للوقوف على أبعاد مشكلة تعدى الرهبان على أراضى المحمية إلا أن جهودهم لم تنجح فى حل الأزمة. وأكد المحافظ ضرورة اتخاذ وزارة البيئة لقرار بسرعة إجراء المفاوضات مع كافة الأطراف لإيجاد حل عاجل لهذه المشكلة، بناء على ما تم الاتفاق عليه فى الاجتماع الذى عقد برئاسة الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء، وخرج الاجتماع بتكليف رئيس الوزراء لوزير الدولة لشئون البيئة بعقد جلسات تنسيق مع كافة الأطراف لحل هذه المشكلة. وكان محافظ الفيوم قد أرسل خطابا مماثلا لوزير الدولة لشئون البيئة فى 30 مارس الماضى، دون أن تتخذ وزارة البيئة أى خطوة فى هذه المشكلة، التى يخشى من تفاقمها الأيام المقبلة، فى ظل تصاعد دعوات بين شباب القبائل العربية من سكان "الصحراء" باقتحام الدير، فيما يتدخل آخرون للتهدئة من أجل إنهاء الأزمة بين وزارة البيئة والعرب ورهبان الدير. عشرات من قرارات الإزالة.. والأحكام الجنائية لم تنفذ وكشفت دفاتر مخالفات المحمية الطبيعية ل«وادى الريان» استيلاء الدير المخالف وغير المرخص على مساحة تقارب 30 كيلو مترا مربعا بمنطقة العيون الطبيعية وإغلاقها أمام ممارسة المحمية لمهامها والتعدى على موظفى المحمية. كما تقع المبانى المخالفة داخل المساحة المذكورة فى أماكن متفرقة منها حيث يجرى العمل بسرعة كبيرة لإنشاء المبانى وتجريف البيئات الطبيعية والزراعة وغيرها من المخالفات الصارخة للقانون 102 فى شأن المحميات الطبيعية. وأبرم جهاز شئون البيئة على أثر مخالفات الرهبان الدير بوادى الريان بروتوكولا يحدد مناطق تواجدهم فى عام 2007 بواسطة الرئيس التنفيذى للجهاز ينص على أن يلتزموا بما هو متواجد فى حينها وعدم التعدى لاحقا على أرض وبيئة المحمية على أن يلغى البروتوكول ولا يجدد فى حال مخالفة الرهبان لبنوده. ولكن خالف الرهبان جميع بنود الاتفاق واستمروا فى المخالفات والتعدى على أراضى منطقة العيون بالمحمية بعد البروتوكول حتى حينه وقامت إدارة المحمية بتحرير المحاضر اللازمة فى حينه وكذلك المكاتبات اللازمة للجهاز والوزارة حتى صدر قرار السيد الدكتور الرئيس التنفيذى لجهاز شئون البيئة رقم 765 لسنة 2011 لإزالة جميع مخالفات الدير القائمة حاليا بدون تصريح من جهاز شئون البيئة وأى مخالفات محتملة وتبعها قرار الرئيس التنفيذى لشئون البيئة لإزالة الأعمال المخالفة فى يناير 2011. تم إرسال القرارات للسيد مدير أمن الفيوم، من جانب المحمية والجهاز ولكن لم يبدأ تنفيذها حتى قيام ثورة 25 يناير. وقامت النيابة العامة بقيد التعديات على أراضى المحمية وموظفى المحمية العاملين هناك بالقضية رقم 3457 جنايات يوسف الصديق لسنة 2011 وأرسلت للجهاز بتشكيل لجنة من الجهاز للمعاينة والتحقق من استمرار وجود التعديات بتاريخ 18 مايو 2011 حيث تم قيد القضية رقم 3457 جنايات يوسف الصديق لسنة 2011. كما تحرر المحضر 2891 لسنة 2011 إدارى يوسف الصديق، ضد مخالفات حديثة بأربعة مبان يجرى الانتهاء من تشطيباتها حاليا بجوار الأسفلت ومساحات تم تجريفها لأغراض الزراعة كلها مخالفة للقانون وتم قيد جميع المخالفات بالقضية رقم 3457 جنايات يوسف الصديق لسنة 2011 لتضع حدا قانونيا لإنهاء الأزمة والقضاء على المخالفات.