هناك لص يريد سرقة خزانة البنك المركزي لكنه محتار في أمره ولا يعرف كيف الوصول إلى غرضه ، يسمع اللص طرقات ملحة وعنيفة وسريعة على بابه ويفتح منزعجا ليجد نفسه أمام محافظ البنك يرتعب اللص وينهار خوفا من انكشاف أمره وقبل أن يركع لطلب السماح والعفو يجد أن المحافظ قد ركع ثم سجد ثم انبطح أمامه ومرغ وجهه في التراب وأخذ يتوسل إليه أن يحمل الخزنة بما حملت هدية متواضعة من السيد المحافظ لا تليق بمقام اللص. يذهل اللص وينعقد لسانه فلا ينطق، يصاب المحافظ بالهستريا متصورا أن اللص لا يقبل الخزنة وبها الاحتياطي النقدي للبلاد. فينبطح ثانيا ويتوسل إلى اللص أن يقبل مع خزنة البنك المركزي خزائن البنوك الأخرى العامة والخاصة والأجنبية والمشتركة العاملة في البلاد وفروعها في الخارج هنا يسقط اللص مغشيا عليه من هول الصاعقة وقبل ان يغشى على المحافظ بدوره من صدمة تصور أن اللص يرفض هذه المنحة الخيالية يقف أمام جسد اللص الفاقد الوعي ويصيح في أذنه متوسلا بأن يقبل كذلك خزائن البنوك المركزية في بلاد الخليج العربي، وبعد ساعات طويلة يقف اللص ويتحدث بكلمات غير مفهومة للمحافظ البنك المركزي. إنه لا يقول له أنه لم يكن يحلم في أشد شطحاته تخريفا بأنه سيسرق خزائن محل كشري لكنه يقول للمحافظ أنه يريد كذلك مفاتيح الموازنة العامة للدولة ومعها مصادر الدخل القومي الأخرى. هذه الحكاية تلخص بإيجاز شديد الموقف العام، فعندما يكون أجمل وأعلى أحلام أمريكيا أن يحدث سيناريو التوريث في مصر على النحو الحاصل الآن كان يجب على أمريكا أن تدفع دم قلبها لكي يتحقق هذا الحلم المستحيل، لكن الذي حدث هو أن البعض تطوع وبمنتهى الأريحية بأن يقدم لأمريكا كل ما يمكن تقديمه من تنازلات وامتيازات وتسيهلات وتشهيلات وانبطاحات وخدمات لكي تتفضل وتتنازل وتستعطف بأن تقبل أن يحقق لها هذا البعض حلمها المستحيل وفوقه خزائن الأرض والأراضي المجاورة. بماذا نسمى هذا سوى بركة دعاء الوالدين! من المؤكد أن أمريكا فيها شيء كبير جدا لله وأشياء أكثر من شمهورش ملك الجان، ومن المؤكد أن الحاج بوش الكبير ومعه الحاجة الوالدة قد أطلقا دعوة مستجابة للسيد بوش في ليلة القدر الأمريكية أتت لهما بكل هذا الجاه وفوقه أضعاف أضعافه كمكافأة على التفضل بقبول المكافأة الأولى المجانية. وعلى من يشكك الآن في طيبة أمريكا وأنها من أولياء الله الصالحين أن يراجع نفسه ويسرع بالالتصاق بالأم الغالية لأنه من جاور السعيد يسعد، والسؤال الآن هو ما الذي سوف تفعله العزيزة الغالية جعلنا الله من محاسيبها والمرضي عنهم عندها؟ ما الذي سوف تفعله بالهدية ذات الهدايا؟ إن صاحبنا اللص بعد أن تسلم موازنة الدولة من السيد محافظ البنك المركزي سارع إلى إبلاغ الشرطة عنه بتهمة تبديد المال العام والاشتراك في اتفاق جنائي. [email protected]