إن المراقب للأحداث التى تجرى بمصر منذ اندلاع ثورة يناير2011 وحتى اليوم يجد اننا وصلنا الى مرحلة من التخبط والارتباك على جميع الاصعدة ومن جميع الاتجاهات , تستوجب من الجميع ان يعيد حساباته وترتيب اوراقه. لقد قامت ثورة شعبية عظيمة سوف يخلدها التاريخ, وستعود على الشعب المصرى والمنطقة كلها بفوائد عظيمة سوف تغير التاريخ, ولكن كنا جميعا نتمنى ان تكون فترة التقلب التى عادة ماتعقب الثورات اقصر مايمكن رهانا على رصيد هذا الشعب العظيم الحضارى الضارب فى جذور التاريخ, وإخلاص وحب ابناء هذا الوطن له والذى لايضاهيه فبه اى وطن آخر. ولكن امانينا وروح التفاؤل والعجلة فى إستشراف حاضر ومستقبل افضل يليق بوطن اصيل وشعب عظيم, جعلتنا نتناسى الدور المحورى لهذا الوطن فى العالم على جميع المستويات, وأن ماسوف يحدث من تغيرات به سوف ينعكس بالضرورة على المنطقة كلها ولاأكون مبالغا إذا قلت العالم كله. ولذلك كان ينبغى علينا ان نفطن ان مرحلة تقلبات مابعد الثورات , لن تكون فقط بالنسبة لمصر هى صراع القوى الوطنية الداخلية للوصول الى انسب الاساليب السياسية للتجانس والتعايش السلس بين مختلف مكونات الامة , ولكن سوف تكون ايضا صراع لقوى كثيرة لمحاولة استثمار نتائج هذه الثورة لمصالحها الشخصية او على الاقل تقليل تاثيراتها الغير مرغوب فيها عليهم . اتسمت المرحلة مابعد الثورة حتى الآن نتيجة تداخل العوامل السابق ذكرها بكثير من الارتباك وطال امد التخبط حتى تحولت الروح العامة للشعب من تفاؤل الى إحباط, وقد تأكدت عدة ثوابت لما مرت به البلاد خلال الفترة الماضية وهى : أولا: لقد تأكد لكثير من الساسة المخلصين لوطنهم بانهم ودون ان يشعروا كادوا يستدرجون لتنفيذ أهداف من يسعون لإفشال الثورة من قوى داخلية او خارجية بأى ثمن. ثانيا: أن اسلوب المراهقة السياسية التى يتبعونها ومخالفة القواعد الديموقراطية المستقرة بمحاولة إفشال الرئيس المنتخب واسقاطه قبل انتهاء مدته الرسمية, انما هى محاولات لا ولن يحالفها التوفيق بل تعود بالسلب شعبيا عليهم, وعليهم ان يعودوا لممارسة الديموقراطية بقواعدها المستقرة وبأساليب اكثر نضجا. ثالثا: أن هناك طابور خامس يخون الوطن والشعب ويعمل لصالح قوى إفشال الثورة إما لإعلاء مصالحه الشخصية فوق مصلحة الوطن, او نتيجة حقد طاغ على المشروع الاسلامى اعماه عن ان يعلى مصلحة هذا الوطن الحبيب والعمل لصالح هذا الشعب الطيب وباع نفسه للشيطان بعمل اى شئ ويسقط المشروع الاسلامى الوليد فى حكم مصر. رابعا: لقد كان من البديهى وقد تأكدت تلك الحقيقة بأن التركة ثقيلة جدا ولن يستطيع اى فصيل ان يحملها منفردا, كما ان فترات مابعد الثورات الشعبية تحتاج الى العمل على التوافق الوطنى وان يتكاتف الجميع فى تحمل المسؤولية وتحديد ملامح الطريق والعمل على استقرار الاسلوب الامثل للحكم كما يرتضيه كافة فصائل الوطن لضمان الاستقرار ومواصلة عملية البناء. خامسا: اعتقد ان القائمين على الحكم ايقنوا ان استمرارهم فى عدم أخذ زمام المبادرة بشكل عاجل جدا واستيعاب القوى الوطنية المعارضة والوطنيين الشرفاء المخلصين, سوف يمد من امد هذه الحالة من الارتباك والتخبط وتعرقل اى محاولة للبناء او الاستقرار. كما سيجعل اعداء الثورة والطابور الخامس يتمادون اكثر فى عملية الهدم وافشال ليس المشروع الاسلامى ولكن الوطن كله. ورهانى على كل الشرفاء المخلصين لهذا الوطن وماأكثرهم, فأعداء الشعب لايعنونى كثيرا ولن يفلحوا ابدا فى كيدهم السئ الا بإستمرار الفرقة والاختلاف بين الوطنيين الشرفاء. رهانى ان يستوعب الجميع الدروس المستخلصة من الفترة السابقة ويعيدوا ترتيب الاولويات وتكون مصلحة الوطن وبناء مصر هى الاولوية الاولى والاخيرة . رهانى من كل هؤلاء الوطنيين الشرفاء وماأكثرهم ان يستوعبوا الدرس ويتوحدون على إختلاف رؤياهم لإفشال مخطط اعداء الثورة إفشالها, ويصلوا الى الطريقة المثلى والراقية للوصول الى حل نقاط الخلاف بينهم وتوجيه كل الجهود لبناء الوطن وعدم إعطاء الفرصة لأى أحد كان أن ينال من عزته وكرامته. رهانى ان يعود كل الاطراف الى رشدهم وتعود اليهم فطنة المصريين وذكائهم ولايعطوا لأى قوى متربصة بهذا الوطن ان تتلاعب بهم , ويعالجوا كل خلافاتهم بطريقة لاتسمح بإختراق صفهم والتسبب فى هدم وطنهم. إننى اتمنى ان يتوقف الجميع برهة لإعادة ترتيب أوراقه ونبدأ جميعا بداية جديدة ركيزتها حب الوطن, وهدفها بناء هذا الوطن على اسس قويمة صلبة , وزادها الاخلاص لهذا الوطن, وعنوانها أن الاختلاف لايفسد للود قضية ومصر سوف تعيش قوية أبية. أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]