دخل مصطلح التسويق السياسي بقوة إلى مفردات الحياة السياسية، وأصبح سمة لازمة لمعظم حملات الدعاية الانتخابية في العالم منذ خمسينات القرن الماضي، خاصة في العالم الغربي، وفي إطار هذا التسويق السياسي تعرض شركات العلاقات العامة على المرشح أسلوبًا في التطوير لشخصيته، والعناية بلياقته البدنية ووسامته ومظهره وطريقة حديثه ولغة جسده واختياره لرسالته ومضمون حملته وتنظيم لقاءاته الجماهيرية وترتيبها تبعًا لأهميتها وهو ما يطلق عليه (صناعة صورة المرشح) ) " Industry image Candidate" أو"” Mental picture industry. وتقوم بهذا الآن العديد من الشركات المتخصصة في "”Organizations mental image ،والبداية خطة ممنهجة لتسويق منتج مكون من ثلاثة محاور " مرشح – برنامج – أفكار "تحمل أيديولوجية" من خلال حملات دعائية منظمة في المناطق المختلفة في دائرة الترشيح يشرف عليها متخصصون في العلاقات العامة والدعاية بمساعدة خبراء، متخذة شعارًا سهلًا له مواصفات خاصة "يفهمه الناس ويعرفون هدفه من أول لمحة" يمثل هوية المرشح . قواعد التسويق السياسى من قواعد إدارة التسويق السياسي الناجح، وطبقًا لنظريات التسويق السياسي، فإنه يقوم ب 10قواعد رئيسية: 1- قاعدة الإنتاج السياسي: وتعني ما هو المنتج الذي يقدمه المرشح للناخبين "الفائدة – الميزة من انتخابه – مشروع يعود نفعه عليه" من خلال ممارسة التسويق السياسي هناك تنافس بين الأحزاب السياسية حول ما تقدمه للناخبين في السوق الانتخابي، فكل حزب يقدم بعض المنتجات مثل "الوعد بحكومة رشيدة – تخفيض الضرائب – القضاء على الفساد – زيادة الرواتب – تحسين أوضاع التأمين أو العلاج – القضاء على البطالة "، وفي بعض الحالات قد يكون المنتج صورة المرشح "كأفكاره - ومعتقداته السياسية أو السياسات الخارجية"، لذا فإن عملية التسويق مصممة لتسويق شخص أو أفكار أو صورة ذهنية أو برنامج أو مشروع، وفي الولاياتالمتحدةالأمريكية وظيفة المنتج الأساسي للحزب الديمقراطي هي بيع الصورة السياسية لأوباما والحكم الرشيد المعتمد على التغيير، وقد كان شعار حملة "براك حسين أوباما "” CHANGE . 2- قاعدة توزيع المنتج السياسي: وهذه الوظيفة لها بعدين كما يقول دكتور عادل عامر: 1- توصيل الحملة : حيث يتم توصيل الحملة بتزويد المتلقين أو الناخبين بالمعلومات المناسبة حول المنتج السياسي. 2- توصيل العرض: ويشمل بث المعلومات المتصلة بالسياسات الحزبية والبرامج ووضع المرشحين في القنوات السليمة، والتأكد أن وسيط التوزيع يلائم فكر الحزب. 3- قاعدة التكلفة: واحدة من الوظائف الأساسية للتسويق السياسي وفي التسويق السياسي تشير وظيفة التكلفة إلى إدارة المعوقات السلوكية والاتجاهية للناخبين من خلال استراتيجيات حملات تم حسابها بدقة، بحيث يحصل الناخب علي المعلومات المتصلة بالمنتج بدون إنفاق نقود أو مجهود أو وقت على ذلك. 4 قاعدة الاتصال: يشمل الاتصال إبلاغ المتلقين أو الناخبين بالعرض وإتاحته، وغالبًا ما ينظر إليه أنه صميم التسويق السياسي، وبالنسبة للحزب السياسي يجب أن يتضمن المحتوى السياسي أفكارًا سياسية وبرامج مستقبلية وتفسيرًا للواقع السياسي المعقد، وغالبًا ما تشمل وظيفة الاتصال تبسيط الرسائل السياسية والموقف السياسي. 5- قاعدة إدارة الأخبار والمعلومات : هي إدارة شهرة المرشح أو الحزب وترتبط بوظيفة الاتصال، ومن أمثلة ذلك أنشطة العلاقات العامة، ووسائل الإعلام، وإدارة حملات الإعلان عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وتعد جميعها وظائف لإدارة الأخبار، و في عصر ثورة الاتصالات تلعب إدارة الأخبار دورًا حيويًا في نجاح التسويق السياسي.بشرط " الصدق – الواقعية – لغة الخطاب – حسن التوظيف " . 6- قاعدة التمويل: لا يمكن لإدارة التسويق السياسي أن تستمر بدون التمويل، فنجاح الوظائف الأخرى يعتمد بدرجة كبيرة على وظيفة التمويل، ولتزويد المرشح السياسي بالمصادر الملائمة، لذا يعتمد الحزب السياسي على رسوم العضوية الحزبية وعلى التبرعات والهبات الشخصية ودخل المرشح ذاته. 7-قاعدة إدارة الحملات المتوازية: وتشمل هذه الوظيفة التنسيق وإدارة الحملات وأنشطة الحزب السياسية وتلك الخاصة بالمنظمات الموازية، حيث يساعد استخدام الحملات المتوازية في زيادة مصداقية الرسالة السياسية للمرشح أو الحزب. 8- قاعدة إدارة الترابط الداخلى: وتتعلق بالعلاقة بأعضاء الحزب والنشطاء والمتحدثين، حيث تلعب وظيفة التسويق الداخلي دورًا حيويًا في خلق ثبات داخلي ورؤية واضحة واقتناع ومصداقية للصورة الخارجية للحزب بما يعني قناعة وفهم تام يؤدي إلى تبني كافة أعضاء الحملة للمرشح ورسالته وبرنامجه وأفكاره. 9- قاعدة المهنية والتخصص: أن يعتمد المرشح في إدارة حملته وترويج أفكاره وأيديولوجيته علي قواعد مهنية وعلمية صحيحة وأن يعهد في ذلك إلى مجموعة ذات تخصص وخبرة في المجالات المختلفة : "إدارة وتخطيط – علاقات عامة واتصالات – تسويق وترويج – قياس ودراسة رأي عام - ......" 10- قاعدة التدريب والتأهيل: لا يمكن الوصول إلى قناعة ونجاح المرشح وببرنامجه وأفكاره دون الاعتماد على تأهيل المرشح لكل ما يتطلبه أداؤه لدوره من مهارات ومفاهيم صحيحة وقد أصبح رونالد ريجان رئيسًا لأكبر دولة ذات أقوى اقتصاد في العالم بعد تدريب وتأهيل طويل وشاق رغم أنه كان ممثلًا مغمورًا كومبارس درجة ثالثة أو رابعة. أصبح التسويق السياسي للمرشحين، صناعة تدر على أصحابها أرباحًا طائلة، وتشغل بال السياسيين والناخبين على السواء، وتتباين معايير تسويق المؤسسات والوسائط الإعلامية، لمرشح الرئاسة في البلدان الغربية أو مرشحي الانتخابات البرلمانية، حسب سن المرشح وشخصيته وشكله وطريقة هندامه وردود أفعاله وسمعته داخل الوسط الذي نشأ فيه، فالاهتمام أضحى منصبًا على اقتحام خيال الناخبين بشتى الطرق، من أجل خلق صورة ذهنية محددة لمرشح معين، وتبذل لأجل ذلك تكاليف مالية باهظة، فضلًا عن تقنيات التواصل الحديثة، من أجل تقديم عرض مُبهر عن المرشحين، ابتداءً من وسامتهم أو بساطتهم أو أناقتهم أو شكلهم المثير للجدل أحيانًا وانتهاءً ببرامجهم وأفكارهم ومرجعيتهم . وهنا تنشأ الحاجة إلى معرفة أساليب التسويق السياسي وإدارة الحملات الانتخابية واستراتيجياته في ظل ثورة المعلومات وتعاظم التأثير الإعلامي وتطور أشكال وأساليب التسويق، وهذا ما نتعرض له في المقال القادم ولعله يكون الأخير. د. محمد زويل خبير الإدارة والتسويق [email protected]