أدان القضاء المصري الدكتور جابر عصفور الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للثقافة وراعي "حظيرة" فاروق حسني ، بتهمة السب والقذف ، أي أنه دمغه بأن ما يمارسه مع المخالفين له ليس فكرا ولا رأيا وإنما هو شتيمة وسباب ، هذا هو الجانب المعنوي والأدبي في الحكم والذي يهين جابر عصفور الذي يقدم نفسه كمفكر وناقد وصاحب رأي ، بينما هو في الحقيقة التي هي عنوان الحكم أو هو عنوانها يستخدم السباب والشتائم لإسكات مخالفيه على النحو المشين والمجرم الذي فعله مع الشيخ يوسف البدري ، الذي اضطر إلى اللجوء إلى القضاء لإنصافه من هذا اللسان الشتام ، فأثبت عليه الجرم المشهود ، الجانب الآخر وهو الجانب المالي فقد قضت المحكمة بإلزام جابر عصفور بأن يدفع متضامنا مع صحيفة الأهرام التي نشرت له مقاله المجرم خمسين ألف جنيه لصاحب الدعوى الشيخ يوسف البدري ، جابر عصفور أصابته موجة هياج فراح يندد باللجوء إلى القضاء ويهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور أنه لن يسكت للظلاميين والمحتسبين ، ولن يسكت على سقوط الدولة أسيرة لرجال الحسبة ، هو بطبيعة الحال لم يجرؤ على ذكر القضاء مباشرة حتى لا يجد نفسه بعد ذلك في الزنزانة وليس أسير الغرامة الباهظة فقط ، وتحدث طويلا عن الظلاميين وتهديد الدولة المدنية واختطاف مصر من قبل من يريدون لها العودة إلى الوراء ، وكلام كثير من هذا "الهجص" الذي اعتاد عليه ، والذي لم يعد يقنع أحدا بقدر ما يثير الشفقة على ترداده "الببغائي" من هنا وهناك ، وأما إذا احتكمنا إلى العقل والمنطق والدولة المدنية ، فإن الشيخ البدري هو الذي احترم الدولة المدنية وهو الذي احترم النظام العام عندما لجأ إلى مؤسسات الدولة المدنية لنيل حقه ، لم يشهر سيفا ولم يشتم مخالفا ، وإنما وجد أمامه شخصا لا يتسم بصفة أدب الحوار واتجه إلى الإسفاف بالشتائم والسباب ، فإما أن يجاريه في هذا الإسفاف وتلك البذاءات وإما أن يلجأ إلى القضاء ، وقد قرر اللجوء إلى القضاء ، فما الذي يعيبه ، وكيف يكون اللجوء إلى القضاء ردة على الدولة المدنية ، هل الدولة المدنية هي الدولة التي تبيح لجابر عصفور سب الناس وشتمهم في المنتديات والصحف دون حسيب ولا رقيب ، هل الدولة المدنية هي التي تتيح البلطجة اللسانية بالتطاول على أعراض الناس واستباحة كرامتهم ثم يقولون للبلطجية الذين يشتمونهم : شكرا زيدونا من أدبكم الجم ، هل مبلغ فهم جابر عصفور للدولة المدنية أنها دولة جنابه هو وحده ، يتوسد فيها أعلى المناصب وتفرد له صفحات الصحف الرسمية يتطاول فيها على الناس بالسب والشتم والبذاءة ، فإذا تظلم أحد "الرعية" من سبابه اتهمه بأنه عدو الدولة المدنية ، قد تختلف أو تتفق مع الشيخ البدري في كثير من المواقف ، ولكن لا يمكنك أن تنكر أنه الطرف المظلوم والمحاصر دائما في هذه المواجهات ، وليس له من نافذة إلا القضاء وحده ، يوسف البدري مهمش في جميع أجهزة الدولة الإعلامية ، لا صحيفة تنشر له ولا إذاعة ولا تليفزيون ولا يدعى إلى أي محفل ثقافي أو علمي ، منفي في بلده ، مثل آلاف المفكرين والدعاة أبناء الوطن المهمشين بفعل جبروت أدعياء "الدولة المدنية" ، بالمقابل جابر عصفور ضيف دائم على جميع أجهزة الأعلام مرئية ومسموعة ومقروءة وصاحب كرسي سلطة دائم منذ أكثر من عشرين عاما ، يتنقل فيه بين مسؤولية وأخرى ، فأيهما الذي يئن من الظلم والجبروت والاستبداد والقمع ، لقد أعطى القضاء المصري جابر عصفور درسا بليغا بتجريمه في حكمين متتاليين ، حكم الدرجة الأولى ثم حكم الاستئناف الذي اكتفى بنفس حيثيات حكم الدرجة الأولى ، لأن الجريمة واضحة والبذاءة لا لبس فيها ، المضحك أن محامي جابر عصفور عندما أراد أن يفلت من العقوبة أمام المحكمة لجأ إلى منطق "الدولة الدينية" التي يهاجمها جابر نفسه ، فراح يقول بأن الغرامة ليست من الشريعة الإسلامية ، تخيلوا ، جابر عصفور يطالب بتحكيم الشريعة الإسلامية ، لمجرد أن يهرب من حكم قضائي ، فإذا ما هرب من الإدانة راح يهاجم الشريعة ودولة الشريعة وما يسميه "الدولة الدينية" ، فجوهر الأمر أنه لا يفرق معه مدنية أو دينية ، المهم أن يكون له كرسي في السلطة ونافذة في الأهرام ومخصصات وزير وحصانة من سيف العدالة . [email protected]