بعد مشاجرة كرداسة …خبراء يطالبون بتطوير آليات قانونية لفض النزاعات بين الملاك والمستأجرين    محافظ سوهاج يعتمد تعديل المخطط التفصيلي لمركز ومدينة سوهاج    محافظ الدقهلية: نتابع على مدار الساعة انتظام العمل واستقبال طلبات المواطنين بالمراكز التكنولوجية    محافظ الأقصر يلتقي وفد أهالي المدامود ويعلن زيارة ميدانية عاجلة للقرية    الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يصدر إجراءات جديدة بشأن المكالمات الترويجية الإزعاجية    غزة.. ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 239    نفق وأعمال حفر إسرائيلية جديدة داخل ساحة البراق غرب المسجد الأقصى    ستاندرد آند بورز: رسوم واشنطن توجه الصين نحو أسواق الجنوب    25 لاعبًا في قائمة منتخب مصر تحت 17 سنة للمشاركة ببطولة كأس الخليج    نجم مانشستر سيتي ينتقل إلى البوندسليجا    ميلان يخسر خدمات رافاييل لياو في الجولة الأولى للدوري الإيطالي    دون إصابات.. السيطرة على حريق محدود بفرع النادي الأهلي في مدينة نصر    ضبط صانعة المحتوى «بطة» لنشرها فيديوهات تتضمن ألفاظا خادشة للحياء    أحدث إصدارات قصور الثقافة في معرض السويس الثالث للكتاب    اليوم.. العرض الخاص لفيلم درويش في الرياض بحضور عمرو يوسف    مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير يفتح باب المشاركة في دورته ال12    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندى يجيب    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    وزير الصحة يجتمع مع مجموعة BDR الهندية وشركة المستقبل للصناعات الدوائية لدعم توطين صناعة الدواء    مصادر طبية: 40 شهيدًا بنيران الاحتلال في مناطق عدة منذ فجر اليوم    «التعليم العالي»: إعلان القائمة المبدئية للمرشحين لمنصب رؤساء 5 جامعات أهلية    كابوس في لحظات سعادة... تفاصيل مؤثرة لغرق طفل أمام عيني والدته بسوهاج    صور.. النقل تحذر من هذه السلوكيات في المترو والقطار الخفيف LRT    موعد حفل توزيع جوائز الأفضل في إنجلترا.. محمد صلاح يتصدر السباق    "فاليو" تنجح في إتمام الإصدار السابع عشر لسندات توريق بقيمة 460.7 مليون جنيه    تدريب المعلمين على تطبيقات الآلة الحاسبة.. بروتوكول جديد بين "التعليم" و"كاسيو"    "رقص ولحظات رومانسية"..منى زكي وأحمد حلمي في حفل عمرو دياب في الساحل الشمالي    أول تعليق من أشرف زكي بعد تعرض ألفت عمر للسرقة في باريس    نتيجة تنسيق تقليل الاغتراب لطلاب المرحلتين الأولى والثانية 2025    بالصور- وزير العدل يفتتح مبنى محكمة الأسرة بكفر الدوار    من هم أبعد الناس عن ربنا؟.. أستاذ بالأزهر يجيب    التأمين الصحي الشامل يشارك في قمة "تيكاد 9" باليابان    بالصور- افتتاح مقر التأمين الصحي بواحة بلاط في الوادي الجديد    بعد جولة مفاجئة.. محافظ الدقهلية يحيل مسؤولين بمستشفى نبروه للتحقيق    الأرصاد: اضطراب الملاحة على البحر الأحمر وخليج السويس والموج يرتفع ل3.5 متر    علي الحجار يحيي حفل الخميس ب مهرجان القلعة 2025 (تفاصيل)    تأجيل محاكمة عاطل بتهمة سرقة طالب بالإكراه ل23 سبتمبر    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    لافروف: أجواء محادثات بوتين وترامب فى ألاسكا كانت جيدة للغاية    مدير أوقاف الإسكندرية يترأس لجان اختبارات القبول بمركز إعداد المحفظين    كل ما تريد معرفته عن وظائف وزارة العمل 2025    استعدادًا للعام الجديد.. 7 توجيهات عاجلة لقيادات التربية والتعليم بالدقهلية    «الوعي»: التحرك المصري القطري يُعيد توجيه مسار الأحداث في غزة ويعرقل أهداف الاحتلال    فنان شهير يفجر مفاجأة عن السبب الرئيسي وراء وفاة تيمور تيمور    "الموعد والقناة الناقلة".. النصر يصطدم بالاتحاد في نصف نهائي السوبر السعودي    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    إلغاء إجازة اليوم الوطني السعودي ال95 للقطاعين العام والخاص حقيقة أم شائعة؟    الداخلية تؤسس مركز نموذجي للأحوال المدنية فى «ميفيدا» بالقاهرة الجديدة    وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني: الاقتصاد المصري يحتل أهمية خاصة للاستثمارات    15 صفقة لفريق الكرة النسائية ب "رع" استعدادا للموسم الجديد    جولة تفقدية للجنة العليا للتفتيش الأمني والبيئي بمطارى مرسى علم الدولى والغردقه الدولي    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 19-8-2025 في محافظة قنا    عماد النحاس يكشف موقف الشناوي من مشاركة شوبير أساسيا    "أقنعني وتنمر".. 5 صور لمواقف رومانسية بين محمد النني وزوجته الثانية    وقت مناسب لترتيب الأولويات.. حظ برج الدلو اليوم 19 أغسطس    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    «ثغرة» بيراميدز تغازل المصري البورسعيدي.. كيف يستغلها الكوكي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المقاصدية والسطحية في فكر الشيخ الغزالي
نشر في المصريون يوم 04 - 04 - 2013

إن الله – تبارك وتعالى- اختار لهذه الأمة خلفاً عدولاً ينفون عن هذا الدين تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، من هؤلاء الرجال الشيخ محمد الغزالي رحمه الله ! فقد كان- رحمه الله- أمة، عرف علل أمته معرفة حقيقية، لكنه لم يقف عند وصف العلل، ولكنه تعدى ذلك إلى تقديم الحلول الجوهرية، فهو بحق من رجال هذا الدين، ومن محاميه الناجحين.
ومن أهم القضايا الفكرية التي تناولها الشيخ الغزالي في كتبه: قضية المقاصدية والسطحية في حياة أمتنا الإسلامية، والمقاصدية معناها: فهم الإسلام من خلال منابعه الأصلية، هذه المنابع التي تحترم اجتهادات العقل البشري، وتنمي قدراته المادية والمعنوية، وهي أيضاً لا تختزل فهم النص في حدود أسباب نزوله، ولكنها تتعدى ذلك إلى فهمه بصورة جديدة، تساعدنا على فهم الواقع، ومعالجة مشاكله، ولهذا إهتم الإسلام بالكليات أكثر من اهتمامه بالجزئيات، وبالمقاصد الشرعية أكثر من اهتمامه بالقضايا الشكلية، وهذا هو التفكير المقاصدي للإسلام، ولذلك كان من أهم خصائص نبي الأمة- صلى الله عليه وسلم- أنه أوتي جوامع الكلم، في إشارة إلى الاعتماد على المقاصد الكلية، فالعبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب.
أما السطحية المقصودة فهي: الوقوف على ظواهر النصوص، وتجاهل مقاصدها القادرة على حل المشاكل الحياتية، بفهم يتسق مع إمكانيات العصر، وتطور الحياة.
وهذا الهدف الكبير، كان يشغل قدراً كبيراً من تفكير الشيخ الغزالي رحمه الله!
ويظهر ذلك جلياً في حديث الشيخ الغزالي في كتابه القيم(فقه السيرة) ففي تعليقه على حديث النبي – صلى الله عليه وسلم- الذي رواه البيهقي، أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال لأصحابه: عزمت عليكم ألا تصلوا صلاة العصر، حتى تأتوا بني قريظة، فغربت الشمس قبل أن يأتوهم، فقال طائفة: والله إنا لفي عزيمة رسول الله، وما علينا من إثم، فصلت طائفة إيماناً واحتساباً، وتركت طائفة إيماناً واحتساباً، ولم يعنف رسول الله – صلى الله عليه وسلم- واحداً من الفريقين.
يقول الشيخ الغزالي: وذلك يمثل احترام الإسلام لاختلاف وجهات النظر، ما دامت عن اجتهاد بريء سليم، والناس غالباً أحد رجلين: رجل يقف عند حدود النصوص الظاهرة لا يعدوها، ورجل يتبين حكمتها، ويستكشف غايتها، ثم ينصرف في نطاق ما وعى من حكمتها وغايتها، ولو خالف الظاهر القريب، وكلا الفريقين يشفع له إيمانه واحتسابه، سواء أصاب الحق أو ندَّ عنه! ومن العلماء من أهدر الوقت المعين للصلاة بعذر القتال، وذلك مذهب البخاري وغيره، وهذا – عندي- أدنى إلى الصواب؛ فإنه ترتيب الواجبات المنوطة بأعناق العباد من أهم ما يحدد رسالة المسلم في الحياة، بل إنه لا يفهم دينه فهماً صحيحاً إلا إذا فقه هذا الترتيب المطلوب. إن الإسلام تعاليم وأعمال شتى؛ فيها الفرائض، وفيه النوافل، ولابد أن نعلم أن الله لا يقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة، فالرجل الذي يستكثر من أعمال التطوع -في الوقت الذي يهمل فيه فرائض لازمة- رجل ضال. والفرائض المطلوبة لحفظ الإيمان، كالأغذية المطلوبة لحفظ الجسم، وكما أن الجسم لا يقوم بالمواد النشوية وحدها، أو الزلالية وحدها، بل لابد من استكمال جمل منوعة من الغذاء، وإلا تعرض الجسم لعلل قد تنهكه أو تقتله، فكذلك الدين، إنه لا يقام له في كيان الفرد أو في صفوف الجماعة، إلا بجملة من الفرائض الملونة، تصون حياته، وتضمن عافيته ونماءه. وعلى المسلم أن يقسم وقته، وأن ينظمه على هذه الفرائض المطلوبة، فلا يشغله واجب عن واجب، وبالأحرى لا تشغله نافلة عن واجب!
وقد رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن مباغتة بني قريظة قبل أن يستكملوا عدتهم، ويقووا حصونهم، هو الواجب الأول في تلك الساعة؛ فلا ينبغي أن يشتغل المسلم عنه ولو بالصلاة، فحدود وقت الصلاة تذوب أمام ضرورات القتال.
وتستطيع – على ضوء هذا الإرشاد النبوي- أن تحكم على مسالك المسلمين اليوم، إن المدرس الذي ينشغل عن تعليم تلامذته، أو التاجر الذي ينشغل عن تثمير ثروته، والموظف عن أداء عمله، لا يقبل الله من أحدهم عذراً أبداً في تضييع هذه الفرائض، ولو كان أحدهم قد عاقه عن واجبه أنه صلى مائة ركعة، أو قرأ ألف آية، أو عدَّ أسماء الله الحسنى سبعين ألف مرة؛ كما يفعل جهالة المتصوفة، ذلك أنه انشغال عن الفرائض المطلوبة بنوافل لم تطلب، وتعطيل لأمة يستحيل أن تنهض إلا إذا أجهدت نفسها في محاربة جهلها وفقرها وفوضاها. والجهاد العام فريضة لا يغض من قدرها شيء، ولا تزاحمها على وقتها عبادة كما رأيت.
هكذا كان شيخنا محمد الغزالي، كان صاحب تفكير مقاصدي، يتعامل فيه مع النصوص معاملة مقاصدية، تسهم في نهضة الأمة، وتقاوم تخلفها، وتساهم في محو الجهل عنها، بعيدأً كل البعد عن التفكير السطحي، الذي أقعدنا عند حدود الوصف لأمراض الأمة، والتألم لها، دون التقدم بخطوة نحو الأمام.
رحم الله شيخنا الغزالي، وجزاه الله خيراً، على ما قدمه من جهد صادق، وعمل دؤوب في سبيل تحرير العقل المسلم من براثن الجهل والتخلف والنمطية.
إمام وخطيب ومدرس*
أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.