يا للهول .. أقولها على طريقة الفنان العربي الكبير يوسف وهبي .. وقد كنت اقترب من اللطم .. لولا أن اللطم منهي عنه في صحيح الدين .. أما لماذا .. كنت قد انتهيت من الاعداد لدراسة عن الملحدين وكيف ان الارقام التي تم الاعلان عنها اثبتت ان قافلة الالحاد حول العالم اصبحت تضم اكثر من مليار ومئتي مليون ملحد يجوبون العالم . نسبة العرب فيهم لا بأس بها . وقد دفعت بأولى حلقات هذه الدراسة الى احدى الدوريات العربية الموقرة منتظرا نشره . ماجعلني اصيح بعبارتي هذه هي أنني قرأت تصريحا صحفيا لخبير طبي هو الاستشاري النفسي الدكتور ماهر صموئيل قال فيه محذرا : إن موجة إلحاد عاتية ستجتاح مصر الفترة القادمة، ناتجة عن تغيرات ما بعد الثورة والحداثة في المجتمع المصري، لافتا إلى أن عدد الملحدين في مصر وصل إلى 3% وهو ما يقدر بحوالي 2.5مليون شخص. وأضاف صموئيل، في ندوة '' المتغيرات الفكرية والنفسية لدى الشباب بعد الثورة ومسؤولية الكنيسة'' نظمها مجلس كنائس مصر، بالمركز الثقافي القبطي ، ''نحن نعبر منعطفا حادا لم تمر به مصر من قبل ولابد من حماية الشباب، ونحن نحتاج في الكنيسة أن نطور من أساليب التدريس الروحي وعلينا أن نطور من أنفسنا لنلحق بهؤلاء الشباب ''مضيفا بالقول : أن هناك تحولات فكرية ومنها الشك في المسلمات وظهور شهوة جديدة للبحث عن الحق، كلها بدأت في السيطرة على العقل العربي وبخاصة البلدان التي شهدت ثورات ومنها مصر. وتطرق صموئيل إلى بعض استطلاعات للرأي أجرتها مراكز دراسات عالمية أشارت إلى التغيرات التي يعيشها الشباب العربي في هذه الأيام، حيث كشفت مؤسسة ''بورسن مارستلير'' بنيويورك أنه قبل الثورة كانت نسبة من يشكون في القيم العقائدية صفر بالمئة بينما بعد الثورة وصلت نسبة من يشكون في المسلمات العقائدية 37 بالمئة . حتى وصل عدد الملحدين في مصر لثلاثة بالمئة بما يقدر بحوالي نيف ومليوني ملحد، وذلك وفقا لاستطلاع أجرته جامعة ''إيسترن ميتشيجان'' الأمريكية، وقد تصدرت مصر في العام 2009 قائمة الدول الأكثر تدينا في العالم بنسبة 100 بالمئة وفقا لاستطلاع معهد جالوب الشهير، بينما في استطلاع آخر لنفس المعهد العام 2012 وصلت نسبة التدين إلى 77بالمئة. وأسند الباحث النفسي هذه الدراسات التي شهدت تغيرات كبيرة بعد الثورة إلى كسر حاجز الخوف لدى الشباب الذي أصبح لا يهاب أي شيء، وأنه بدأ يرفض الطائفية والانتماءات الضيقة، وبعضهم مايزال يبحث عن خبرة دينية جماهيرية عاطفية جمعية. وأنا أضم صوتي للباحث الكبير الذي نبهنا الى خطر يداهم المسجد والكنيسة على حد سواء وأعلم أن هناك جهودا حثيثة تبذلها الكنيسة وكذلك الازهر لولا عمليات التسييس التي تجري على قدم وساق لاقحام المسجد ممثلا في الازهر والجمعيات الاهلية العاملة في مجالات الدعوة ، وكذلك الكنيسة والجمعيات الدعوية التابعة لها في السياسة بعد ثورة يناير 2011 م . الموقف جد خطير ولا يحتمل التاجيل او التاخير .. وعلى الازهر والكنيسة بدلا من الانشغال في قضايا التنصير والتبشير او التحول من الاسلام الى النصرانية والعكس ، فانه من الزم الامور تنحية هذا الهواجس جانبا ، فهي تفرق ولا توحد ، وعلينا أن نتوحد جميعا ضد هذا الوافد الجديد الذي يزعزع قضية الايمان بكاملها .. ويقوض الاسس التي قام عليها الأزهر ، والكنيسة كذلك . من المعلوم سلفا أن العالمَ العربيَّ يجتاحه منذ بداياتِ هذا القرن موجة من الإلحادِ والرّدةِ ، لم تعرفْ لها المنطقة مثيلاً ، في الوقتِ الذي بدأتْ فيهِ هذه المذاهبُ الدينية بالانحسار في العالم الغربيِّ ، وأخذتِ الناسُ تناغمُ بينَ العلم والدين ، وتُهادنُ بينهما ، بعدَ مرحلةِ قطيعةٍ كبرى بينهما ، نشأتْ في منتصفِ القرن الثامن عشر الميلاديِّ ، وأدّتْ إلى اجتياح الإلحادِ والكفر ، في أوساطِ المفكّرينَ والفلاسفةِ ، واجتياح النظام العلمانيِّ للحياةِ العامّةِ في أوروبا ، بعدَ أن هيمنتْ عليها الكنيسة قروناً طويلة من الزمان الإلحادُ كما هو معلوم يأتي على أحد معنيين أوّلهما : إنكارُ وجودِ الخالق ، والقولُ بأزليّةِ المادّةِ ، وأنّها خالقة مخلوقة . ثانيهما – وهو من إضافاتِ الفيلسوف أفلاطونَ - : إثباتُ وجودِ خالق أو صانع ، ولكنّها لا تُعنى بشيءٍ من حياةِ الخلق ، فهي موجدة للخلق ، لكنّها تركتْ التصرّفَ في الكون ، وتفرّغتْ في حياتها المثاليّةِ ، وقد كانَ يقولُ بهذا القول من الفلاسفةِ : أبيقور . والالحاد بالمعنى الوارد ذكره لم تعرفه البشرية منذ ولادتها إلا في العصور المتأخرة ، ، فقد كان يوجدُ البعض منهم ، وهم من القلة بمكان ، لا يجمعهم مذهبٌ ، أو يُقيّدهم فكرٌ ، وإنّما بحسبِ ما يعنو للواحدِ منهم ويظهرُ ، وقد كانوا يسمّونَ قديماً بالدهريينَ ، وحكى الإمامُ الشهرستانيُّ في كتابهِ " الملل والنِحَل " أنّ الدهريينَ من كفّار مكّة وغيرها ، كانوا أقلّ النّاس ، وإنّما غلبَ على أهل مكّة وجزيرةِ العربِ الشركُ ، وعبادة غير اللهِ معهُ ، مع إثباتِ أنّهُ الخالقُ وحدهُ ، خلافاً للمانويّةِ الذين يُبتونَ خالقين أحدهما النورُ وهو خالقُ الخير ، والآخرُ الظلامُ وهو خالقُ الشرِّ . ومع ظهور بوادر الإلحادِ ، نشأتْ العديدُ من المدارس والمذاهبِ الفكريّةِ والاجتماعيّةِ ، والتي تصُبُ في مصبِّ الإلحادِ ، وتستلهمُ منهُ مادّتها ، وترسّخُ مبادئهُ ، ومن أشهر تلكَ المذاهبِ والمدارس الحداثة والعلمانية والداورينية والوضعية والوجودية والشيوعية وبعض فرق الليبراليين ، وغيرُ ذلك من النظريّاتِ ، سواءً ما كانَ منها علميّاً بحتاً ، أو اجتماعيّاً ، أثّرتْ أو تأثرتْ بالإلحادِ ، وقامت بترسيخ مفاهيمهِ ، ودعتْ إليهِ . كما أن الحديث عن حركاتِ الإلحادِ المنظّمةِ في العالم العربيِّ ، وكذلكَ المُجاهرة بهِ ، وإعلانُهُ على الملأ ، نشأ بعدَ منتصفِ القرن التاسعَ عشرَ ، حينما بدأ العالمُ الإسلاميُّ والعربيُّ ، يتّصلُ بالعالم الغربيِّ ، عن طريق إرسالياتِ الدراسةِ ، أو التدريبِ ، وتسبّبَ ذلكَ في رجوع مجموعةٍ من الطلاّبِ متأثّرينَ بالفكر الأوربيِّ الماديِّ ، والذي كانَ يقومُ على أساس تعظيم علوم الطبيعةِ ، ورفع شأن العقل ، وكذلكَ تنحية الدين والشرع ، عن حكم الحياةِ والناس وإدارةِ شئونهم . ومع مرورِ الوقتِ ، وزيادةِ الاتصال بالغربِ وتراثهِ ، وانتشار موجةِ التغريبِ بينَ الناس ، ظهرتْ بعضُ الدعواتِ الصريحةِ للإلحادِ وفتح بابِ الرّدةِ ، باسم الحريّةِ الفرديّةِ . بعدما كانت قاصرة على بعض النخب هنا وهناك . وقد رصد غير باحث الكثير من القادة والرواد في مجالات الادب والفكر والفن وحتى قادة الدعوة من خريجي الازهر والكنيسة من راح يدعو الى الالحاد ليس هنا مجال لذكر هؤلاء ، لكن يمكن معرفتهم بسهولة من خلال دعواتهم وكتبهم وافكارهم التي كانت تزين للمؤمنين ضلالات الالحاد وغيره . وقد ظهرَ العديدُ من المفكّرينَ والأدباءِ ، يدعونَ إلى التغريبِ والإلحادِ ، وفتح بابِ الرّدةِ ، باسم التنوير تارة ، وباسم النهضةِ الأدبيّةِ تارة أخرى ، ومرّة باسم الحرّياتِ الفكريّةِ وهي كما نعلم كلمات براقة تغري صغار السن ومن يعانون من مشاكل في التربية وعلاقاتهم الاسرية والاجتماعية ويجدون في مثل هذه الافكار خلاصهم المزعوم . ويشير عدد غير قليل الى أن عددا من قادة الفكر في مصر وفي بقية بلدان العرب الذين عادوا من دراساتهم في اوروبا وامركيا عادوا وقد حملوا بذور الالحاد تحت رايات الحداثة والنهضة والتنوير وغير ذلك من الاسماء البراقة والتي كانت تخفي بين ماتخفي الدعوة الى الالحاد واللادينية . والذين أعملوا معاولَ الهدم والتخريبِ ، في الأخلاق والدين ، وأرادوا جعلَ المجتمعاتِ نماذجَ مكرّرة من الدول الأوربيّةِ المُنحلةِ الفاسدةِ ، وحاولوا صُنعَ فجوةٍ بينَ العلم والدين ، وأوهموا أنّ الدينَ يُعارضُ العلمَ والواقعَ ، ويقفُ دونَ الانطلاق إلى آفاق جديدةٍ ، ويُحرّمُ الإبداعَ ، ويدعو إلى الكهنوتيّةِ والتقوقع . وهانحن اليوم وقد بات الامر غاية في الخطورة والتأزم من ازدياد أعداد قافلة الالحاد في مصر والعالم العربي . واختم .. هل من مبارز اعتقد اننا جميعا في قارب واحد .. وقد بات المجاهرون بالحادهم كثر ، ويفتنون المؤمنين ، وقد تسلح هؤلاء بسلاح السياسة والتحضر وحقوق الانسان وتحت رايات الاممالمتحدة ، والمنظمات الدولية التي باتت تضفى الغطاء السياسي والانساني والحقوقي على مثل هؤلاء من المجاهرين بالالحاد تحت دعاوى حقوق الفكر والعقيدة. اللهم هل بلغت .. اللهم فاشهد .. طه محمد كسبه [email protected]