إن من أهم مقومات الجراح الماهر هو القدرة على إتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب. فإنه فى كثير من الاحيان تتوقف حياة المريض على مثل هذا القرار, سواء با لتدخل الجراحى او التوقف عنه, وكثير من المضاعفات التى قد تقلب حياة المريض الى جحيم أيضا يمكن تجنبها بناءا على اتخاذ القرار المناسب للتدخل الجراحى من عدمه فى الوقت المناسب. والحقيقة اننى ايقنت ان مثل هذه الموهبة فى اتخاذ القرار انما يمكن اسقاطها على كل انماط الحياة التى نعيشها, وانها تمثل اهم مقومات النجاح عموما فى الحياة وتزداد اهمية الحاجة اليها كلما ازداد حساسية الموقع الذى يشغله الفرد وحجم تأثير هذا القرار على المجتمع . فإذا كان الجراح الماهر فى اتخاذ قراره ينقذ حياة المرضى, فإن السياسى البارع يستطيع ان ينقذ الامة كلها عندما يتمتع بمثل هذه الموهبة. وفى كثير من الاحيان يتسم قرار الجراح ظاهريا بالقسوة ولكنه فى حقيقة الامر إذا كان هو القرار المناسب فى الوقت المناسب لحل مشكلة المريض فإن جوهره هو منتهى الرحمة لأنه سينهى معاناة المريض بالشفاء التام بإذن الله. وكذلك فى قيادة الامم احيانا يتوجب على السياسى ان يتخذ بعض القرارات التى تبدو فى ظاهرها القسوة ولكن اتخاذها فى الوقت الضرورى والمناسب لها سوف يؤدى الى رفع المعاناة عن كاهل الامة ويشهد الجميع عند ظهور النتائج الايجابية بصحة تلك القرارات واهمية اتخاذها فى تلك الاوقات. وكما أن امتلاك القرار المناسب بناءا على التقييم الدقيق للحالة فى الجراحة هو مفتاح النجاح فإن التوقيت المناسب لتنفيذ هذا القرار هو سر النجاح. فأحيانا تأخير التدخل الجراحى المناسب لوقت زمنى قصير جدا قد يودى بحياة المريض, وأحيانا اخرى تأجيل التدخل الجراحى حتى يتم تحضير المريض جيدا هو ضمان النجاح بإذن الله. وكذلك فى السياسة فإنه بعد التقييم الدقيق لمشاكل الامة وتحديد القرارات الصحيحة لعلاج تلك المشاكل, فإن توقيت تنفيذ هذه القرارات من الأهمية البالغة لأن يتخذ فى الوقت المناسب حتى تأتى النتائج المرجوة لحل تلك المشاكل. فهناك مشاكل تعانى منها الامة ويجب ان تعالج على الفور دون ادنى تأخير وإذا لم تتم اتخاذ القرارات الصائبة لها فورا فإنها لاقيمة لهذه القرارات إذا مر الوقت المناسب لها . وهناك مشاكل اخرى تحتاج الى روية ومزيد من الوقت لمعالجتها على تؤدة ودون تعجل والا جاءت نتائج التعجل فى حلها على غير المتوقع وقد تتفاقم المشكلة رغم ان القرار كان صائبا ولكن التوقيت لم يكن مناسبا. كما أن الجراح الماهر يعلم انه وحده لايستطيع النجاح مهما كانت مهارته, ولكن هناك فريق كبير من المساعدين له , بداية من الجراحين المساعدين او اطباء التخدير او التمريض فى العمليات والاقسام اوالتخصصات المساعدة الاخرى مثل الاشعة والمعمل, هم الضمانة الحقيقية لإنجاح عمله. ولذلك فإن الجراح الماهر يكون محظوظا ايضا إذا كان فريقه المساعد ماهرا ايضا كل فى تخصصه. ولكن ايضا حرصه على اشاعة روح الود والألفة بينه وبين فريقه المساعد يزيد من ولائهم وتفانيهم للوصول الى أفضل النتائج. وكذلك السياسى الماهر يعلم انه ليس المهم اتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب فقط. فإن صحة تنفيذ القرار سوف تكون على عاتق فريق كبير جدا , إذا لم يتسموا بالحرفية والاخلاص فإنهم قد يساهموا فى افشال القرار وحدوث نتائج عكسية رغم كونه قرار صائب فى توقيت صائب. إن عبقرية إتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب لنعمة عظيمة أدعو الله أن يرزقنا, جراحين وساسة وعامة المصريين , إياها إنه نعم المولى ونعم النصير. أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]