قديمًا أبديت إعجابى الشديد بنتنياهو وشارون، وقدرتهما على تركيع الدنيا كلها لمطالبهما، وفرض إرادتهما على (أتخن شنب) فى النظام العالمى الهباب، مقابل خيبتنا القوية، وعجر النظم العربية كلها عن (هرش راسها) إلا بإذن من السيد الصهيوني، أو السيد السكسوني، أو إبليس الرجيم نفسه! وفى مقابل هذا الإعجاب أبديت إحباطى و(قرفي) وبصَمتُ بالعشرة أن جل الإسلاميين مصابون بداء (الخيبة القوية) وضعف قراءة الواقع، والعجز عن استشراف المستقبل، والذهول عن الإعداد للمستقبل القريب والبعيد برؤى منوعة، وبدائل جاهزة، وعدم التأثير الفعلى على السادة فى الكرملين، والكنيست، والبيت الأبيض، و10 دواننج ستريت، والإليزيه وغيرها، بل إنهم هانوا، حتى إن بعض رعاء الشاء المتطاولين فى البنيان يقضون مضاجعهم! وبات لزامًا على أن أقر وأعترف أننى شديد الإعجاب بأباطرة الشر ورموز القضاء الفاسد فى مصر، الذين يتلعبون بالرؤساء المنتخبين (قليلى الخبرة) ويتفننون فى ابتداع أساليب الإجهاض، والتفريغ، وسلب الفاعلية، وفرض واقع جديد كل يوم يجعل الوطنيين (المتأسلمين الخونة) يدورون على (كعوبهم) من الارتباك وعِظم المشاكل، فضلاً عن أساليب الإهانة، والفضح، والسب، و(العربجة) التى يمارسها أكاديميون كبار، ورؤساء أحزاب، وقانونيون، وإعلاميون، مع أنك لو عددت الرؤوس المؤثرة لم تعدُ المائة فيما يبدو لي، لكن الرجل منهم بألف؛ بل بألوف كثيرة، فى تأثيره السلبى والمدمر على البلد، وبعضهم ينام فى سجنه المكيف، ويلعب بمصر وأهلها، وبملياراته المتناثرة حول العالم، ويشغل دُماه، من بعيد، على طريقة العرايس الخشبية فى (الليلة الكبيرة يا عمى والعالم كتيرة)! هؤلاء (العيال اللعيبة) يتفننون فعلاً فى إثبات شيطنتهم وقدرتهم على تدويخ الرئيس، وإثبات عجز الحكومة، والعبث بالدولة، وإخراج ألسنتهم للحق والصدق والعدل والحرية والديمقراطية والقانون الدولي، وأى شيء مما يقال للاستهلاك فى دول العالم الثالث عشر، المحكوم عليها من شياطين النظام العالمى الكنود بالركوع والخضوع، وتسليم كل ما لديها للسيد السكسونى ليأكل و(يتفسح) ويتوسع، ويستمر فى سيادته لهذه الحقبة الحضارية؛ بالبلطجة الدولية، والمؤامرات، والنهب المنظم، والفوضى الهدامة! لقد ارتوت الثورة بدماء، ومواجع، وتضحيات، وسارت فى طريق مرصوف بالألم والقهر والطوارئ عبر عقود هيمنة العسكر، ونجحت لأول وهلة فى تحقيق إنجازات كانت فوق خيال الناس قبل سنين من الآن، فأسقطت الفرعون، وقطعت السبيل على ابنه وأعوانه الفَسدة أن يرثوا العزبة المسماة مصر، وأخذت ثانية تتكلم بوضوح ومواجهة عن الصهاينة، وعن منابع النيل، وفلسطين، والسودان، و(تلاغي) أمريكا وأوروبا، وتستعيد علاقاتها العربية، وتلتفت للداخل فى محاولات للإصلاح متكررة، وأصر الرئيس مرسى أن يتجنب القوانين الاستثنائية، بعد أن عاشتها مصر منذ ثورة 52 حتى ثورة 2011، رغم التحديات، والارتباكات، والتظاهرات، والتحديات التى تواجهه! حتى إنه حاكم كبار الفراعين أمام محاكم مدنية، رغم أن (أى عيل بدقن) لم يكن له إلا القضاء العسكري، والمحاكمات المجرمة، وحفلات النفخ والسلخ والجلد والانتهاك، عينى عينك، فى إلغاء كامل لحقوق المصريين، وحصانة كاملة للجلادين والنهابين والخائنين والفراعين! نجحت الثورة نجاحًا باهرًا حتى استعاد (العيال اللعيبة) توازنهم، واستعادوا الزمام بأيديهم، من خلال قضاء (شامخ)، لا يزال السيد الرئيس يتعامل معه، بينما الأخ الشامخ لا يبالى برئيس ولا دستور، ولا قانون، ولا عدالة، ولا يعدل، ولا يحاكم إلا الأبرياء، ويطلق أيدى المجرمين الواضحين.. ولا يزال رموزه من فلول مبارك يحاربون الرئيس الآن – ويا للعجب – وتجترئ فيه امرأة خارج الزمن على المطالبة بحبس مرسى وتمكين مبارك مرة ثانية، ويبرئ ساحة كبار رجاله: سرور، وعزمي، وفاروق، وموافي، وأولاد مبارك، ومساعدى حبيب باشا، ويطلق سراح كل المتهمين فى أحداث العنف وقتلة الثوار فى أنحاء مصر، ويجعل من حملة السنج والخناجر والمولوتوف أبطالاً، ويحمى الزند وعبد المجيد تعذيب! ويركز على التهم المالية والسرقات لا غيرها كأنهم لم يدمروا مصر الدولة! القضاء (الشامخ) الذى – فى غمضة عين – حل مجلس الشعب، وأوقف انتخاباته، وحل التأسيسية، ويسمع لاستشكالات رجالات فرعون: أسامة الشيخ وجرانة وأنس الفقى وأسامة الشيخ وحبيب العادلى، ويقبل نقضهم بأنهم لم يستولوا على أى شيء! القضاء (الشامخ) الذى – بضراوة - يمكِّن لنائب التعذيب والطوارئ وأمن الدولة، ويتفنن للتمكين له، ويحارب طلعت عبد الله، الذى فتح ملفات ساويروس، ووضع يده فى (عش الدبابير)، لذا فلا يجوز أن يبقى دقيقة، وبالقانون! نجحت الثورة نجاحًا باهرًا حتى استعاد (العيال اللعيبة) توازنهم فى دنيا الاقتصاد، وبدأوا يعيدون للساحة حيتان الفساد الذين يربح أحدهم 7 مليارات من أمواله (السايبة) غير المجمدة، ويملأون الساحة بآثار المال الفاسد: شراء ذمم، وعنفًا، وميكروفانات فاسدة، وتأجيرًا للبلاطجة بكل أنواعهم ومستوياتهم: ابتداء من البلطجى الأهبل الذى يتقاضى فى اليوم خمسين جنيها، والبلطجى الذى يتقاضى فى الشهر ستة عشر مليونَا! ليتضح أن عوائد الدفاع عن الفساد هائلة.. ملايين فى الشهر! تصوروا! نجحت الثورة نجاحًا باهرًا حتى استعاد (العيال اللعيبة) توازنهم فى دنيا الإعلام الحر الذى يلمِّع وزير خارجية حسنى مبارك (أبو سيجار) ورجل بشار القذافى فى مصر حمدين صباحي، وشفيق الهارب، والخواجة البرادعي، وأحزاب الضرار التى تشد أزر العلويين، وتزورهم، وتروج لوطنيتهم وممانعتهم، وتقاوم الإسلام بضراوة فى مصر، فى مواجهة صريحة لفرض هوية جديدة ودين جديد وقيم جديدة على شعب كفّروه وجوّعوه وجهّلوه وأذلوه وأهانوه! عاد رموز الإعلام القذر الذى لا يبالى أن تداس المساجد ويشعلون الدنيا نارًا إذا اقترب أحد من مقر حزب ورقى صنيعة مبارك! ولا يبالى أن يذبح ويجرح مئات الشباب، لكن يشعل القنوات نارًا إذا جرح بلطجى! لقد استعاد رموز البلطجة مواقعهم وظهر تغلغلهم فى مفاصل الدولة، كالدم المسرطن الذى لا يجدى فيه إلا التغيير الكامل للدم ليتعافى الجسم.. فالخلية السرطانية الواحدة تتكاثر وتفتك فيما حولها حتى تفتك بالجسم كله! وفى الوقت نفسه ظهر الإسلاميون ساذجين، مراهقين سياسيًّا، منقسمين، متضاربى المواقف، يسهل اصطيادهم والتلعب بهم، ولم ينجحوا يومًا واحدًا فى الانصهار فى كيان واحد يستعلى على اللافتات اللعينة، ويرى الإسلام أعلى، ومصر أهم، والظرف ضرورة، فى مواجهة إخطبوطات تستمتع بدهس مصر، وتدميرها.. هل سأعيش يومًا لأرى هؤلاء جميعًا كتلة واحدة، ذات مرجعية حقيقية، وقدرة على ملاعبة (العيال اللعيبة) والخروج بمصر إلى بر الأمان؟ صدقوني.. إن لم تفعلوها الآن لعاد مبارك وسرور وموافى والبرادعى وشفيق، ولسبّ ساستُكم ودستوركم وإعلامكم ربَّكم ودينكم ورسولكم وقرآنكم و(سنسفيل جدودكم)، ولعلق الصليب، أو رفع – لا قدر الله - أصنام بوذا، وأعلى عبدة الشيطان، وصانعى الأصنام.. والبركة فيكم! بلا قرف! [email protected]