عزيرى القارى : كان من المفترض أن يكون اليوم هو موعد الجزء الثالث من سلسة مقالات الثورة بين تحليل الخبراء ومفاجأت الأقدار، غير أنى سمعت ما أساءنى عن حبيبة القلب ومهجة الفؤاد ورفيقة الروح. • سمعت أن فلول النظام المخلوع بدأت تعبث بأمنها وتروع أهلى وإخوتى فيها. • سمعت أنهم من خلف ستار يريدون أن يعطلوا الحياة في مصانعها ومزارعها ومعاملها وجامعاتها . • سمعت أن شللهم يريدون أن يصيبوها بشلل في مرافقها العامة والخاصة ، وأنهم لم يكتفوا بسرقتها من قبل ولمدة ثلاثين سنة ، وإنما أرادوا أيضا أن يجوعوا أبناءها بتعطيل كل مصادر الإنتاج ليثوروا على الثورة ، وأنهم من خلف ستار يحاولون تحريك الفئات المختلفة لتطالب بحقوقها المشروعة ، وأنهم أيضا يحاولون عن طريق البلطجية وبعض الإشاعات السوداء والرمادية أن يثيروا الرعب والفزع في ربوعها . • سمعت أن كهنة السياسة السابقين الذين كانوا يستعملون الدين مطية وقنطرة لتنفيذ مخططهم في التوريث، مع كهنة الدين الذين يستعملون السياسة والسياسين مطية أيضا لتحقيق أحلامهم الإمبراطورية التقت مصالحهم في إحياء احتقانات قديمة بين الإخوة في الوطن ،المسلمين والمسيحيين وكانت قد ماتت في ميدان التحريرغير أنها بدأت تطل برأسها من جديد وأن فلول النظام السابق تستعمل البلطجية في إحيائها لإرباك الحكومة الجديدة والقوات المسلحة ولتحويل أنظار الناس عن المحاكمات لكبار الفاسدين . • لكل هذه الأسباب فعلت ما يتوجب على كل ابن بار أن يفعله تجاه أمه حين يحيط بها الخطر فينادى إخوته ويستصرخ أهله الذين هم أبناؤها لينقذوها قبل أن يتمكن اللصوص من خنقها والقضاء على الشرفاء من أبنائها ومن ثم عدلت عما كنت أكتبه وأجلته لإسبوع قادم وقدمت تلك الاستغاثة لأنها في نظرى وفى نظر كل العقلاء تشكل "واجب الوقت" . وعنها نقول: • في تاريخ الثورات قديما وحديث لم تحدث ثورة بالنقاء ولا بالطهر الذى قامت به ثورة 25 يناير • ثورة مصر الشريفة والطاهرة ، قام بها شباب مصر وساندها ووقف من ورائها شعب مصر وقواته المسلحة. • الشباب الذى خطط للثورة ، والشعب الذى ساند وعبأ وحشد لها ، والقوات المسلحة التى حمت ووقفت شامخة بجانب أبنائها وبجانب شعبها، الكل دخل التاريخ، والكل حقق إنجازا والكل لفت أنظار الدنيا، والكل جعل الجميع يقولون هاهى مصر، وهاهم أبناؤها، وهذا هو شعبها. • هاهى مصر خرجت كلها بعمالها الطيبيبن وفلاحيها ونسائها ورجالها مسلمين ومسيحيين صغار وكبار وكلهم في نظر الدنيا كبار ، ها هم قد خرجوا جميعا رغم الأزمات والفقر والحرمان والحاجة في مظاهرات سلمية ومتحضرة ومنضبطة ولم تحدث حادثة واحدة تعكر الصفو، إلا ما قام به فلول النظام. • ها هى مصر بتاريخها وحضارتها ، وهاهى بأخلاقها وانضباطها رغم العشوائيات والذين يسكنون المقابر، ها هم في الشوارع ثائرون ولم تحدث حالة سرقة واحدة، أو حالة تحرش واحدة، أو حالة خروج عن قانون الدين والأخلاق رغم غياب الشرطة وانعدام الأمن. • وفي مؤامرة أريد بها إشاعة الفوضى وبث الرعب والزعر بين الجماهير انسحبت الشرطة فجأة. • كان المراد هو إفشال الثورة ، والمقارنة بينها وبين العهد البائس البائد ، كان الخيار هو بقاء الذل والاستبداد أو الفوضى. • وظهر الكامن الحضارى في روح هذا الشعب العظيم وفى وجدانه العام وعقله الجمعى، فتصرف الناس بتحضر ليس له في التاريخ مثيل أو شبيه . • كانت تجليات الضبط الإرادى في أعلى صورها، وكانت الأخلاق المتحضرة في قمة تجلياتها ، كان السلوك فوق ما يعرف الجميع وفوق ما ينتظره الجميع ، كان الإيثار هو القانون السائد، وكانت الأخوة هى الضامن والحارس، وكان إحساس الواحد بالكل وإحساس الكل بالواحد هو صمام الأمان رغم غياب الرقيب وانعدام الأمن وغياب رجال الشرطة. • ونجح الشعب بعماله وفلاحيه وفئاته المختلفة مسلمين ومسيحيين وثواره وقواته المسلحة ، نجحت الأمة المصرية في أشد وأصعب اختباراتها على مدار التاريخ، وتعجب العالم وانبهرت الدنيا، وقال الجميع أي شعب هذا؟ أي ثورة هذه؟ أي بشر أؤلئك الناس؟ • لقد انقطع التيار الكهربائى في مدينة نيويورك لمدة 14 ساعة فوقعت مليون جريمة وتحولت عاصمة الحضارة والمدنية والتقدم إلى عاصمة للرعب والأشباح . • ما قمتم به أيها المصريون الشرفاء دخل التاريخ من أوسع أبوابه، وجعل الدنيا تتغنى بأخلاقكم رغم الفقر والحاجة ، رغم السنين الثلاثين العجاف. • ما قمتم به جعل ثورتكم تدرس في مناهج الغرب ليتعلم منها أبناؤهم في معاهدهم وجامعاتهم، فاحذروا أن تسلب ثورتكم وأن ترتدوا إلى الوراء مرة أخرى. • هنالك محاولات للترويع وإثارة الفوضي والرعب بين الجماهير فلا تستجيبوا لها. • هناك رهان على صبركم وقدرتكم على التحمل وتوقعات بأن القادم أسوأ فلا تستجيبوا وخيبوا ظنونهم . • مصر اليوم في حاجة ماسة إلى وعيكم، إلى فطرتكم النقية، إلى مشاعر الوطنية المتدفقة من وجدانكم. • مصر اليوم في حاجة إلى المصانع لتعمل بأقصى قدرة لها حتى نكتفى ذاتيا ولا نمد أيدينا. • مصر اليوم في حاجة إلى فلاحيها ليزرعوا أرضها ويستخرجوا خيراتها ويستنبتوا نباتها الطيب ليأكل أبناؤها بكرامة . • نعرف أن هنالك أزمات ونعرف أن لكل فئة مطالب تجاهلها النظام السابق ولم يستمع إليها ، نعرف كل ذلك، لكنكم أيضا تعرفون أن الحرة تجوع ولا تأكل بثدييها، وأن الإنسان الأصيل لن يستدفئ بأصنام العهد البائد مهما كان ظلام الليل وبرودة الجو. • نعرف أن مستوى الأجور يشكل عارا في جبين الذين سرقوا مصر ونهبوا ثروتها ، وأنه لا بد من تحقيق العدالة الاجتماعية، وأن المرتبات التى تجاوزت المليون والمليون ونصف شهريا لبعض الناس بينما آخرون لا تتجاوز مرتباتهم الألف جنيه شهريا رغم خدمته لعشرات السنين، هذا التفاوت الظالم والذى كان يمثل رشوة مقنعة للبعض لا بد أن ينتهى . • ولكنكم تعرفون أيضا أننا يجب أن نتحامل على جراحنا وأن نصبر ، وأن نعمل لنكفي أنفسنا وأهلينا . • نعرف أن لكل فئة مطالب مشروعة وحقيقية، وأن مظالم كثيرة قد ورثتها الثورة نتيجة العهد المظلم . • ولكنكم تعرفون أيضا أن المصانع متوقفة، وأن الأعمال متوقفة، وأن عجلة الحياة يجب أن تعود لطبيعتها لتعمل وبأقصى إمكانيات ممكنة ،وأن أخطر التحديات التى تواجهنا اليوم هي توفير القوت الضرورى لكل الشرفاء أصحاب هذه الثورة وأهلها . وأن المطالب لا يمكن أن تتحقق وكل مصادر الإنتاج معطلة والحياة متوقفة في المصانع . • نعرف وتعرفون أن الإنسان الشريف يكدح ليله ونهاره ليكفى نفسه وأخاه، وأنه يطوى بطنه على جوع، ولكنه لا يفرط في بلده، فهى وطنه وعرضه وتاريخه وحاضره ومستقبل أولاده. • مؤامرات فلول النظام السابق تحاول أن تهيج الجماهير ليقوموا بمظاهرات ويعطلوا مصادر الانتاج وليوقفوا عجلة الحياة حتى يضج الناس في مصر ، لكن وعيكم سيكون أسبق من تدبيرهم، وإقبالكم على الأعمال وزيادة الإنتاج سيفشل مؤامراتهم، فكونوا على حذر، فمصر اليوم تمر بأخطر مراحلها، وفلول النظام القديم يحاولون لملمة عقدهم الذى انفرط، ويجمعون فلولهم التى ولت وهربت أمام إصراركم، لكنهم يريدون أن يعودوا من جديد ليكملوا على ما تبقى من مصر. • يريدون أن يعود النظام المخلوع في نسخة جديدة وبلون جديد ليغتال نسيم الحرية الذى استنشقناه واشتقنا إليه وأحببناه بكل حواسنا ومن كل قلوبنا. • يريدون أن يعود النظام المخلوع في صورة جديدة ليسرق ما تبقى لنا من شرف ويقضى على ما لدينا من إصرار. • النظام سرق في الماضى ثروتنا ، وباع أرضنا وقامر بمصيرنا الدولى، وهاهو يحاول أن يعود ليسرق ما تبقى لنا من أرض، ويبيع ما تبقى في أرضنا من غاز، ويقامر بما تبقى لنا من إرادة، ويهدم ما تبقى لنا من دار. • كهنة السياسة السابقين الذين كانوا يستعملون الدين مطية وقنطرة لتنفيذ مخططهم في التوريث، ومعهم كهنة الدين الذين يستعملون السياسة والسياسين مطية أيضا لتحقيق أحلامهم الإمبراطورية التقت مصالحهم في إحياء احتقانات قديمة تبين أنها كانت مصطنعة ومزورة ومن تنفيذ وإخراج أمن الدولة ، ونحمد الله أنها كلها قد ماتت في ميدان التحرير،غير أنها بدأت تطل برأسها من جديد وأن فلول النظام السابق تستعمل البلطجية في إحيائها بهدم الكنيسة مرة ، وسب المسلمين وقذفهم بالحجارة مرة أخرى لإرباك الحكومة الجديدة والقوات المسلحة، ولتحويل أنظار الناس عن المحاكمات لكبار الفاسدين . • فلول النظام أيضا ومن خلف ستار يحركون عمالنا الطيبين في كل المرافق ليتظاهروا، ويطالبوا بحقوقهم، والسؤال هو: مَنْ يطالب مِنْ مَنْ ؟ • كلنا يعرف أن مصر قد خرجت من تجربتها الثورية جريحة، فالنظام البائد قبل أن يغادر قرر أن يفكك كل مفاصل الدولة ، فالشرطة قد غابت عن الشارع فجأة ، وفجأة خرج المجرمون من السجون، وفجأة أيضا ظهر البلطجية في الشوارع ليروعوا الناس ، وفجأة أيضا خرجت المظاهرات الفئوية تطالب بحقوقها، وبغير مبرر أيضا حرض بعض الكهنة على التظاهر والحشد والتعبئة وقطع الطرق الرئيسة في القاهرة. • والسؤال هو: كيف عادت الاحتقانات ؟ ومن وراءها ؟ ولماذا في هذا الوقت بالذات ؟ • هل المراد هو إثارة الرعب والفزع وترويع الناس وإظهار الحكومة والقوات المسلحة بالعجز والفشل حتى يكره الناس الثورة والثوار ويترحموا على النظام المخلوع ؟ • وإذا كانت القوات المسلحة قد وعدت بحل كل المشكلات وأمرت بالبدء في بناء الكنيسة فما معنى الاعتصامات والتهديدات والاستفزاز والتطاول على كبار المسؤولين ؟ • هذه اللغة غريبة بعد 25 يناير وما ظهر فيها من وحدة وتلاحم وإخوة بين المسلمين والمسيحيين رآها الناس ونقلتها كل وسائل الإعلام العالمية في مشهد مهيب يشهد بتحضر مصر وروعة إنسانها وشعبها. • هذا التصرف مشين بعد 25 يناير لأنه يمثل ردة وانتكاسة إلى عقلية حبيب العادلى وأجهزة أمنه وتواطؤ كهنة السياسة وبعض كهنة الدين وما كانوا يرتبونه من صناعة للفتن وتأزيم للعلاقة بين المسلمين والمسيحيين . • ماتم ويتم ليس وليد المصادفة وعلينا أن نتساءل في تعقل وتدبر وتفكير مَنْ يطلب مِنْ مَنْ ؟ ...ألسنا كلنا الثورة؟... ألسنا كلنا الشعب ؟...، ألسنا كلنا القوات المسلحة ؟ ألم تعلمنا ثورة 25 يناير هذا الدرس العظيم ؟ أن كلنا واحد ؟ وأن واحدنا هو الكل وهو الجميع ؟ • وكيف تتحقق المطالب والوزارة الجديدة لم يمض عليها سوى أربعة أيام ؟ والثورة لم تستكمل شهرين اثنين ؟، والمصانع مغلقة والحقول والمزارع متروكة ، والمرافق العامة تكاد تكون متوقفة ، والمرافق الخدمية أصحابها يتظاهرون مطالبين بحقوقهم .؟ • والسؤال هو: كيف يمكن تحقيق المطالب وكل مصادر الإنتاج معطلة ؟، والاقتصاد مهدد بالانهيار ، والقوات المسلحة لا تستطيع أن تفتح الملفات كلها في وقت واحد ، والنظام السابق قد وضع تحت كل طوبة في مصر قنبلة موقوتة من الفساد الأسود، فَمَنْ سيحقق لنا المطالب مالم تعمل مصانعنا ومزارعنا ومعاملنا وجامعاتنا ومدارس أبنائنا .؟ • مَنْ يطالب مَنْ؟ ومَنْ يسأل مَنْ ؟ ألسنا كلنا مسؤولون؟ • إن الثورة ليست ثورة فئة بعينها ، وهذا أروع ما فيها ، صحيح أن الشباب هم أول من أوقد شرارتها المباركة، ولكنهم هم أنفسهم يقولون إنها ثورة الشعب كله بأطيافه وفئاته كلها، ومن ثم فكلنا مسؤول عنها وعن استمرارها وعن حمايتها وتحقيق كل أهدافها . • ولن يكون صحيحا ومفيدا ومنطقيا أن يتحول أحدنا أو فئة منا إلى مُطالِب بحقوقه وعلى الآخرين أن يستجيبوا له . • الهم العام هنا يجب أن يتقدم على الهم الخاص ، ومصلحة الوطن يجب أن تكون عليا وأعلى من المطالب الفئوية والهموم الخاصة لكل منا . • هذه الثنائية يمكن أن تكون مقبولة ومنطقية وصحيحة بعد أن تتعافى مصر مما أصابها من الفساد الذى عطل رئاتها لمدة ثلاثين سنة، واستنزف خيراتها ونهب ثروتها وأكل حقوق الغلابة من أبنائها وحولها إلى مليارات في خزائنه السرية. • مصر اليوم جريحة في اقتصادها وجريحة في مصانعها ومزارعها ومعاملها وجامعاتها وكل ميادين الحياة فيها ، لكنها شامخة بعزتها وستتعافى بتوكلها على الله أولا ، ثم باعتمادها على سواعد أبنائها، ولن تفرط في حريتها وكرامتها ، ولن تسمح لمن سرقوها من قبل أن يعودوا ليسرقوها مرة أخرى، فهى واعية ومدركة ولن تلدغ من جحر الحية مرتين . • وعلى كهنة النظام وفلوله وكهنة الدين أيضا الذين لا زالوا يعيشون في الماضى أن يتعلموا أن مصر بعد 25 يناير ليست هي مصر بعد 25 يناير ، وأن حليفهم الفرعون الكبير وخليفته الذى كانوا ينتظرونه قد ذهبوا إلى غير رجعة وأن ثورة طاهرة وشريفة قد قامت وغيرت الحياة بكاملها ، وأن محاولاتهم مكشوفة ومفضوحة ، وأن وعي الشعب مسلمين ومسيحيين سيسحقهم وسيتجاوز باقتدار ما تقوم به فرق البلطجية المستأجرة من احتقانات مصطنعة ، وعلى الكنيسة برؤوسها ورموزها أن توضح موقفها من هذا الذى يحدث . • أيها الشعب المصري الأبى ، ما سرق منا يمكن أن يعوض بجهودنا ، ويمكننا أيضا ان نستعيده بالقانون الدولى، ولكن على سواعد أبنائنا أن تبرهن بالعمل الجاد والجهد الشريف أننا أقوياء في إرادتنا، وأقوياء في تصميمنا، وأقوياء في اقتصادنا ، ولن نحتاج إلى الآخرين. • علينا أن نعرف أن الآخرين لن يعترفوا بنا ونحن ضعفاء ولن يستجيبوا لنا ونحن مهمشين، ولن يستمعوا لصوتنا ونحن نستجديهم ونمد أيدينا إليهم. • الدنيا لا تسمع إلا صوت الأقوياء، ولن تستجيب إلا لأصحاب الإرادة والعزم والتصميم ، ولن تحترم إلا الغنى عنها ، ولن يتم ذلك كله والمصانع معطلة والمزارع متروكة، والجامعات مغلقة ،والناس في الشوارع يتظاهرون ويطالبون بحقوقهم، والسؤال هو مَنْ يطلب مِنْ مَْن؟ من السائل ومن المسؤول ؟ • نحن الثوار ونحن الشعب ونحن الوزارة الجديدة ونحن قواتنا المسلحة ونحن العامل والفلاح ، ونحن التاجر والصانع ونحن المنتج والمستهلك ، نحن أصحاب الثورة فلا يجوز أن نكون سببا في فشل ثورتنا المباركة ولو بحسن نية. • الوزارة الجديد لن تستطيع أن تفعل شيئا مالم يتلاحم الشعب معها ويساعدها على ممارسة دورها والقيام به. • قواتنا المسلحة فعلت إلى ألان ما هو أكثر من واجبها، وكانت مواقفها أكثر من رائعة، وقد انحازت من اللحظة الأولى لثورة أبناء شعبها، وتحاول قدر استطاعتها تحقيق مطالبهم ، لكنها لا تستطيع وحدها أن تقوم بكل شئ مالم يتعاون الشعب معها ، مالم تعمل المصانع باقصى طاقتها لتعوض النقص المفقود في الأيام الماضية . • اقتصادنا في حاجة إلى إنعاش حتى يتعافى ، وفلول النظام المخلوع تنتظر اللحظة المواتية لانهيار الاقتصاد حتى تنقض على الثورة المباركة ولترتد بنا إلى الوراء وهذا هو الحجيم بعينه، فليكن كل منا جزءا من الحل وليس جزءا من المشكلة ، وليمارس كل منا عبادته وجهاده في المصانع وفى المزارع وفى المعامل وفي كل ميادين الحياة في المدائن والقرى. • ليحاول كل منا أن يكون عنصر إضافة إيجابية تساهم بقدر جهده وبأقصى طاقتة الممكنة في حماية ثورته بالعمل الجاد والكفاح الدؤوب، فالإنسان يبقى هو المرتكز الأساس في بناء كل حضارة ، وأكبرثروة في مصر هم أبناؤها ، هم شعبها الأصيل الطيب والمتحضر ، هم هؤلاء الناس الذين خرجوا بصدورهم العارية ليسقطوا أعتى ما وصلت إليه كل أدوات القمع والترويع ، هم هذا الشعب الذى تلاقت إرادته بكل أطياف أبنائه في هدف موحد هو الحرية والكرامة وإسقاط كل مظاهر الكبرياء الأجوف لطاغية من طغاة العصر الحديث بجذوره وحزبه والمنتفعين من وجوده . • إرادة الشعب أسقطت وتسقط كل طاغية وكل جبار عنيد. • فليكف المتظاهرون عن التظاهر، وعندما تتعافى مصر سيأخذ كل واحد حقه ، ولن يكون هناك مظلوم مهضوم الحق لا يجد من ينصره ويأخذ بيده ويعينه على استرداد حقه . • عندما تتعافى مصر وتتخلص من عللها السابقة سيجد كل منا بغيته وسيحقق كل منا هدفه، وستعود شمس الأصيل بدفئها وحرارتها، وضوء القمر بنوره وضيائه، وسيعود نسيم الفجر ينبض بالحرية الموعودة . • عندما يتعافى الوطن وتصحو مصر من طعنات اللئام ستعود إلى الدنيا أحلام الصبا وسينعم الصبايا برحيق الورود ونسمات الربيع وأحلام المساء • فلتتوجه الإرادة الحرة لشعبنا الأبي إلى البناء حتى تقف مصر مرة أخرى على قدميها، وحتى تبقى مصر شامخة أبية لا تنحنى لظالم ولا تستكين لمستبد. • وليُصَلِ كل منا من أجل مصر، ولَيَدْعُ ربه في تسابيح السحر أن يحفظها لنا وطنا حرا وأمنا ، وأن يحقق فيها وفينا دعاء نبي الله يوسف عندما "آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ " رئيس المؤسسة الاسترالية للثقافة الإسلامية رئيس إذاعة القرآن الكريم في أستراليا