تختلف الأماكن والشعار واحد "ثورتنا مستمرة.. القصاص للشهداء"، يتغير المشهد السياسي فيغيرون بوصلة وجهتهم وفقًا للتطور، فمرة يذهبون إلى ميدان التحرير، وأخرى نجدهم يتجمعون أمام وزارة الدفاع، وثالثة يحتشدون أمام قصر الاتحادية، ليصلوا فى النهاية إلى مقر جماعة الإخوان المسلمين بالمقطم، البعض يطلقون على هؤلاء المتظاهرين مسمى "شوية عيال" وآخرون يتهمونهم بالعمل لصالح الفلول، وثالث يسبهم بالعمالة، تتباين التهم والمسميات والمشاهد السياسية، وتبقى الشعارات واحدة، يقولون: "نريد أهداف الثورة". في البداية، اتخذ شباب الثورة من ميدان التحرير قبلة يؤمونها من جميع شوارع مصر، حيث يقصدها جميع أصحاب المظالم والمقهورون في أعقاب قيام ثورة 25 يناير، حيث تجد الحشود ترفع شعار "الحرية" التي قامت من أجلها الثورة، ممزوجة بمطلب "العدالة الاجتماعية"، التي وصفها الإعلام ب"المطالب الفئوية". ولكن مع تطور الأوضاع وإحساس أصحاب الحقوق والمطالب بعدم تأثير الميدان على أصحاب القرار وأعضاء المجلس العسكري في ذلك الوقت، قرروا الذهاب إلى مقر مجلس الوزراء، ولما لم يجدوا أي استجابة لهم بعد نقل أعمال المجلس إلى مدينة نصر، اتخذوا قرارا بالذهاب إلى المجلس العسكري في مقره وهي وزارة الدفاع للاعتراض على سياساته، مرددين هتافات تطالب ب"إسقاط حكم العسكر"، التي انتهت بأحداث العباسية، ثم الانتخابات الرئاسية والتي على أساسها تم اختيار الدكتور محمد مرسي رئيسا للجمهورية، ليبدأ فصل جديد من مسيرة ثورة 25 يناير. وعقب تولي الرئيس محمد مرسي المسئولية تغيرت وجهة المتظاهرين، فبعد أن كانت جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة في صف المعارضة لإسقاط حكم العسكر، وجدت نفسها مجبرة على تقسيم الفصائل السياسية إلى التيار الإسلام السياسي الذي تمترس خلفها، لمواجهة التيار المدني العلماني والحركات الثورية، ومع تكريس هذا المشهد تغيرت وجهة التظاهرات من جديد لتنتقل إلى مقر رئاسة الجمهورية، متمثلاً في قصر الاتحادية، مع التوجه إلى بيت عائلته في محافظة الشرقية لإظهار حالة الغضب المتنامي ضد جماعة الإخوان والرئيس ذاته. وفي ظل هذه الأجواء، ظل ميدان التحرير محتفظا بوجوده كمركز للتظاهرات ترتفع أهميته وتأثيره باعتباره مكان تجمع الزخم الثوري. ومع تنامي مطالبة الرئيس بأن يكون "رئيسا لكل المصريين"، والشعور بمدى التصاقه بجماعة الإخوان المسلمين، فقد وجدت التظاهرات وجهة بديلة للقصر الجمهوري، بعد أن وصلت المعارضة إلى يقين بأن الرئيس مرسي يستشير الجماعة في كل قرار، بل إنه يأخذ منها الأوامر، ولذلك قررت الحركات الشبابية والأحزاب المعارضة تغيير وجهتها صوب مقر جماعة الإخوان بالمقطم لتعود مظاهر العنف والاشتباكات وحرب الشوارع والسحل المتبادل بين شباب الجماعة والحركات الشبابية. وقال هيثم الشواف، المنسق العام لتحالف القوى الثورية: إن تحديد أماكن التظاهرات يأتي وفقا لدلالة المكان ومدى تأثيره في توصيل المطالب، ولن نتمسك بمكان لذاته، ولذلك فإن مقر جماعة الإخوان أفضل الأماكن للتظاهر أمامه، لأن القرارات السيادية تخرج من هناك، وعلينا أن نوصل صوتنا إلى الجهة التي تعطي أوامرها للرئيس مرسي، مشددا على أن المعارضة مازالت متمسكة برفض العنف، وكذلك ترفض الاعتداء على المتظاهرين السلميين، مثلما حدث أمام مقر الجماعة من الاعتداء على الصحفيين والمتظاهرين من شباب الإخوان.