هذا الخبر قرأته أول أمس في العناوين الرئيسية للصفحة الأولى لصحيفة قومية كبيرة ، وعادة لا أقرأ من الصحف القومية أكثر من عنوانها ، غير أن العنوان أصابني بنوع من البلادة الذهنية المفاجئة ، فقررت أن أقرأ الموضوع بالكامل ، ثم أعدت قراءته أكثر من مرة ، ثم رأيت أن أشرك بقية القراء معي في القراءة لعلهم يصلون إلى معنى لما قرأت ، الخبر المنشور عنوانه كالتالي : (في مواصفات قياسية جديدة لاستيراد القمح .. منع دخول أي شحنات بها حشرات أو مواد سامة أو أمراض) وفي تفاصيل الخبر أن معالي رئيس الوزراء قرر تشكيل لجنة موسعة من وزارات الزراعة واستصلاح الأراضي والكهرباء والصحة والتجارة, مهمتها دراسة بنود تحديث المواصفات القياسية لاستيراد الأقماح من الخارج, بما يضمن استيراد أنواع عالية الجودة وآمنة وخالية من الحشرات والمواد السامة ، وأضاف الخبر قوله : ومن المقرر أن تعلن الهيئة المشار إليها للمواصفات والجودة خلال أسابيع المواصفات الجديدة للاستيراد, فور إنتهاء الوزارات من وضع اشتراطاتها للمواصفات ، وأن أهم بنود هذه المواصفات المقترحة أن تكون خالية من بذور حشيشة الأمبروزيا السامة والحشرات الحية والأمراض النباتية الممنوع دخولها مصر ، هذا هو الخبر المنشور ، وإذا كان ما فهمته منه صحيحا ، فهو يعني أننا أمام كارثة تستوجب ليس إقالة الحكومة بل محاكمتها بالكامل ، من أول رئيس الوزراء إلى كل هذا الصف من الوزراء المختصين الذين ذكرهم ، فإذا كانت الحكومة تبحث بعد كل هذه السنين التي نستورد فيها الأقماح الفاسدة ونطعمها الغلابة والملايين من أبناء الوطن ، دون أن يكون لديها أي مواصفات قياسية حديثة تضمن خلوها من الحشرات والمواد السامة والأمراض ، فهذا يعني أننا أمام جريمة ، ثم الأنكى من ذلك أن رئيس الوزراء يقرر تشكيل لجنة للدراسة ، أي أن الناس ستظل تطعم حتى انتهاء اللجنة الموقرة من عملها قمحا لا يخضع لأي معايير قياسية جادة تضمن خلوها من السموم والحشرات والأمراض ، المذهل أن الخبر نسب إلى وزير الزراعة قوله أنهم اضطروا خلال السنوات الماضية لرفض ما يقرب من 25% من واردات القمح بسبب ظهور الحشرات والبذور السامة فيها بوضوح ، وهذه النسبة تعني أن موردي القمح عبر أنحاء العالم اعتبروا أن مصر هي أفضل مقلب زبالة للأقماح الفاسدة والتالفة ، وإلا فما معنى أن يتم إرسال هذه الكميات المهولة الفاسدة ، بشكل متتابع إلى مصر تحديدا (مصر تستورد 8% من إجمالي انتاج القمح في العالم) ، وإذا رجعنا إلى مفهوم قرار رئيس الوزراء المشار إليه وهو ما يعني غياب مقاييس حديثة وفعالة ، فهذا يعني أن نسبة الأقماح الفاسدة التي تصل إلى مصر هي أعلى من ذلك بكثير ، وأن ما يتم اكتشافه فقط بالأساليب العتيقة والبالية وبالعين المجردة هو ما يصل إلى 25% ، بمعنى أن من الطبيعي توقع أن أضعاف هذه النسبة يتم تسربها ومرورها بشكل أو آخر إلى بطون المصريين ، والله حرام ما تفعله تلك الحكومات بالخلق ، أين يذهبون من عقاب الله إن أفلتوا من عقاب الدنيا وحساب الشعوب ، أين يفلتون من دعاء عشرات الملايين من الذين تم تدمير صحتهم تدميرا تاما ، إما بالفشل الكلوي أو الفشل الكبدي وتليف الكبد أو بالسرطانات المتنوعة ، وتعالوا بنا نبتهل إلى الله أن يلطف بالشعب المسكين حتى تقل السموم والحشرات والأمراض المستوردة لطعامه ، حتى تنجز لجنة معالي رئيس الوزراء عملها التاريخي . [email protected]