خضعت اليمن لحكم الإمامة الزيدية الشيعية عام 901م وقد تعاقب الأئمة الزيدون منذ ذلك التاريخ على حكم اليمن وكان الإ"مام يملك إلى جانب السلطة السياسية السلطة الدينية بوصفه إماما للطائفة الزيدية وفى عام 1904 بويع يحيى حميد الدين بالإمامة بعد وفاة والده المنصور وقد تحقق فى عهده الاستقلال الكامل لليمن عن الدولة العثمانية بعد هزيمتها فى الحرب العالمية الأولى وانسحابها من اليمن وقد فرض يحيى سياسة العزلة الشديدة على اليمن فكانت البلد الوحيد الذى لايوجد لها تمثيل دبلوماسى مع باقى دول العالم بمافيها دول جامعة الدول العربية التى كانت اليمن عضوا بها وقد انعكست سياسة العزلة بالسلب على كافة أوجه الحياة فى اليمن التى عانت من التخلف الشديد فى جميع مناحى الحياة فى الداخل كما انعكست بالسلب على السياسة الخارجية حيث فشل يحيى فى توحيد الأراضى اليمنية واضطر بعد هزيمته من بريطانيا الى توقيع معاهدة مع بريطانيا عام 1934 جمدت الوضع القائم على الحدود بين اليمن وعدن ومحمياتها الخاضعة للإنجليز ثم لقى هزيمة ثانية أمام السعودية انتهت بتوقيع معاهدة الطائف عام 1934 التى نصت على بقاء نجران وعسير التى كانت تطالب بها اليمن تحت الحكم السعودى لمدة عشرين عاما على أن تتم المفاوضات قبل انتهاء المعاهدة بستة شهور لتعديلها لقد أدى هذا التخلف والفشل الى نشوء الحركة الوطنية اليمنية المعارضة للإمام يحيى وكانت البداية تأسيس أول منظمة معارضة فى اليمن وهى "هيئة النضال" التى أسسها أحمد المطاع عام 1936 وكانت نقطة البداية للمعارضة اليمنية ضد استبداد يحيى والتى بدأت فى التصاعد ووصلت أوجها بتأسيس حزب الأحرار اليمنيين فى عدن عام 1944 ومن أبرز أنشطة المعارضة في الداخل في تلك الفترة إقدام هيئة النضال علي الاتصال بالملك عبد العزيز آل سعود وذلك بدافع تأمين الثورة منه، ومحاولة كسب مساعدته، وقد لجأت هيئة النضال بزعامة المطاع للاتصال بعبد الله الوزير الذى كان ينتمى لأسرة آل الوزير الذى تولى بعض أفرادها منصب الإمامة من قبل والذى كان اسمه مطروحا بقوة لتولى الإمامة عقب يحيى ، وقد اتفق الطرفان علي الاستعانة بالملك عبد العزيز خاصة أن الصلة كانت قوية وطيبة بين الملك عبد العزيز وعبد الله الوزير، منذ المحادثات التي أدت إلي توقيع معاهدة الطائف 1934، وكان عبد الله الوزير يمثل الوفد اليمني فيها، وقد ساعد علي التفاء هيئة النضال وعبد الله الوزير الخوف من ولي العهد أحمد المشهور بالعنف والدموية. وتم تكليف أحد أبرز أعضاء هيئة النضال وهو القاضي الشماحي بالقيام بهذه المهمة خلال موسم الحج عام 1365ه – 1944 م، وتوصيل رسائل من عبد الله الوزير وابن عمه علي الوزير و هيئة النضال للملك، وأن يشرح للملك الأوضاع باليمن. وقد تقابل الشماحي مع الملك خلال شهر ذي القعدة / أكتوبر 1946، وقد أوضح الملك موقفه بصورة واضحه، وأنه متمسك بمعاهدة الطائف، مع الإمام يحيى، وأنه من الأفضل إرجاء أي صراع إلي ما بعد موت يحيى، خاصة مع تقدمه في السن ومرضه، وبالرغم من إدراكه لخطورة أحمد - كان سيف الإسلام أحمد قائد الجيش اليمني في حربه مع السعودية – إلا أنه متمسك بعهده مع يحيى، وأعرب عن استعداده للنظر في تقديم الدعم المادي شريطة عدم الدخول في صراع مع يحيى، وأرجأ الحديث في ذلك إلي بعد مناسك الحج. كانت مقابلة الشماحي للملك مبشرة إلا أن وصول أعداد من صحيفة صوت اليمن - التى كان يصدرها حزب الأحرار اليمنيين فى عدن - إلي السعودية وتوزيعها في مكة وعرفات، بما حوته من المقالات التى تندد بالاستبداد والملك والدعوة إلي الإطاحة بيحيى، أغضبت الملك عبد العزيز وأمر بمصادرتها ومعاقبة من وجدت معه، وقد كان لهذا الأمر أثره في مقابلة الشماحي للملك، والذي حاول تلطيف الجو بأن ما تهدف إليه "صوت اليمن" لا يتعدى نطاق اليمن، وأن منظمة هيئة النضال وإن كانت متصلة بحزب الأحرار في عدن في وجوب التخلص من حكم يحيى وولي عهده أحمد، إلا أنه لم يعلم بأعداد "صوت اليمن" إلا عندما عرضها عليه الملك، وقد أوضح الملك بصراحة ووضوح موقفه للشماحي "إني أري أن حركتكم هدامه ولا يسعني أن أساندها". إن الموقف الواضح الذي اتخذه الملك عبد العزيز برفضه فكرة الإطاحة بيحيى، ثم رفضه مساندة الحركة بعد وصول أعداد "صوت اليمن" إليه، يوضح بجلاء الموقف المتوقع من النظم الملكية بصفة عامة، والسعودية بصفة خاصة بدافع الجوار، ومعاهدة الطائف، من قيام الثورة ضد الإمام يحيى لقد كانت الأفكار التي تروج لها حركة الأحرار في عدن، وما احتوته صحيفة "صوت اليمن" من نقد ومهاجمة للملوك والدعوة للإطاحة بيحيى، مصدر إزعاج للملك عبد العزيز الذى خشي امتداد القلاقل في اليمن وآثارها إلي بلاده، ولذلك أخذ يطالب الإمام بضرورة معالجة أمر المعارضة اليمنية وقد نجحت المعارضة فى اغتيال يحيى فى 17 فبراير 1948وإعلان الثورة وتولى عبدالله الوزير الإمامة ونجحت الثورة فى السيطرة على زمام الأمور فى صنعاء إلا أن التحدى الأكبر للثورة تمثل فى أحمد بن الإمام يحيى الذى كان معروفا بمقدرته الحربية وشهرته بالميل للعنف والقوة وقد تحرك أحمد سريعا بعد وصول خبر مقتل والده حيث أعلن نفسه إماما وتحصن بمدينة حجة وأخذ يثير القبائل لمهاجمة صنعاء والثأر لوالده إلا أن أهم تحركات أحمد علي الصعيد الدبلوماسي كان اتصاله بالملك عبد العزيز آل سعود، فقد سارع أحمد يوم الأربعاء 18/2/1948، أي ثاني أيام الثورة بإرسال رسالة إلي الملك عبد العزيز، يوضح له الحادث وأن خطورته لا تقف عند حدود اليمن "لأن الثورة ومقتل أبيه الإمام يحيى وليد حركة من يسمون أنفسهم" بالأحرار والإخوان المسلمين "وكلاهما خطر علي العروش والأسر والملوك وعلي الدين" كما طالب الملك عبد العزيز بتناسي ما كان بينهما من خلاف، وأنه سيكون له ابنا إذا رضي أن يكون له أباً مستمداً منه النجدة والمؤازرة، وقد استجاب الملك عبد العزيز لنداء أحمد وأمده بالمال والسلاح وقد سعى النظام الجديد فى اليمن لمخاطبة الدول العربية وكذلك جامعة الدول العربية للحصول على اعترافها به، وكانت معظم دول الجامعة العربية السبعة نظماً ملكية وهي مصر والسعودية والعراق واليمن والأردن، بينما كانت كل من سوريا ولبنان ذات نظام جمهوري، ولذلك كانت سوريا ولبنان أكثر ميلاً وتعاطفاً مع الثورة علي عكس باقي دول الجامعة العربية التي اتخذت موقفا عدائيا من الثورة وكانت الأردن الأصرح في عدائها للثورة، والأسرع للأعتراف بأحمد ملكاً لليمن، وكذلك السعودية التى ساهمت علي نحو إيجابي في مساعدة أحمد سواء بالمساعدة المادية العسكرية، أو عن طريق التأثير في وفد الجامعة العربية، وعرقلته عن الوصول لليمن، وإن كانت قد اتخذت في الظاهر الموقف التي اتفقت عليه دول الجامعة العربية، وهو الوقوف علي الحياد، حتى يسافر وفد الجامعة العربية لليمن ويحقق بنفسه الوضع علي الطبيعة. وكانت الجامعة العربية قد قررت إرسال بعثة تمهيدية لليمن كمقدمة لإرسال وفد من الجامعة العربية يمثل جميع دول الجامعة برئاسة عبد الرحمن عزام أمين عام جامعة الدول العربية إلي اليمن لمعاينة الوضع علي الطبيعة والاتصال بالطرفين، ووضع تصور لحل الأزمة. وقد غادرت بعثة جامعة الدول العربية صباح يوم 28/2/1948 مدينة السويس حيث استقلوا الطرادة "فاروق" متجهين إلي جدة لمقابلة الملك عبد العزيز آل سعود، والأمير فيصل وزير الخارجية علي أن يغادر جدة إلي الحديدة ميناء اليمن الأول، وقد أخذ الوفد معه سيارتي جيب لاستخدامها في التجول في المناطق اليمنية، وكذلك آلة لاسلكية للاتصال بالطرادة فاروق، وكذلك كان هناك طائرة مصرية تحت تصرف الوفد لسرعة الاتصال والتنقل إذا اقتضى الأمر. كما أرسل الوفد برقيتين لأحمد وابن الوزير تدعوهم لحقن الدماء، كما أرسل عبد العزيز برقية للطرفين بذات المعني، وقد سئل عزام باشا عن إمكانية استفتاء الشعب اليمني، فأجاب أن الشعب هو الحكم إذا تعذر فض النزاع فيجب أن يرد الأمر إلي الشعب ليقول كلمته. بعد وصول الوفد إلي جدة، قابل الأمير فيصل الذي أطلعهم علي آخر البرقيات الواردة من اليمن، والتي كانت تؤكد ازدياد موقف حكومة ابن الوزير سوءاً، وأن أحمد كان يزداد قوة، حتى بات ينتظر دخوله صنعاء بين لحظة وأخري، وأن أحمد يرجو من وفد الجامعة العربية تأجيل موعد السفر إليها قليلاً، وإزاء هذه الأخبار تبين للوفد أنه لم يعد هناك ما يدعو للتعجل بالسفر إلي اليمن، واقترح عليهم الأمير فيصل أداء العمرة، علي أن يتوجه الوفد بعد ذلك إلي الرياض تلبية لدعوة الملك عبد العزيز، وبالفعل توجه الوفد إلي الرياض، لمقابلة الملك عبد العزيز، وظل الوفد بالرياض حتى سقطت صنعاء في يد قوات أحمد. وهكذا لم يؤد وفد جامعة الدول العربية أي دور يذكر حتى سقطت صنعاء، وتم استباحتها من جانب القبائل، وهي النتيجة التي عملت لها معظم دول الجامعة، وتحديداً مصر والسعودية والعراق والأردن، وهو ما يمكن استنتاجه من مواقف هذه الدول. فالأردن اتخذت موقف عدائيا من عبد الله الوزير منذ البداية، ولم تلق بالا للموقف الظاهرى الذي اتخذته الدول العربية بالتزام الحياد حتى يذهب وفد الجامعة العربية إلي اليمن، ويدرس الأوضاع علي الطبيعة، فقد صرح الملك عبد الله "إن الإمام الحق في اليمن هو سيف الإسلام أحمد، واغتيال المغفور له الإمام يحيى حميد الدين أمر مخيف إذ يجعل كل من يطمع في مقام أو منصب يستهين بالإقدام علي مثل هذا العمل الفظيع فيهز البلاد هذا الهز العنيف". كما أعلن سيف الإسلام عبد الله من باريس – كان عبد الله شقيق أحمد يشغل منصب رئيس وفد اليمن في الأممالمتحدة، وكان متواجداً بباريس لحضور دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة – أنه تلقي برقية من ملك شرق الأردن يعلن تأييده للأمام أحمد تأييداً مطلقاً باعتباره الوارث الشرعي لمملكة اليمن كما أرسل الملك عبد الله رسالة إلي عزام باشا طالب فيها بتطبيق الآية القرآنية: ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الحجرات:9). وأن الباغي هو ابن الوزير، والمبغي عليه هو يحيى، وحذر من أن عدم تطبيق ذلك، سيفتح باب الفتنة علي دول الجامعة العربية، بحيث يتمكن أهل الأغراض من الوثوب علي حكوماتهم بدعوى الإصلاح أما العراق فقد كان الموقف لا يقل عداءً عن الأردن، وإن كانت أعلنت أنها لن تعترف بحكومة عبد الله الوزير إلي أن يعود وفد جامعة الدول العربية من اليمن، ويقدم تقرير للجامعة عن الحالة هناك، وقد أعلن عبد الإله الوصي علي عرش العراق الحداد العام علي الإمام يحيى في جميع أنحاء البلاد لمدة 10 أيام، وتنكيس الأعلام علي دور الحكومة، وقد نشرت الأهرام أن الدوائر السياسية في بغداد تتوقع أن تقاطع الدول العربية عبد الله الوزير، لأنها ترتاب أن يكون ضالعا في مؤامرة اغتيال يحيى وأنه يجب أن يتولي العرش سيف الإسلام أحمد بصفته ولي العهد. أما السعودية فقد أوضح موقفها على نحو دقيق القائم بأعمال المفوضية الأمريكية في جدة ريفز شايلدز فقد أوضح ريفز أن الملك عبد العزيز كان من الممكن أن يميل لتأييد الوزير لولا وسائل العنف التي وصل بها إلي الحكم، كما أن تأييد حاكم وصل إلي السلطة بوسائل عنيفة، وتخطي الأمير أحمد يمكن أن يصبح سابقة ودافعاً لإثارة بعض المجموعات أو الفئات أو حتى بعض أفراد الأسرة السعودية الساخطين، كما أن أحمد أقل استعداداً لإدخال إصلاحات دستورية يمكن أن تؤدي للمطالبة بمثلها في السعودية. ويذكر أن الملك استطاع إرسال مبعوثين إلي اليمن فوراً لجمع التأييد لأحمد وتدعيم المقاومة ضد عبد الله الوزير، مستغلاً نفوذه الكبير على سكان اليمن غير الشيعيين، كما أن هناك تلميحات بأن توزيع كمية صغيرة من النقود علي الشخصيات الهامة باليمن، الموجودة في موقع السلطة يمكن أن تؤثر بدورها علي عدد كبير من السكان، بالرغم من حرص ريفز على التأكيد أن مصادره لا تستطيع تقديم أي دليل إيجابي علي هذه المساعدة وقد أوضح الملك عبد العزيز موقفه بوضوح لأعضاء وفد جامعة الدول العربية أثناء استقباله لهم في الرياض، حيث أعرب أمام جميع الحاضرين عن شدة أسفه وتأثره لما لقيه الإمام يحيى من نهاية بشعة بعد طول جهاد في سبيل حفظ كيان بلاده، والدفاع عنها، واستنكر جرأة من اقترفوا الجريمة علي طلب النجدة والمعونة، باسم الحفاظ علي الأمن وحماية الأرواح من عدوان اللصوص، وهم الذي سفكوا الدماء، "ولكن عين الله لا تغفل ولسوف تدور عليهم الدوائر من قريب، كما تشير إلي ذلك كل الأخبار الواردة إلي اليمن". كما وزعت وزارة الخارجية السعودية علي كل أعضاء الوفد صورة تقرير احتوي علي ملخص واف لكل المعلومات المتعلقة بما حدث في اليمن منذ اللحظة الأولي، وقد احتوى علي تفاصيل اغتيال يحيى، والبرقيات التي وردت من عبد الله الوزير إلي الملك عبد العزيز طالباً العون والمساعدة، وتمسك الملك بالحياد بين المتنازعين حتى تصدر الجامعة قرارها في الموقف بأكمله. وبالرغم من الحديث عن المساعدات التي قدمتها السعودية لأحمد من ذخيرة وسلاح ومال فإنه يمكن القول أن المساعدة الفعالة من جانب السعودية تركزت في عاملين اثنين:- الأول :- عرقلة عمل وفد الجامعة العربية عن طريق استدعاء الوفد إلي الرياض، وتأخير وصوله إلي اليمن حتى ينتهي أحمد من القضاء علي الثورة. الثاني :- استغلال نفوذ الملك عبد العزيز علي شوافع اليمن (السنة ) لتجنب انضمامهم إلي جانب الثورة، بالإضافة إلي اكتساب دعمهم لأحمد. أما الحديث عن الأسلحة والمساعدات العسكرية التي تحدثت عنها بعض المصادر، فإنها - إن صحت - لم يكن لها دور في حسم المعركة لصالح أحمد، حيث قامت القبائل المسلحة، التي حركتها دعاية أحمد، بالدور الأكبر في حسم المعركة عسكرياً، بالإضافة لانضمام قطاعات من الجيش النظامي لصالح الأمير أحمد. أما مصر فقد أعلنت الحياد بصفة رسمية، وصرح وزير الخارجية بأن مجلس الوزراء ناقش الحالة في اليمن، وأن الرأي استقر علي أن تقف الحكومة المصرية موقف الحياد مع بذل مساعيها للتوفيق بقدر المستطاع ولكن بالتأكيد كان موقف فاروق مطابقاً لملوك العرب الآخرين، المؤيد لأحمد، وهو الأمر الذي يتضح جلياً من حديث حسين حسني سكرتير الملك فاروق عن أحداث اليمن، ، بل إن تعيين حسين حسني نفسه كممثل لمصر فى وفد الجامعة العربية يوضح موقف الملك فاروق، واهتمامه بالأحداث في اليمن. ويذكر حسين حسني أنه بعد إبحار الطرادة "فاروق" جرت مناقشة بينه وبين عزام باشا بحضور أعضاء الوفد، تناولت الخطة الواجب القيام بها للاتصال بطرفي النزاع، حيث يوجد عبد الله الوزير في صنعاء، بينما أحمد مجهول المكان، وكان رأي عزام أنه من الأفضل التوجه رأساً إلي صنعاء، والتفكير بعدها فيما يمكن عمله للاتصال بالأمير أحمد، وهنا أبدي حسين حسني خشيته من أن تتخذ حكومة الانقلاب من هذا التصرف سبياً للإدعاء بأن الجامعة العربية قد اعترفت بها، وهو الأمر الذي يسئ إلي الأمير أحمد وأنصاره لما ينطوي عليه ذلك من تجاهل لمركزه الشرعي كولي للعهد وهكذا كان موقف أغلب الدول العربية الذي اتسم بالعداء من ثورة اليمن، باستثناء لبنان وسوريا اللتين أبدتا بعض التعاطف مع ثورة اليمن، فقد صرح رئيس وزراء لبنان أنه رأي إمام اليمن الجديد في موسم الحج فأعجب برجولته وحبه للإصلاح، وأن اليمن بدأت في عهده تفتح أبوابها للبعثات العربية ورجال الصحافة، وأبدي أسفه لظروف وفاة يحيى ونوه بفضله في منع التدخل الأجنبي في بلاده وفي الوقت الذي كانت فيه دول الجامعة العربية تتخذ هذا الموقف العدائي من الثورة في اليمن كانت الثورة تعتمد أساسا على جامعة الدول العربية، واستصراخ الدول العربية في تقديم الدعم لها لمواجهة سيل القبائل الزاحفة علي صنعاء دون جدوى، بعد أن رفعت هذه الدول ظاهريا راية التمسك بالحياد بين الطرفين، حتى يذهب وفد الجامعة إلي اليمن، وهو الوفد الذي لم يقدر له أن يري اليمن أبداً، بفعل المناورات والمراوغات، وتضييع الوقت من جانب بعض الدول العربية. وقد عبر علي الوزير عن خطأ الاعتماد علي الجامعة العربية بقوله " لقد كانت مصيبة الاطمئنان والثقة بالجامعة من أشد العوامل التي كانت سبباً لتلك النكبة" ولعل الرسالة التي أرسلها الملك عبد الله إلي عزام بعد انتهاء الثورة اليمنية تعبر عن شعور الدول العربية الحقيقي تجاه اليمن، فقد أعرب عبد الله في برقيته عن سروره لانتهاء مسألة اليمن بغير مشقة، وانتهائها برجوع الحق إلي أهله، وأن اليمن الآن بيد إمامه ومن الخير أن تترك تلك البلاد تعمل لنفسها بنفسها، وأن لا يتدخل فيها من هم غرباء عنها سواء من الإخوان المسلمين أو من الآخرين. وقد علق مسئول لبناني علي موقف الدول العربية من أحداث اليمن قائلاً "لو اتحد ملوك العرب في قضية فلسطين كما اتفقوا ضد الأحرار في اليمن ما كان في فلسطين حكومة يهودية" ياترى هل تغيرت مواقف الدول التى تخشى من انتقال عدوى الثورة إليها من ثورات الربيع العربى عن مواقف الدول العربية التى عملت جاهدة على إجهاض ثورة اليمن 1948؟ وهل مايحدث فى مصر الآن بعيد عن كل ذلك ؟ أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]