مسئولون: أزمة السولار مفتعلة والأيادى الخفية مازالت تعبث بأمن البلد مدير تموين الجيزة: رغبة السائقين فى رفع الأجرة السبب الحقيقى لإضراب السائقين مواطنون: السائقون يطلبون رفع الأجرة لإنهاء الإضراب منذ قيام الثورة، وعلى مدى أكثر من عامين، تعيش مصر مجموعة أزمات متصلة لا تنتهى، وأكثر هذه الأزمات نقص السولار الذى يعنى نقصه وقف الحركة تمامًا فى الشوارع والطرقات، لأنه الوقود الذى تسير به الميكروباصات وسيارات النقل، التى تنقل بدورها المواطنين والبضائع. نقص السولار أصبح يعنى وقف الحركة في البلد، ويعنى شللًا مروريًا رهيبًا يكون له تداعيات خطيرة، ونقص السولار أزمة أصبحت تظهر كل فترة، وسط اتهامات متبادلة من كافة أطراف الأزمة، فوزارتا البترول والتموين تؤكدان أن الحصص والمقررات المطلوبة متوفرة، وأن هناك مافيا سوق سوداء تهرب هذه الكميات، والسائقون على أرض الواقع يقفون فى طوابير طويلة تستغرق ساعات حتى يتمكنوا من تموين سيارتهم بعدة لترات، والمواطن العادى فى النهاية هو الذى يدفع الثمن. بدأت "المصريون" جولتها بمواقف الميكروباص العامة لتتفقد أحوال سائقي الميكروباص, وكذا المواطنين وما آلت إليه هذه المواقف نتيجة استمرار الاعتصام ورصد أبعاد الأزمة. بموقف "عبود"، والذي يعتبر أكبر وأهم المواقف العامة بمصر يقف به المئات من الميكروباصات، والتي تنقل بدورها آلاف من المواطنين يوميًا من وإلى القاهرة. يقول محمد عبد الهادي صاحب ميكروباص وأحد السائقين المضربين عن نقل الركاب قام كل سائقي الميكروباصات بالإضراب وقطع الطرق احتجاجًا على أزمة السولار وعدم توافر السولار بكل محطات الوقود, وهو ما أصاب كل السائقين بالإحباط بعد أن وجدوا أن شكواهم للمسئولين صارت في مهب الريح, وفشلت استغاثاتهم فقرروا الدخول في إضراب عن العمل ليعرف الجميع مدى المعاناة التي يعانيها سائقو الميكروباص من أجل الحصول على لقمة العيش. ويقول عبد الصمد أيوب سائق إن اعتصام سائقي الميكروباص رسالة وجهها السائقون لكل المسئولين لسرعة التدخل وتوفير السولار والبنزين, وإلا سيستمر السائقون في التصعيد حتى تنتهي الأزمة التي باتت تشكل عبئًا واضحًا على كاهل السائقين. ويرى محمد حسنين عامل بالموقف أن إضراب السائقين هو أفضل وسيلة بعد زيادة حدة أزمة السولار، وتحميل رجال المرور لهم الكثير من الغرامات ظلمًا وزورًا - على حد وصفه-. نتيجة إضراب السائقين حدثت عديد من المشادات الكلامية بين السائقين والركاب الذين أعلنوا عن رفضهم لاعتصام السائقين، مؤكدين أن ما يحدث يصيب البلد بشلل مروري وتكدس، ومن ثم يفتح الباب على مصراعيه لأعمال الشغب والعنف والبلطجة. يقول محمد رشوان - موظف شهدت مواقف الميكروباص بالقاهرة حالة غير مسبوقة من الفوضى والزحام، وهو ما أدى إلى وقوع مشادات كلامية وتراشق بالألفاظ بين السائقين المحتجين وأصحاب السيارات الملاكي وكذلك سائقي التاكسي, الأمر الذي أدى إلى تدخل أفراد الأمن في محاولة منهم لفض التشابك والاعتصام وتنظيم المرور, لكن السائقين قابلوا هذا بالرفض التام وصمموا على إضرابهم عن العمل وتعطيل مصالح المواطنين. ويؤكد هاني سيد مدرس أن أزمة السولار هي في حد ذاتها أزمة مفتعلة تظهر من حين إلى آخر، وهي أزمة افتعلها في البداية أصحاب محطات الوقود من الفلول ورموز النظام البائد وأعضاء الحزب الوطني المنحل، كما أن هناك أيادٍ خفية يهمها استمرار الفتن والقلائل والانفلات الأمني وعدم عودة الهدوء والاستقرار إلى البلد مرة أخرى ثم انتشرت إلى باقي المحطات التي قررت احتكار السولار والبنزين بمختلف أنواعه وبيعه بالسوق السوداء بأسعار باهظة. كما شهدت محافظة الجيزة حالة واضحة من الاختناق المروري بعد أن أعلن سائقو موقف المنيب إضرابهم عن العمل لدرجة أن بعضهم قام بقطع الطريق على الركاب ومنعوهم عن ركوب أي وسيلة مواصلات, وكأن الفوضى أصبحت هي السمة الأكثر انتشارًا بمحافظة الجيزة, ورغم تدخل القيادات الأمنية بمديرية أمن الجيزة لاحتواء الأزمة إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل. يقول حسن السيسي سائق بموقف المنيب سائقو موقف المنيب هم أول من دعوا إلى الإضراب وموقف المنيب موقف حيوي جدًا ينقل آلاف من المواطنين يوميًا إلى شتى محافظات مصر, وقام السائقون بتقسيم أنفسهم إلى مجموعات منهم مجموعة قامت بقطع نزلة الطريق الدائري المتجهة إلى شارع البحر الأعظم، وأخرى منعت المواطنين من الدخول للموقف وثالثة منعت سائقين النقل العام من مزاولة عملهم في نقل الركاب، وسنستمر في التصعيد حتى نجد حلولًا جذرية لأزمة السولار. ويضيف أنس محمود سائق أن رفع الأجرة هو الحل حتى يتمكن السائقون من التغلب على أزمة السولار والبنزين بعد ارتفاع أسعارهما بشكل ملحوظ. وتؤكد منى صالح ربة منزل أن سائقي الميكروباص هم سبب كل المشاكل والبلطجة والحوادث، لأن معظم سيارات الميكروباص غير مرخصة وساعدهم على ذلك غياب الرقابة والانفلات الأمني والمواطن المصري هو الضحية وكل يوم تحدث أزمة جديدة لدرجة أن المواطنين أصبحوا خائفين من الخروج من منازلهم، بسبب الظروف الصعبة والأحوال المتردية التي تمر بها مصر. ويتابع محمد تمام عامل بمحطة بنزين أن هناك سائقين افتعلوا أزمة السولار لقيامهم بشراء السولار وبيعة بالسوق السوداء وحرمان زملائهم السائقين من حصتهم في السولار. ولم يختلف الأمر بموقف المرج الذي ينقل الركاب إلى محافظة الإسماعيلية وحي العاشر من رمضان، حيث نظم سائقو الميكروباصات إضرابًا عن العمل، وهو ما أدى إلى توقف حركة السفر المتجهة إلى الإسماعليلية، وتكدس المسافرين على استقلال الأتوبيسات التي لم تستوعب بأعدادها المسافرين، مما أثار غضبهم لدرجة أن بعضهم اعتدى على بعض بالضرب والسب. يقول تامر جنيدي سائق بالموقف نظم السائقون اعتصامًا أمام مبنى محافظة الإسماعيلية احتجاجًا منهم على عدم تطبيق عقوبات لجنة السيرفيس على السائقين، وانعدام الرقابة على خطوط السير، وهذا الإضراب خطوة تصعيديه للإضراب العام بكل محافظات القاهرة نتيجة لعدم تنفيذ الحكومة لتعهداتها بشأن إنهاء حل مشكلة المخالفات المرورية، وعدم تعميم لجنة السرفيس في جميع المحافظات، للقضاء على المواقف العشوائية لتحميل الركاب بين الأقاليم، وحتى يعلم الجميع أهمية سائق الميكروباص ودورة الفعال في تحقيق أمن واستقرار المواطن. أما يوسف حنا سائق تاكسي يؤكد أن الميكروباصات هي سبب كل الأزمات، لأن معظم سائقيها لا يلتزمون بالقواعد العامة للمرور فعلى الرغم من مساهمتها في نقل أعداد كبيرة من المواطنين إلا أنها المصدر الرئيسي للحوادث والزحام أيضًا. أما حسين أحمد سائق تاكسي فيرجع السبب في الأزمة إلى عدم تهيئة الطرق وتزايد عدد المركبات الخاصة بالسرفيس، والتي ترتكب عديدًا من المخالفات المرورية ورجال المرور هم السبب الحقيقي في أزمة سائقي الميكروباص. ويؤكد أمين الطاهر سائق بإحدى سيارات السرفيس أن مهنة القيادة صارت مهنة خطيرة ومجاذفة قد لا تحمد عقباها، لأن الطرق مليئة بالمطبات الصناعية، ومعظم الميكروباصات غير مرخصة وسائقيها غير مؤهلين للقيادة, أو حتى حاصلين على رخصة قيادة ورجال المرور يتعسفون في فرض الغرامات وسحب الرخصة، وأحيانًا يصل الأمر إلى الإهانة. ويوضح خالد ماتع محام أن سبب الأزمة والاختناق المروري يرجع لعدم تطبيق القوانين والسلوك الفوضوي من جانب بعض السائقين وعدم التزامهم بقواعد المرور والزيادة السكانية الواضحة وانعدام الإدارة لعب دور واضح في زيادة حدة التوترات. أما ياسين عبد النبي طالب فيقول: أعاني كل يوم من المواصلات سواء كانت داخل القاهرة أو خارجها إضافة إلى ازدحام الشوارع وأغلب السائقين يستغلون الازدحام الشديد والتكدس ويجبرون الركاب على دفع أجرة مضاعفة، والسبب عدم وجود رقابة على المواقف والعشوائية الواضحة التى باتت تحكم كل المواقف، مما أتاح للسائقين استغلال الركاب, والكارثة أن معظمهم يسير بدون رخصة ومن ثم لا يدخل المواقف الرسمية وكل ذلك يؤدي إلى الازدحام لدرجة أن الانتظار في الممنوع وكسر الإشارات والسرعة الجنونية أصبح أشياء عادية في ظل غياب القانون. ويرى المقدم محمد مصطفى - بالإدارة العامة للمرور - أن التكدس المروري جاء بسبب إضراب سائقي الميكروباص بأهم المواقف الحيوية، كموقف المنيب والعاشر وحلوان والقناطر، ومدينة نصر، وذلك بسبب عدم وجود سولار، وسائقي الميكروباص قاموا بقطع الطرق، الأمر الذي أدى إلى شلل مروري تام بهذه المناطق، لذا تم التنسيق مع جمعيات نقل الركاب، وهيئة النقل العام، لنقل الركاب في بعض المواقف التي أضرب سائقوها وامتنعوا عن نقل المواطنين، كما تم الاتفاق مع شركات البترول لسرعة توفير كميات كبيرة من السولار لهذه المناطق لحل هذه الأزمة. ومن جانبه فقد صرح المهندس أسامة كمال - وزير البترول والثروة المعدنية - بأن الإضراب الذي قام به سائقو الميكروباص، بسبب المخالفات المرورية والكارتة، وليس بسبب أزمة السولار، مؤكدًا أن الوزارة دفعت بعربات سولار بعد تأخر وصولة من البحر الأعظم، وهناك محطات رئيسية ثالثة، وهي مصدر للبترول والتعاون والوطنية، سيضخ لهم مليون لتر سولار لتعمل المحطات على مدار 24 ساعة. ويوضح المهندس محمود حسني - مدير مديرية التموين بمحافظة الجيزة - إن منطقة جنوبالجيزة لا يوجد بها أزمة في المواد البترولية، خاصة السولار والبنزين، والسبب في إضراب السائقين رغبتهم في رفع الأجرة على المواطنين وتحميل المواطنين أعباء مالية إضافية. وطالب حسني وزارة الداخلية بسرعة التدخل والتواجد لمنع مثل هذه الأعمال التي يقوم بها السائقون كنوع من الضغط على المواطنين لرفع الأجرة. ويؤكد الدكتور عادل عامر - رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والخبير بالمعهد الأوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية - أن تدني أداء مستوى العاملين بهيئة النقل، بسبب تدني المقابل المادي من رواتب وحوافز انعكس على مستوى الخدمة والضحية المواطن الذي لجأ إلى الميكروباص، ومع تهالك 45% من أسطول الهيئة من أتوبيسات وميني باصات أصبحت غير صالحة للتشغيل ومطلوب خروجها فورًا من الخدمة، رغم أن أسطول الهيئة يضم 1927 سيارة و75 سيارة تعمل بالغاز الطبيعي وتبلغ ميزانيتها 395 مليون جنيه. ويضيف الدكتور عامر: تعددت شكاوى المواطنين من ممارسات سائقي الميكروباصات، والتي تركزت في سوء معاملتهم للركاب، والتحايل عليهم بإنهاء الرحلة في أي مرحلة من مراحلها بعد الحصول على الأجرة كاملة، فضلًا عن أسلوب بعض السائقين المرعب في قيادة السيارة، فيما يشكو آخرون من عدم احترام سائقي الميكروباص لقواعد المرور، واستغلالهم لنهر الطريق، بالإضافة إلى احتلالهم أماكن بعينها وإغلاق الطرق أمام السيارات الأخرى سواء الخاصة أو التاكسي، وبعض مالكي هذه الميكروباصات يؤجرونها مقابل 100 جنيه يوميًا دون التأكد من أنه حاصل على رخصة قيادة. وللتخلص من مافيا الميكروباص لابد من إدخال أتوبيسات حديثة بدورين مثل الموجودة في لندن والإسكندرية وتوجيه 6 أتوبيسات لكل موقف لخدمة قلب المدينة مرتبطة بالجامعات والمصالح الحكومية وتحقيق الانضباط وتطبيق قانون المرور والالتزام الذي يحكم كل الأمور إلى جانب وجود المسئولين في الميدان للاطلاع على المشكلات وإيجاد الحلول لها إلى جانب أهمية وجود الفكر التخطيطي لأي عمل، وهو ما يساعد على الالتزام من الأفراد والمؤسسات.