أستطيع أن أجزم وكلى ثقة وإطمئنان وشرف - أرجو أن أحظى به - أن أمنح لقب "قاضى الثورة" للسيد المستشار/ صبحى عبدالمجيد قاضى محكمة جنايات بورسيعد والذى أوكل اليه البت فى مجزرة القرن ببورسعيد بعد إصداره لعدة أحكام سوف يسجلها التاريخ بأحرف من نور وسط ظلام دامس بأحكام جائرة خلت من كل عدل أو إنصاف. أستطاع ذلك القاضى الشريف الشجاع فى يوم الشهيد 9 مارس أن يعيد الكرامة والبهجة لقلوب الشهداء وأن يرسم البسمة على وجوههم، بعد أن أثلج صدور أمهات الشهداء وقذف بالفرح فى قلوب المصريين، وأعاد الأمل الى نفوس الثائرين بعدما أزال التراب الكثيف الذى غطى منصة القضاء بعد سلسلة أحكام ببراءات للقتلة والمجرمين للثوار فى كل ميادين المحروسة. تلك الأحكام التى كانت ومازالت جائرة على حقوق الشعب المصرى كله بعدما ضحى بأبنائه المطالبين بالحرية لبلادهم، فاغتالتهم يد الغدر والخسة والنذالة. فقد أنزل ذلك القاضى الشريف الشجاع أشد العقاب بالقتلة والمجرمين المشاركين فى تلك المجزرة الدامية، فكانت أقصى عقوبات حيث حكم بالإعدام على 21 متهماً، والمؤبد لخمسة، والمشدد بخمسة عشرة سنة لعشرة من المتهمين من بينهم قياديين من الداخلية بينما تم تبرئة ساحة ثمانية وعشرين من المتهمين من بينهم سبعة من الداخلية. وجميل تلك الأحكام ليست لقسوتها وشدتها فقط بل لأنها أعادت التوازن لميزان العدالة الذى إختل بعد إخفاقات بأحكام جائرة وإن ظلت قانونية، ولتكون رادعاً لمن تسول له نفسه أن يهدر دماً مصرياً، ولقيامه بإنهاء المسلسل الهزلى العبثى ببراءة القتلة والمجرمين بعد أن أعلن إنتهاء موسم أوكازيون البراءة للجميع. إستطاع هذا القاضى العظيم إجتياز حاجز العجز الذى وقف أمامه كثيراً كثير من القضاة، فكانوا أسرى لقوانين ومواد ونصوص عفا عليها الزمن ظلت قاصرة عن إعادة الحق للمظلوم بل كانت نصرة للظالم، فى ظل قيودها التى أوجبت أن تشكل عقيدة القاضى طبقاً للأوراق والمستندات - إن وجدت - فإن أخفيت أو طمست أو فرمت فقد أعدم أركان القضية فتتحول الى أنقاض لا تقيم حائطاً للعدالة بين الناس. وموقعة الجمل ليست ببعيد، حيث شهد تلك المجزرة العالم بأسره بعد نقلها على الهواء مباشرة، غير أن ذلك لم يعدو غير تسلية للمشاهدين دون إعتبارها دليلاً أو قرينة لإدانة الجانى، وقد كانت كفيلة بأن تكون خير دليل وبرهان على الجريمة لكنها تحولت الى دليل براءة للجانى فكانت مدعاة للتندر والسخرية، وغيرها كثير من قضايا قتل الثوار الذى خرج منها الجانى بوسام ونوط الشجاعة على ما إقترفته يداه فى حق الوطن. لقد طالبت مراراً و تكراراً بأن يعاد النظر فى النصوص والمواد والقوانين الجامدة، لتراجع وتصحح ويعاد تقييمها وتقويمها لتكون فى صالح إقامة العدالة لا لإهدارها، ، فكمً من القتلة والمجرمين يغيرون مجرى العدالة بالتحايل على تلك النصوص والمواد بإيجاد قصوراً فى الأوراق والأدلة أو إخفائها، وإن أشرف على ذلك بعضاً من رجال القانون ممن إحترفوا إستخدام الثغرات ونقاط الضعف فى تلك المواد والنصوص و القوانين. لابد وأن يعاد النظر فى قواعد تشكيل عقيدة القاضى بحيث تكون للمجنى عليه لا ضده. قد تكون تلك الأحكام سبباً فى إعادة الأمن المفقود فى الشارع المصرى لكونه إنذاراً شديد اللهجة لكل من تسول له نفسه أن يعبث بأمن البلاد وأمانه. أربأ بأهلنا فى بورسعيد أن يأخذوا تلك الأحكام بشكل شخصى ضدهم، فالعدالة يقع تحت طائلتها طرفين الجانى والمجنى عليه، والقصاص للمجنى عليه هو حفاظ على وللمجتمع كله، فاليوم أنت حزين على قريب لك فى "خانة الجانى" وغداً تبدل المواقع. أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]