طالعنا جميعا ما حكم به القضاء الإدارى من وقف الإنتخابات البرلمانية وإحالة قانون الإنتخابات إلى المحكمة الدستورية العليا ثانية للبت في مدى دستوريته ... وهذا الحكم يذكرنا بحكم المحكمة الدستورية العليا الشهير قبل الإنتخابات الرئاسية بحل مجلس الشعب آنذاك ,, ثم رفضها أيضا لقرار الرئيس محمد مرسي بعودة مجلس الشعب للإنعقاد فى يوليو 2012 ,, ويذكرنا بكلام السيد الرئيس عن المؤامرة الشهيرة التى كانت تدبر بليل وكان القضاء رأس حربتها حيث كان من المزمع إصدار أحكام قضائية سياسية من شأنها أن تذهب بالثورة تماما ,,وهى : حل الجمعية التأسيسية للدستور وحل مجلس الشورى و إلغاء الإعلان الدستورى المكمل الذى أصدره الرئيس محمد مرسي فى 12 أغسطس 2012 ,, بما يعنى عودة العمل بالإعلان الدستورى الذى أصدره المجلس العسكرى عشية الإنتخابات الرئاسية ,, والذى يعنى , عودة المجلس العسكرى بجميع هيئته وتشكيله وصلاحياته ,,,, (فقطع عليهم الرئيس الطريق بالإعلان الدستورى الصادر فى نوفمبر 2012 ) ,, وهذا الحكم التاريخى يذكرنا برفض القضاء فى 2011 للطعن على دعوة المجلس العسكرى للإنتخابات لإعتبار الدعوة عمل من أعمال السيادة لا يجوز الطعن عليها ,,, ويذكرنا ويذكرنا ,,, مما تقدم .. رأيت من الواجب أن نقف وقفة مع القضاء تعريفا وتاريخا وحالا ... فالقضاء لغة : : يطلق على معانٍ ثمانية أهمها : الحكم : بمعنى المنع ، ومنه سمي القاضي حاكماً لمنعه الظالم من ظلمه ، ومنه : قوله تعالى : " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً " أي : حكم وأوجب . . واصطلاحا : تعاريف كثيرة أقربها وأبسطها ** الإخبار بالحكم على سبيل الإلزام ** ومنها ** إقامة العدل من خلال تطبيق القانون ** وتاريخ القضاء فى مصر حقا مشرف ,,,,, - فمنذ الفتح الإسلامى لمصروحتى نهاية الخلافة العثمانية ضرب القضاء أروع النماذج والقدوات لنزاهتة واستقلاله عن سيف المعز وذهبه ,, وكانت المحاكم الشرعية هى الهيئة القضائية الأساسية إلى أن جاءت الحملة الفرنسية الى مصر وبدأ نابيلون بضرب المحاكم الشرعية ,, وأكملت أسرة محمد على تهميشها,, بإنشاء المحاكم المختلطة ثم الأهلية ,, ,, - ثم أواخر أسرة محمد على ,, حيث كان دستور 1923 والذى اعتبر القضاء أحد سلطات الدولة وقرر في فصله الرابع أن «القضاة مستقلون، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، وليس لأية سلطة في الحكومة التدخل في القضايا». ثم كان إنشاء محكمة النقض 1931 ثم إلغاء المحاكم القنصلية 1937 ثم تأسيس نادى القضاة 1939 والذى كان هدفه الحقيقى ترسيخ مبدأ استقلال القضاء وإلغاء المحاكم المختلطة ,, ثم كان إصدار أول قانون لإستقلال القضاء 1943 ثم إنشاء مجلس الدولة المصرى 1946 ثم إلغاء المحاكم المختلطة 1949 وإنشاء محكمة الإستئناف - ثم كانت ثورة يوليو 1952وعهد عبد الناصرالذى كان عنوانه مع القضاة سيف المعز لا ذهبه ,, والذى اعتمد على زرع تنظيمات سرية داخل المؤسسات تعمل على نقل الأخبار بما يمكنه من خضوع تلك المؤسسات له ,, ولم يفرق فى هذا بين القضاء وغيره,, وكانت تلك الفترة من الفترات العصيبة والمظلمة فى تاريخ القضاء المصرى,,, بدأ بمذبحة القضاة الأولى 1954 حيث دفع عبد الناصر بعمال النقل العام فى مشهد تمثيلى ثورى ضد السنهورى باشا هاتفين ,, تحيا الديكتاتورية وتسقط الديموقراطية ,, وفى تلك التظاهرات يضرب السنهورى باشا ,, ويحل عبد الناصر مجلس الدولة ويعيد تشكيله من جديد لأن السنهوري باشا لغى بعض القرارات التى أصدرها جمال عبد الناصر بإعتباره رئيسا للوزراء وانحاز الى محمد نجيب فى خلافه مع عبد الناصر ,, ثم أنشأ محاكم أمن الدولة (طوارئ) 1958 ثم أنشأ المحاكم العسكرية 1966 إلى أن جاءت مذبحة القضاة الثانية 1969 على إثر فوز قائمة المرشحين الأحراربقيادة يحيى الرفاعى فى انتخابات نادى القضاة وخسارة مرشحى السلطة (التنظيم الطليعى داخل القضاء ) بقيادة محمد أبو نصير ما دفع عبد الناصر إلى إعادة تشكيل الهيئات القضائية مما أسفر عن عزل حوالى مائتى قاضى من بينهم رئيس محكمة النقض - ثم كان عهد السادات الذى استفاد كثيرا من تجربة عبد الناصر مع القضاة فاعتمد طريقة ذهب المعز لا سيفه حيث أعاد القضاة المقالين وكرمهم وقربهم ..وأصدر دستور 1971 الذى نص على إنشاء المحكمة الدستورية العليا ,,, واستمر هذا الحال من الهدؤ والتقارب حتى 1980 حين أصدر السادات محاكم أمن الدولة العادية ومحكمة القيم ,, - ثم كان عصر مبارك والذى استفاد جدا بتجارب من سبقوه فى التعامل مع القضاة فكانت فترة الهدنة معهم حتى أحداث القضاة 2005-2006 والتى كانت عبارة عن حالة رفض لتيار من القضاة عرف بتيار الإستقلال لتزوير الإنتخابات البرلمانية فى 2005 رافضين بصورة عامة ترقيع الدستور بما يخدم التوريث لجمال مبارك ومطالبين بما جاء فى «مؤتمر العدالة الأول» 1986 بتحرير السلطة القضائية مِن الهيمنة الإدارية والمالية للسلطة التنفيذيَّة، ونقل تبعية التفتيش القضائي وصندوق الرعاية الصحية من وزارة العدل إلى مجلس القضاء الأعلى، وتخصيص موازنة مالية منفصلة للقضاة وعدم ندب القضاة لجهات حكومية كمستشارين قانونيين، بما يحقق استقلالية عالية للقضاء بما يخدم العدالة وينأى بالقاضى عن التأثر بذهب المعز ليكن حقا كلمة الله فى الأرض - ثم جاءت ثورة25 يناير وما تلاها من أحداث ليبرز دور القضاة أكثر,, ويحكمون بأحكام قضائية ملفتة للنظر تصب فى معظمها فى إتجاه هدم المؤسسات الجديدة الوليدة بعد الثورة ,, بما يخدم مصالح معسكر الثورة المضادة ,, وبما يمثل أملا لأركان النظام البائد للعودة من جديد ... وتضعنا تلك اللمحة التاريخية أمام مجموعة من الحقائق ( من وجهة نظرى ) ,,, وتثير عددا من التساؤلات,,,,,,,,,, 1-أن مبدأ الفصل بين السلطة القضائية والتنفيذية أبدا لم يتحقق ولطالما أوجد الحكام منطقة تداخل بينهما تصغر حينا وتكبر أحيانا كثيرة . 2- أن القضاة شريحة من شرائح المجتمع تصلح بصلاحه وتفسد بفساده .يستغلون كما غيرهم من قبل الحاكم الظالم لتوطيد حكمه والقضاء على خصومه وتمرير سياساته .. منهم الرجل بألف رجل ك : ممتاز نصار و يحيى الرفاعى والأخوين مكى وزكريا عبد العزيز والبسطويسى وجنينة و شرابى وقضاة من أجل مصر .. ومنهم غير ذلك ك: محمد أبو نصير ومرعى والزند والجبالى وقضاة من أجل الثورة المضادة . 3- إن نظام مبارك بما جمع من صنوف الفساد من رشوة ومحسوبية وطبقية قد أصاب كل الجسد المصرى ولم يترك عضوا واحدا سليما ,, بما فى ذلك القضاء . 4- أن أسطورة ** القضاء الشامخ ** تعرضت لزلزال بقوة 10 ريختر . 5- أن القضاة فى مجموعهم عظام وعالى الهامة ونزهاء إلا من مجموعة صغيرة ساسها المال والكرسي ,, وأعماها الحقد والحسد ,, وأمالت ميزان العدل بيدها ,, وهؤلاء من نتمنى زوالهم ,,وندعوا القضاة المحترمين الى تطهير مؤسستهم المحترمة منهم . 6- أن دعوى عدم جواز التعليق على أحكام القضاء باتت من الماضى والسؤال الآن ........ 1- هل الأحكام التى صدرت وتصدر وستصدر من نوع الأحكام المذكورة عاليه حقا ,,,,, غير مسيسة !!!!!! ؟؟؟ 2- هل الرئيس مرسي فعلا يتغول على السلطة القضائية ؟ أم أن العكس هو صحيح ؟؟؟؟ أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]