منذ أن تولى الرئيس محمد مرسى حكم البلاد بداية يوليو2012 الماضي، والحديث عن أخونة الدولة ومحاولات الجماعة الإخوان المسلمين الحثيثة والمستمرة للاستحواذ والهيمنة على مفاصل الدولة بالحق والباطل لا ينقطع عبر وسائل الإعلام المختلفة، وفي منتديات ولقاءات النخبة الليبرالية والمعارضة لكل ما يمت بصلة لمجرد اسم التيار الإسلامي وليس فقط جماعة الإخوان المسلمين, والملفت أن اتهامات الأخونة يتم توصيفها وتصويرها إعلاميًا على أنها جريمة جنائية تتوجب معاقبة المتأخونين إن صح التعبير حتى أن البعض تحدث صراحة عن 13 ألف وظيفة ومنصب قيادي في الدولة من نصيب جماعة الإخوان المسلمين ولا أدري كيف تم حصر هذا الرقم؟!. أعلم أن الحديث عن الهيمنة والاستحواذ ليس بجديد حيث بدأ منذ حصول حزب الحرية والعدالة(ذراع الإخوان السياسية) على أكثرية مقاعد أول برلمان لثورة25 يناير مطلع عام 2012 لكن الحديث عن الأخونة بشكل صريح انتشر كالنار في الهشيم بعد تولي الرئيس مرسي الحكم يوليو2012 والغريب أنه مع استهجان واستنكار النخبة الليبرالية ومعارضي الرئيس والإخوان لمبدأ الأخونة أصلًا يتم إلقاء المسؤولية الكاملة لأي إخفاق أو فشل على الرئيس دون أن يتم الاعتماد على فريق عمل منسجم ومتوافق مع أفكاره أو سياساته وكأنه سيعمل بمفرده ثم يُحاسب على الجمل بما حمل ما من شأنه أن يطرح تساؤلًا مهمًا: هل من المنطقي والإنصاف أن يعمل الرئيس مع فريق عمل مناهض له ويريد إعاقته وربما إفشاله ثم نطالب بعد ذلك بتحمله المسؤولية الكاملة دون غيره؟! كمن طالب بالضبط بكل صلف وتبجح أن يتنازل مرسى عن الاستمرار في السباق الرئاسي لصالح المرشح الخاسر حمدين صباحي بعد تفوقه ووصوله لمرحلة الإعادة في الجولة الأولى للانتخابات !! وكأنه حق أن ينجح هو ويتولى غيره المسؤولية بحجة التوافق الوهمي!!, ذلك أن ينبغي أن نؤكد على معيار الكفاءة والخبرة بغض النظر عن الانتماء الحزبي أو الأيديولوجي وليتحمل الرئيس مسؤولية ذلك الاختيار أمام شعبه. حينما يتحدث البعض عن ضرورة التوافق وإدارة البلاد يربطها دائمًا بضرورة عدم الاستحواذ والهيمنة للحزب الحاكم رغم حصوله على الأغلبية أو الأكثرية القانونية الشرعية التي تؤهله أخلاقيًا، وعبر آليات الديمقراطية أيضًا لتحمل المسؤولية بمفرده طالما حاز على ثقة الجماهير وإلاّ كيف نحاسبه على أدائه وسياسات لم يكن مسؤولًا عنها وحده ويصبح كبش فداء؟! أم نتحدث عن ديمقراطية على المزاج وعلى حسب الهوى لم نسمع بها من قبل في أعتى ديمقراطيات العالم المتحضر؟! في أمريكا عندما يحكم الحزب الديمقراطي يتحمل كامل المسؤولية مع فريق عمله من الديمقراطيين، ولا نسمع الحزب المنافس الشرس يتكلم عن ضرورة التوافق وتشكيل حكومة ائتلافية والدخول في تحالفات أو حكومة وفاق وطني، وما إلى ذلك من المصطلحات المصرية الفريدة الخالصة التي ابتدعتها نخبتنا الليبرالية المعارضة ما يجعلنا نطرح تساؤلًا مهمًا وخطيرًا في ذات الوقت وهو: ماذا لو حصل التيار الليبرالي على الأغلبية القانونية التي تؤهله بتشكيل الحكومة وتحمل المسؤولية, هل سيقبلون بحكومة وفاق وطني من كافة التيارات بما فيها التيار الإسلامي؟! أم سيطبقون الديمقراطية المتعارف عليها حرفيًا؟!. أزعم أن النخبة الليبرالية بكافة أطيافها المختلفة من يسار ويمين علمانيين ورأسماليين واشتراكيين وماركسيين وشيوعيين تعانى جميعها من الإخوانوفوبيا أو فوبيا الإخوان والأخونة على طريقة الإسلاموفوبيا التى تعانيها الحضارة الغربية في مواجهة الإسلام وهذا هو محل اتفاق وإجماع لدرجة أن ادّعى أحد أعضاء حركة6 إبريل أن جون كيري وزير الخارجية الأمريكي رجل الإخوان في أمريكا, وما إن يتوافق أي شخص من خارج التيار الإسلامي ومحسوب على التيار الليبرالي أوالمدني مع بعض توجهات سياسات الرئيس يكون الاتهام الجاهز بالعمالة للإخوان ويفقد قيمته وقامته واحترامه فالإخواني بنظرهم متهم دائمًا ومدان دائمًا ومشكوك به دائمًا ومن المغضوب عليهم والضالين أما إذا انشق عن الإخوان وأعلن توبته أصبح من الأبطال المناضلين والمحترمين ورضي الله عنه وتقبله في جنة النعيم, حيث إنه بمقدورنا أن نقول أن مصطلح الأخونة مرادف لأسلمة الدولة التى يتخوفون منها في الداخل والخارج ذلك أن كره الإخوان المسلمين عند الكثيرين صار أكبر من حب الوطن، حيث صار مصطلح الأخونة ابتزازًا رخيصًا للرئيس على حساب مصلحة البلاد. رضا حمودة[email protected].