السلفيون: الإخوان مصرون على إقصائنا من القرارات السياسية د.وحيد عبد المجيد: الخلاف ليس وليد اللحظة وإيران السبب فى التفرقة بين التيارات الإسلامية فى مصر د. عادل عبد المقصود: لا توجد خلافات جوهرية بين الإخوان والسلفيين د. يونس مخيون: جماعة الإخوان تحاول إقصاء جميع الأطياف السياسية مما يزيد من حالة الاحتقان فى الشارع السياسى ضدها وحزب النور لا يحتاج للتحالف مع أى تيار الشيخ محمد حجاج: الخلافات تضعف التيارات الإسلامية وتعطى فرصة كبيرة للتيارات الليبرالية أن تقوى وتسحب أرضية الشارع السياسى من تحت أقدم التيار الإسلامى وهذا خطر كبير الخلاف بين حزب النور السلفى، وجماعة الإخوان المسلمين أصبح محل اهتمام كثير من الدوائر السياسية خارج مصر، فكلاهما ينتمى للتيار الإسلامى، وهما أكبر قوتين لهما وزن جماهيري فى الشارع، وحققا فى الانتخابات البرلمانية السابقة أغلبية غير مسبوقة، ولذا فإن الخلاف بينهما يختلف عن أى خلاف بين أى قوى سياسية أخرى، فهما الأضخم والأكبر والأقوى، والصراع بينهما قد يرمى بآثاره على المشهد السياسى المصرى، وقد يؤثر بشكل مباشر على الشارع المصرى فى ظل حالة احتقان شديدة. يقول الدكتور وحيد عبد المجيد - الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية - إن التحالف بين الإخوان المسلمين وحزب النور قد انهار بالفعل بعدما رفضت الجماعة مبادرة الإنقاذ التى أطلقها السلفيون، وبعدما رد هؤلاء باتهامهم الجماعة بأخونة الدولة وإقصاء المعارضين والتقارب مع شيعة إيران الذين يسبون الصحابة وزوجات الرسول، ومن هنا ظهرت ملامح هذا الانهيار بوضوح بين أكبر جناحين في التيار الإسلامى، وخاصة بعد انضمام السلفيين إلى صفوف المعارض الليبرالية متهمة جماعة الإخوان المسلمين، والرئيس مرسى بإقصاء المعارضة والسعى لأخونة الدولة، وزادت زيارة الرئيس الإيرانى والحفاوة التى استقبلها به الإخوان هوة الخلافات بين الجانبين فى ظل رفض التيار السلفى لتلك الزيارة، بالإضافة إلى رفضه أى تقارب مع إيران الشيعية على حساب مصالح مصر مع دول الخليج العربي والثورة السورية، أو قيم مصر قلب السنة. ويضاف إلى تلك الخلافات بين السلفيين والإخوان مع تشكيل حكومة الدكتور هشام قنديل، في نهاية أغسطس الماضي، عندما جرى إقصاء السلفيين منها، ثم اتسعت الهوة مع صياغة الدستور، وظهر تباينًا واضحًا في وجهات النظر بين الجانبين، في ما يخص التعاطي مع الشريعة الإسلامية، وشكلت ضغوط السلفيين على الإخوان عاملًا مهمًا في الصياغة النهائية للمواد، ومنها المادة 220 الخاصة بتفسير مبادئ الشريعة الإسلامية، ما جعل نادر بكار أحد رموز التيار السلفي، يخرج عن دبلوماسيته المعهودة في التعامل مع الإخوان، متهمًا الجماعة ولأول مرة بأخونة الدولة، وإقصاء المعارضة من المناصب، معتبرًا أن ذلك هو السبب الرئيسي في حالة الاحتقان السياسي التي تعاني منها مصر، وهي مصطلحات سياسية دأبت المعارضة الليبرالية على استخدامها في مواجهة الرئيس مرسي والإخوان. ويقول الدكتور إبراهيم نصر الدين - أستاذ النظم السياسية بمعهد البحوث -: من الطبيعي أن لكل فصيل رؤية وتصورًا فيما يتعلق بالقضايا الكبرى وما يتواءم مع حركته أو فصيله هذا، وبالإضافة إلى مزيد من التداعيات والآثار الكبيرة بين الإخوان والسلفيين، وأيضًا مسألة صياغة الدستور الجديد وتشكيل الحكومة بعد انتخابات الرئيس، حيث إن كل هذه القضايا السالفة الذكر ستكون محل خلاف وجدل بين أكثر من طرف أطراف اللعبة السياسية خاصة الإخوان والسلفيين، هذا بالإضافة إلى أن هناك خلافات ظهرت مؤخرًا حول الأوليات التي يجب أن تطرح في البرلمان ومن الممكن تحدث اتفاقات بين الطرفين في بعض القضايا. يؤكد الدكتور عادل عبد المقصود - رئيس حزب الأصالة السلفي السابق - أن السلفيين في مصر فصائل وتنويعات مختلفة ومن الطبيعي أن تحدث خلافات بين أي فصيل من هذه الفصائل وبين جماعة الإخوان المسلمين خاصة أن هذا التيار حديث العهد بالدخول في معترك السياسة لكن في العموم لا توجد خلافات جوهرية بين السلفيين والإخوان وخاصة في البرلمان فنحن نتعاون جميعًا في وضع القوانين المتعلقة بحياة المواطن المصري، محذرًا من حالة الانقسام السياسي في الشارع المصري على الأمن القومي نظر الشق الصف الوطني في ظل تبادل الاتهامات بين مختلف القوى السياسية بحثًا عن مصالح حزبية ضيقة دون وضع المصلحة العليا للبلاد في الاعتبار، مما يفتح الباب أمام العاملين على العبث بالأمن القومي داخليًا وخارجيًا، خصوصًا في سيناء التي تقع بين مطرقة إسرائيل وسندان الجماعات الجهادية المتطرفة، مؤكدًا خشيته من تغيب القانون على غرار الصراع الدائر بين الرئاسة والقوى الرافضة للإعلان الدستوري وأيضًا بين المحكمة الدستورية والقوانين والشورى من جهة أخرى، لأن ذلك سينتقل لا محالة من الشأن السياسي إلى الخلاف بين الأفراد ورفض أحكام القضاء، وهذه بداية الفوضى التي لا يعلمها إلا الله. ويقول الدكتور سعد أبو عامود - أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان - إن الخلاف بين الإخوان والسلفيين خلاف تاريخي، وليس وليد اللحظة، فمثلا الإخوان كانوا قريبين من ميدان التحرير في بداية الثورة المصرية في حين كان السلفيون أقرب إلى النظام، وكانوا يعتبرون المظاهرات خروجًا عن الحاكم لا يجوز، ووصل بهم الأمر إلى أن الانتخابات نفسها مخالفة للشرع، وبعد الثورة تغيرت المفاهيم لديهم واستخرجوا لأنفسهم فتاوى شرعية بجواز الدخول في المعركة الانتخابية عن طريق فتاوى ياسر برهامي. ويؤكد "أبو عامود" أنه بعد وصول السلفيين في البرلمان تحالف معهم الإخوان لتكوين الأغلبية، واستعانوا بهم في السيطرة على الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، ثم حدث الانقسام بينهم وبين الإخوان في كثير من المواقف بعد حدوث الصدام بين المجلس العسكري والإخوان، حيث كان السلفيون أقرب للمجلس العسكري من الإخوان في الفترة الأخيرة خاصة حينما شعر السلفيون بأن الإخوان يريدون السيطرة على كل مفاصل الدولة والإخوان المسلمين يؤكدون على وسطية إسلامهم وتميزهم عن السلفيين. ومن جانب آخر تقول منار الشوربجي - أستاذ مساعد بكلية العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية - إن هناك فجوة كبيرة عميقة ما بين الإخوان والسلفيين في ما يخص التعاطي مع الإسلام، فلكليهما تفسيرات لنصوص القرآن وتأويلات لأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - مختلفة عن الآخر، فضلًا عن خلافات كبيرة ما بين مرجعيتهما الفقهية، مشيرًا إلى مابين الطرفين توافق سياسي يقترب أحيانًا، ويتباعد أحيانًا بحسب مصالح كل منهما مضيفا أن الإخوان ترى أن التحالف السياسي مع السلفيين شر لابد منه لاسيما أن السلفيين معروف عنهم التشدد بما يساهم في تكثيف طموحات الإخوان السياسية داخليًا وخارجيًا، لافتًا إلى أن الانتخابات عادة ما تفرق بين الجانبين ويخوض كل طرف منهما الانتخابات منفردًا بل أحيانًا يكونون متنافسين لكن المحصلة النهائية تكون في مصلحة الإخوان، حيث إن السلفيين أعلنوا غضبهم من إقصائهم من تشكيل الحكومة، وأن الإخوان تسعى للانفراد بالسلطة، فسارعوا إلى تلطيف الأجواء، وتعيين بعض رموزهم في الهيئة الاستشارية الرئاسية لكن تلك المناصب الشرفية لم تكن لتلبي طموحات السلفيين. ومن ناحية أخرى أعلن الدكتور يونس مخيون - رئيس حزب النور - أن المبادرة التي تقدم بها السلفيون تهدف إلى إيجاد مخرج سياسي من الأزمة الحالية التي تكاد تعصف بمصر كلها وخاصة بعد قبول جبهة الإنقاذ للمبادرة، وأنه كانت هذه المبادرة ليست من أجل الانتخابات أو التحالف مع أي حزب سياسي لا يؤمن بالمرجعية الإسلامية للدولة، وأن اتهامات السلفيين للإخوان بالسعي لأخونة الدولة ليست جديدة، وسبق أن وجهها قيادات حزب النور للإخوان مباشرة في أكثر من مرة، ولكن الجديد أنها طفت على السطح إعلاميًا بالتزامن مع إعلان مبادرة الإنقاذ، وأكد أن جماعة الإخوان تحاول إقصاء جميع الأطياف السياسية مما يزيد من حالة الاحتقان في الشارع السياسي ضدها، وأن حزب النور ليس محتاجًا لتحالف مع أي تيار أو فصيل سياسي هو قادر على أن يخوض معركة الانتخابات بمفرده هذا وبالإضافة إلى أنه يجب تنفيذ مطالبنا، وهي إقالة حكومة قنديل والنائب العام غير الدستوري، مشيرًا إلى أن جماعة الإخوان المسلمين هيمنت على مفاصل الدولة، فأي منصب تنفيذي يخلو تحاول الجماعة الدفع بأحد كوادرهم فيه، ويتضح ذلك جليًا في وزارة الأوقاف والمحافظين ونوابهم، وكذلك في الإدارات المحلية والتعليم، وأضاف مخيون: أنصحهم بألا يستمروا في هيمنتهم، لأن ذلك استعدى عليهم قطاعات كبيرة من المجتمع، وهذا تفكير خطأ، وسيخسرون الجميع ، مؤكدًا أن أي حزب لابد أن ينظر إلى المستقبل، لأن سنة الله الكونية تقضي بالتغيير، ولن يظل حزب في الحكم مدى الحياة، متسائلًا: لو كسبتَ جميع مفاصل الدولة وخسرتَ المصداقية عند الناس، فماذا استفدت؟. وفي السياق ذاته يقول قدري سعيد - رئيس وحدة الدراسات الأمنية بمركز الدراسات - إن من أكثر المصادر التي تهدد الأمن القومي المصري هو التبعية السياسية الكاملة للخارج، وتحديدًا للولايات المتحدةالأمريكية ومنذ انصياع القيادة المصرية للمشيئة الأمريكية أصبحت مصر، وليس رئيسها فقط كنزًا استراتيجيًا لتلك الإمبراطورية وبالتالي كنز لإسرائيل أيضًا، ولم تكن مهمة القيادة السياسية الحفاظ على مصالح مصر وأمنها بل العكس أن مصر كلها مكرسة للحفاظ على أمن أمريكا وإسرائيل على حساب الإهدار الكامل للأمن القومي المصري ومصالح شعب، وبدون الإرادة الوطنية الحرة لا يمكن بحال تحديد العدو الحقيقي ليس التحالفات المعارضة ضد تحالفات القوى الإسلامية التي ضعفت في الفترة الأخيرة بل لك العدو الحقيقي هو العدو الخارجي التي يهدد الأمن القومي إذا فشلت القوى الإسلامية في التحالف، حيث إن ذلك العدو يسيطر على الإرادة الوطنية. ويقول الشيخ محمد حجاج - عضو مجلس أمناء السلفية - إن التحالفات الإسلامية منذ قيام الثورة هي من أكبر التحالفات وأقواها ولكن عندما قرر السلفيون الوقوف إلى جوار الإخوان، والوصول بالبلد إلى بر الأمان والمشاركة في صنع القرار، وكانت هذه التحالفات الوحيدة التي تستطيع الوقوف أمام المعارضة، ومن الذين يريدون تخريب البلد، ولكن بعد وصول الإخوان إلى الحكم اعتقدوا أنهم يستطيعون إدارة الحكم بمفردهم ومن هنا بدأت الاختلافات الكثيرة التي كنا نسكت عنها حتى تسير المركب ولكن في النهاية كشرت الجماعة عن أنيابها وقررت إقصاءنا عما يحدث وإبعادنا نهائيًا، وفسروا عدم أخذنا أي موقف طوال هذه الفترة مجرد ضعف. وأشار حجاج إلى أن كل هذه الخلافات من شانها ضعف التحالفات ومن ثم ضعف التيارات الإسلامية، وفي المقابل تعطي فرصة كبيرة للتيارات الليبرالية أن تقوى، وتسحب أرضية الشارع السياسي من تحت قدم التيار الإسلامي، وهذا خطره أكبر على الشارع السياسي لما سيشهده من تقلبات وتخبط في القرارات السياسية التي ستأتي تحت ضغط الانفعال، والتي في الغالب لا تكون في مصلحة الوطن الذي نعمل من أجله، ولذلك أني أرجح في الفترة القادمة أن كل الإسلاميين سيعودون إلى رشدهم حتى نحافظ على الأمن المصري ضد أي تدخل خارجي الذي ينتظر فرصة ضعف التحالفات الإسلامية، ويحاول زيادة تفكيكها، لأن من مصلحته أن تبقى مصر في خلافات ووصول التيار الليبرالي إلى الحكم لتنفيذ أجنداته.