عبد الحميد شحاتة: الترويج الإعلامى المكثف يؤدى إلى سرطنة الجريمة فكرة المشروع تعتمد على تغير شعار "الشعب يريد" إلى "الشعب يستطيع" أستاذ اقتصاد: الفكرة تخلق مصدرًا جديدًا لتنمية موارد الدولة من خلال بيع السيارات المضبوطة منذ ثورة يناير 2011، والمجتمع المصرى يعانى من حالة انفلات أمنى غير مسبوق، فقد انتشر البلطجية فى كل مكان، يروعون الشعب، وكثرت جرائم السطو المسلح والخطف والسرقات بجميع أنواعها، خاصة سرقة السيارات، التى سجلت أرقامًا غير مسبوقة، إذ تقول آخر إحصائية عن السيارات التى تعرضت للسرقة خلال الستة أشهر الماضية أنها وصلت إلى 13 ألف سيارة فى القاهرة الكبرى والمحافظات بما يعادل قرابة 50 سيارة كل يوم، وكشفت مصادر أن عمليات السرقة ترتكبها تشكيلات عصابية تخصصت في سرقة السيارات الحديثة بعدة طرق منها المفتاح المصطنع وكسر الزجاج وتخريب جهاز تشغيل السيارة، وبعد ذلك يقوم المجرمون يقطعون السيارات المسروقة إلى أجزاء ويبيعونها إلى تجار الخردة، بثمن بخس قد يكون أقل من عشر سعرها. إزاء هذه الظاهرة الخطيرة، التى تهدد أمن المجتمع تقدم أحد ضباط الشرطة بفكرة جيدة للحد من هذه الجريمة، وهو العقيد عبد الحميد شحاتة - مفتش مباحث بمديرية أمن البحيرة -، وقام بتسجيلها باسمه فى الشهر العقارى، ثم دشن صفحة على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك تحت اسم "نادى إعادة السيارات المسروقة والمساهمة فى مكافحة الجريمة". يقول العقيد عبد الحميد شحاته في حديث خاص ل "المصريون": الفكرة لها محاور أساسية نعتمد عليها لتنفيذها أولًا محاولة إضافة استراتيجيات جديدة لرفع مستوى الأداء الأمني بعيدًا عن الطرق التقليدية وتعتمد على التوسع في استخدام التقنيات الجديدة، ثانيًا عدم إضافة أعباء جديدة على ميزانية الدولة، ثالثًا عدم اللجوء أو إجراءات وممارسات أو إصدار تشريعات من شأنها المساس بالحريات العامة للمواطنين والتي تم استعادتها بدماء زكية قدمها شهداء الثورة الأبرار، وبالرغم من كل ذلك لا يمكن إنكار جهد المؤسسات الأمنية، للوصول إلى أعلى معدلات الأداء لتحقيق الأمن من خلال الجرائد والبرامج التلفزيونية. ويواصل: السبب في انتشار الجريمة هو الترويج الإعلامي المكثف لظاهرة "الانفلات الأمني" الذي يؤدي إلى سرطنة الجريمة، ولا يوجد تصنيف أو درجات أو مقياس للانفلات الأمني، كما أنه لا يوجد عدد معين من الجرائم الذي يحدد وجود انفلات أمني من عدمه، بمعنى "ارتفاع معدلات الضبط تعبر عن ارتفاع معدلات الجريمة"، وهو عبارة عن ظاهرة حسية تصيب المجتمع في أعقاب تزايد ظواهر إجرامية وترويج إعلامي وتراجع مستوي الأداء الأمني. كما أكد شحاتة أن الجريمة هي العنصر الرئيسي في تكوين الانفلات الأمني، والجريمة عامة هي مثلث من ثلاثة أضلاع إذا فقد أحدهم استحال وقوع الجريمة وهم: المجني عليه الجاني محل الجريمة، ونظرًا إلى عدم إمكانية وضع أية قيود أو تعامل مع الضلعين الأول والثاني لارتباطهم بسلوك الأفراد واحترام الحريات، فقد رأينا الحد من الجريمة بمحاولة إيجاد آلية جديدة للسيطرة على الضلع الثالث والحد من نشاطه، ولما كانت المركبات بأنواعها المختلفة تمثل قاسمًا مشتركًا في مكونات الضلع الثالث، ذلك أن المركبة إما أنها محل الجريمة كما في سرقة السيارات أو أنها أداة الوصول إلى مسرح الجريمة أو الهرب كما هو الحال في حوادث السطو وسرقات المساكن والاغتيالات أو أداة نقل كما في جرائم المخدرات وتجارة السلاح، وقد وصلنا إلى فكرة مشروع عبارة عن حصاد فكر مجموعة كبيرة من الخبرات الأمنية، فكرة المشروع تضيف إلى الأمن فلسفة جديدة مع عدم الاستغناء عن الأساليب التقليدية المتعارف عليها، ففي أعقاب الثورة هناك حدثت خسائر أمنية كبيرة سواء سيارات أو منشآت، وهذا كان حافزًا للبحث عن أفكار تحد من هذه الجرائم. جريمة سرقة السيارات هي الأكثر انتشارًا بعد الثورة، واتجهت اهتماماتي إلى هذه الجزئية، وخرجت بتلك الفكرة، ومضمونها يتلخص في إنشاء قاعدة بيانات مركزية تضم لون وموديل ووصف ورقم كل سيارة وأي بيانات يسمح بها المشترك من خلال اشتراك رمزي، وتتاح البيانات للجميع من خلال أرقام خدمة عامة تسمح للمواطن أو رجل الشرطة تحديد السيارات المسروقة من غير المسروقة في أي مكان في الجمهورية ويواكب ذلك حملة إعلانية لحشد المواطنين للتفاعل مع قاعدة البيانات مع تقديم حوافز مادية مختلفة لكل مواطن ولكل شرطي يشارك في ضبط سيارة مبلغ بسرقتها. في حال التأكد من سرقة سيارة ما يتم إرسال رسالة فورية من قاعدة البيانات من خلال الموبايل إلى جميع الأماكن، وترجع أهمية المشروع إلى كونه يغير فلسفة الأمن بدلًا من أننا نعتمد على الأمن فقط لا غير في فرض السيطرة الأمنية فنحن من خلال ذلك المشروع نلجأ إلى أسلوب جديد، نريد أن نقول إن الشعب باستطاعته إعادة الأمن بنفسه "الشعب هو من يصنع الأمن" فبعد مرور سنتين علي الثورة كنا نتمني أن يتغير الوضع من "الشعب يريد" إلى "الشعب يستطيع". ويواصل العقيد مصطفى شحاتة: تم تسجيل المشروع في الشهر العقاري وبدأ التواصل مع الاتحاد المصري للتأمين وشركات التأمين نظرًا للخسائر الفادحة التي تتعرض لها هذه الشركات بعد سرقة السيارات، بالإضافة إلى محاولات من شركات الاتصالات إلى التواصل لتنفيذ الفكرة. وفي تعليقه على هذه الفكرة، يقول الدكتور فرحات عبد الغني - أستاذ الاقتصاد -: إن تلك الفكرة لها أكثر من بعد أو نتيجة بعد تنفيذها سواء كانت سياسية، اقتصادية، أمنية، فالنتائج السياسية لتنفيذ المشروع هي إيجاد مبادرة توافقية ومشروع جديد بعيد عن الصراعات السياسية والأيديولوجيات المختلفة يمكن للجميع المشاركة فيها بمختلف توجهاتهم، إرساء مبدأ جديد لتفعيل دور المجتمع فى مواجهة أزماته يعتمد على مناهج وفلسفات غير تقليدية عنوانها العمل الجماعي وشعارها الشعب يستطيع بدلًا من الشعب يريد، التأكيد على أن مواجهة قضايا المجتمع وإيجاد الحلول لا تتم بإرادة وفكر حاكم ولكن بإرادة وابتكارات المجتمع وأبنائه وتدرسها وتتبناها الحكومة. أما بالنسبة للنتائج الاقتصادية لتنفيذ المشروع أوضح عبد الغني أن تلك الفكرة تخلق مصدرًا جديدًا لتنمية موارد الدولة من خلال بيع السيارات المضبوطة، والتي لا يستدل على مالكها وإيداعها في خزينة الدولة، والذي تشير الدراسة إلى تجاوز حصيلة المبلغ في الستة الأشهر الأولى حوالي عشرة مليارات جنيه، انتعاش سوق السيارات وإيجاد منظومة تحقق الشفافية بين المتعاملين في السوق، ارتفاع معدلات الاستثمار بارتفاع مستوى الأداء الأمني، وانخفاض معدل الجريمة، الحد من خسائر شركات التأمين التابعة لوزارة الاستثمار، بسبب ارتفاع معدلات التعويضات التي يحصل عليها العملاء، بسبب ارتفاع معدل الجريمة، تحصيل ضرائب على الشركة المنفذة للمشروع وإيجاد فرص عمل جديدة، المشروع يحقق رواجًا كبيرًا في سوق المحمول يمكن استثماره اقتصاديًا لصالح الدولة، تحقيق مكاسب مادية عالية للشركة المنفذة. وبالنسبة للنتائج الأمنية في حال تنفيذ هذا المشروع ذكر فرحات أنها تتبلور في 10 نقاط أساسية هي دعم مؤسسة الشرطة بما لا يقل عن 2 مليون مواطن من خيرة شباب الوطن للمساهمة إعادة الأمن منتشرين في كل ربوع مصر، تقديم خدمة أمنية رفيعة المستوى يؤدي المواطن فيها الدور الرئيسي في تحقيق الرقابة والسيطرة الأمنية بما يتواءم مع روح الثورة وبعيدًا على احتكار المؤسسة الأمنية لأنشطة الأمن وتفادي أوجه القصور في الأداء الشرطي المحدود زمانيًا ومكانيًا وأيدلوجيًا، وسهولة رصد المركبات المبلغ بسرقتها وملاحقتها أثناء سيرها أو انتظارها حتى بالأماكن النائية والحدودية التي يندر التواجد الشرطي بها، سهولة وسرعة تحديد السيارات المشتبه فيها بمناطق الزحام بعيدًا عن الإجراءات الشرطية التي يصعب تنفيذها في الأماكن ذات الكثافة المرورية العالية، الحد من الجرائم في الميادين الكبرى وخاصة البنوك والصاغة لسهولة رصد السيارات المتواجدة لوجود آلية سريعة وناجزة في تحقيق اشتباهات برقابة أمنية وشعبية، عملية تداول المركبات وبيعها أو نقلها في زمن قياسي وخاصة المتحصلة من جريمة سرقة، مما يودي إلى العزوف عن ارتكاب الجريمة، السرعة اللانهائية في النشر عن المركبات المبلغ بسرقتها قبل ابتعادها عن مكان الواقعة من خلال شبكة الهاتف وملاحقة السيارات السابق الإبلاغ بسرقتها، أحكام السيطرة على المركبات في ملاحقة المتهمين الهاربين والحد من حرياتهم في التنقل بسيارتهم والاهتمام بتفعيل القانون في مواجهة أي شخص يقدم سياراته لأي منهم لاستخدامها في التنقل أو الهرب ومصادرتها، التأكيد على أن التطوير ليس حكرًا على مؤسسة وأن البحث العلمي أسلوب ومنهج داخل بعض المؤسسات، تفادي غالبية السلبيات ومواجهة ارتفاع معدلات الجريمة وخاصة سرقة السيارات.