«رحيل المدفعجي».. وفاة محمد صبري لاعب الزمالك السابق تهز قلوب الجماهير    ترامب: سنجري اختبارات على أسلحة نووية مثل دول أخرى    ترامب: أشعر بالحزن لرؤية ما حدث في أوروبا بسبب الهجرة    فلسطين.. جيش الاحتلال يعتقل 3 فلسطينيين من مخيم عسكر القديم    العنف المدرسى    أحمد سعد يتعرض لحادث سير ويخضع لفحوصات عاجلة بالمستشفى    انفراد ل«آخرساعة» من قلب وادي السيليكون بأمريكا.. قناع ذكي يتحكم في أحلامك!    مناقشة رسالة دكتوراه بجامعة حلوان حول دور الرياضة في تعزيز الأمن القومي المصري    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    عضو جمهوري: الإغلاق الحكومي يُعد الأطول في تاريخ الولايات المتحدة    قتلى ومصابون باقتحام حافلة لمحطة ركاب في إستكهولم بالسويد (فيديو)    تفاصيل مشروعات السكنية والخدمية بحدائق أكتوبر    التفاصيل الكاملة لحادث أحمد سعد على طريق العين السخنة    مقتل 7 أشخاص وإصابة 27 إثر انفجار مركز شرطة جامو وكشمير    7 قتلى و27 مصابا في انفجار بمركز شرطة بالهند    مناوشات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    طقس غير مستقر وشبورة كثيفة.. الأرصاد تكشف توقعات السبت 15 نوفمبر 2025    استقرار سعر الريال السعودي أمام الجنيه المصري خلال تعاملات السبت 15 نوفمبر 2025    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    أموال المصريين غنيمة للعسكر .. غرق مطروح بالأمطار الموسمية يفضح إهدار 2.4 مليار جنيه في كورنيش 2 كم!    مستشار الرئيس الفلسطيني: الطريق نحو السلام الحقيقي يمر عبر إقامة الدولة الفلسطينية    باحث في شؤون الأسرة يكشف مخاطر الصداقات غير المنضبطة بين الولد والبنت    جوائز برنامج دولة التلاوة.. 3.5 مليون جنيه الإجمالي (إنفوجراف)    عمرو عرفة يحتفل بزفاف ابنته بحضور ليلى علوي ومحمد ورامي إمام وحفيد الزعيم    "رقم واحد يا أنصاص" تضع محمد رمضان في ورطة.. تفاصيل    نانسي عجرم: شائعات الطلاق لا تتوقف منذ زواجي.. ولا أقبل أن أعيش غير سعيدة    هولندا تضع قدما في المونديال بالتعادل مع بولندا    فرنسا: 5 منصات تجارية تبيع منتجات غير مشروعة    سفير السودان بالاتحاد الأوروبي يشيد بالدور المصري ويشدد على وحدة السودان واستقراره    شتيجن يطرق باب الرحيل.. ضغوط ألمانية تدفع حارس برشلونة نحو الرحيل في يناير    صدمة في ريال مدريد.. فلورنتينو بيريز يتجه للتنحي    إلى موقعة الحسم.. ألمانيا تهزم لوكسمبورج قبل مواجهة سلوفاكيا على بطاقة التأهل    سيارة طائشة تدهس 3 طلاب أعلى طريق المقطم    عصام صفي الدين: السلوكيات السلبية بالمتاحف نتاج عقود من غياب التربية المتحفية    إبراهيم صلاح ل في الجول: أفضل اللعب أمام الأهلي عن الزمالك.. ونريد الوصول بعيدا في كأس مصر    مصر تبيع أذون خزانة محلية ب99 مليار جنيه في عطاء الخميس.. أعلى من المستهدف بنحو 24%    اليوم.. انقطاع الكهرباء عن 31 قرية وتوابعها بكفر الشيخ لصيانة 19 مغذيا    رئيس قناة السويس: تحسن ملحوظ في حركة الملاحة بالقناة    حسام حسن: هناك بعض الإيجابيات من الهزيمة أمام أوزبكستان    زعيم الثغر يحسم تأهله لنهائي دوري المرتبط لكرة السلة    إخماد حريق في مخبز وسوبر ماركت بالسويس    اليوم.. أولى جلسات استئناف المتهمين في حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية    قائد الجيش الثالث: الدور التنموي يكمن في توفير البيئة الآمنة لتنفيذ المشروعات القومية    بيان من مستشفى الحسينية المركزي بالشرقية للرد على مزاعم حالات الوفيات الجماعية    رئيس الطب الوقائى: نوفر جميع التطعيمات حتى للاجئين فى منافذ الدخول لمصر    آخر تطورات الحالة الصحية لطبيب قنا المصاب بطلق ناري طائش    الباز: العزوف تحت شعار "القايمة واحدة" عوار يتحمله الجميع    تربية عين شمس تحتفي بالطلاب الوافدين    «الصحة» تنظم جلسة حول تمكين الشباب في صحة المجتمع    انطلاق برنامج دولة التلاوة عبر الفضائيات بالتعاون بين الأوقاف والمتحدة في تمام التاسعة    أذكار المساء: حصن يومي يحفظ القلب ويطمئن الروح    الائتلاف المصري لحقوق الإنسان: صعود المستقلين وتراجع المرأة في المرحلة الأولى لانتخابات النواب    تكافؤ الفرص بالشرقية تنفذ 9 ندوات توعوية لمناهضة العنف ضد المرأة    مؤتمر السكان والتنمية.. «الصحة» تناقش النظام الغذائي ونمط الحياة الصحي    صندوق "قادرون باختلاف" يشارك في مؤتمر السياحة الميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة    الثلاثاء.. إعلان نتائج المرحلة الأولى وبدء الدعاية الامنخابية لجولة الإعادة    سنن التطيب وأثرها على تطهير النفس    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خسارة ما تمت!!
نشر في المصريون يوم 22 - 11 - 2009

ما حدث في "أم درمان" من اعتداءات قام بها مشجعون جزائريون استخدموا فيها الأسلحة البيضاء ضد المشجعين المصريين، وإجبار الفتيات المصريات بالقوة على خلع "التي شيرتات" التي تكشف عن هويتهن المصرية، أثار في حلقي مرارة وشعورًا بالغثيان كغيري من المصريين، وجعلني أحمد الله– الذي لا يحمد على مكروه سواه- على خسارة مصر للمباراة الحاسمة أمام الجزائر، وتأهل الأخيرة على حسابها إلى مونديال 2010 بجنوب أفريقيا.
فالمؤشرات كانت تنبئ بما هو أسوأ في حال فوز مصر، بعد الاعتداءات على المصريين في الجزائر عقب مباراة القاهرة، لذا عندما أطلق الحكم صافرة نهاية المباراة بفوز الجزائر سرى بداخلي شعور بالهدوء والسكينة لم أعهده لنفسي في مثل هذه المواقف، بعد أن انتهت المباراة على خير دون ما يعكرها داخل الملعب، لكنها "فرحة!!" لم تدم طويلاً، إذ سرعان ما تناقلت الأنباء الاعتداءات الجزائرية ضد المصريين، وكأن الفوز وحده لم يكن كافيًا لإشعارهم لذة النصر، بل ممارسة الترهيب والتخويف جزءًا من هذا الشعور.
حتى هنا في "المصريون" نالنا الأذى بشكل غير مفهوم من جزائريين قبل وبعد المباراة، فقد تلقينا مكالمات هاتفية تحمل السباب لآبائنا وأمهاتنا، رغم ردودنا بأدب على جميع المتصلين، ومحاولة التوضيح لهم أنها في النهاية مباراة كرة قدم، وأنه أيًا كان الفائز فهو عربي في النهاية، لكن هيهات إنه التعصب.. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حذر من العصبية القبلية بقوله: "دعوها فإنها منتنة".
ذلك يدعوني إلى التساؤل: ما الذي يجعل تلك الجماهير المتعصبة تقدم على ارتكاب هذه الأفعال المشينة البعيدة كل البعد عن الأخلاق، حتى لو كان الدافع والمحرك لها الانتقام أو الثأر من المصريين، فكان يكفيهم تحقيق الفوز ليعيشوا أجواء الفرحة والتأهل للمونديال بعد غياب دام 24 عامًا، لا خوض حرب شوارع مدججين فيها بالأسلحة البيضاء ومطاردة المشجعين المصريين في حافلاتهم وتعريض أرواحهم للخطر.
الأخطر هنا ما يؤكده البعض من أن تلك الأحداث لم تكن عفوية أو عرضية، بل جرى التخطيط لها بعناية، وأن هؤلاء المشجعين ليسوا في حقيقة الأمر سوى قوات جزائرية أو سجناء جزائريين تم الإفراج عنهم وشحنهم على طائرات حربية إلى الخرطوم، وإن كنت لا أميل كثيرًا إلى التسليم بنظرية المؤامرة في تحليلي للأمور بصفة عامة، ما يجعلني لا أجزم بصحة ذلك بسهولة.
غير أن ما وقع من اعتداءات همجية وبربرية لم نألفها حتى من الجماهير الأوروبية المعروفة بتعصبها وسلوكياتها اللا أخلاقية تحت تأثير الخمور والمخدرات يطرح تساؤلات حول أسباب الاحتقان وتحول الرياضة من أداة لإصلاح ذات البين إلى إشعال الفتنة وإفساد العلاقة بين بلدين شقيقين يرتبطان بعلاقات تاريخية يعلمها القاصي والداني، كانت تمثل نموذجًا لعلاقات التآخي والمحبة.
فما حدث في "موقعة" أم درمان كان ثمرة شحن إعلامي غير مسبوق ضرب بعرض الحائط كافة القواعد المهنية من قبل تجار "الشنطة" والمزايدين في كلا البلدين، فإذا كانت "الشروق" وأخواتها من الصحف الجزائرية لعبت دور مشعل الحرائق وأثارت أجواءً من الكراهية ضد المصريين، ففي المقابل كان "الجوقة" في الفضائيات المصرية ينعقون كما الغربان، وهم يؤججون نار الفتنة ويشحنون الجماهير وكأن مصر مُقبلة على موقعة حربية لا تقبل فيها بغير النصر بديلاً.
لقد كان بحق اختبارًا فشل فيه الجميع، بعد أن تحولت الصحف والفضائيات إلى منابر تحريضية وساحات "للردح" وإبراز المهارات في الحط من قدر الآخر، دون أن يدرك هؤلاء الذين كانوا يدقون طبول الحرب وينفخون في النار خطورة أفعالهم الطفولية، وذلك حينما تحدث البعض بسخرية عن الشهداء الجزائريين في حرب الاستقلال، وحين رمت الصحف الجزائرية المصريين بأنهم صهاينة.
لقد شاهدت بنفسي أطفالاً صغارًا في أيديهم حجارة وهم يجرون وراء "توك توك" كان يحمل علم فلسطين لقذفه بالحجارة ظنًا منهم أنه علم الجزائر، مثلما شاهدت العلم المصري وهو يداس تحت أقدام الجزائريين، وسمعت استغاثات المصريين في الجزائر لإنقاذهم من عنف المتعصبين... ساعتها قلت لنفسي سامح الله المسئولين في مصر والجزائر الذين تخلوا عن موقع القيادة وانتقلوا إلى مدرجات الجماهير، ولولا "الكسوف" لنزلوا إلى أرض الملعب بدلاً من اللاعبين.
فقد غاب صوت العقل في وقت كنا أحوج ما نكون فيه إلى من يدعو لوقف هذه الملهاة العبثية وإطلاق مبادرات من أعلى المستويات لاحتواء العنف في التصريحات المتبادلة، وإطفاء جذوة الفتنة في مهدها قبل أن تلتهم نيرانها الجميع، لكن على العكس بدت هناك حالة من الرضا تجاه احتدام الصراع ووصوله هذا المنحى الخطر، فلم نسمع عن مبادرة من هذا الرئيس أو ذاك لحقن الدماء، كأن يبادرا على سبيل المثال بحضور المباراة معًا، أو أن يصدرا بيانين رئاسيين يدينان فيه الخطاب التحريضي، وحملات الهجوم المتبادل، غير أن شيئًا من هذا لم يحدث، ولا عزاء للمتباكين على الأخوة والعروبة.
فالكل كان يتأهب لحصد الإنجاز والتغني بالأمجاد، ففي مصر زار الرئيس مبارك ونجلاه علاء وجمال لاعبي المنتخب قبل مباراة القاهرة، وإن كانت ليست المرة الأولى التي يبدي فيها الرئيس ونجلاه حرصهم على مؤازرة المنتخب في المباريات الهامة، حتى في الأوقات التي كانت تبكي فيها قلوب المصريون حرقة لغرق أكثر من ألف مصري في كارثة العبارة عام 2006.
لكن هذه المرة تختلف عن سابقاتها، خاصة إذا ما وضعنا ذلك في سياق التطورات المقبلة عليها مصر خلال العامين القادمين، والربط بينها وبين حالة التشنج الإعلامي قبل وبعد المباراة، كما كان ملاحظًا أن الفضائيات المصرية التي اقتطعت من بثها ساعات طويلة لمتابعة تداعيات "موقعة" أم درمان تبارت في الدفاع عن نجلي الرئيس، والإشادة كثيرًا بدوريهما في تأمين البعثة المصرية، ولم ينس في ذروة ذلك الإشارة إلى الجهود "الجبارة" للرجل الهمام أحمد عز في الحفاظ على أرواح المصريين بالسودان، خاصة وأن الانتخابات البرلمانية اقتربت وهناك من يسعى لضمان ترشيح الحزب للحفاظ على مقعده، بعدما استشعر اهتزاز الكرسي تحته!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.