كان من الممكن أن تمر زيارة وزير الخارجية لمصر "جون كيري" لمصر مرور الكرام، ولكن أمريكا عودتنا على ألا تترك فرصة إلا وتستفيد بها أشد استفادة، فعندما يفشل جنودها في معركة تحاول أن تقدم لهم يد المساعدة والعون ولا تتركهم يغرقون، خاصة إذا كانوا لم يتلقوا تدريباً جيداً ويتسببوا بانعدام درايتهم السياسية في حرق كل الأوراق. ولا ينكر أحد على أي دولة في العالم أن تجند وتحشد لها الأنصار وتصنع الزعمات والحلفاء، فهذا حقها ولكن من حق الشعوب أن تمتلك ذاكرة قوية تجنبها الوقوع في الفخ. وما يجعلنا ننشط ذاكرتنا هذا التصريح القوي الذي زرفت منه العيون، وتقطعت منه القلوب، هذا التصريح الذي يعبر عن وطنية جارفة تكاد تخلع القلب من مكانه، والذي صدر عن جبهة الإنقاذ برفضها القاطع (أي والله قاطع) مقابلة كيري لأنها ترفض التدخل في الشئون الداخلية لمصر. وبما أنها ذكرت السبب والذي يبطل معه العجب، فلن نحتاج إلى منشطات قوية بل يكفي (نصف حبة) من أضعف نوع منها لأن أحداثاً قريبة جداً تبدد السبب وتنسفه كما تنسف حمامك القديم. في 24 نوفمبر البرادعي يصرح في لقاء مع وكالة اسوشيتدبرس "إنني أنتظر لأرى بيانات إدانة قوية للغاية من الولاياتالمتحدة ومن اوروبا ومن اي شخص يهتم حقا بكرامة الانسان وأتمنى ان يكون ذلك سريعا" ده مش طلب تدخل في الشئون الداخلية ولا ده كده وكده. في الثاني من ديسمبر 2012 خبر صغير (السفيرة الأمريكية باتروس تقابل جبهة الإنقاذ بمقر حزب الوفد) وماذا في ذلك، كانت في ضيافة رئيس الحزب ومصر بلد الكرم ولا يجب أن نفهم أن ذلك تدخل في الشئون الداخلية، ولكن للأسف طلع تصريح رسمي في جريدة الأهرام من فؤاد بدراوى سكرتير عام حزب الوفد بأن الأجتماع تمت فيه مناقشة عامة حول تطورات الوضع السياسى فى مصر. في 9 ديسمبر 2012 لم يكتفي الدكتور البرادعي بالمقابلة الجماعية في حزب الوفد ولكنه ذهب لمقابلة السفيرة الأمريكية في مقر السفارة للمرة الثانية في أقل من أسبوع. وفي الأسبوع الماضي وتحديداً في 24 فبرايروفي حوار للبرادعي مع الBBC يهدد بأن (العالم لن يقدم مساعدات اقتصادية إلى مصر في غياب التوافق المجتمعي) . ولأن القارىء العزيز لم يتناول سوى نصف حبة منشط فلن نسرد مزيداً من المواقف والتصريحات التي تدلل على أن السبب الذي قيل من رفض التدخل في الشئون الداخلية يجانبه الصواب، فما السبب الحقيقي إذاً، من وجهة نظر الكاتب أن هناك محاولة لتجميل الوضع وتحسين الصورة للجبهة والحفاظ على الأوراق المحروقة في اللعبة، وإلا خسرت أمريكا كل شىء، خاصة وأنهم في لقاءات مستمرة مع (باتروس) فلن تزيدهم مقابلة كيري توجيهات أو دعم جديد، ولنا أن ننصح أمريكا أن تغير لاعبيها لأن الشعب المصري غالبه النعاس وأصابه الملل من سوء اختيار أمريكا، كما أن هذا الشعب لا ينخدع بسهولة ولا يحتاج إلى منشطات ويكفيه سندوتش فول واحد لفضح المستور، وغالب الظن أنها بدأت فعلاً في ذلك. أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]