تحية للثائر الحق حازم أبو إسماعيل، وتحية للراية الجديدة التي رفعها في سماء السياسة المصرية، وأسأل الله أن يجعلها راية نصرة وعزة، وراية خير وبركة، وظني أن الراية التي يرفعها الرجل ترسم الطريق الثالث الحقيقي في السياسة المصرية، فبالفعل السياسة المصرية تحتاج إلى طريق ثالث بين العسكر ومن شايعهم ورغبتهم في الحكم مباشرة أو في الهيمنة عليه في أفضل الأحوال، وبين الإخوان وتوازناتهم ومراوغاتهم وسراديبهم التي يتوه فيها الخطب الجلل فلا تجد الموقف حين تريده، ولا تجد الوضوح حين يصبح لزامًا. إن الذين يطرحون نفسهم الآن أنهم الطريق الثالث هم في الواقع متمرغون ظهرًا لبطن، وغارقون للأذقان مع الطريق الأول!!، فما أكثر ما أرادوا أن يبقى العسكر، وما أكثر ما يدعونه ليلًا ونهارًا للتدخل لجبر هزائمهم السياسية، ووضعهم في الحكم على أسنة الرماح !!، يبشروننا ليلًا ونهارًا أن الجيش سيتدخل، ويضعون كلامهم المسموم في إطار التخوفات، كأن الشعب من الأغرار السذج الذين لا يفهمون، يكررون ويعيدون ويزيدون في الحديث عن تدخل الجيش وتحرك الجيش المنتظر، ثم يدعون أنهم الطريق الثالث!!، ومن قبل طلب كبيرهم أن توضع مادة في الدستور تتيح للجيش أن يحمي مدنية الدولة، فهل هذا هو الطريق الثالث؟!. عندما ظهر حازم أبو إسماعيل وطرح نفسه كمرشح رئاسي أثبت بأقواله وأفعاله أنه يقدم بالفعل الطريق الثالث الحقيقي، وبنى على هذا الطريق جسورًا عبرت فراغات واسعة، فالرجل إخواني الفكر والنشأة، ويفخر بهذا ويظهره، وهو من بيت عريق في المشروع السياسي الإسلامي، فلا يستطيع أحد أن يزايد عليه عندما يواجه الإخوان بأخطائهم ويعيب عليهم مراوغاتهم، لا يستطيع أحد أن يتهمه بالعداء للإخوان أو للمشروع السياسي الإسلامي، وهو مندمج في الحياة السياسية ومعارض ابن معارض وخاض الانتخابات وأسقط فيها مرتين أولهما قبل 16 سنة من سقوط النظام، وطوال تلك السنوات كان على معارضته، وهو سلفي العقيدة والفكر، فمثل مثالًا طيبًا للسياسي السلفي الذي عارض منذ القديم، وليس محدث سياسة بعد الثورة، وهو بعد هذا وقبله ناشط حركي أعطته الثورة شحنة معنوية هائلة فأعطاها ولاءً وانتماءً وصار أوضح السياسيين في مواقفه بعد الثورة. ولا أريد أن أتحدث هنا عن مواقفه الثورية والتي أدعي أنه لم يجاريه فيها أحد، من موقفه من تلكؤ المجلس العسكري في الدعوة لانتخابات مجلس الشعب وتحذيره الشهير لهم علنًا والذي تفرد به، ثم موقفه من وثيقة السلمي، ودعوته للتظاهر يوم 18 نوفمبر، ثم موقفه من أحداث محمد محمود والذي عاب البعض عليه فيها لذهابه بعيدًا في العداء للمجلس العسكري (وهنيئًا له بما عابوه عليه)، ثم موقفه بعد مؤامرة الإقصاء من الدعم الصريح للمرشح الباقي للثورة، ثم موقفه الحاسم من الانقلاب الدستوري العسكري المسمى بالإعلان الدستوري المكمل، ثم موقفه السلمي من الإعلام المغرض وموقفه من الاعتداء على بيوت الله. ولقد قرأت قطاعات كبيرة من الشعب رسالة الرجل، وأدركوا أنه يمثل الطريق الثالث الحقيقي، فأعطوه تأييدًا واسعًا في كل مكان في مصر قبيل الانتخابات، ووضعوه في صدارة المرشحين، مما (أوجب) التآمر عليه كما جرت الوقائع، وتعرض للإقصاء الخسيس كما رأينا، لكن الله غالب على أمره، وها هو الرجل يعود ليكون حزبه ويبلور فكره مع مؤيديه، ليعود طارحًا طريقه الثالث من جديد، ليثري الحياة السياسية لمصر في لحظة صعبة، ويطرح بديلًا مهمًا جديرًا بالاعتبار. ولقد قدم الرجل الفكر الأساسي لحزبه عبر عشرات البرامج التليفزيونية واللقاءات الجماهيرية، وأوضح رؤاه في السياسة الخارجية والداخلية، وأفكاره الاقتصادية، وبقى عليه أن يستعين بالكفاءات التي ستنضم إليه ليتبلور هذا الفكر والرؤى الإسترايجية في برامج تنفيذية واضحة، وأن يقدم هذه الكفاءات إلى الصدارة بجواره حتى لا يقع في نفس الخطأ التقليدي في السياسة المصرية حين تتحول الأحزاب إلى (وان مان شو)، أرجو ألا يقع الحزب الجديد في هذا الخطأ، وأرجو أن تكون (الراية) وليس الرجل هي الجامعة التي يجتمع حولها الناس، تقودهم إلى الطريق الثالث بين الطريقين الوعرين الحاليين.. تحية مرة أخرى إلى الرجل –الذي ظُلم كثيرًا وطويلًا- وتحية إلى الراية، وهي رايتنا ونحن حولها. [email protected]