الإغلاق الحكومى يدفع الدولار لخسائر متواصلة أمام سلة العملات    هوليوود تتحدى رسوم ترامب وتتجاهل التعريفة الجمركية على الأفلام.. اعرف التفاصيل    رسميًا.. إقالة مدرب نوتينجهام فورست بعد ثلاثية تشيلسي    يلا شوت بث مباشر.. مشاهدة آرسنال × فولهام Twitter بث مباشر دون "تشفير أو فلوس" | الدوري الإنجليزي الممتاز 2025-26    جمارك مطار الإسكندرية تضبط محاولة تهريب أدوية مدرجة بجدول المخدرات    أهالي ضحايا حادث الصرف الصحي ينتظرون ذويهم في العريش    ماريان خوري تفتتح فعاليات سيني جونة بمهرجان الجونة السينمائي.. فيديو    نائب وزير الصحة يوجه بفتح تحقيق في واقعة رصدها بمستشفى المنيرة    الاحتلال الإسرائيلي ينصب حاجزا عسكريا وسط دير جرير شرقي رام الله    أحمد حسام عوض: لدينا رؤية متكاملة لتعظيم استثمارات الأهلي    إثارة وتشويق.. طرح البرومو الرسمي ل فيلم «قصر الباشا» بطولة أحمد حاتم ومايان السيد    محمد صبحي: بكيت بعد «سنبل بعد المليون» وتراجعت عن إنشاء أوبرا في سفنكس لأبنيها في الصحراء    ضياء رشوان: نتنياهو يسعى لاستغلال قضية تأخير تسليم جثامين الشهداء الفلسطينيين كورقة سياسية    الصحة تختتم البرنامج التدريبي لإدارة المستشفيات والتميز التشغيلي بالتعاون مع هيئة فولبرايت    حسن عبد الله يتسلم جائزة أفضل محافظي البنوك المركزية عالميًا من «جلوبال فاينانس»    اختبار طبي يحسم مصير الدوسري أمام السد القطري    إنجاز مصري في الرماية بالخرطوش.. ماجي عشماوي ضمن أفضل 6 راميات على مستوى العالم    بسبب الهرج والمرج.. وكيل تعليم دمياط يحيل إدارة مدرسة للتحقيق    إيرادات "أوسكار عودة الماموث" تتخطى 6 ملايين جنيه في 3 أيام    الدفاع الروسية: السيطرة على بلدة بليشييفكا بدونيتسك والقضاء على 1565 جنديًا أوكرانيًا    الأرصاد الجوية تحذر من الشبورة وانخفاض درجات الحرارة    محافظ الشرقية يثمن جهود الفرق الطبية المشاركة بمبادرة "رعاية بلا حدود"    بدء تقديم خدمات كهرباء القلب والكي الكهربائي بمستشفيي بنها ودمنهور التعليميين    اليوم الرسمي ل بدء التوقيت الشتوي 2025 في مصر بعد تصريحات مجلس الوزراء.. (تفاصيل)    انتخاب اللواء أحمد العوضي والمستشار فارس سعد وكيلين لمجلس الشيوخ    موعد مباراة الأخدود ضد الحزم في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    قطاع الأمن الاقتصادي يضبط 6630 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    طريقة عمل الفطير الشامي في البيت بخطوات بسيطة.. دلّعي أولادك بطعم حكاية    الدويري: خروج مروان البرغوثي سيوحد حركة فتح ويمنح الموقف الفلسطيني زخمًا    موعد مباراة المغرب ضد الأرجنتين والقنوات الناقلة في نهائي كأس العالم للشباب 2025    القنوات الناقلة لمباراة بايرن ميونخ ضد بوروسيا دورتموند في الدوري الألماني.. والموعد    رئيس جامعة القاهرة: مصر تمضي نحو تحقيق انتصارات جديدة في ميادين العلم والتكنولوجيا    لا تدَّعِ معرفة ما تجهله.. حظك اليوم برج الدلو 18 أكتوبر    ياسر جلال بعد أداء القسم بمجلس الشيوخ: لحظة فخر ومسؤولية كبيرة    ما هو حكم دفع الزكاة لدار الأيتام من أجل كفالة طفل؟.. دار الإفتاء توضح    مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية يوضح 7 فضائل لإطعام الطعام.. اعرفها    تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 بمحافظة بورسعيد    الرئيس السيسي يستقبل رئيس مجلس إدارة مجموعة «إيه بي موللر ميرسك» العالمية    مرشح وحيد للمنصب.. «الشيوخ» يبدأ انتخاب رئيسه الجديد    ضبط منادى سيارات اعتدى على سائق وطلب إتاوة فى الجيزة    مصرع سيدة وإصابة 10 أشخاص في انقلاب سيارة ميكروباص بوسط سيناء    نجوى إبراهيم عن تطورات صحتها بعد الحادث: تحسن كبير واستكمل العلاج بمصر    100 مُغامر من 15 دولة يحلقون بمظلاتهم الجوية فوق معابد الأقصر    مجلس أمناء جامعة بنها الأهلية يوافق على إنشاء 3 كليات جديدة    عبير الشرقاوي ترد على تجاهل ذكر والدها: نقابة المهن خسرت كتير    البنك الأهلي ضيفا ثقيلا على الجونة بالدوري    محافظ أسوان في جولة مفاجئة على المخابز والأسواق: هدفنا ضبط الأسعار    مواقيت الصلاة اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    زراعة 8000 شتلة على هامش مهرجان النباتات الطبية والعطرية في بني سويف    رئيس وزراء مالطا يشيد بدور مصر في وقف حرب غزة خلال لقائه السفيرة شيماء بدوي    تعرف على سعر حديد التسليح اليوم السبت    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 18 أكتوبر 2025    رد صادم من متحدثة البيت الأبيض على سؤال بشأن قمة ترامب وبوتين يثير جدلًا واسعًا    أسعار الفراخ اليوم السبت 18-10-2025 في بورصة الدواجن.. سعر كيلو الدجاج والكتكوت الأبيض    هل يجوز للمريض ترك الصلاة؟.. الإفتاء تُجيب    تفكك أسري ومحتوى عنيف.. خبير تربوي يكشف عوامل الخطر وراء جرائم الأطفال    حكم التعصب لأحد الأندية الرياضية والسخرية منه.. الإفتاء تُجيب    ملوك الدولة الحديثة ذروة المجد الفرعونى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمهات الشوارع ضحايا المجتمع
نشر في المصريون يوم 28 - 02 - 2013

إن كان الحقُّ في الحياة أمراً مقدسا تكفلهُ كافة الشرائع والمواثيق الدولية، فإن الحيلولة دون انتهاكه يغدو واجباً لدى رافضي الإجهاض، الذي يرى عددٌ من المنافحين عنه، أن الرفض لا يحل المعضلة بقدر ما يدفعها إلى مزيد من التعقيد، ما دام الطفل المولود في ظروف غير ملائمة، سيجد نفسه فيما بعد مجهول الهوية والنسب داخل مجتمع لا يستنيم عن النبش في الجذور.والتي نتجت من خلالها ظاهرة أطفال الشوارع ويستحق أطفال الشوارع اهتماماً خاصاً طالما أنهم يشكلون في أجزاء متعددة من العالم جزء كبيراًَ من المجموع الكلي للسكان بحيث يقدر رقماً عالمياً تقريبياً لهم يوازي المائة مليون طفل شارع. ( 90 % منهم ذكور وتؤلف الإناث نسبة 10 % علينا إن نبرز وبوضوح صنفين من الأطفال المرتبطين بالشارع هما الأطفال في الشوارع والأطفال الخارجين للشوارع ، إذ يشمل الصنف الأول الأطفال العاملين في الشوارع والذين لديهم عائل مازالوا يرتبطون بهم . أما الصنف الثاني فهم الأطفال الذين يعيشون كّلية في الشارع وليس لديهم ارتباط عائلي الأطفال يعيشون في شوارع مصر ومنهم عدد متزايد من الفتيات يأتين من سن الرابعة أو الخامسة هربا من الفقر أو سوء المعاملة أو التفكك الأسري،
إن نحو نصف فتيات الشوارع مارسن الجنس ونحو 45 منهن اغتصبن. ويقول القائمون على رعاية الفتيات إن الأرقام الحقيقية قد تكون أعلى من ذلك، وعادة كما يقولون فإن الاغتصاب من أوائل التجارب التي تمر بها الفتاة عندما تخرج للشارع، وهنا تجدر الإشارة إلى أن العديد من الأمهات لا يتمكن من استخراج شهادات ميلاد لأطفالهن لأن الأب مجهول أو ينكر البنوة. وقد تنام فتيات الشوارع وهن من بنات الريف أو الأحياء العشوائية الفقيرة على الأرصفة أو في الحدائق العامة وتواجهن تهديدا دائما بالاغتصاب ويقمن بشم الكلة (نوع من الغراء يستخدم كمخدر) لمقاومة البرد والألم، ويتحول بعضه لممارسة الدعارة، وبعضهن يتسولن أو يبعن علب المناديل الورقية ويتحركن بين السيارات في مفارق الطرق. "تجاربهن الجنسية بحكم حياتهن في الشارع تبدأ في وقت مبكر لذلك من الطبيعي أنها عندما تكون مع أحد تنشأ بينهما علاقة جنسية". إن حمل بنات الشوارع لا يكتمل إما عن عمد أو بسبب صعوبة حياة الشوارع "إنهن يتعاطين الكلة... وبعض أنواع الأدوية العادية التي قد تؤدي جرعات زائدة منها إلى حالات هلوسة. وهن يطلقن أسماء على هذه الأدوية. احدها يسمى (صراصير) لأنهن عندما يتعاطينه يتخيلن صراصير تهاجمهن"، انه يمكن للفتيات الحوامل الحصول على مساعدة أثناء الولادة إذا ذهبن إلى دار إيواء وإلا فإن ظروفهن تكون في غاية الصعوبة. اكتشفنا في الشارع أيضاً فتيات انتهكت براءتهن وهن على أعتاب الطفولة، هل تصدق.. أنني في واحدة من الرحلات الأولى لاستكشاف الشارع وجدت "طفلة" عمرها أحد عشر عاماً "حاملاً"؟!! أذكر أنني ليلتها لم أستطع النوم وكنت على مكتبي في الخامسة صباحاً تقريباً أقلّب في ذهني عشرات التساؤلات عما يمكن تقديمه لهؤلاء "الضحايا". لم يكن اليأس ترفاً متاحاً ولم يكن من الممكن لأي سبب التخلي عن "أمهات" لم يتجاوزن الثالثة عشرة ليواجهن مصيراً بلا ملامح، خصوصاً بعد أن كشفت الجولات الميدانية عن تحول الأطفال الذين تنجبهم أمهات الشوارع إلى "مصدر" لتجارة الأعضاء وتجار البشر
لماذا يغادر الطفل منزله ويترك أسرته ليواجه منفرداً جحيم الشارع؟!. التفكك الأسري كان في المقدمة والفقر الشديد كان أحد الأسباب الرئيسية لتفاقم الظاهرة حتى أن أسراً كثيرة العدد قليلة الموارد كانت لا تبالي عندما يغادرها عضو أو أكثر إلى الشارع!!. ووفقاً لمنهج الباب المفتوح فلا قيود على حركة الطفل ولا شيء يشعره بأنه تحت السيطرة. ولأن مشكلات عمل من هذا النوع لا تتوقف، فقد واجهنا عقبة كبرى تتمثل في نظرة المجتمع لطفل الشارع المعاد تأهيله أو الذي مازال في طور إعادة التأهيل. حتى الطبيب يرفض الكشف على الطفل إذا علم أنه طفل شارع، والمدارس تقبل الطفل بشكل عادي جداً وبمجرد أن يعرفوا أنه طفل شارع تتغير النظرة إليه وأسلوب التعامل معه، "قرية الأمل" ويعرفه آخرون بأنه قرية المغتصبات. أكثر قليلاً من الساعتين قضيناها برفقة مسئولي الدار مع الأمهات الصغار، تتشابه الحكايات في إطاراتها العامة وتختلف في التفاصيل ويجمع بينها كلها الألم. ويقول العاملون في مجال رعاية أطفال الشوارع في القاهرة أنهم بدأوا يلاحظون ظهور فتيات الشوارع في منتصف تسعينيات القرن الماضي وكن يحلقن شعورهن ليظن الناس أنهن صبيان فيدرأن عن أنفسهن بعض الخطر، وزادت إعدادهن بدرجة كبيرة منذ ذلك الحين وقالت مسلم إن ما بين 20 و30 %من أطفال الشوارع حاليا من الفتيات. وينظر إليهن باحتقار في مصر حيث ينتظر من الفتاة إن تحافظ على عذريتها حتى الزواج وتوصم ضحايا جرائم الاغتصاب بالعار. وبالنسبة لماجدة وهي طفلة (11 عاما) ذات سن أمامية مكسورة وتقص شعرها على شكل ذيل حصان وتريد تعلم الكاراتيه كان انفصال والديها وضرب جدتها لها هو ما دفعها إلى الشارع منذ أكثر من ثلاث سنوات. وتقول وهي تشرب من علبة عصير "كان الأمر سهلا. كنت أنام على الرصيف في الليل عادة"، وأضافت "كان هناك أشياء نخاف منها. كنا نخاف أن يأتي صبيان في الليل". وتمكنت من ترك الشارع بسرعة نسبيا ووجدت مأوى حيث التحقت بمدرسة وبدأت تخطط للمستقبل. فهي تأمل في الالتحاق بالجامعة. وكانت فتاة أخرى هي أماني تواجه الضرب بسبب سوء أدائها في المدسة فهربت من المنزل مع صديقة في الإسكندرية لكن صديقتها تركتها عندما نفد ما لديها من مال. وقالت أماني (15 عاما): "جاء شاب وهاجمني وأفقدني عذريتي.. واكتشفت بعد ذلك أنها حبلى ورغم أنها فقدت الطفل إلا أنها تخشى العودة إلى منزلها".
أن أطفال الشوارع هم النتاج الأطفال.لسياسات الاقتصادية في جميع أنحاء العالم التي تعزل الفقراء عن المساهمة في الثروة الاقتصادية ، أن المبادئ التي تقوم عليها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتي تعد جزءاً تكاملياً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يحتفل بذكراه الخمسين المجتمع الدولي بكثير من الجعجعة ، يجري الآن سحقها دونما احترام أو ندم . ففي الوقت الذي أدى فيه ازدهار الاقتصاد ورفع القيود عن القطاع الخاص إلى ارتفاع جنوني في إلايجارات وفي أسعار السلع الضرورية نجد أن غياب الضمير الجماعي هو الذي يجعل من الممكن لدول متعددة أن تقدم على تصفية مشاريعها الإسكانية إما لشاغليها أو لمالكين من القطاع الخاص دونما اهتمام بالحاجة إلى إجراءات بديلة لصالح أولئك الذين يبقون على قوائم المشردين أو يزادون عليها . وأدت الأسواق المزدهرة إلى استبدال أحياء بكاملها كانت تأوي عدد كبير من الفقراء بأجور زهيدة بأحياء باذخة مترفة .فضلاً عن عمل حكومات عدة على تخفيض نسبة المستفيدين من المعونات الاجتماعية أو تخفيض قيمتها ومن يدفع ثمن ذلك سوى الأطفال . إن عدداً غير قليل من المجتمعات تميل في مسعى منها لإنكار الشواهد على الخلل الاقتصادي. والاجتماعي فيها إلى تجريم أطفال الشوارع وتشردهم في جهد لا يخلو من سوء النية ولا معنى له وليست الهجرة غير المنظمة أو الخلل في السياسات الاقتصادية والاجتماعية وحدها التي تسبب في ازدياد أعداد الضحايا من الأطفال وتشردهم إلى الشوارع بل هناك الكوارث سواء التي من صنع الطبيعة أم من صنع الإنسان التي تسهم في أن تخلف وراءاها جيوشاً من الأطفال الهائمين على وجوههم دون أن تستطيع حكوماتهم أو المجتمعات الدولية إيجاد الحل المناسب لإنقاذهم ، ولكنهم بازاء ضعفها هذا تلجأ إلى سياسة تجريمهم وإدانتهم بحجة خطورتهم على المجتمع فتزجهم في الزنزانات في. أحسن الأحوال أما في أسواها فإنها تلجأ إلى قتلهم
*دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية
أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.