كانت مصر دائمًا مطمعًا للغزاة المهووسين بثرواتها وعبقرية مكانها ومكانتها الفاعلة في الأرض والتاريخ، وفى كل محاولة لسلب الهوية والانكسار كان الرهان للانتصار معقودًا على العقل المصري وكرامته الرافضة لوجود المحتل على الأرض، وفى كل الأحوال فالذي كََّر على مصر مرة ومُنِىَّ بالهزيمة لا يفكر ثانية فى تكراره، إلا إسرائيل فإنها لا تمِل من محاولاتها المستميتة لإسقاط مصر، فلا ننسى جميعًا تحالفها مع فرنسا وإنجلترا فى عدوانها الثلاثي ولا ننسى حرب الاستنزاف ونكسة 67، ولا تنسى إسرائيل هزيمتها فى 73 التى اعتبرها المصريون حرب كرامة وليست حربًا على الأرض. كما أن معظم ثورات المصريين كانت ثورات سياسية رافضة لسقوط الوطن مستهدفة الحفاظ على هويته ليبقى اسم مصر عَلَمًا فى تاريخ معارك الكرامة الإنسانية الباسلة على مر التاريخ الإنساني. ولكن يبدو أن محاولة إسقاط مصر لم تنته بعد وعلى المصريين أن يستعدوا دائمًا للحرب من أجل الحافظ على هويتهم المرتبطة دائمًا بالأرض فإذا ضاعت الهوية ضاعت الأرض وإذا ضاعت الهوية والأرض سقط الوطن برمته. فعلى مدار الستين سنة الماضية فقدت مصر قسطًا كبيرًا من هويتها الثقافية لدرجة أن تخوف بعض الكتاب من تهويد العقل المصري، ذلك العقل الذي قاوم احتلال الأرض على مر التاريخ، حتى أدرك العدو استحالة احتلال الأرض دون استعمار للعقل، فإذا تمكن من غزو العقل فقد أردى الهوية وأسقط الوطن؟ وكان المواطن المصري الأصيل دائم العصيان والتمرد على الثقافة الغربية والوهابية والشيعية الغازية لقيمه وأخلاقه، في لحظة وقع فيها النظام الحاكم في براثن المخططات الصهيونية التي أغرته لتأجير الوطن وفتح ثقافته على الثقافات كافة خانعة لا مهيمنة، فكانت الريح دائمًا لا تأتى إلا بما يسرق الهوية ويفسد القيم؛ لدرجة تصالحت فيها عقلية الشباب المصري مع الذهنية الصهيونية المتآمرة. واستمر سيل الهبوط جارفًا لكل ما هو أصيل، فتعرضت مصر لأزمة حضارية محتومة في الهوية كانت مثار جدل على مدار السنوات العشر الأخيرة، للدرجة التي جعلت البسطاء وأنصاف المثقفين لا يرون سوى الدين حلًا لأزماتهم كلها وليست الثقافية وحدها، وتجسدت هذه الرؤى في شعارات "الإسلام هو الحل" واستغل مهوسو السلطة أفيونية الأديان واتخذوها الحصان الرابح في سباقهم لاحتكار السلطة وفرض الفكر والرأي، واستغله المتآمرون سلاحًا لضياع الهوية وفض الشمل وبث الفرقة بكل السبل وإن لم يدرك التجار مخططاتهم، فكل كان يغنى على ليلاه. وبقيام ثورة 25 يناير تعلق هؤلاء التجار بذيولها، فلما نجحت قفزوا من الخلف إلى المقدمة ولسان حالهم يقول: "جئنا من السماء نحمل الخير للوطن" مستغلين فى ذلك تنظيمهم الأقوى فى مجتمع مهلهل وتعاطف شعبي متعطش لاستعادة الهوية المصرية المنتهكة والكرامة الضائعة ووعي شعبي موجه نحو فكرة الدين هو الحل. بالإضافة إلى عدم قدرة التيارات الأخرى على التوحد وتكوين الائتلافات والاتفاق على الهدف. ومن ثم فقد تعرضت مصر لنوع آخر من السقوط فالذي كان يشاهد جلسات البرلمان يلحظ بشدة أنهم أناس لم نعرفهم رغم أننا قد انتخبناهم بإرادتنا الحرة.. مد إخواني شككت الوثائق فى مصدر تمويله من دولة عدها الشرفاء بقعة إسرائيلية فى الجسد العربي هى قطر، تلك الدولة التى تسعى الآن فى ظل الحضور الإخواني الحصول على امتياز قناة السويس لمدة 99 عامًا، فمن أوحى لقطر بهذه الفكرة الجهنمية وهل تقوى هذه المشيخة البدوية على تشغيل هذا الكيان الاقتصادي العملاق أم سوف تدعمها إسرائيل؟ فإذا نجحت جماعة الإخوان في فك النسيج المصري وإعادة تركيبه بما يهدم الهوية ويدشن واقع مختلف.. عندها نعلن عن يقين.. سقوط دولة مصر وقيام جمهورية الإخوان. [email protected]