حذر مصطفى الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشعب من الحديث في المحافل الدولية عن القدس من منظور ديني، مختلفًا في الرأي مع أستاذي التاريخ الوسيط قاسم عبده قاسم ومحمد عبد الحميد فرحات اللذين يميلان إلى إتباع النهج الديني في استعادة القدسالمحتلة عام 1967. وأضاف الفقي الذي كان يتحدث خلال ندوة عقدت الأحد في القاهرة بعنوان (القدس عبر العصور): "لو قلنا (نحن المسلمين) المسجد الأقصى سيقولون (اليهود) حائط المبكى ويقول المسيحيون كنيسة القيامة"، مفضلا ألا يتحدث العرب في المحافل الدولية عن القدس باعتبارها "أرضا مقدسة.. هنا تتوه القضية، وقال إنه من الأفضل التركيز على أنها أرض تم احتلالها في حرب يونيو 1967، بحسب ما أوردت وكالة "رويتر" نقلاً عنه. وفي بحث بعنوان (صلاح الدين الأيوبي وحرب الاسترداد الإسلامية.. تحرير القدس من الفرنج) استعرض المؤرخ قاسم عبده قاسم كيفية استرداد القدس في عصر الحروب الصليبية عام 1187 ميلادية، واختتمه بالقول إن صلاح الدين "بنى دولته على أساس من الوحدة الأخلاقية والدينية للعالم الإسلامي تحت راية الجهاد". أما بحث محمد عبد الحميد فرحات فحمل عنوان (القدس بين تطرف الصليبيين واعتدال المسلمين.. دراسة مقارنة للسلوك في ضوء المصادر الغربية) واستعرض فيه "ما قام به الصليبيون ضد المسلمين من مذابح مروعة وتطهير عرقي وتدنيس للمقدسات وتهجير من الديار والأوطان.. هي نفس الماسي والفظائع ترتكب في نفس البقعة تقريبا"، في إشارة إلى ما يدعو إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يشأن يهودية إسرائيل. وختم بحثه متسائلا "كم من الوقت علينا انتظاره حتى يظهر لنا صلاح الدين مرة ثانية ليعيد الأمور إلى نصابها..". لكن الفقي ذهب في الرأي قائلا إن القياس غير صحيح بين "الغزوة الصليبية التي استمرت قرنين والاحتلال الصهيوني الآن.. هذا قياس محفوف بالمخاطر"، مشددا على أن الانطلاق من البعد الديني وحده في قضية القدس "يضر أكثر مما ينفع" وأن الأجدى منه التركيز على الجوانب القانونية واستنكار يهودية الدولة التي ستجعل من فلسطينيي 1948 "مواطنين من الدرجة الثانية" في إسرائيل. وأضاف أن "القضية الدينية (الإسلامية) في القدس خاسرة بسبب خصوصية العلاقة بين اليهود والمسيحيين فالمسيحي يولد يهوديا حتى يعمد.. إدارة (الرئيس الأمريكي السابق جورج) بوش كانت تدليلا على العلاقة بين العهدين القديم والجديد"، مشددا على ضرورة الوعي بالمتغيرات الدولية في مرحلة وصفها بالخطيرة، محذرا من "خطر داهم يسعى لتغيير طبيعة القدس". والندوة التي تستمر يومين تنظمها الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية بمناسبة اختيار القدس عاصمة للثقافة العربية 2009 وتناقش محاور منها (القدس في كتابات المؤرخين) و(القدس في الحرب العربية الإسرائيلية) و(الوجود القبطي في القدس) و(إسرائيل وتهويد المدينة المقدسة)و(قضية تدويل القدس في ضوء الوثائق المصرية)و(سياسة محمد علي تجاه القدس وأقيم في بهو دار الكتب معرض (القدس الشريف في الأرشيف المصري) ويضم نحو 40 وثيقة عن القدس في عصور مختلفة إحداها تعود إلى عام 1498 ميلادية وصفحتان من كتاب مخطوط عنوانه (موانح الانس برحلتي لوادي القدس) لمصطفى أسعد الحسيني عام 1812 وصورة من خطاب محمد علي حاكم مصر بتاريخ السادس من يونيو 1807 "بإرسال الصرة المخصصة لائمة القدس الشريف وخطبائه ومجاوريه" وقرار مجلس القدس يرفض طلب وكيل طائفة اليهود السكناج شراء العقارات والأراضي بالمدينة. ومن الوثائق أيضا مكاتبة من قنصل مصر "لفلسطين وشرق الأردن" بالقدس يوم 30 أغسطس 1944 إلى وكيل وزارة الخارجية بالقاهرة بشأن وفاة مصطفى بك الخالدي رئيس بلدية القدس وسعي حكومة الانتداب البريطاني إلى تعيين يهودي مكانه وتوجد أيضا رسالة بتاريخ 27 يونيو 1942 من رئيس المجلس البلدي بالقدس إلى مصطفى النحاس رئيس الوزراء المصري يطلب فيها "إرسال عشرة أطنان من الأرز باسم اللجنة الخيرية العربية لإسعاف الطلاب بالقدس". وهناك أيضا رسالة من زليخة الشهابي سكرتيرة لجنة السيدات العربيات بالقدس يوم 31 يوليو 1938 تطلب فيها تدخل فاروق ملك مصر لنجدة الفلسطينيين وتستعرض "ما يقاسيه عرب فلسطين من أنواع الذل والعذاب بسبب اعتداءات اليهود واخرها وقوعا إلقاء القنابل على عشرات المسلمين عقب خروجهم من المسجد بعد صلاة الجمعة في حي إسلامي عربي مما أدى إلى جرح الكثير منهم وفقد أرواح بريئة".