المقال المهين الذي كتبه الدكتور عبد المنعم سعيد منظر لجنة السياسات ورئيس مجلس إدارة الأهرام ليلة مباراة مصر والجزائر بعنوان "تحول تاريخي ومباراة الجزائر" يكشف عن إصرار بعض "معامل" صناعة الأمجاد الوهمية في الترويج لمشروع جديد يجري الإعداد له حاليا ، حتى ولو تسبب ذلك التوجه في إهانة تاريخ المثقف وقيمته ، عبد المنعم سعيد أستاذ العلوم السياسية والمفكر الرصين يحدثك عن التحول التاريخي الكبير في مجال الرياضة في مصر في عصر "نجل مبارك" تحديدا ، لأنه على الرغم من وجود بطولات تحققت في عصر مبارك نفسه إلا أنه لم يتوقف عندها ، ثم اعتبر أن الإنجاز والطفرة والجيل الكروي المبهر هو الجيل الذي بدأ في 1998 ، وهي بالطبع اللحظة التي بدأ فيه ظهور جمال مبارك في المجال الرياضي ورعايته لفرق الكرة والمنتخب الوطني ، هوان عبد المنعم سعيد جعله يعتصر رأسه وخياله وقدراته الفكرية لكي ينتهي إلى أن من أبرز إنجازات المرحلة الرياضية الجديدة استخدام اللاعبين للبلاي استيشن من أجل التدريب أو الترويح وتهدئة الأعصاب ، وكذلك تحدث عن اللاعبين المصريين وأنهم أصبحوا محترفين في البلاد المتقدمة كرويا وعدد من بينهم اللاعب حسني عبد ربه المحترف في إمارة "دبي" ، ولأن عبد المنعم سعيد لم يقرأ الحكمة التراثية الخالدة التي تقول : من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب ، فقد تحدث عن التطور الواضح في شؤون "الساحرة المستديرة" حسب تعبيره ، فأبرز منها : اختراع تقاليع خاصة ببعض الرسوم علي الوجوه بين المشجعين , وتحديدا ما يتعلق منها برسم علم مصر. وفي الأيام الماضية, فإن العابر لميدان عبد المنعم رياض في وسط القاهرة, يري لوحة كبيرة تعبر عن هذا المعني بحبك يا مصر"!! ، فأما اللوحة فهي لوحة تجارية لعدد من الشركات ، يعني عملية تجارية ليست لوجه الله أو الوطن ، ونراها يوميا تقريبا مثلما يراها عبد المنعم سعيد وحفظناها هي وما جاورها من إعلانات المطربين والسمن البلدي من كثرة وقوفنا فوق الكباري لسوء تخطيطها وتردي الحال المرورية المزمن وفشل مشروعات التخطيط أو انعدامها لإنقاذ العاصمة من الاختناق ، وأما الشخبطة على الوجوه فهي عملية تقليد بحتة لما يراه بعض المراهقين في الفضائيات من مشاهد مباريات كأس العالم ، وتتصور يا دكتور سعيد أن المشجعين في دولة "بنين" العظمى يفعلون ذلك أيضا! ، ومن علامات التطور الهائل كما يراها عبد المنعم سعيد " الوجود الكثيف حول شاشات العرض التي تقام في الميادين العامة وأماكن التجمعات وبعض المقاهي, سواء كانت في الأحياء الشعبية أو المناطق الراقية, لرؤية المباريات" ، ولأن عبد المنعم سعيد غير متابع فإنه لا يتذكر أن هذا التحول سببه الأساس أن الدولة عجزت أو فشلت في شراء حقوق بث مباريات فريقها الوطني واستخسرت في الشعب بضعة ملايين من الجنيهات فاشتراها مستثمر سعودي وأجبر ملايين المصريين على الخروج إلى المقاهي لرؤية فرقهم أو منتخبهم ، حتى أصبحت عادة ، يعني الدلالة المباشرة على ذلك أنه عار على الدولة والسلطة وليس إنجازا ، وقد عدد الكاتب عددا آخر من الشواهد منها حمل لافتات التشجيع باللغتين العربية والإنجليزية في المدرجات ، وتحيرت في فهم معنى أن يكون هذا من التطور وليس من الانتكاس الذي يشكو منه خبراء اللغة وعلماء الاجتماع من إضعاف هذه الظاهرة للهوية وتأثيرها الخطير على اللغة الوطنية ، وهل وجد عبد المنعم سعيد المشجعين البريطانيين يحملون لافتاتهم باللغتين الفرنسية والإنجليزية ، وهل يحمل الألمان لافتات التشجيع بالإنجليزية والألمانية ، إنها دول محترمة حققت إنجازات حقيقية لشعوبها وخططت كل شيء بشكل دقيق ومبهر ونفذت بنية أساسية شاملة مذهلة تشمل كل مدينة وكل قرية وحققت الرفاه الاجتماعي لمواطنيها ثم أغدقت على الكرة والرياضة وكل ما يتسلى به الناس بعد ذلك ، إنها بلاد لا تعرف توريث الحكومات يا صاحبي ، .. وللحديث بقية . [email protected]