عرفته منذ ما يزيد على خمس وعشرين سنة؛ كان ولا يزال مبهرًا متألقًا تحوطه أنوار اليقين وتعلو وجهه بشاشة الإيمان ، وهو صاحب يدٍ وذو فضلٍ وسبق عليَّ وعلى كثيرٍ ممن عرفتهم في حياتي .. أخطأ في حقي وفي حق الكثير ممن أحبوه وأخلصوا له؛ ذهبت إلى بيته لأعاتبه ... عند الباب وجدت أحد الغاضبين وقد علا صوته واحمّر وجهه، وهو يسب ويقذف الحجارة، هالني ما رأيت فصديقي لا يستحق هذا؛ فرغم أخطائه في حقي وفي حق غيري، فهو من أفضل من لقيت على مدار عمري.. تفرست في وجه الرجل الغاضب فإذا هو مخلص رائحته طيبة، ويحمل وجهًا طيبًا رغم غضبه، حاولت تهدئته فلم أفلح.. غادرته.. سمحوا لي بالدخول من الباب الخارجي للمنزل حيث يسكن صديقي، قلبي يحمل مشاعر مختلطة من الاشتياق إليه والشفقة عليه والعتب منه والخوف عليه مما ألم به... فاجأتني رائحة منتنة تزيد كلما اقتربت من باب المنزل، الباب مفتوح.. دخلت.. حول صديقي أربعة أشخاص... أولهم رائحة أنفاسه الفاسدة تملأ المكان، عندما تتأمل في وجهه ترى ملامح كريهة كأنها ملامح المخلوع... لا.. بل هي أقبح وكأنها لشيطان عاد لتوه من الجحيم. الثاني قد امتلأت جيوبه بالدراهم بشكل ملفت.. لديه أسنان صفراء حادة وابتسامة صفراء وعيون ماكرة.. أما الثالث فهو مهندم ومرتب يضع النظارات، وقد امتلأت جيوبه بالدولارات بشكل غريب.. والرابع يرتدي السواد له لحية كبيرة، ويضع على رأسه قلنسوة سوداء لامعة، ويرتدي فوق ملابسه سلسلة كبيرة يتدلى منها رمز ديني.. يحمل وجهًا حاقدًا وعينين تقدحان بشرر الغضب... ياللهول لم أكن أظن أن للحقد رائحة إلا عندما اقتربت من هذا الرجل. بدأت أشم رائحة طيبة, من بعيد دخل علينا رجلان قد أحاطت بهما هالة من النور وهما يتناقشان.. ازدادت حدة النقاش فعلت أصواتهما, بدأت هالة النور حولهما في الخفوت وضاع كل أثر للرائحة الطيبة, كادا أن يتشابكا بالأيدي؛ فضرخ فيهم صديقي : "أرجوكم أخرجوا من هنا أنتم لا تساعدوني", خرج الاثنان ولا زالا يتجادلان ... عادت الرائحة الفاسدة تنتشر في المكان. وفجأة.. أخرج كل واحد من الأشخاص الأربعة سكينًا وبدأوا يطعنون صديقي..... قمت من نومي فزعًا صارخًا قد ملأني الخوف وتملكني القلق.. ... فتحت التليفزيون فشاهدت الأخبار عن المولوتوف على القصر الرئاسي وتعطيل المترو ومبادرة حزب النور. ستننصر ثورتنا بإذن الله عبدالرحمن محمد رضا mqalati.com @abdoureda أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]