أتفهم تماما غضب الزملاء في صحيفة الشروق اليومية من إقدام صحيفة المصري اليوم على سرقة قصيدة الشاعر الكبير فاروق جويدة التي منحها حصريا للشروق باتفاق مسبق ، والقصة تقول بأن الشروق اتفقت مع جويدة على أن يخصها بنشر أحدث قصائده ، وهي قصيدة جميلة بالمناسبة وتستحق الضجة ، ونشرت القصيدة بالفعل في الطبعة الأولى من الشروق وهي الطبعة التي تخرج من المطبعة تقريبا بين الثامنة والتاسعة مساءا وبعضهم قبل ذلك بكثير ، وقامت مذيعة قناة دريم منى الشاذلي بالتعليق على القصيدة وقراءة بعض أبياتها في برنامجها "العاشرة مساءا" باعتبارها قصيدة منشورة حصريا في صحيفة الشروق ، وكان كلام منى الشاذلي واضحا بما يكفي ، ووقت البرنامج كانت الصحف جميعها قد تمت طباعتها بالفعل خاصة الطبعة الأولى التي توزع في القاهرة وضواحيها القريبة ، ولكن بعد منتصف الليل فوجئ الزملاء في الشروق بأن هناك طبعة جديدة من صحيفة المصري اليوم ومتضمنة قصيدة جويدة مع احتفالية خاصة بها دون أي إشارة إلى نقلها عن الشروق ، ولكي تخرج المصري اليوم من المأزق ، مأزق السرقة الأدبية الواضحة قالت أنها تنشر القصيدة نقلا عن برنامج العاشرة مساءا!! ، واستنكفت أن تقول أنها تنقلها عن الشروق ، رغم أن من قالت أنها نقلتها عنها قالت بوضوح أنها أخذتها من الشروق ، المسألة واضحة تماما ، وهي أننا أمام سرقة أدبية لا تليق بالصحف المحترمة ، وكان الأفضل للزميل مجدي الجلاد رئيس تحرير المصري اليوم أن يعترف بالخطأ مع الوعد بعدم تكراره ، للحفاظ على صورة صحيفته التي تملك قطاعا لا بأس به من القراء ، ولكن فيما يبدو أن المشكلة جزء من معركة أطول وأسبق بين المصري اليوم والشروق ، أو تحديدا بين الزميل مجدي وبين الشروق ، تفاعلت عندما نجحت الشروق في استقطاب أهم كتاب المصري اليوم للكتابة على صفحاتها والاعتذار عن الاستمرار في الكتابة للمصري اليوم ، وهو ما أحدث فراغا واضحا في صفحات الرأي في المصري اليوم تعاني منه حتى الآن وجعلها تمتلئ بالهواة والمغامرين وبعض المجتهدين ، مع قلة نادرة من الأسماء الثقيلة ، والمسألة لها بعد معنوي آخر ، يتمثل في أن انتقال الكاتب من صحيفة إلى صحيفة منافسة جديدة يمثل ضمنيا تقليلا من شأن السابقة وتقديرا منه بأن الصحيفة الجديدة أكثر جدية وأهم من سابقتها ، خاصة عندما يكون النزوح جماعيا كما حدث في حالتنا هذه ، ومن ساعتها ولا يترك الجلاد فرصة من دون أن يشهر بالشروق ويحقر من أدائها ويهون من قيمتها في سوق الصحافة المصرية ويتحدث بما لا يليق عن أساتذة له ولنا بالتأكيد في المهنة ، كما يفرض حصارا على كتابها وصحفييها بحيث لا يظهرون في عدد من القنوات الفضائية التي يعمل فيها كمستشار أو يوظف فيها العشرات من شباب المصري اليوم كمعدين للبرامج ومنسقين لها ، في الوقت الذي أصبح فيه ظهوره هو في تلك القنوات أكثر من أي شيخ من شيوخ الصحافة المصرية الكبار حتى أن مشكلة صغيرة حدثت له في المطار حولها إلى قضية رأي عام ناقشتها تلك الفضائيات جميعها بصورة مدهشة ، وكأنها قضية أمن قومي ، ورغم تفهمي لغضب الشروق إلا أني أتمنى أن يتساموا أكثر على مثل هذه التحرشات المهنية ، خاصة وأن الشروق تملك كتيبة من المهنيين القدامى لها ثقلها واحترامها في مصر والعالم العربي وكذلك مواهب من الجيل الجديد ، كما أنها تحافظ على نوع من الرصانة والالتزام المهني نحتاجه ويغيب كثيرا عن صحافتنا اليوم ، وتتطور صفحاتها وحيويتها بشكل واضح مع الوقت ، وأتصور أن الرهان المستقبلي يصب في صالح الشروق ، والقارئ في النهاية هو الفائز الحقيقي . [email protected]