عزوز رئيسًا لاتحاد منتجي ومصدري الحاصلات البستانية    توقيع اتفاقية شراكة مصرية قطرية أمريكية لتأسيس منظومة تصنيع طبي متكاملة    رسوم السحب النقدي من ماكينات الATM والحد الأقصى لعمليات السحب لجميع البنوك    مصر تحقق نجاحا إفريقيا في اتفاقية التجارة الحرة القارية بعد أربع سنوات    زاخاروفا: روسيا تدعم فنزويلا في الدفاع عن سيادتها    دبلوماسية أمريكية سابقة: الإدارة الأمريكية بدأت في توجيه اللوم إلى الحكومة الإسرائيلية    تراجع الزخم.. تفريطٌ في العدالة    ياسر عبد العزيز يكتب: مصر الكروية كاملة الأوصاف ولكن!    تداول صورة ل توروب مدرب الأهلي خلال زيارة سفارة الدنمارك بالقاهرة    منتخب التايكوندو يحقق المركز الخامس في بطولة العالم بالصين    الموت غرقًا| مصرع 3 فى سقوط سيارة بترعة طوخ    بالتوقيت الشتوي.. مواعيد تشغيل القطار الكهربائي الخفيف LRT    براءة الشاب المتهم بالتعدى بالضرب على طفل العسلية فى المحلة    مي عمر: بحب الأهرامات جدًا وشغوفة بلحظة افتتاح المتحف المصري الكبير    المتحف المصري الكبير| رسالة سلام من قلب مصر إلى العالم: تقرير    هنا الزاهد أمام الأهرامات قبل افتتاح المتحف المصرى الكبير: مصرية وأفتخر    انطلاقة جديدة وتوسُّع لمدرسة الإمام الطيب للقرآن للطلاب الوافدين    عاجل- مدبولي: بدء تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل بالإسكندرية من العام المالي المقبل وتكثيف الاستعدادات بمحافظة المنيا ضمن المرحلة الثانية    الصحة تشارك في احتفالية اليوم العالمي للسكتة الدماغية لرفع الوعي وتطوير مهارات الكوادر الطبية    حافلة الزمالك تصل إلى ستاد القاهرة استعدادًا لمواجهة البنك الأهلي    خالد الجندي: افتتاح المتحف الكبير إنجاز عظيم للرئيس السيسي    بدء التوقيت الشتوى الليلة.. نصائح فعالة لضبط دورة نومك مع تغيير الساعة    ارتفاع أسعار الفول وتباين العدس في الأسواق    300 شاحنة مساعدات تغادر معبر رفح البري لدعم الشعب الفلسطيني بقطاع غزة    وزير الرياضة يصدر قراراً بتشكيل اللجنة المؤقتة لإدارة شئون الإسماعيلي    اتحاد السلة يعلن جدول مباريات ربع نهائي دوري المرتبط «رجال»    سوريا وألمانيا تؤكدان أهمية الحوار الدبلوماسي والتواصل المباشر في دعم الاستقرار الإقليمي    محافظ الغربية يرفع يوجه بسرعة تجهيز الشاشات في الميادين استعدادا لحفل افتتاح المتحف الكبير    مصر تطرح رؤيتها حول استخدام الذكاء الاصطناعي في أعمال المراجعة    بالأسماء.. إصابة طبيبة و4 ممرضين إثر سقوط سيارة في ترعة بالبحيرة    السيطرة على مشاجرة بين أشخاص داخل صيدلية بالشيخ زايد    محافظ القاهرة يصدر حركة تنقلات بين رؤساء الأحياء    كواليس هزيمة برشلونة أمام ريال مدريد.. الصحافة الكتالونية تتحدث    قافلة بين سينمائيات تطلق ورشة الفيلم التسجيلي الإبداعي 2026 لتأهيل جيل جديد من المخرجات    تأجيل محاكمة البلوجر أم مكة بتهمة بث فيديوهات خادشة    تفاصيل قرار جديد للرئيس عبدالفتاح السيسي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة الأقصر    مستقبل وطن يواصل مؤتمراته الجماهيرية لدعم مرشحيه وحث المواطنين على المشاركة في انتخابات النواب (فيديو)    مدمن مخدرات.. القبض علي مسجل اعتدى بالضرب علي شخص وزوجته بالعمرانية    «ابن أمه ميتعاشرش».. 4 أبراج رجالهم لا يتخلون عن والدتهم رغم كبرهم    تأجيل النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية 48 ساعة    عاجل الأحد المقبل بدء تسليم أراضي "بيت الوطن" للمصريين بالخارج بالقاهرة الجديدة    رئيس مجلس إدارة جهاز تنمية التجارة الداخلية الجديد يبدأ مهام عمله    أحمد موسى يتقدم ببلاغات للنائب العام ضد صفحات نشرت تصريحات مفبركة باسمه    المشدد من 3 إلى 15 سنة ل4 متهمين بحيازة أسلحة نارية وذخائر بشبرا الخيمة    وزير الصحة: أصدرنا حتى الآن أكثر من 115 دليلًا إرشاديًا فى مختلف التخصصات الطبية    وزيرة التضامن تشهد احتفالية الأب القدوة.. وتكرم شخصيات ملهمة    مدحت شلبي: محمد عبد المنعم يرفض العودة إلى الأهلي ويفضل الاستمرار في أوروبا    «نفسي أشتمنا».. يسري نصرالله ينعى المصورين ماجد هلال وكيرلس صلاح    الرئاسة تكشف تفاصيل لقاء السيسي ب رئيس مجلس الوزراء الكويتي    «بالزي الفرعوني وأعلام مصر» .. مدارس الإسكندرية تحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير في طابور الصباح (صور)    هل يحق للزوج منع زوجته من العمل بعد الزواج؟.. أمين الفتوى يجيب    أسعار النفط تسجل 64.52 دولار لخام برنت و60.11 دولار للخام الأمريكى    توفيق عكاشة: السادات أفشل كل محاولات إشعال الحرب في السودان    طابور الصباح فى الشرقية يحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير.. فيديو    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في الشرقية    طريقة استخراج جواز سفر مصري 2025.. التفاصيل كاملة    ترامب: كوريا الجنوبية ستدفع 350 مليار دولار مقابل خفض الرسوم الجمركية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هيكل والإخوان ..؟
نشر في المصريون يوم 05 - 11 - 2009

صدق محمد حسنين هيكل في قوله أنه ما أن يكتب حتى تهب فرق " الكاراتيه " لتوجه إليه ضربات هناك وهناك ،وأحمد الله أننى لست فردا من هذه الفرق ، ذلك أننى أحمل لهذا الرجل من الود والتقدير ما لا يتصوره أحد ،ويكفى أننى أقرأ له من قبل ثورة يوليو حتى الآن منذ أن كان يكتب في صحف أخبار اليوم ، وكذلك قرأت له كتابه الأول ( إيران فوق بركان ) الذى كان أول كتبه ، ، أى ما يقرب من ستين عاما ، حتى لأستطيع القول بأن شيئا مما كتب لم يفلت منى ،ومن ثم فهو مُشَكل لجزء كبير من عقلى ،وخاصة من الناحية السياسية ، ومعظم ما يكتبه وخاصة تعليقا على مواقف معاصرة ، أجد كأنه يترجم ما أفكر فيه حقا، باستثناءات قليلة ، مثل ما أشير إليه اليوم 0
ويكفى تدليلا عن قدر هذا الرجل ، طوال هذه الأعوام الممتدة ، أنه ما أن يكتب أو يصرح بموقفه من بعض القضايا المعاصرة ، حتى تنهمر التعليقات وتفيض أنهر الصحف ، بما له وما عليه ،وما يُطَمئن الإنسان حقا ، هو أننا نعرف جيدا دوافع هؤلاء الذين يهاجمونه في صحف الدولة ،وبل إن واحدا مثلى ، يعتبر هذا وسام تقدير على صدر هيكل ، فهم لا يستطيعون أن يقولوا إلا شجبا ولا يستطيعون أن يكتبوا إلا هجوما ، فذلك هو جواز المرور إلى الاستمرار في مواقعهم 0
وما من مرة يُسأل هيكل عن الإخوان المسلمين ، إلا ويغمز ويلمز ،وأحيانا بطريق مباشر ،ولا يُتوقّع منه غير هذا ، خاصة وأنه فيلسوف نظام أخذ على عاتقه مهمة القضاء على الإخوان والتنكيل بهم بصورة بشعة ، حتى يكاد الإنسان ألا يصدق ، عندما يسمع ولو أمثلة ، أن هناك آدميين ، يملكون قلوبا وهم يفعلون ما فعلوه ،وهو حر بطبيعة الحال أن يحب هذا الفريق ويكره ذاك ، فلا نناقشه في هذا ،ولكن خطورة ما يقوله هيكل أنه من فرط الثقة في حديثه ، قد يمضى إلى من لا يعرف فيصدقه ،وخاصة إذا كان الأمر يتعلق بالحديث عن " أحوال " و "وقائع " ،وليس مجرد إبداء رأى وتفسير 0
وعلى سبيل المثال ، فقد ركز حديثه الأخير مع المصرى اليوم على مؤسس الجماعة ، حسن البنا ، وقال أنه جلس معه ، وفى هذا مبالغة ، فعدة دقائق يجلسها الراحل في مكتب هيكل فى أخبار اليوم ،انتظارا لوكيل الداخلية ، بعد مقتل النقراشى الذى كان رئيسا للوزراء ، لا تكفى للحكم على الرجل 0
كذلك فقد ذكر أن حسن البنا بالفعل رجل نادر ، لكنه لم يملك فكرا و نظرية ،وأن الكتاب الوحيد له هو كتاب الدعوة والرسالة ،والحق أنه نسى كتيبا صغيرا بعنوان الرسائل الثلاث ،هو الذى يحمل فكرا ، لو خضع للتحليل والشرح والتفصيل لملأ كتابا ضخما ،و كتاب الدعوة والرسالة معظمه أقرب للممذكرات 0
بل إن البنا ، كما هو معروف ، كان يلقى حيثا منتظما عرف باسم ( حديث الثلاثاء ) كان يستغرق عدة ساعات ، فهل يتصور أحد أن الرجل يظل العديد من المرات ، يتحدث ، في كل مرة ، حديثا مسطحا ؟ من أين له إذن أن يجمع مئات الألوف من الناس حول ، بما لم يسبق لأحد أن فعل مثله ، إن لم يملك مشروعا نهضويا ،وفكرا متميزا ، فيه من عوامل الجذ الكثير؟
بل إننى لأذكر مقالا كتبه الراحل يوسف السباعى في المجلة التي كان يرأس تحريرها ( الرسالة الجديدة ) ، أيام ضرب الجماعة ، بعد محاولة اغتيال جمال عبد الناصر في أكتوبر 1954، مستهدفا الهجوم على الجماعة ، فأشار إلى أنه كان سائرا يوما في الحلمية ، حيث كان يسكن ، وفى الوقت نفسه ، كان المركز العام للجماعة ، فإذا به يرى ألوفا من الناس يتجمعون ليسمعوا حسن البنا في أحد أحاديثه ، فحدثته نفسه أن يقف ليستطلع ما يقوله البنا بحيث يجذب ألوف الناس 000كان تقديره أن يقف لدقائق ، فإذا به يقف عدة ساعات ، من شدة خاذبية حديث البنا ، حيث استنتج السباعى من هذا خطورة الرجل لأنه امتلك قدرة وكأنها سحرية ،وبالتالى يمكن أن يأخذ بأتباعه إلى مصير مجهول !
مقدمات السباعى كانت صحيحة ، لكنه انتهى إلى نتيجة لا تتسق مع المقدمات !
فبم جذب البنا الألوف كى يظلوا واقفين " متسمرين " ليسمعوا له ،وينضموا إلى دعوته ،ويتحملون في سبيلها من المشاق ما يصعب على ملايين الناس ؟
ولو أنصف هيكل لنظر بعيدا إلى خبرات التاريخ ،وهو مغرم به مثلى ، أو أنا الذى مثله ، فعندئذ سوف يجد أن التاريخ عرف فئة من الفلاسفة والعظماء لا كتب لهم ، دون أن يعنى هذا أنهم لا يملكون مشروعا ضخما للتغيير والإصلاح ،وأقرب ما نُذَكر به هيكل نفسه ، الزعيم الذى كرس حياته للوقوف إلى جواره ، جمال عبد الناصر ، فهو لم يكتب شيئا ، حيث أن الكتيب الوحيد المنسوب إليه ( فلسفة الثورة ) هو من تحرير هيكل نفسه ، ومع ذلك ، فلا يستطيع أحد أن ينكر أن عبد الناصر كان يملك مشروعا للنهضة ، بغض النظر عن الموافقة عليه أو العكس 0
بل إن الميثاق ، الذى وضعه أيضا هيكل ، أكد على أن تميز الثورة ، كمُن في أنها لم تبدأ بنظرية ، لتنزلها إلى أرض الواقع ، بل نزلت إلى أرض الواقع ، وفق بعض التوجهات العامة ، لتصيغ ، من خلال حركة هذا الواقع ،وتجربته ، نظرية وفكرا خاصا للثورة !
ومن قبل ذلك ، كان فيلسوف الإغريق الكبير ، سقراط ، لم يكتب صفحة واحدة ، لكنه يعد أبو الفلسفة الغربية ،ومن تحت عباءته خرج فلاسفة كبار عظام أبرزهم أفلاطون وأرسطو ، وخلف هو نفسه وجهة نظر وفلسفة لا يستطيع أحد أن ينكرها 0
وبغض النظر عن الموقف الهجومى من قِبَل البعض في الفترة الأخيرة من الهجوم على ما يسمونه " بالوهابية " ، فإن الشيح محمد عبد الوهاب ، قد أحدث تغييرات مذهلة على أرض شبه الجزيرة العربية ،وخارجها ،ولم يكن للرجل كتب ونظريات !
كذلك كان الشيخ السنوسى على الأرض الليبية ، صاحب دعوة ، استطاع من خلالها أن يؤثر في مئات الألوف ،ويحفز حركة مقاومة ،ويدعو إلى بناء أمة 000
إننا هنا أمام فئة ممن أسميهم " مربى أمم " 00جهدهم الأكبر ، نحو الفعل والحركة والنشاط والبناء ، بغير الوقوع في أسر " تنظير " ، يُحدث جلبة ، دون قدرة على تجاوز الأوراق والميكروفونات إلى تغيير أرض الواقع 0
ومما قاله هيكل أيضا ، ولا يتفق مع الواقع في حقيقته وفحواه ، هو القول بأن السعودية هى التي ساعدت الإخوان واحتضنتهم ،وهنا أيضا ، يؤدى عرض القضية وفق قِبلة معينة ، إلى سوء الفهم وخطأ التفسير ، فالذين ذهبوا إلى السعودية من إخوان مصر في عهد الملك عبد العزيز ، كان هربا مما حركة السجن والتشريد عام 1949التي أعقبت هجمة حكومة إبراهيم عبد الهادى ، الذى خلف النقراشى في رئاسة الوزارة والحزب السعدى 0
والذين فتحت لهم السعودية الأبواب في الخمسينيات وما بعدها ، كانوا هاربين من السجن والتشريد والتعذيب الذى اجتاح قطاعات واسعة منهم وعائلاتهم وأقاربهم وأصدقائهم بعد 1954 0
ومصر نفسها ، كان هذا ديدنها بالنسبة لكثير من الشخصيات العربية التي قادت حركات ثورية أو إصلاحية في بلادها ،وفى عام 1961 أو الذى بعده ، إذا لم تخنى الذاكرة ، احتضنت مصر فى عهد الثورة بعض الأمراء والشخصيات السعودية التي أحدثت حركة احتجاج داخل المملكة ، بل إن ملك المملكة السعودية نفسه ، الملك سعود ، احتضنته مصر ، عندما حدث تصادم بينه وبين الراحل الملك فيصل 00وهكذا 0
وأكرر هنا ما سبق أن كتبت عنه منذ فترة ، كيف أن هيكل ، عندما تحدث عن حركة المقاومة ضد الهجوم الثلاثى عام 1956 ، قال أن جميع القوى شاركت في المقاومة ما عد الإخوان المسلمين ، فالذى يسمع هذا من الذين لم يعيشوا الفترة ، لابد أن يشعروا باستياء نحو الجماعة ، لكن هيكل ، في بعض الأحيان يشير إلى جزء من الحقيقة ، مغفلا جزءا آخر ، مما يمكنه من توجيه القارئ أو السامع إلى الاتجاه الذى يريد ، أما هذا الجزء الذى لم يقله ، فهو أن الإخوان في تلك الفترة كانوا في السجون والمعتقلات ، فهل يصح توجيه اللوم لهم لأنهم لم يشاركوا في المقاومة ؟
وهكذا ، نجد الكاتب الكبير ،والصحفى العظيم ، يُخرج من المعلومات – أحيانا – وفقا لتحيزات خاصة به -وهى من حقه تماما - مما " يُلَوّن " الحقيقة فتبدو على غير ما هى بالفعل000إنها النفس البشرية ،التي توقع التفكير أحيانا في أسر المشاعر ، إن سلبا أو إيجابا !
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.