سنحت الفرصة أمام الإسلاميين بعد ثورة25 يناير لممارسة العمل السياسي الذي حرموا منه حقبة من الزمان ليست بالقليلة بل كان محظورًا عليهم الاشتغال بأي عمل سياسي من قبل الحكومات التي تعاقبت على مصر منذ ثورة 23يوليو وحتى ثورة يناير الميمونة التي حررت الإسلاميين من قيود متعددة فرضت عليهم، ومنحتهم انطلاقة واسعة أدت بهم للوصول إلى سدة الحكم وممارسة حقوقهم المشروعة التي سلبت منهم في عصور القمع وتقييد الحريات. جاءت الفرصة للإسلاميين لطرح آرائهم وأفكارهم ومقترحاتهم على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والسعي لإيجاد حلول للمشكلات التي يعج بها المجتمع المصري منذ زمان طويل، وتعتبر من مخلفات النظام البائد وتراكمات إهمال متعمد وفساد غاشم نسج خيوطه في كل المؤسسات لإفساد الحياة الاجتماعية للمصريين. لذلك تأسست أحزاب كثيرة ذات صبغة إسلامية بل تكاد لا توجد جماعة دعوية إلا وسعت لتأسيس حزب وإيجاد ذارع سياسية لها، فنشأ حزب البناء والتنمية، والحرية والعدالة، والنور، والأصالة، والوطن، وغيرها من الأحزاب الإسلامية التي فرضت نفسها ونفوذها على الشارع المصري بما تؤديه من خدمات للمواطن، وهذا يؤدي إلى ثراء العملية السياسية ومحاولة تطبيق السياسية الشرعية التي جاء بها الإسلام العظيم. ولكن هل يمارس الإسلاميون السياسة على الوجه الذي ينبغي في ممارستها؟ هل يمارسونها بأساليبها الملتوية الغريبة عن مبادئهم وصفاتهم؟ وهل يرضى الإسلاميون لأنفسهم التخلي عما جاهدوا به أنفسهم من أخلاق وقيم؟ وهل يرضون لأنفسهم مشين الصفات والعادات التي تغلب على المشتغلين بالسياسة من كذب، واختلاق، وغدر، وخيانة، ونقض للوعود والمواثيق؟ هذا ما يرصده الشارع المصري بوسائل إعلامه المتنوعة للوقوف على تجربة الإسلاميين ومدى نجاحها. أو النيل من الإسلاميين وكيل الاتهامات لهم ونشر الإشاعات حول تصرفاتهم وأفعالهم إذا خالفت تصرفات السياسيين. ولكن المشكلة التي تقابل الإسلاميين لا تتمثل في قلة خبراتهم فحسب فقد يكتسبونها بالممارسة وكثرة التجارب وحسن الإعداد والتكوين الثقافي والسياسي الجيد للشخصية الإسلامية الممارسة للعملية السياسية. وإنما المشكلة الحقيقية تكمن في نظرة الناس للإسلاميين أنهم دعاة دين ومشاعل هدى لهم سمتهم الخاص بهم، وتعلو وجوههم ابتسامة حانية يعشقها الفقير والضعيف واليتيم والكادح من أبناء هذا الوطن وما أكثرهم. فلم ولن يقبل الناس من الإسلاميين عذرًا في قضاء حوائجهم وتنفيذ مطالبهم والسعي الحثيث لإيجاد الحلول لكافة ما يعانيه المجتمع المصري من مشكلات وهموم، لأن الناس قد تعودوا من الإسلاميين الدعاة العون الدائم والمساعدة المستمرة. بل هناك من الناس من يرصد تصرفات الإسلاميين بمنظار دقيق للتنديد بهم وبأفعالهم وتشويه الصورة التي رسمها الناس للدعاة لينفضوا من حولهم ويقل رصيدهم عند جموع الشعب المصري. والسبب في ذلك أن الإسلاميين المشتغلين بالسياسة هم الدعاة الذين تعود الناس سماع خطبهم ومواعظهم والجلوس بين أيديهم لبث الهموم إليهم، وإيجاد راحة النفس في حلولهم وعلاجهم للأزمات التي تعصف بحياتهم. ولذلك فالإسلاميون مطالبون أن يفرقوا بين اشتغالهم بالسياسة والدعوة حتى لا يسحب البساط من تحت أقدام دعوتهم وينصرف الناس عن سماعهم، وتفقد الثقة في منابرهم وتوجيهاتهم. وفي رأيي أن الإسلاميين مطالبون أن يفرزوا صفًا غير صف الدعاة يشتغلون بالسياسية إن كانوا يريدون لدعوتهم نجاحًا وازدهارًا في الوقت الذي أتيحت فيه كل الإمكانيات وتعددت فيه الوسائل لإنجاح الدعوة والوصول إلى كافة الأطياف في المجتمع المصري. فلابد أن يعي الإسلاميون خطورة الاشتغال بالسياسة فيختارون الكفاءات من كوادرهم وقواعدهم المؤهلين لتحقيق أهدافهم وما يرومون إليه من غايات. ولابد أن يعلم الإسلاميون المشتغلون بالسياسة الآن والذين يسعون لها في المستقبل القريب أنهم منوط بهم أمانة عظيمة يسألهم عنها الله تعالى، وأن الشعب اختارهم لا لتشريفهم بل لتكليفهم بقضاء حوائجهم، ومراعاة مصالحهم، وأداء حقوقهم إليهم، والارتقاء بالوطن، والسعي لتوفير الحاجات لأبنائه، وتذليل الصعوبات أمامهم، وإزالة العقبات التي تعوق مستقبل أبنائهم. [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]