استنكر فضيلة الشيخ علي طه، مفتش الدعوة الإسلامية وعضو الاتحاد العالمي لحقوق الإنسان، الفتوى التي أطلقها الشيخ محمود شعبان بتكفير أعضاء جبهة الإنقاذ وإباحة دمائهم. وقال طه إن التكفير ليس كلمة سهلة يمكن أن تلقى على أي مواطن وفي أي وقت تحت أي سبب لأن التكفير ليس مجرد كلمة بل هو حكم شرعي، حيث قال الله تعالى: {هُوَ الذي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [التغابن: 2]، وهذا الحكم الناس فيه بين إفراط وتفريط، فغلا قوم فتوسعوا في التكفير ببعض الكبائر، وجفا آخرون فأحجموا عن تكفير من لم يكفره الله ورسوله، واتفق العلماء على عدة مبادئ وهى كالتالي: اولا:عموم النهى عن تكفير المسلمين: وردت الكثير من النصوص في النهى عن تكفير المسلمين: قال تعالى ﴿ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمنًا تبغون عرض الحياة الدنيا ….﴾، وسبب نزول الآية قتل صحابى لمشرك قال لا إله إلا الله عندما هم بقتله، فبلغ ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم فغضب، وقال: (من رمى مؤمنًا بكفر فهو كقتله ) (رواه البخاري). وفي حديث أبى هريرة (إذا قال المسلم لأخيه كافر فقد باء بها أحدهما)(رواه البخاري بلفظه). وفي مجمع الزوائد من حديث عبد الله بن مسعود يرفعه ( ما من مسلمين إلا وبينهما ستر من الله، فإن قال أحدهما لصاحبه هجرًا، هتك الله ستره، وإذا قال يا كافر فقد كفر أحدهما) (رواه الطبري والبراز من حديث يزيد ابن أبى زيادة وحديثه حسن ورجاله ثقات). ثانيا: ضوابط الحكم بالكفر عند علماء أهل السنة: 1- لا تكفير إلا بإنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة: قرر العلماء انه لا يجوز تكفير أحد إلا في حالة إنكاره ما هو معلوم من الدين بالضرورة، والمقصود بالمعلوم من الدين بالضرورة النص يقيني الورود (من الله تعالى أو الرسول صلى الله عليه وسلم والقطعي الدلالة الذي لا يحتمل التأويل) حيث قال الشوكاني ( اعلم أن الحكم على المسلم بخروجه من دين الإسلام، ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار). 2- التكفير على العموم أما المعين فيتوقف تكفيره على استيفاء الشروط وانتفاء الموانع: كما قالوا بجواز التكفير على العموم بمعنى جواز القول بان المذهب المعين أو القول المعين هو كفر، أما الشخص المعين فلا يجوز القول بكفره إلا بعد استيفائه شروط التكفير وانتفاء موانعه عنه والدليل على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن شارب الخمر على العموم، ولما جلد رجلًا شرب الخمر قام رجل فلعنه فقال صلى الله عليه وسلم (لا تلعنوه فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله) (رواه البخاري)، فوجد الرسول مانع من اللعن العام وهو محبته لله والرسول.يقول ابن تيمية ( إن التكفير العام يجب القول بإطلاقه وعمومه، وأما الحكم على المعين بأنه كافرًا أو مشهود له بالنار، فهذا يقف على الدليل المعين، فإن الحكم يقف على ثبوت شروطه وانتفاء موانعه) (ابن تيمية، الفتاوى، الفتاوى،مجلد 12، ص22). 3- التمييز بين الكفر الأكبر ( الاعتقادي) والكفر الأصغر (العملي): كما ميز العلماء بين الكفر الأكبر (الاعتقادي) وهو إنكار أصل من أصول الدين) والكفر الأصغر ( العملي) ( المعصية) كقوله صلى الله عليه وسلم "لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن" فالأول يوجب الخروج من الملة والثانى لا يوجب ذلك.) يقول بن عباس رضى الله عنه في تفسير قوله تعالى( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)( كفر دون كفر ) و يقول ابن القيم(فأما الكفر فنوعان:كفر اكبر وكفر اصغر، فالكفر الأكبر:هو الموجب للخلود في النار، أما الكفر الأصغر:موجب لاستحقاق الوعيد دون الخلود) (مدار السالكين:1/364)، كما قرر العلماء ان الكفر الذي يلزم منطقيا من مذهب معين لا يوجب التكفير إلا في حاله التزام أصحاب هذا المذهب بهذا اللازم، يقول ابن تيمية: (فلازم المذهب ليس بمذهب، إلا أن يلتزمه صاحب المذهب، فخلق كثير من الناس ينفون ألفاظًا أو يثبتونها، بل ينفون معانٍ أو يثبتونها، ويكون ذلك مستلزمًا لأمور هي كفر، وهم لا يعلمون بالملازمة) ( مجموع الفتاوى: 5/306) وقال في موضع آخر: (... ولو كان لازم المذهب مذهبًا للزم تكفير كل من قال عن الاستواء وغيره من الصفات أنه مجاز ليس بحقيقة؛ فإن لازم هذا القول يقتضى أن لا يكون شيء من أسمائه وصفاته حقيقة) (مجموع الفتاوى: 20/217).