الاحتلال الإماراتي يلهط 85% من الإيرادات .. موانئ أبوظبي "ديليسبس" قناة السويس والموانئ المصرية!    ترامب يتعهد بمساعدة سكان غزة في الحصول على "بعض الطعام"    وزير الشباب يهنئ اتحاد الجمباز بعد حصد 8 ميداليات في بطولة إفريقيا    الاتحاد السلوفينى يطلب جراديشار من الأهلى خلال فترة كأس العالم للأندية    هل تقدم كولر بشكوى ضد الأهلي في «فيفا»؟ وكيل المدرب يحسم الجدل    جداول امتحانات نهاية العام للصف الأول والثاني الإعدادي بمدارس الجيزة 2025 - (مستند)    تكييف صحراوي ينهي حياة طفل صعقا بالكهرباء في «دراو» بأسوان    بالفيديو.. رنا رئيس ترقص مع زوجها في حفل زفافها على أغنية "بالراحة يا شيخة"    الدفاع الروسية: إسقاط تسع مسيرات أوكرانية في أجواء مقاطعتي بيلجورود وكورسك    باستونى قبل مواجهة الإنتر ضد برشلونة: علينا السيطرة على يامال وتفادى أخطاء الذهاب    جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2025 في القاهرة لطلاب الابتدائية    هل بدأ الصيف؟ بيان الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة (عودة ارتفاع درجات الحرارة)    قتلت جوزها بسبب علاقة مع أخوه.. قرار من الجنايات في جريمة "الدم والخيانة" بالجيزة    البابا تواضروس: مصر تعتبر القضية الفلسطينية من أهم أولوياتها    ليلى علوي تقدم واجب العزاء في المنتج الراحل وليد مصطفى    بمباركة أمريكية.. ما دور واشنطن في الضربة الإسرائيلية الأخيرة على الحوثيين؟    "ابدأ حلمك" يواصل تدريباته فى قنا بورش الأداء والتعبير الحركى    محمد عشوب يكشف سبب طلاق سعاد حسنى و علي بدرخان (فيديو)    هل ارتداء القفازات كفاية؟.. في يومها العالمي 5 خرافات عن غسل اليدين    تصعيد عسكري في غزة وسط انهيار إنساني... آخر تطورات الأوضاع في قطاع غزة    شولتز: ألمانيا ستواصل دعمها لأوكرانيا بالتنسيق مع شركائها الأوروبيين    وزير الرياضة يهنئ المصارعة بعد حصد 62 ميدالية في البطولة الأفريقية    التصريح بدفن جثتين طفلتين شقيقتين انهار عليهما جدار بقنا    «حتى أفراد عائلته».. 5 أشياء لا يجب على الشخص أن يخبر بها الآخرين عن شريكه    أسرار حب الأبنودى للسوايسة    المغرب وموريتانيا يبحثان ترسيخ أسس التعاون جنوب-جنوب ومواجهة التحديات التنموية    محافظ سوهاج: مستشفى المراغة المركزي الجديد الأكبر على مستوى المحافظة بتكلفة 1.2 مليار جنيه    جامعة العريش تستقبل وفد الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية    أسعار النفط تتراجع 2.51%.. وبرنت يسجل أقل من 60 دولاراً للبرميل    عاد من الاعتزال ليصنع المعجزات.. كيف انتشل رانييري روما من الهبوط؟    الإفتاء توضح الحكم الشرعي في الاقتراض لتأدية فريضة الحج    أمين الفتوى يوضح حكم رفع الأذان قبل دخول الوقت: له شروط وهذا الأمر لا يجوز شرعًا    زراعة الشيوخ توصي بسرعة تعديل قانون التعاونيات الزراعية    خوفا من الإلحاد.. ندوة حول «البناء الفكري وتصحيح المفاهيم» بحضور قيادات القليوبية    الرئيس عبد الفتاح السيسي يصل مقر بطولة العالم العسكرية للفروسية رقم 25 بالعاصمة الإدارية "بث مباشر"    "الجزار": انطلاق أعمال قافلة طبية مجانية لأهالي منطقة المقطم.. صور    وفاة نجم "طيور الظلام" الفنان نعيم عيسى بعد صراع مع المرض    محافظ القاهرة يعتمد جدول امتحانات الفصل الدراسي الثاني| صور    وضع السم في الكشري.. إحالة متهم بقتل سائق وسرقته في الإسكندرية للمفتي    «هكتبلك كل حاجة عشان الولاد».. السجن 10 سنوات لمتهم بإنهاء حياة زوجته ب22 طعنة    ما حكم نسيان البسملة في قراءة الفاتحة أثناء الصلاة؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    جانتس: التأخير في تشكيل لجنة تحقيق رسمية بأحداث 7 أكتوبر يضر بأمن الدولة    سفيرة الاتحاد الأوروبي ومدير مكتب الأمم المتحدة للسكان يشيدا باستراتيجية مصر لدعم الصحة والسكان    وصلت لحد تضليل الناخبين الأمريكيين باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي.. «التصدي للشائعات» تناقش مراجعة وتنفيذ خطط الرصد    حقيقة تعثر مفاوضات الزمالك مع كريم البركاوي (خاص)    لمدة 20 يوما.. علق كلي لمنزل كوبرى الأباجية إتجاه صلاح سالم بالقاهرة    مستشفى قنا العام تنجح في تنفيذ قسطرة مخية لمسنة    "قومي حقوق الإنسان" ينظّم دورتين تدريبيتين للجهاز الإداري في كفر الشيخ    الهند تحبط مخططا إرهابيا بإقليم جامو وكشمير    العملات المشفرة تتراجع.. و"بيتكوين" تحت مستوى 95 ألف دولار    هيئة الصرف تنظم حملة توعية للمزارعين فى إقليم مصر الوسطى بالفيوم    وزارة الصحة تعلن نجاح جراحة دقيقة لإزالة ورم من فك مريضة بمستشفى زايد التخصصي    قطاع الرعاية الأساسية يتابع جودة الخدمات الصحية بوحدات طب الأسرة فى أسوان    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    محمود ناجي حكما لمواجهة الزمالك والبنك الأهلي في الدوري    نتنياهو: خطة غزة الجديدة تشمل الانتقال من أسلوب الاقتحامات لاحتلال الأراضى    ارتفعت 3 جنيهات، أسعار الدواجن اليوم الإثنين 5-5-2025 في محافظة الفيوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحدى والاستجابة
نشر في المصريون يوم 02 - 02 - 2013

رغم أن المشهد السياسي الحالي يتسم بالوضوح إلا أن التعامل الأمني معه ضعيف ولا يرقى لمستوى الحدث فالتراخي عن التعامل معه يعطي لأطرافه الفرصة للاستقواء والتكاثر بالشحن العاطفي نتيجة تفاعل الأحداث مع الإعلام غير البريء الذي يقف متحديًا إرادة الأمة. الرئيس (مهما كان) طالما جاء نتيجة انتخابات غير مزورة فلا يمكن أن يُسقَط لأنه اختيار الشعب وإسقاطه تعدٍ على إرادة الناخبين. وعلينا تجاهه مهما كانت حسن بطانته واجب النصح والإرشاد، وهو ما يضع علينا جميعًا واجبًا وطنيًا خاصة مع ضعف دائرة النصح التي نرى تأثيرها في قرارات ضعيفة الدراسة ومترددة أحيانًا. التقويم واجب لكن إلغاء استحقاقات الشعب في الاستفتاءين والانتخابات الثلاثة التي أتت بالرئيس أمر غير منطقي. لقد كانت السقطة الأولى للحكم الحالي في عدم التعامل بحزم وقت أن تم حل مجلس الشعب وهو استحقاق جماهيري لا يمكن لآليات عمل النظام السابق أن تسقطه حيث أدخلتنا فى مسار غير سوي متحدية إرادة الشعب حال حل المجلس وحال رفض عودته. تلك كانت التجربة الأولى للحكم وتغافلت آلية الحكم عن أنها الاختبار الأول الذى لم تنجح فيه بمبررات ظنتها مقبولة ولكنها غير عملية. فى العديد من المواقف حتى المهنية منها يكون للاختبار الأول دور كبير فى تحديد آليات التعامل مع الأطراف الجديدة. وهذه القاعدة لا تقتصر على امتحان الأعلى درجة للأدنى بل تشمل الأدنى للأعلى كذلك. من مارس التعامل مع فئات متعددة يمكنه أن يدرك ذلك بسهولة. كما أن ذات الاختبار يتم بين الأقران ومن على شاكلتهم بصورة مخففة أحيانًا وعنيفة في أحيان أخرى. تلك الظاهرة الاجتماعية لا تقتصر على فئة بعينها أو حتى على شعب بعينه ولكنها تكاد تكون إرثًا بشريًا عابرًا للثقافات والأقطار. هذه التجربة الأولى قلما تتغير نتائجها إلا من خلال جهد أكبر كثيرًا لإلغاء تأثيرها ودفع الأمور في مسار مختلف. المهم أن الاختبار الأول قد حدد آلية معينة غير سوية لطبيعة العلاقة يتطلب تغييرها جهدًا أكبر وهو ما أثبتت الأحداث قصور بذل ذلك الجهد الذى يتضاعف بمرور الوقت وبتوالي الاختبارات، ورغم ذلك يمكن بذله مضاعفًا في أي وقت شريطة أن يكون بالقدر الكافي لإحداث التغيير المطلوب لأن القصور عن تقدير القيمة المطلوبة يحدث نكسة تتطلب مضاعفة الجهد المطلوب بدرجة أكبر! تلك القضية التى نمر بها دائمًا مرور الكرام تتعاظم آليات التعامل معها ويتعاظم تأثيرها كلما ارتقينا في سلم الإدارة والقيادة حيث يستلزم الأمر أكثر من الانضباط ليصل لمرتبة القيادة بل والقدوة في القيادة. ولهذا بات على كل من يتبوأ منصبًا قياديًا أن يجهز نفسه لسلسلة من الاختبارات الشخصية والاجتماعية والفنية في بيئة العمل وفي غيرها حتى يمكنه أن يحكم آلية عمله. وفي جميع الأحوال كم يكون جميلًا أن نصحو قبل فوات الأوان ولكن باستحقاق تلك اليقظة! كم يشبه الموقف السياسي الحالي لعبة القط والفار لحين تحدد معالم العلاقة والطريق فى نفس الوقت. لقد أثبتت الأيام أن آلية الرئاسة غير بادئة وبطيئة فى رد فعلها ولكنني أظن أنها بهذا تحاول الحفاظ على استحقاق الغالبية دون ظلم لأحد كمفهوم الديمقراطية. هذا الظن والذى هو محل استغراب من البعض لا يمكن أن يكون مخوِلًا للتقاعس عن بذل الجهد بالقدر المطلوب فى الوقت المطلوب بالأولوية المطلوبة. وهنا تبدأ المشكلة فى تحديد آلية الحكم التي لا أظن أنها بوضعها الحالي على قدر التحدي بدليل هروب أغلب أعضائها عند أول بادرة خلاف وانتفاضهم عن مجلس الحكم. وبدليل غياب تطبيق قرارات مفصلية مثل الحدين الأدنى والأقصى للأجور وفى التردد فى بعض المواقف وآخرها فرض حظر التجول لمدة تسع ساعات ثم تقليصها إلى ثلاث أو أربع ساعات فى منتصف الليل وقت السحر! قرار خاطئ تمت معالجته بقرار آخر خاطئ حيث صادف أناسًا لا يعرفون معنى الدولة وأعطاهم النظام فرصة تحدي الدولة، فما هكذا يا سعد تورد الإبل، إن كان لنا من التنمية نصيب!
الأمر الأهم الذى يشخص ما نحن فيه من مواقف يتمثل فى عدم بلورة هدف قومي تلتف حوله الجماهير تطلعًاً لغدٍ أفضل. هذا الأمل الذى تاه من الجماهير لابد من استعادته بالفعل وبصدق وليس بالتمنى. وحتى تكتمل الصورة ولا تكون أحادية الجانب يبقى للجماهير دور مؤثر من خلال آليات عمل يتطلبها تحقيق الهدف القومي. وهنا لا أود أن أستنسخ آليات عمل بعينها ولكن الإشارة إلى تسلسل أجهزة حكم ثورة 1952م يمكن أن يعطينا ملمح حركية التغيير من هيئة التحرير إلى الاتحاد القومي إلى الاتحاد الاشتراكي وهكذا حسن الحالة السياسية، ورغم أن هذا النموذج غير قابل للتطبيق الآن إلا أنه يشير إلى حركية التغيير طبقًا للتوجه، كما أن هذا النموذج السياسي يمكن تطبيقه اقتصاديًا وصناعيًا وخدميًا حسب المرحلة التي تمر بها البلاد. هذه الآليات يجب أن تنشأ بمبادرات حكومية تجسد التوجه القومي التنموي وعلى الشعب أن يتفاعل معها حتى تنشأ ثم ينخرط فيها ليستمر البناء. ولهذا بات علينا أن ننصح ونُقَوِّم عمل الرئاسة وآلية الحكم لا أن نلقى على مؤسسات الدولة المولوتوف ونقتل أفراد الشعب فى الشهد المأسويّ الذي يدور في الآونة الحالية بما فيه من تعدٍ على أرواح المواطنين وعلى ممتلكات الدولة بتخريبها. وفى هذا السياق هل يمكننا أن ننتظر محاكمة كل من يحاول تدمير الوطن أم أن القضاء فى إجازة ومن يحول له ملف القضية لم يصحو بعد؟ قضيتنا هى أن نتحلى بالوعي السياسي وأن نُقَوِّم الرئيس والطغمة الحاكمة بالوسائل السلمية والديمقراطية كافة لا أن نحرق ونهدم ممتلكات الدولة ونقتل بعض المواطنين. غالبيتنا يتابع مسلسل الهجوم على المحاكم وأقسام الشرطة والاستيلاء على ملفات المجرمين والأسلحة التي بحوزة الأقسام وإضرام النيران فى الأقسام والمحاكم مستنكرين تلك الآلية الديمقراطية، لقد تصايح بعض المتظاهرين بإسقاط الرئيس والحكومة بل ودعا بعض ذوى الياقات البيضاء إلى ضرورة إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، فهل هذه هى الديمقراطية التي يتشدق بها البعض؟ إن الواجب يحتم علينا أن نطالب الرئيس بتعديل المسار ليبدأ فى تنمية المجتمع وبأسرع ما يمكن وأن يبسط العدل على الجميع بتطهير آليات الدولة وأن يشعر الجميع بذلك اليوم وليس غدًا. هناك العديد من الأمور التي يجب أن تبدأ ولا نجدها على المسار فالمناداة بها دون كلل أو ملل جد مطلوب أما أن نلجأ إلى التخريب فأمر غير معقول. وبهذا ندفع لتعجيل مسيرة البناء والتطهير والعدل وأن تتطابق أفعالنا مع أقوالنا مع مبادئنا بدون تخريب.
فى ظل الأحداث الحالية وما يجرى فى الشارع استوقفني مسلسل الدم البارد تجاه التعامل مع مصابي الشرطة وشهدائها وعدم تكريم الدولة لهم بصورة علنية وفورية. إن أي دارس لعلم الهندسة أو السياسة أو حتى لعلمي التربية والاجتماع يمكنه أن يدرك أن المؤثر والاستجابة أمران ضروريان لأية منظومة سوية، فماذا فعلنا لإعلاء القيم الأصيلة لشعبنا وتفعيل تلك المنظومة مع هؤلاء الذين ضحوا بحق فى سبيل الوطن؟ الظاهرة الأخرى التي تفشت في فضاء الوطن هي ظاهرة البلطجة والتي هي ليست بجديدة على الحياة في مصر ولكن امتدادها كنمط يومي يجعلها قريبة من أيدي الشباب الذي يبحث أغلبه عن ملهاة يمضى بها وقته مهما كانت. تلك الظاهرة التي استخدمتها ما يسمى بنخب المعارضة والنظام القديم لترويع الآمنين وترويع آلية الحكم يمكن أن تأكل الأخضر واليابس وسط تحالفات مع قوى النظام السابق ومع شباب أغلبهم مغرر بهم يهيمون بشعارات فارغة المضمون والقيم وآخرون يفترشون العراء المادي والفكري. لقد غاب عن المشهد أن تواتر هذا المشهد يجذر هذه الآلية فى ذهن البعض حتى تصبح مخدرًا سهل التعاطي عند كل مسألة مما يقوض سلطتي الدولة والمجتمع. ومما يدعم هذا التصور أن قضايا البلطجة باتت تواكب حالة التسطح الفكري للعديد من الشباب الذين لا يمكن أن تخطئهم العين فى أماكن التجمعات والشوارع مما ينخر في الجسد الاجتماعي للوطن بعنف. إن استمرار الحالة الراهنة في الشارع المصري دون يد حازمة عادلة سيؤثر وبعمق فى بنية المجتمع إن لم نعالج الأمر قبل فوات الأوان!
أ.د. محمد يونس الحملاوي
أستاذ هندسة الحاسبات، كلية الهندسة، جامعة الأزهر
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.