السادة المبجلون أعضاء جبهة الإنقاذ عن أى إنقاذ تتحدثون فمنذ أن عرفناكم ولم تستخدموا من الألفاظ والمصطلحات وقواميسها المختلفة التى عرفتها البشرية على مدى قرون طويلة سوى تعبيرًا واحدًا، هو (لا) لدرجة أننا ظنناكم ولدتم فى يوم مشئوم لا لغة فيه إلا (لا)، ولا لون له إلا السواد فكلمة لا لم تبعد كثيرًا عن تعبيرات ألسنتكم ووجوهكم فمنذ أن تبلورت جبهة الإنقاذ فكانت دائمًا (لا) هى الحاضرة. فقلتم لا للإعلان الدستورى الذى حمى المؤسسات المنتخبة، و(لا) لعزل النائب العام الذى أوغل فى الغى والبغى، وكان أحد أهم مطالب الثورة، كما لا يمكن لعاقل أن يغفل الدور الخفى الذى لعبه لإخفاء الحقيقة فى قضية قتلة الثوار حتى كانت النتيجة مهرجان البراءة للجميع؛ وقلتم (لا) للدستور، وحينما صوت الشعب عليه بالأغلبية لم تحترموا إرادته بل وصفتموه بالجهل والتخلف؛ ثم (لا) للحوار الوطنى الذى دعت إليه مؤسسة الرئاسة، ومن العجيب أنكم أيام النظام السابق كنتم تلهثون جريًا وراء صفوت الشريف طلبًا لرضاه، وليعترف بكم لا ليتحاور معكم (لا) أخونة الدولة فى حين أنكم عجزتم عن الإتيان بدليل واحد لهذه الأخونة المزعومة، والتى لا توجد إلا فى عقولكم الواهمة المريضة وقلوبكم المليئة بالبغض والكراهية لفصيل جاء من الصفوف الخلفية ليحتل مقدمة القطار بدون نخبة تصرخ فى الناس ليل نهار، وإنما بمساندة شعبية وشارع التحموا به سنوات طويلة (لا) للسيطرة على مفاصل الدولة أى مفاصل وأنتم تعلمون أكثر من غيركم أن مفاصل الدولة مازال معظمها فى يد الدولة العميقة؟! (لا) للتهدئة، وتنادون بالخروج ثم تكون النتيجة هذه الفوضى، وهذا الدمار ولون الدم الذى ينتشر رويدًا رويدًا فى أرجاء الوطن ولغة العنف، وإذا لم ننته لن يُبقى على أخضر أو يابس؛ وحينما نستعرض كل الشواهد السابقة يأتى الاستغراب والعجب لأن كل أدبيات المعارضة الوطنية الشريفة التى عرفناها تحتم عليها أن تأخذ وتعطى تشد وترخى لا إن تتخذ موقفًا متشددًا لا تحيد عنه، وكأنها على الصواب طول الوقت أو كأنها تمتلك الحل السحرى دون غيرها وتحتفظ به لنفسها أو كأنها تمتلك الشارع والإرادة لتغير وتفعل ما تريد والإصرار على لغة واحد لغة الرفض، وكأنه لا توجد لغات أخرى أو سياسات يمكن استخدامها توحى أننا أمام معارضة بنّاءه معارضة تهدف لخدمة الوطن. أيها السادة لماذا لا تقومون بمراجعات للمنهج الذى تسيرون عليه، مثل مراجعات الحركات الإسلامية المسلحة، وستكتشفون أن العمل الشعبى السلمى، هو الذى يحقق الحضور والتأثير، وليس التظاهر العنيف هناك فارق بالطبع بين العنف المسلح، وبين الشغب والتخريب والتظاهر العنيف، ولكن التجربة تؤكد أن ما يتحقق بالعمل السلمى، أهم وأكثر تأثيرًا واستمرارًا مما يتحقق بالعمل العنيف. فإذا كان هذا هو منهجكم فما أقبح لوحاتكم التعبيرية التى ترسمونها فألوانها الدم وشخوصها البلاك بلوك؛ ما أسوء الأشعار التى تلقونها فأبياتها السباب واللعان والحقد والكراهية؛ وما أخبث السيمفونية التى تعزفونها فألحانها أصوات الغربان وفحيح الأفاعى، فمتى ستتوقفون وتترفعون عن إضغانكم وتعلون بمصالح الوطن فوق المصالح الضيقة والفانية؟ ولتنضموا إلى القافلة حتى تستطيعوا أن تغيروا بصناديق الانتخابات بدلًا من صناديق الموتى !!! ( ولكم تحياتى ولمصر الحب كله ) أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]