الانتخابات والاستفتاءات التي يحصل فيها المسؤولون العرب على 99 بالمئة, هي قمة جبل الجليد التي تظهر فوق سطح الماء والتي تمثل حالة من تزوير ارادة الشعوب, التي اصبحت في الدول العربية وباء يصعب مكافحته والتغلب عليه. بسبب القمع وبسبب ارهاب السلطة, اصبحت الانظمة العربية مطمئنة لنتيجة اي انتخابات تجريها, لان المواطن العربي يمارس التزوير على نفسه, ويخالف قناعاته, بسبب خشيته من ان يكشف امره اذا صوت »بلا« حتى في خلوته خلف ستارة مراكز الاقتراع. هناك قصة تروى عن مواطن اراد ان يتمرد وان يصوت »بلا« للرئيس المحبوب والابدي, فأدلى بصوته المعارض في الصندوق, ثم ذهب الى منزله, وعندما اخبر زوجته بما فعل, بدأت تبكي وتولول قائلة, انهم بالتأكيد صوروه وهو يكتب »لا« من خلف الستارة, فدب الخوف في قلب الرجل وذهب قبل اغلاق الصناديق الى مركز الاقتراع ليقابل المدير متوسلا اليه بأن يغير ورقته ويصوت من جديد لانه اخطأ في الاختيار بين كلمتي »لا«, و»نعم«. فما كان من مدير المركز الا ان ربت على كتف المواطن قائلا: اطمئن لقد غيرناها!! المواطن العربي يحتاج الى اعادة تأهيل, لكي يمارس الانتخاب بحرية ومن دون خوف. لانه ليس من السهل اقناعه بأن عهود القمع والرقابة والسجون بسبب حرية الرأي او الموقف او الانتخابات قد ولت بغير رجعة, هذا اذا كانت قد ولت, او تزحزت عن مواقعها في جميع مناحي الحياة العربية. المواطن العربي جاهز لتغطية حملة التزوير الواسعة التي تشهدها الساحة العربية تحت شعارات الاصلاح, حيث تجرى تحركات شكلية توحي بأن الانظمة تسير على طريق الاصلاح بينما ما زال الحال على حاله والواقع ان الانظمة تزيد من تركيز السلطة بيدها وتواصل حملات الاعتقال لكل من يرفع صوته مطالبا بحرية الرأي والحرية والديمقراطية, ولهذا يستمر وباء التزوير, ويستمر الخوف في قلوب الناس من الاصلاح, ومن قول كلمة »لا«. من ثقافة التزوير, هناك نصيحة شعبية متداولة تلخص علاقة المواطن بالسلطة, وهي علاقة تقوم على الخوف وعلى تزوير الارادة وحتى انها تخالف المنطق والعقل. النصيحة المتداولة للمواطن العربي هي »اذا قالوا لك الجمل بطير. قل لهم ان الله على كل شيء قدير«. ومن هنا تطير الجمال ويتحقق المستحيل في السجون وخلف المعتقلات وفي صناديق الاقتراع التي تفتح على 99 بالمئة, ووصل بعضها الى مئة بالمئة, مع ان الناس لو اطمأنوا لقدرتهم على قول ما في صدورهم, لكانت نتائج الانتخابات ربما ناقص واحد او ناقص 99 بالمئة.