ألقت مشكلات الأمن والجوع وتباطؤ معدلات التنمية بظلالها على أعمال قمة أديس أبابا الإفريقية العشرين والتي كانت ميدانا للحكم ولتقييم كافة الجهود المبذولة على تلك الأصعدة الثلاثة. فعلى صعيد مكافحة الإرهاب ، رحبت نيجيريا ودول تجمع تعاون غرب أفريقيا (إيكواس) بالتدخل العسكرى الفرنسى لمواجهة حملة الميليشيات الأصولية المتشددة التابعة للقاعدة فى مالى. ودعت دول تجمع إيكواس - فى بيان صدر اليوم الاثنين على هامش القمة الإفريقية العشرين المنعقدة حاليا فى أديس أبابا - دول القارة السمراء إلى الإسهام فى قوة التدخل السريع لحفظ السلام ومكافحة الإرهاب التابعة للتجمع بما يمكنها من القيام بمهام مكافحة الإرهاب اعتمادا على الذات فى الإقليم الذى تعد مالى إحدى دوله التى تواجه تهديدات متصاعدة من ميليشيات العنف والإرهاب. ونقلت مصادر إخبارية نيجيرية رسمية عن وزير الخارجية النيجيرى السفير أولوجوبينجا عاشيرو القول إنه لمس تفاهما إفريقيا حول قضايا مكافحة الإرهاب والتطرف خلال اجتماعات المجلس الوزارى التنفيذى للاتحاد الإفريقى فى دورة انعقاده الثانية والعشرين التى عقدت فى العاصمة الإثيوبية واستبقت قمة القادة الأفارقة التى ستختتم اليوم. وقال وزير خارجية نيجيريا المشارك حاليا فى أعمال القمة - إن بلاده قد دفعت بعدد 1200 من قواتها المدربة على مهام مكافحة الإرهاب وحفظ السلام إلى مناطق المواجهات فى مالى ، وهو ما يعتبر جزءا من قوة التدخل التى قرر تجمع الإيكواس إرسالها بقيادة نيجيرية. وأشار عاشيرو إلى أن بلاده قد أسهمت كذلك بتوفير جسر النقل الجوى للامدادات الإغاثية واللوجيستية اللازمة لعمل القوات المتدخلة فى مالى من إفريقيا ، مؤكدا ترحيب نيجيريا بما تعهدت به تشاد وتنزانيا وجنوب إفريقيا ورواندا من المشاركة بقوات فى عمليات مكافحة الإرهاب الجارية على آراضى مالى ، داعيا المجتمع الدولى للاسهام فى تعبئة وتجهيز تلك القوات. وميدانيا..يقول المراقبون إن التدخلات العسكرية الإفريقية المدعومة دوليا فى عمليات مكافحة الإرهاب فى شمال مالى قد أجبرت المسلحون التابعون للقاعدة على قبول المفاوضة ، فقد أعلنت المجموعة المسلحة الخاطفة للرهينة الفرنسى فى شمال مالى أمس الأول السبت استعدادها للتفاوض من أجل إطلاق سراحه. وقالت المجموعة ، التى تطلق على نفسها جماعة (الفتح والجهاد) فى غرب إفريقيا ، إنها هى التى قامت بعملية اختطاف الرهينة الفرنسى فى نوفمبر 2012 ولا تمانع الآن فى المفاوضة على إنهاء احتجازه. ومن جانبه..دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون القادة الأفارقة إلى إيلاء اهتمام أكبر بقضايا التنمية ومكافحة الفقر فى القارة كمسبب لانتشار العنف والإرهاب ، قائلا "إن الأممالمتحدة تدعم برنامج الألفية الإنمائى لإفريقيا منذ العام 2001 وهو ما نجم عنه ارتفاع مستوى نمو اقتصاديات دول القارة بما متوسطه 5\% سنويا خلال الأعوام المنصرمة كما من المتوقع زيادة تلك النسبة بحلول العام 2014. وأشار كي مون في كلمته أمام القمة الإفريقية إلى أن برنامج الألفية الإنمائية للأمم المتحدة يهدف فى الأساس إلى خفض مستوى الفقر إلى النصف فى بلدان العالم الثالث ومن بينها إفريقيا بحلول العام 2015 ، مشيرا إلى أن الأممالمتحدة ستستضيف فى سبتمبر القادم مؤتمرا دوليا لتقييم أداء برنامج الألفية الإنمائى فيما سيعقد اجتماع تمهيدي لمرحلة ما بعد 2015 فى العاصمة الليبيرية (منروفيا) منتصف الأسبوع القادم برعاية المنظمة الدولية ووكالاتها المتخصصة. ومن جانبها.. نبهت الدكتورة نوكوسانزا دلامينى زوما رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقى وهى اول سيدة تتولى هذا المنصب منذ يوليو 2012 إلى خطر المنظمات الإرهابية ، التى تنتشر فى مناطق من القارة الإفريقية هى الخطر الأول على مسيرة التنمية. وقالت دلامينى التى كانت تشغل سابقا منصب وزيرة خارجية جنوب إفريقيا إن الحرب على الإرهاب والفساد يجب أن تشكل محور عمل الاتحاد الإفريقى خلال المرحلة القادمة ، وهو الاتحاد الذى يحتفل هذا العام بمرور 25 عاما على إنشائه .. وقالت إن ذلك لا غنى عنه لتسريع مسار التنمية فى القارة السمراء. وقد أصدر صندوق الأممالمتحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف) بيانا على هامش القمة الإفريقية ، حث فيه المجتمع الدولى والمانحين على تدبير 4ر1 مليار دولار أمريكى تمثل قيمة الاحتياجات الإنسانية والإغاثية العاجلة المطلوب تدبيرها لإنقاذ أطفال المناطق المنكوبة ومناطق الصراعات فى القارة السمراء خلال العام 2013. ونبه البيان إلى بشاعة الوضع الإنسانى للأطفال والأمهات فى كل من مالى وإفريقيا الوسطى ، وكذا فى منطقتى النيل الأزرق وجنوب كردفان بجنوب السودان التى بها الآن 210 آلاف نازح نصفهم من الأطفال والنساء وبعضهم تسلل إلى آراضى إثيوبيا ودول جوار السودان. وقدرت يونيسيف عدد النازحين من مناطق الصراعات فى هذا الجزء من القارة الإفريقية بنحو 695 ألفا ، كما قدرت عدد النازحين والمشردين فى منطقة الكونغو الديمقراطية بنحو 4ر2 مليون نازح ومشرد يشكلون فى مجموعهم عبئا على كاهل الأممالمتحدة ووكالاتها الإغاثية والإنسانية فضلا عن مليون طفل إفريقى يعانون سوء التغذية فى الوقت الراهن. وكانت منظمة أطباء بلا حدود - التى تتخذ من باريس مقرا لها - قد اشتكت من إعاقة المجموعات المسلحة فى شمال مالى لعملها ، وعمل المنظمات الإغاثية الغربية فى مناطق الاشتباكات فى شمال مالى. كما أصدرت منظمات إغاثية تعمل تحت مظلة الأممالمتحدة فى مالى بيانا حذرت فيه من تفشى المجاعة فى مناطق المواجهات ومناطق دول جوار مالى..وقدرت المنظمات عدد من سيطالهم الجوع بسبب نقص الإمدادات الغذائية فى مناطق المواجهات فى مالى ودول جوارها بنحو 18 مليون نسمة. وجاء فى بيان صادر عن مكتب تنسيق وكالات الإغاثة الدولية العاملة تحت مظلة الأممالمتحدة أن عدد المشردين جراء اشتباكات شمال مالى بلغ 200 ألف فرد يضافون إلى 2ر4 مليون مواطن مالى يحتاجون بشكل عاجل لإمداد الغذاء الأساسى وإنقاذ أطفالهم من الهلاك.