بدأت ثورة الخامس والعشرين من يناير لعام 2011 , في وقت كان يشعر فيه كل مواطن مصري باليأس والبؤس وفقدان الامل , لدرجة جعلت الكثير يظن بأن القادم أسوأ وان هذا النظام – نظام المخلوع – سيستمر وسيقبع علي انفاسنا بل وانفاس الاجيال القادمة لأجل غير مسمي , وسيرث مصر عائلة المخلوع بأكملها , لقد قامت الثورة المجيدة من اجل العديد من المآسي التي شهدها المصريون جميعاً مسلمون وأقباط , رجالاً ونساءاً , شيوخاً وأطفالاً, نعم لقد كانت مآسي حقيقية يتذوق آلامها الشعب كل يوم , لقد قامت الثورة من اجل كرامة الانسان وحريته وآدميته المسلوبة منه عشرات السنين , ومن أجل لقمة عيش , ومن أجل تجبر الشرطة واعتقال الابرياء يوميا ً وتعذيبهم وقتلهم وسحلهم أمام الجميع دون ذنب يذكر , بل ومن اجل وقف الفساد المستشري وبيع ثروات البلاد وصلاحيات ليس لها حدود لرئيس ليس له شرعية ولم يأت بانتخابات نزيهة طيلة حكمه واستبداده , هذا ما جعل الشعب يثور ويثور حتى انفجر بركان الغضب واسفر عن سقوط النظام البائد المستبد بعد استشهاد واصابة الكثير من خيرة أبناء مصرنا الحبيبة , وظن الجميع ان المعركة انتهت وأن الظلم قد ولى بمثابة القبض علي رموز النظام السابق واحالتهم للمحاكمة – ولم يدركوا ان احالتهم للمحاكمة في ظل وجود ذيولهم وابناءهم سيسفر عن مهرجان البراءة للجميع- الي ان انتهت المرحلة الانتقالية بقيادة العسكري وتم انتخاب رئيس مدني شرعي لأول مرة في تاريخ مصر وبانتخابات نزيهة شهد بها العالم اجمع – ولولا الحملة الشرسة المسعورة ضده لكانت نتيجة الانتخابات 85% علي الاقل - وبدأ رئيس الدولة الجديد يحمل علي عاتقه فساد عشرات السنين , فقد حمل مسئولية البلاد في وقت انخفض فيه الاحتياط النقدي من 36 مليار جنيه الي 15 مليار جنيه . وسرعان ما بدأ في معالجة أهم الازمات بتحديد مائة يوم من توليه مسئولية البلاد للعمل علي معالجتها وحقق نسبا في كل منها , رغم حملة التشويه والاحباط التي نالها من الاعلام المأجور , وقطع عهدا علي نفسه امام الله وامام شعبه انه سيعمل من اجل الشعب بأكمله ومن اجل الفقراء خاصة . إذن فهذا ملخص لأهم الاسباب التي من اجلها قامت الثورة المجيدة فإذا ما نظرنا الي هذه الانتهاكات التي كانت تحدث ايام النظام المخلوع وقارناها بالنظام الجديد سنجد فارقاً كبيراً بين رئيس مستبد قبع علي نفوس الشعب لعشرات السنين وآخر جاء بارادة شعبية في انتخابات نزيهة ديمقراطية . لقد خرج المعارضين من القوى السياسية ويحتضنهم أبناء المخلوع , بالامس في ميدان التحرير ومحافظات اخري للتظاهر الغير السلمي بعكس ما يدعون – حيث تم احراق العديد من النشآت العامة والخاصة والاعتداء علي موقع اخوان اون لاين التابع لجماعة الاخوان المسلمين – فأين سلمية التظاهرات مما حدث ,بخلاف مقتل عدة اشخاص وصابة العشرات, وكان هدفهم الاساسي هواسقاط النظام و اسقاط الدستور و اقالة النائب العام الجديد, حتى ان بعض الاحزاب والقوى السياسية المشاركة في المظاهرات قالت لن نرجع حتى نحقق هذه الاهداف , فهذا ماهو الا خروج علي الشرعية واستخفاف بعقول المصريين واهدار لدولة القانون والدستور. فمن يطالبون بسقوط النظام الحالي ألم يدركوا انه جاء بانتخابات شرعية نزيهة ديمقراطية شهد بها العالم أجمع , رغم كل المعوقات والتحديات التي حدثت وكان من شأنها تغيير النتيجة وتزوير ارادة الشعب المصري , ألم يعلموا ان النظام الحالي يختلف عن النظام البائد في كل شيء , في شرعيته وفي ادارته للبلاد وفي حديثه وقربه من شعبه وفي تعامله مع المعارضين له, بالرغم من اهانتهم له ليل نهار علي شاشات الاعلام المأجورواتهامه بأنه فاقد للشرعية . لقد اكد لنا الرئيس الجديد أنه مع المصريين ولهم ومنهم , ولن ينس التاريخ موقفه من الصحفية التي اعتقلت في السودان وجاء بها علي متن طائرته الخاصة وكذلك اصداره قرارا جمهوريا بالعفو عن الصحفي الذي اساء له وكذلك تعامله مع ازمة المصريين في الخارج خاصة في السعودية والذين تقلص عددهم الي 24 محكوم عليهم من أصل 176 كانوا محتجزين ومعتقلين دون صدور احكام ضدهم , وجاري الاتصال بين الجانبين للافراج عن كافة المعتقلين هناك , وكذلك موقفه من المعتقلين في الامارات وغيرها من الدول , ولن ننسى موقفه المشرف من القضية الفلسطينية والاعتداء الغاشم علي غزة ,وجدارته في انهاء ملف المصالحة بين فتح وحماس في اسرع وقت , وكذلك موقفه المشرف من النظام السوري وما يحدث تجاه شعب يناضل من اجل الحرية , وكذلك موقفه من الاعتداء الغاشم علي مالي من قبل فرنسا , وغير ذلك ومحاولاته وحكومته اعادة العلاقات مع دول اخري منها ايران وقطر وغيرها , ومحاولاته الناجحة في جذب استثمارات اجنبية وعربية للبلاد لعودة الاقتصاد المصري من جديد ,وما كان للأزمة الاقتصادية ان تظهر رائحتها لولا افتعال الازمات والحوادث لتعطيل مثل هذه المشروعات الاقتصادية التي كانت ستدر علي البلاد مليارات الدولارات. اما داخليا فلن يخف علي الجميع جهود الرئيس المبذولة للنهوض بالبلاد في اسرع وقت ممكن والعبور بسلام من هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد , فقد تعامل مع جميع الازمات المفتعلة بكل شفافية ومصداقية وجدية , فرأينا كيف تعامل مع حوادث القطارات وغرق احدي مراكب الصيد – والتي امر بارسال طائرات جوية لانقاذهم واسعافهم - وحرق متعمد لبعض مؤسسات الدولة , وحادثة بور سعيد – التي اصدر قرارا جمهوريا بان يتم معاملتهم معاملة شهداء الثورة وكذلك المصابين ولهم كافة الحقوق ولأسرهم ايضاً - وغيرها من الازمات ,لقد راينا رأي العين الفارق الكبير بين معاملة النظام الحالي لمثل هذه الكوارث والنظام البائد – اثناء عبارة السلام المنكوبة وقطار الصعيد وغيرها - لقد اهتم الرئيس الحالي اهتماما بالغاً بهذه الازمات والكوارث المفتعلة , فقد شكل لجان تقصي حقائق لكي تساعد النيابة في الوصول للحقائق لمحاكمة المتسببين فيها محاكمة عادلة , كما قام بتعويض أسرالشهداء والمصابين ومعاملتهم معاملة شهداء 25 يناير وغيرها من الاجراءت للقصاص لهؤلاء . كما رأينا ايضا موقفه من قتلة الثوار عندما اخذوا براءات بسبب تخاذل الداخلية وجهات التحقيق وعلي رأسهم النائب العام السابق , فقام الرئيس باصدار قرارا باعادة المحاكمات من جديد وقام بتعيين نائب عام جديد يضمن نزاهة التحقيقات كما اصدر قانون حماية الثورة وكذلك امر بتشكيل لجنة تقصي حقائق عن الاحداث التي وقعت من يوم 25 يناير الي يوم توليه السلطة , وذلك بالرغم من الاتهامات والاساءات التي نالها من بعض القوى السياسية عندما اقال النائب العام السابق وعندما اصدر قرارا باعادة المحاكمة من جديد , ليعلم الجميع من مع الثوار ومن ضدهم . في الحقيقة هناك اختلاف وفارق كبير بين النظام البائد والنظام الحالي ولا صحة لما يتم ترويجه في الاعلام الخبيث بأن الرئيس الحالي وجه اخر للمخلوع وانه اشد ديكتاتورية منه وأنه وراء وقف اصدار الصحف واغلاق القنوات الفضائية وتحجيم الصحفيين والاعلاميين , فهذا كله خداع وتضليل وافتراء وكذب لأن كل هؤلاء ينالون منه ليل نهار دون أي يتصدى لهم . كما ان من يطالب باسقاط الدستور الجديد والذي تم الاستفتاء عليه وجاءت نتيجة الموافقة عليه بنسبة تقترب من 70% , الا يعلم هؤلاء ان هذا الدستور جاء باستفتاء نزيه وان هذه النتيجة جاءت معبرة وبحق عن ارادة شعب مصر العظيم , بغض النظر عن بعض المواد المختلف عليها والتي سيتم تعديلها قريبا في البرلمان القادم بمشيئة الله تعالي, وبالتالي فإن من يطالبون بذلك انما يؤكدون مدى انقلابهم علي الشرعية والديمقراطية وعلي صناديق الاقتراع التي طالما نادوا بها من قبل لتكون حكما بينهم. والصنف الاخير الذي يطالب بعزل واقالة النائب العام الجديد, ألا يعلم هذا الصنف ان هذا النائب جاء خلفاً لنائب عام سابق تسبب في مهرجان البراءة للجميع والكل يعلم مدى ولاؤه للنظام السابق , فعلي أي شيء تعترضون علي النائب العام الجديد , ولمصلحة من وقوفكم ضده , ان مهرجان البراءة للجميع واهدار حقوق الشهداء لايسأل عنه سوى النائب العام السابق والسلطة القضائية وليس رئيس الجمهورية الحالي إذا مانظرنا للأمور نظرة صحيحة , فالان يتم اتهامه بأنه تسبب في براءة المتهمين وعندما اصدر قراره باعادة المحاكمات من جديد وتشكيل نيابة الثورة انقلبوا عليه ايضاً , ماذا تريدون من الرئيس ايها المعارضون , بالتأكيد ليس كل المعارضين من هذه الاصناف الثلاثة فهناك معارضين حقيقيين خرجوا لاهداف حقيقية غير الانقلاب علي الشرعية وعلي الدستور الجديد وهي اتمام مسيرة الثورة وتحقيق باقي اهدافها التي بالفعل لم تحقق الي الان فجميعنا كان يأمل بتحقيق جميع اهداف الثورة إلا ان هناك من يتربصون بمصرنا في الداخل والخارج ويضرهم استقرار مصر ونهضتها لذلك يحاولون بشتى الطرق سقوطها حتى يظن الشعب ان النظام البائد كان افضل من النظام الحالي. وأخيراً فإن أهداف الثورة لم تحقق باكملها وهذا طبيعي في ظل وجود نظام سابق يسعى بكل اركانه لافشال الثورة والنظام الجديد , كما ان القول بأن مرور عامين علي الثورة دون ان يتحقق شيء لا يسأل عنه الرئيس الجديد وحكومته ولكن يسأل عنه المجلس العسكري لأن الرئيس الجديد متواجد في السلطة منذ بضعة اشهر فقط أما المجلس العسكري ظل متواجدا في السلطة لأكثر من عام وحدثت ازمات عديدة اشد مما يحدث اليوم في ظل حكمه بالاضافة الي محاكمة القرن ولم تقم الدنيا عليه والاعلام الخبيث كما قامت اليوم علي الرئيس الجديد ,وبالتالي فإما ان نصبر ونعمل مع النظام الجديد لاستكمال اهداف الثورة وجني ثمارها , واما ان ننساق وراء دعوات المغرضين والمحرضين من ابناء النظام السابق وتكون هناك فوضي عارمة . أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]