فى تطور مفاجئ وسريع شنت فرنسا الحرب على مالى، خاصة على شمالها حيث تسيطر الجماعات الإسلامية على شمال مالي وفرضت عليه سيطرتها، وتسعى للزحف جنوبًا للسيطرة على باقي أجزاء مالي، بعد فشل الحكومات العميلة السابقة فى حفظ الأمن وتوفير ضروريات الحياة للشعب المالي، البالغ حوالي خمسة عشر مليون نسمة المسلمون أكثر من تسعين بالمائة، وتزعم فرنسا أنها شنت الحرب بناءً على طلب الحكومة الانتقالية في مالي، علمًا بأن أفريقيا الوسطى أرسل رئيسها استغاثة للفرنسيين والأمريكان لمساعدة بلاده فى الحرب ضد المعارضة المسلحة، ولكن رفضت فرنسا الاستجابة لهذه الاستغاثة متعللة بأنها لا تتدخل في نزاع داخلي في دولة وأن جنودها لحماية الرعايا الفرنسيين وحماية مصالحها فقط. ولكن الجديد في مالي جعل فرنسا وحلف الناتو وبعض الدول العربية والإفريقية المسلمة تشن حربًا غير شرعية خلافًا لميثاق الأممالمتحدة وميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي وميثاق الاتحاد الأفريقي هو الإسلام، تلك هي الحقيقة التي أخفتها وسائل الإعلام فالحركات الإسلامية التي سيطرت على شمال مالي استطاعت أن تنشر الأمن والأمان فى ربوع الشمال، فضلًا عن توفير الضروريات للحياة فى شمالي مالي، مما جعل الكثير من سكان الشمال يعودن له أملًا فى حياة كريمة وفرتها لهم الجماعات الإسلامية بعد فشل الحكومات العميلة المتعاقبة. ويؤكد ذلك التصريحات التى خرجت من فرنسا على لسان رئيسها ووزير خارجيتها وذكرت أن الحرب جاءت لمنع قيام دولة إسلامية فى مالى تكون موضع قدم لتنظيم القاعدة المزعوم، ولقتال الجماعات الإرهابية فى مالى والمعروف أن هذه الجماعات إسلامية، والتصريحات الغربية أفادت أن الحرب لمنع الإرهاب والصحيح لمحاربة الإسلام، ولا يمنع ذلك من محاولة فرنسا استرداد مستعمراتها ونفوذها في أفريقيا الذي يزاحمه النفوذ الأمريكي والصيني والروسي، كما أن ثروات مالى التعدينية يسيل لها لعاب كل هذه القوى الاستعمارية التي تحاول استعادة مستعمراتها لنهب ثرواتها. وهذه الحرب غير شرعية وعدوانية ومخالفة صريحة للقانون الدولي وقانون المنظمات الدولية وخاصة ميثاق الأممالمتحدة، ففى المادة الأولى منه لأن هذه الحرب تهدد السلم والأمن الدوليين، والمادة الثانية الفقرة الرابعة التى حظرت استخدام القوة فى العلاقات الدولية، وتعتبر تدخلًا سافرًا فى الشئون الداخلية لدولة عضو فى الأممالمتحدة مخالفًا بذلك المادة الثانية الفقرة السابعة، ولا يقدح فى ذلك أن التدخل العسكري جاء بناءً على طلب من الحكومة المالية لأن الحكومة مؤقتة فضلًا عن أنها تدار بانقلاب عسكري غير شرعي حدث قبل نهاية حكم الرئيس السابق بثلاثة أشهر، مما يجعل الشعب المالي له حق الدفاع الشرعي ضد فرنسا ومن يساعدها على العدوان طبقًا للمادة (51) من الميثاق. القرار الذي أصدره مجلس الأمن رقم 2085 لسنة 2012م بشأن مالي لم يبح لفرنسا بالتدخل العسكري، وأعطى فرصة للجهود الدولية، وطلب بقوة متعددة الجنسيات من القوات الأفريقية وحدد خريف هذا العام للتدخل عسكريًا حال فشل المفاوضات وفشل إجراء انتخابات فى إبريل القادم وأن تواكب جهود المصالحة السياسية عملية إعادة بناء الجيش المالي وتدريب القوات الأفريقية المشتركة التي ستشكل جزءًا من القوة الدولية (البعثة الدولية لدعم مالي) بحيث تكون مستعدة لإعادة السيطرة على الشمال، ويشترط القرار أن يبدي مجلس الأمن رضاه عن جاهزية هذه القوة، انطلاقًا من معايير محددة وهي «التدريب، وفاعلية البنية القيادية، والتجهيز، والتكيف مع الميدان»، قبل أن تتمكن من الانتشار في شمال مالي. وللآسف قامت دول إسلامية بمساعدة فرنسا فى عدوانها على مالى تأتى فى مقدمتها الجزائر التى فتحت مجالها الجوي بدون شروط للطائرات الفرنسية التى تضرب المدنيين مخالفة بذلك اتفاقيات جنيف الأربعة، وخاصة الاتفاقية الرابعة لعام 1949م والبروتوكولين الإضافيين لعام 1977م، وبذلك تعتبر الحركات الإسلامية في مالي حركات تحرر وطني تدافع وتستخدم حقها الشرعي في الدفاع وينطبق عليها الشروط كافة الواردة فى القانون الدولي الإنساني المطلوب توافرها فى حركات التحرر الوطنى والواردة فى المواد (59- 60 – 139 – 155) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م. وهذه الحرب تخالف ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي خاصة المادة الأولى والثانية منه التي نصت على أهداف ومبادئ المنظمة، منها احترام حق تقرير المصير، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأعضاء، واحترام سيادة واستقلال ووحدة أراضى كل دولة عضو واستعادة السيادة الكاملة، ووحدة أراضى أي دولة عضو، وتعهدت الدول باحترام سيادة واستقلال كل دولة عضو وحماية وصون الأمن والسلم الدوليين، أين ذلك مما يحدث من الدول الإسلامية التي ساعدت وشاركت فى العدوان على مالي وخاصة الجزائر وتشاد، مخالفة إعلان حقوق وواجبات الدول الصادر عن الأممالمتحدة الذى نص على عدم المساهمة أو الاشتراك فى حرب عدوانية، وطالب بضرورة مساعدة الدولة التي تتعرض لعدوان بكل السبل والآليات حتى الأسلحة لصد ورد العدوان. هذه الحرب العدوانية مخالفة صريحة لميثاق الاتحاد الأفريقي منظمة الوحدة الأفريقية سابقًا، خاصة المادتين الثالثة الفقرة الثانية التى نصت على (الدفاع عن سيادة الدول الأعضاء ووحدة أراضيها واستقلالها) والفقرة السادسة التى نصت على (تعزيز السلام والأمن والاستقرار فى القارة الأفريقية، والمادة الرابعة التى نصت على المبادئ التي يمكن عن طريقها تحقيق الأهداف الواردة كافة فى المادة الثالثة من الميثاق، وخاصة الفقرة الخامسة التى نصت على (تسوية الخلافات بين الدول الأعضاء فى الاتحاد بوسائل مناسبة يقررها المؤتمر) والفقرة السادسة التى نصت على (منع استخدام القوة أو التهديد باستخدامها بين الدول الأعضاء فى الاتحاد) والفقرة السابعة التى نصت على (عدم تدخل أى دولة عضو فى الشئون الداخلية لدولة عضو). ترتيبًا على ما سبق يجب الوقوف فى وجه هذا العدوان غير الشرعى، وإيقافه بسرعة حماية للمدنيين، واحترامًا لسيادة واستقلال دولة عضو فى المجتمع الدولى، وعضو فى منظمات دولية على رأسها الأممالمتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي والاتحاد الأفريقي، ويجب تفعيل هذه النصوص السابقة على أرض الواقع واتخاذ الإجراءات العملية لوقف العدوان وعدم عودة الاستعمار.