جولة مفاجئة لرئيس جامعة المنصورة بالمستشفيات والمراكز الطبية    مصر للطيران تطلق غدًا أولى رحلات عودة الحجاج من الأراضي المقدسة    روسيا تشرع في تسليم الدفعة الأولى من جثامين العسكريين الأوكرانيين    روسيا: إسقاط 10 مسيرات أوكرانية استهدفت مقاطعة بريانسك    مصر وتركيا تبحثان مستجدات الوضع في غزة    قبل مواجهة باتشوكا.. الأهلي في سادس اختبار أمام أندية المكسيك    لا يُعاني من إصابة عضلية.. أحمد حسن يكشف سبب غياب ياسر إبراهيم عن مران الأهلي    مراكز شباب أسيوط تستقبل المواطنين لممارسة الرياضة فى ثالث ايام عيد الاضحى    زيزو: "تمنيت اللعب مع أبو تريكة وأتذكر هدفه في كلوب أمريكا"    محافظ المنوفية: تحرير 94 محضرا تموينيا فى ثالث أيام إجازة عيد الأضحى    من هو خالد محمد شوقى؟.. دفع حياته ثمنا لإنقاذ العاشر من رمضان من كارثة    إخماد نيران حريق بشونة كتان ومصنع طوب مهجور بالغربية    توابيت أطفال وأوشابتي وجعة فرعونية.. تفاصيل كشف أثري فريد في الأقصر    متحف شرم الشيخ يطلق فعاليات نشاط المدرسة الصيفية ويستقبل السائحين في ثالث أيام عيد الأضحى    لم تحسم.. حقيقة تعاقد الزمالك مع المدافع الجزائري زين الدين بلعيد (خاص)    حريق مصنع كتان بقرية شبراليمن بالغربية    ضبط عاطلين بحوزتهما حشيش ب 400 ألف جنيه    مراجعة نهائية متميزة في مادة التاريخ للثانوية العامة    وزير الزراعة: نستعرض الخطط الاحترازية لحماية الثروة الحيوانية من الأمراض العابرة للحدود    صحة غزة: مستشفيات القطاع ستتحول إلى مقابر خلال 48 ساعة    جرافات الاحتلال الإسرائيلي تهدم عشرات المباني السكنية في طولكرم    زيارة مفاجئة ل مدير الحوكمة بصحة أسيوط على عدد من المستشفيات بالمحافظة    تقديم الرعاية ل2096 مواطنًا بقريتي السرارية وجبل الطير البحرية في المنيا    الكنيسة القبطية تحتفل ب"صلاة السجدة" في ختام الخماسين    بين الحياة والموت.. الوضع الصحي لسيناتور كولومبي بعد تعرضه لإطلاق نار    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 996 ألفا و150 فردا    وزارة العمل تعلن عن فرص عمل بمرتبات تصل إلى 15 ألف جنيه .. اعرف التفاصيل    منافذ أمان بالداخلية توفر لحوم عيد الأضحى بأسعار مخفضة.. صور    العثور على جثة رضيعة داخل كيس أسود في قنا    البحر هادئ.. طقس ربيعي وأجواء رائعة ثالث أيام العيد في الإسكندرية - صور    التأمينات الاجتماعية تواصل صرف معاشات شهر يونيو 2025    وزارة العمل تعلن عن فرص عمل بمرتبات تصل إلى 15 ألف جنيه    موعد عودة الوزارات للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025. .. اعرف التفاصيل    تعرف على الفيلم الأقل جماهيرية بين أفلام عيد الأضحى السبت    عروض «بيت المسرح» ترفع لافتة «كامل العدد» في موسم عيد الأضحى| صور    بعد عيد الأضحي 2025.. موعد أول إجازة رسمية مقبلة (تفاصيل)    أمين الفتوى: أكل "لحم الجِمَال" لا يَنْقُض الوضوء    رومانو: عرض نهائي من تشيلسي إلى ميلان لضم مانيان    منافذ أمان تضخ لحوم بأسعار مخفضة في كافة محافظات الجمهورية (صور)    انفجار في العين.. ننشر التقرير الطبي لمدير حماية الأراضي المعتدى عليه خلال حملة بسوهاج    أمين «الأعلى للآثار» يتفقد أعمال الحفائر الأثرية بعدد من المواقع الأثرية بالأقصر    «البدوي»: دعم الرئيس السيسي للعمال حجر الأساس في خروج مصر من قوائم الملاحظات    الصحة: فحص 7 ملايين و909 آلاف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج ضعف السمع    مجلة جامعة القاهرة لعلوم الأبحاث التطبيقية «JAR» تحتل المركز السادس عالميًا (تفاصيل)    الدكتور محمد الخشت: 11 شرطا لتحول القادة المتطرفين إلى قيادات مدنية    محافظة الشرقية: إزالة سور ومباني بالطوب الأبيض في مركز الحسينية    مجلة الأبحاث التطبيقية لجامعة القاهرة تتقدم إلى المركز السادس عالميا    رونالدو ينفي اللعب في كأس العالم للأندية    حكم وجود الممرضة مع الطبيب فى عيادة واحدة دون محْرم فى المدينة والقرى    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    النسوية الإسلامية «خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» السيدة هاجر.. ومناسك الحج "128"    أسعار الدولار اليوم الأحد 8 يونيو 2025    المواجهة الأولي بين رونالدو ويامال .. تعرف علي موعد مباراة البرتغال وإسبانيا بنهائي الأمم الأوروبية    أسعار الأسماك اليوم الأحد 8 يونيو في سوق العبور للجملة    غزة.. السودان.. ليبيا.. سوريا.. المعاناة مستمرة عيدهم فى الشتات!    مسؤولون أمريكيون: واشنطن ترى أن رد موسكو على استهداف المطارات لم يأت بعدا    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم..استشاري تغذية يحذر من شوي اللحوم في عيد الأضحى.. أحمد موسى: فيديو تقديم زيزو حقق أرباحًا خيالية للأهلى خلال أقل من 24 ساعة    الوقت غير مناسب للاستعجال.. حظ برج الدلو اليوم 8 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيام من جمر المحنة
نشر في المصريون يوم 14 - 01 - 2013

كانت الساعة تقترب من الحادية عشرة مساء عندما نادى علينا شاويش العنبر لتجهيز أنفسنا للترحيل إلى سجن الوادى الجديد الذى كان أحد السجون الجديدة التى أضافها وزير الداخلية الأسبق / حسن الألفى لقائمة السجون المصرية، واختار بناءه فى منطقة قاحلة على أنقاض سجن المحاريق الذى سجن فيه عبد الناصر الإخوان المسلمين.
كنت ضمن التغريبة رقم "5" التى سيتم ترحيلها إلى ذلك المكان المقفر، فقد سبقتنا أربع تغريبات ولم تكن أخبارهم وما حدث معهم قد وصلتنا بعد وكانت خطة الداخلية حينها تقضى بإرسال معتقلى الوجه البحرى لسجن الوادى زيادة فى التنكيل بذويهم، وحتى تصبح زيارتهم قطعة من العذاب فيحجم الأهالى عن زيارة أبنائهم، مما يؤدى لانهيار نفسيات المعتقلين وتحطيم إرادة المقاومة داخلهم.
خرجنا من غرفنا بعنبر "د" فى سجن استقبال طره والذى تم تجميعنا فيه قبل التغريبة بعدة أيام حتى يسهل إخراجنا ليلاً، وهذا العنبر إضافة إلى عنبر "ج" بجواره يعتبر من أسوأ الأماكن فى سجون مصر قاطبة من حيث التهوية ودخول الهواء إلى غرفه، ولا يليق بمصر الثورة أن يتم حبس أى إنسان فيهما لافتقارهما مقومات الحياة الآدمية.
كنا ندرك أننا مقبلون على المجهول وأن سبل الاتصال بأهلينا وذوينا ستتقطع، ولكن ماذا عسانا أن نفعل سوى أن نفوض أمرنا لله الرحمن الرحيم الذى تعودنا منه الجميل، كانت ليلة باردة من ليالى شهر مارس عام 95 وتم شحننا فى عربة الترحيلات بواقع حوالى 50 معتقلاً فى العربة الواحدة بعد أن تم قيد كل اثنين منا فى قيد حديدى واحد، وكانت العربة لا تتسع لكل هذا العدد إضافة إلى أمتعتنا ولكن تم حشرنا حشرا فى السيارة والتى انطلقت فى منتصف الليل تشق هدوء الليل فى موكب مهيب، حيث كان يفصل بين كل عربتين عربة حراسة مثبت عليها مدفع ضخم، ولم يكن أمامنا من سبيل لاتقاء الرياح الباردة التى تدخل علينا من نوافذ السيارة بدون شفقة أو رحمة، سوى أن نلصق أجسادنا بعضها ببعض، وما بين اليقظة والمنام قضينا ليلنا إلى أن وصلنا إلى مدينة منقباد بمحافظة أسيوط، ونزلت قوة الحراسات الضخمة للاستراحة والاستجمام ورفضوا رفضاً نهائياً السماح لأى واحد منا بقضاء حاجته، وما علينا إلا أن نتحمل حتى نهاية الرحلة الشاقة لسجن الوادى الجديد.
وصلنا لباحة السجن قرب العصر من اليوم التالى، وانتظرت السيارات خارجه للسماح لها بالدخول واحدة تلو الأخرى، وعندما تهادت سيارتنا داخل السجن وفور أن أغلقت البوابة الكبيرة أبوابها إلا وفوجئنا بالعصى تنهال على السيارة من الخارج وجنود الأمن المركزى يصيحون فينا بهستيريا غريبة طالبين منا بأن ننزل ونترك كل أمتعتنا فى السيارة إضافة إلى سيل لا ينقطع من السباب والشتائم، وفور نزولنا من السيارة تلقفتنا الأيدى بالصفع والأرجل بالركلات وأمرنا الجنود أن نصطف صفاً واحداً ونخرج ما بحوزتنا من "مصاحف" ثم خلع ملابسنا عدا قطعة واحدة تستر عورتنا وطوال رحلتنا من بوابة السجن إلى العنابر الداخلية كنا نتعرض لوابل من الضرب والصفع والسب، وعرفنا فيما بعد أننا أفضل حالاً من التغريبات التى سبقتنا والتى كان يتم سحلها من البوابة الخارجية إلى الزنازين على الأسفلت، إضافة لضربها بالعصى والهراوات وليس بالأيدى، ولكن كل هذا كان يهون أمام إصرار عساكر الأمن المركزى على تسمية أنفسنا بأسماء ممثلات معروفات وعندما رفضنا بطبيعة الحال زادوا فى جرعة الضرب والسب.
دخلنا إلى غرفنا، وعندما جاء وقت توزيع الطعام لم يكن فى الغرفة أى أوعية أو أطباق، ففوجئنا بما لم نتخيله فى حياتنا، حيث أمرنا شاويش العنبر أن ننظف مكاناً خلف باب الغرفة ليضع لنا الطعام على الأرض مباشرة!! وبصوته الأجش أذاع علينا الشاويش قائمة الممنوعات وعلى رأسها المصحف الشريف أو رفع الأذان بصوت عال فى العنبر! وكم تعرض المعتقلون للضرب المبرح نتيجة إصرارهم على رفع الأذان أو تهريبهم لنسخة من كتاب الله.
سجن الوادى الجديد استحق على مدار سنوات بداية من عام 95 حتى نهاية 2001 أن يلقب بباستيل مصر، نظراً لحالات التعذيب الوحشية التى كانت تتم بين جدرانه والتى تسببت فى وفاة كثير من المعتقلين لعل أشدهم بشاعة ذاك الذى تبول أحد أمناء الشرطة فى فمه فمات من الصدمة!!
أما أغرب هتاف كان الجنود يحمسون به أنفسهم قبل حفلات التعذيب اليومية فهو "عبد الناصر يا حبيب احنا دخلنا تل أبيب!!"
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.