صدمنا أشد الصدمة من تصرفات بعض المراهقين سياسيًا الذين يريدون لفت الأنظار إليهم بأى طريقة وبأى شكل، منهم المدعوة علياء المهدى التى نزلت ميدان التحرير عارية قبل أقل من عام من الآن للاحتجاج على الأوضاع ولتبرهن بعملها الشاذ هذا على أن الثورة مستمرة، ولم تكتف بهذا، بل وهبت جسدها لعربيد مثلها ويدعى أنه ناشط سياسى، وبينما كانت معركة الدستور على أشدها جاءنا الخبر بأن علياء المهدى قد ارتكبت حماقة أخرى أشد فظاعة، لم يكن المكان ميدان التحرير هذه المرة، بل ذهبت بعيدًا فى أرض الثلوج والضباب، فى هذه الأرض التى يكثر فيها الانتحار برغم الرفاهية الزائدة هناك وارتفاع مستوى المعيشة، فقد نزع الله من سكان هذا البلاد الشعور بالأمان وأصابهم بالقنوط والهم، وفى هذه الأرض أقدمت علياء على الانتحار، فسقطت من أعلى لتترنح فى هذه الأراضى بعد أن نالت سخط بنى قومها ولم يتعاطف معها إلا الشيوعيون والماركسيون الذين يعبدون الجسد ويتخذون الدعارة مذهبًا وواقعًا معاشًا. رأينا أحد هؤلاء الشيوعيين يكتب فى جريدة "القاهرة" التى تتحمل الدولة نفقاتها وخسارتها نظير إرضاء الرفيق صلاح عيسى الذى مازال يتشبث برداء الفكر الشيوعى الذى دخل مغارة التاريخ وقُبر قبل أكثر من عقدين وبارت تجارته فى الأرض الذى نبت فيها، يكتب تحت عنوان:"خيار علياء للاحتجاج ثبت فشله منذ الثورة الشبابية التى اجتحاحت الغرب منذ الستينات" فقال هذا المغرض: "أظن أن حال الشابة علياء المهدى، فعباراتها عن تحرير الجسد من مكبوتاته الجنسية مقتبسة من تلك الأدبيات التى بزغت وازدهرت مع الثورة الشبابية التى اجتاحت الغرب فى أواخر ستينات ومطلع سبعينات القرن الماضى. وكان أحد أهدافها ايجاد مخرج للمأزق الجنسى الذى يعانيه الإنسان من خلال التبشير بثقافة جديدة تتكئ على كسر ما يظنونه بالتابوه الوهمى الذى أحاط به الإنسان جسده وإطلاق الحريات الجنسية لذا شاع مع هذه الأحداث تعبير "الثورة الجنسية"، ويقصد بها التغيير الجذرى فى العلاقات الزوجية، حيث يصبح من حق المرء أن يقيم علاقات جنسية دون الحاجة إلى زواج، وصدرت بالفعل حزم من التشريعات التى تحمى هذا النوع من الحريات العامة". ذلك هو موقف علياء المهدى العجيب وموقف المتعاطفين معها من أحفاد "هنرى كورييل"، والأعجب من إقحامها على أحداث الثورة، وتصويرها أنها من وقود الثورة المصرية التى خطفها التيار الدينى، فى حين يهمشون من نضال هذا التيار الذى اعتقل أبطاله ليلة جمعة العضب منهم: رئيس الجمهورية الحالى الدكتور محمد مرسى، والدكتور عصام العريان، والدكتور سعد الكتاتنى، والدكتور البلتاجى، وأكثر من خمسين من قيادة التيار غير الآلاف الذين اعتقلوا زمن حكم مبارك والمئات الذين قتلوا فى السجون تحت وطأة التعذيب فى حين أن الناعقين اليوم من البوم كانوا يلحسون حذاء مبارك وابنيه وزوجته شجرة الدر "سوزان مبارك".. وسوف نستدعى من التاريخ القريب موقف مشابه لموقف علياء المهدى أثناء ثورة 1919، بعدما اندلعت شرارتها من الأزهر الشريف وقتل الكثير من رجاله، وبعد أن أقلقت هذه الثورة مضاجع الاستعمار، وملأت المظاهرات شوارع القاهرة وغيرها من المدن تهتف ضد الإنجليز، وتطالب بالجلاء التام أو الموت الزؤام ويطلق الإنجليز الرصاص من مدافعهم الرشاشة على المتظاهرين فيسقط منهم كل يوم قتلى بلا حساب. وفى خضم هذا الحدث الوطنى الذى جمع المصريين على قلب رجل واحد لا تستطيع التمييز بينهم كما حدث بعد ذلك فى ميدان التحرير فى ثورة يناير 2011، وكما نزلت أمثال علياء وأخوانها بعد أن دخلت الثورة منحنى النجاح واهتزت صورة الفرعون مبارك، دخلت على الخط مظاهرات النسوة سنة 1919 الذى اختلط لديهم الحابل بالنابل، وهبطوا إلى ميدان الإسماعيلية يهتفن ضد الإنجليز، وأشتد بهم الحماس وخلعن حجابهن وألقين به على الأرض، وسكبن عليه البترول، وأشعلن فيه النار، وتحررت المرأة، وسمى ميدان الإسماعيلية الذى تحللت فيه المرأة من حجابها الإسلامي ميدان التحرير!. ويعلق الأستاذ محمد قطب على هذه الواقعة فى كتابه "قضية تحرير المرأة" فيقول:"ويعجب الإنسان لهذه المسرحية وخلوها من المنطق، فما علاقة المظاهرة القائمة للاحتجاج على وجود الاحتلال الإنجليزى، والمطالبة بالجلاء عن مصر. ما علاقة هذا بخلع الحجاب وإشعال النار فيه؟! هل الإنجليز هم الذين فرضوا الحجاب على المرأة المصرية المسلمة من باب التعسف والظلم، فجاء النسوة يعلن احتجاجهن على وجود الإنجليز فى مصر، ويخلعن فى الوقت ذاته ما فرضه عليهن الإنجليز من الحجاب؟!! هل كانوا الإنجليز هم الذين ألبسوا المرأة الحجاب ما يزيد على ثلاثة عشر قرنًا كاملة قبل ذلك؟! أو كانوا هم الذين سلبوا المرأة حق السفور منذ ذلك الزمن السحيق. فجئن اليوم يتحررن من ظلمهم ويلقين الحجاب فى وجههم تحديًا ونكاية فيهم ؟!!" . ونختم مع حكيم الشعراء المتنبى الذى جاء مصر قبل 1080 سنة وجُن من وجود الغرائب والمضحكات التى جعلته يفر من مصر حفاظاً على ما تبقى لديه من عقل وحكمة فقال: وكم ذا بمصر من المضحكات ولكن ضحك كالبكا [email protected]