إن مايحدث من بعض الأنظمة العربية الآن من أخطاء وخطط فاشلة يؤكد أن هذه الدول لم تعي الدرس كما وعاه الرؤساء العرب الذين أطاحت بهم ثورات الربيع العربي وكأن فهم الدرس عند البعض لا يتحقق إلا بعد فوات الأوان كما قال زين العابدين بن علي (فهمتكم). إن إرادة الله وسنتة في كونه قد قضت أن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة. وتحت الظلم يندرج عنصرين أساسيين يؤثران في سقوط الأنظمة وهما 1- ظلم الشعوب في حقوقهم وحرياتهم. 2- ظلم النفس بمعصية الله وتسهيل نشر الفاحشة. كنت أستغرب من حديث رسولنا القائد العظيم حين قال: "إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارا، فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها، فجعل ينزعهن ويغلبنه فيقتحمن فيها، فأنا آخذ بحجزكم عن النار، وأنتم تقحمون فيه". صدق رسول الله صلى الله عليه وسم. ونقطة استغرابي هنا هو كيف بعاقل يصر على اقتحام النار ويحاول مرات عديدة رغم انه هناك من يمنعه عنها! لا بد أنه كالدواب لاعقل له حتى يفعل بنفسه هكذا. إن هناك من الدول من تسعى وتستميت لتقتحم النار رغم كل ما شهدته من عبر فبدلا من أن تتعظ فإنها تتمادى وبدلا من سماع النصائح من المخلصين المحذرين فإنها تتكبر عن العودة للحق. لم يدرك هؤلاء المساكين أن هلاك ملكهم قد يأتي بطرق مختلفة بعض الشئ عن الطرق التي أهلك الله بها الأنظمة في الدول المجاورة التي كانت تعاني من الفقر. ظنوا أنهم أذكى ممن سبقهم من الذين إقتحموا النار بسبب انتشار الفقر ومعاناة شعوبهم. فقام من ظن انه فهم الدرس بتوزيع جزء من ثروات بلادهم على شعوبهم ظنا منهم أن إتراف الشعوب هو الحل ونسوا أنه ثمة اسباب اخرى لسقوط الأمم هي الظلم وتفشي الفاحشة. إنها سنة ربانية تهز عروش كل ظالم متكبر. كل من سهل نشر الفاحشة ورعى بيوت الدعارة واستضاف رموز الإنحلال الأخلاقي. وسمح بعبادة غير الله في أرضه بإقامة معابد للسيخ والبوذيين. واستولى على حقوق الآخرين وساند الظلم بشتى اشكاله. من تكميم الأفواه وسجن واعتقالات للنشطاء والحقوقيين المظلومين وسحب الجنسية. إن عرش هؤلاء لزائل لامحالة. لقد سعى أمراء وملوك بعض الدول العربية لرشوة شعوبهم المترفة مسبقا وذلك بعد بدء الثورات في الدول التي بها شعوب كادحة ثارت بسبب الظلم مطالبين بعيش حرية عدالة اجتماعية فأغدق أولائك على شعوبهم بالمنح والوظائف والمغريات ظنا منهم أنها كانت الأسباب الرئيسية للثورات العربية. ونسوا أن إرضاء الشعوب لابد أن يصحبه إرضاء رب الشعوب. بالإضافة إلى أنهم لم يرضوا شعوبهم سوى في جانبي العيش والعدالة الإجتماعية نسوا جانب الحرية. ففي هذه الدول يتم الاعتقال ونزع الجنسية عن المواطنين كما تنزع الملابس عن الجسد لا لشئ إلا لأنهم ناشطين سياسيين لهم مطالب في حياة برلمانية أفضل فمصموا بأنهم يعارضون النظام الحاكم. ووجهت لهم التهم المعلبة الجاهزة بتكوين خلايا اجرامية منظمة لقلب نظم الحكم. إن هذه الأنظمة عاشت تزامنا مع الثورات العربية في الدول المجاورة ولعبت دورا دنيئا مزيج بين البزنس والخوف من تصدير الثورة إليهم. هداهم خوفهم المزعوم الى معاداة دول الربيع العربي بطرق مختلفة منها: 1- ايواء الرؤساء العرب المخلوعين الهاربين الى بلادهم والمسجونين وإرسال طاقم من المحامين للدفاع عنهم في قضايا قتل الثوار. 2- فتح الباب لفلول ورموز الأنظمة السابقة للهروب بالثروات التى تم سرقتها من قوت الشعوب إلى بلادهم ليتم إنعاش اقتصاد هذه الدول بالمليارات التي ساندت اقتصادهم الذي كاد ان ينهار. 3- مساندة وتمويل كل تيار سياسي مضاد للنظام القائم بالدول التي قامت بها الثورات. 4- تمويل المخربين من البلطجية لإحداث حالة من الشغب وعدم الإستقرار لزعزعة النظام الجديد. 5- ترحيل من بلادهم واعتقال بعض ابناء الجاليات العربية بحجة الإنتماءات السياسية دون أدلة. 6- الاستعانة برموز النظام السابق في وضع الخطط المعرقلة لدول الربيع العربي. 7- السماح لنخبتهم بالخوض في تصريحات مستفزة تكشف عما في الصدور من حقد وكراهية لدول الربيع العربي. ويستخف بعقول عربية مسالمة اختارت لنفسها الطريق المناسب لطلعاتها نحو مستقبل أفضل. 8- تمويل حملات اعلامية وتوجيه قنوات تليفزيونية للقيام بتشويه النظم التي تم انتخابها بالطرق شرعية. حالة تخبط يعيشها هؤلاء بين مصالح شخصية وتستر على فاسدين والإستفادة من أموال مهربة من جانب وخوف من تصدير الثورة إليهم من الجانب الآخر. ولايدرك هؤلاء المساكين أنهم بفعلهم هذا يعجلون بإستيرات الثورة قبل أن تصدر إليهم. [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]