على الجانب الآخر من النهر ... تظهر الأحزاب الإسلامية الكبيرة وقد اعترى بعضها في هذه الساعة بعض الانقسامات والاتحادات الجديدة فحزب النور شهد انقسامًا كبيرًا. إن القضية الآن التى تواجه التيار الإسلامى هى قضية التوحد. فلم يعد مقبول (لدى الشباب) أن لا يكون التوحد إلا فى الأزمات. هذا أمر بالغ الاستفزاز فالعقل يقول أن يتكون تحالف إسلامي يتسع لكل الفصائل الإسلامية يشمل تمثيلًا عادلًا لتلك الأحزاب. إن فكرة وجود تحالف إسلامي قد تضمن لهؤلاء الإسلاميين أغلبية مريحة وقوية داخل البرلمان الجديد حيث ستتوحد الأصوات المنقسمة وتضيع فرصة المغالبة في ظل غياب الفلول وضعف تمثيل جبهة الإنقاذ في أكثر من 24 محافظة إلى حد الانعدام في أكثر من 15 محافظة وهو ما يعنى إن دققنا حصول الإسلاميين في قائمة واحدة على ما قد يصل لثمانين بالمائة من البرلمان القادم. أضف إلى ذلك وجود معنى مهم لهذا التحالف وهو معنى انتهاء مرحلة التوافق الوهمي بين الأحزاب الإسلامية الكبيرة والأحزاب العلمانية ويعنى هذا أمام الناظر في الشارع أن الإسلاميين وعوا دروس البرلمان السابق وأنهم لن يكرروا هذه الأخطاء الكبيرة والتي تسببت في أن المواطن في الشارع لم يعد راغبًا في الوقوف في طوابير بالساعات لكي يعطيهم صوته. إنني هنا لا أتحدث عن بروباجندا الإعلام فقط ولكن لنواجه أنفسنا كان هناك بعض من الحقيقة في هذه البروباجندا كان السبب الأساسي في هذه البروباجندا أن البرلمان السابق بدأ وعينه على الهدف الخطأ فكانت عين البرلمان على التحرير ولم تكن على "التغير". كانت عينه على شباب النخب ولم تكن عينه على المواطن الحقيقي. وجود تحالف إسلامي قوي هو رسالة إلى هؤلاء الواقفين بالطوابير أننا وعينا الدرس وأننا لن نكرر تلك الأخطاء. وأنك صرت في مقدمة أولوياتنا وأننا سنسعى بكل قوة لتحقيق ما ترغب فيه أنت من استقرار وتقدم ورفاهة. القضية أن وجود تحالف إسلامي موسع ليس متوقفًا فقط على رغبة الأحزاب الإسلامية كما يبدو للناظر. بل إن هناك عدة عوامل خارجية من أهمها أيمن نور الحقيقة أنني كتبت سابقًا كثيرًا عن إعجابي بأيمن نور, هذا الرجل هو اللاعب الأساسي في الشارع السياسي المصري وسوف أبرهن لسيادتك على ذلك من الآتي: تصرف أيمن نور تجاه الإخوان في الأيام التالية هو أهم عامل محدد في تكوين تحالف إسلامي! سوف يسعى حزب الحرية والعدالة إلى تكوين تحالف "ديمقراطي" جديد الآن كل الأحزاب تقريباً "وعلى رأسها الكرامة" والشخصيات "وعلى رأسها وحيد عبد المجيد" التي كانت عضوة في هذا التحالف منضمة لجبهة الإنقاذ، إلا أيمن نور. إذًا ستسعي قائمة الحرية والعدالة لتكوين تحالف قوي مع أيمن نور، وهو أمر لن يقبله بقية الإسلاميين لعلتين: الأولى أن أيمن نور عازم على (باعتبار خلفيته العلمانية) تغيير المادة 219 وهو أمر لن يقبل به الإسلاميون ولن يقبل أن يصل أحد "على أكتافهم" إلى البرلمان ليعاديهم فيه. الثاني هو مطلق رغبة تلك الأحزاب في الظهور كتحالف "إسلامي" في مواجهة التحالف العالماني مما يضمن لهم بروباجندا قوية تسمح لهم بالاستحواذ وجود أيمن نور في قائمة مع هذا التحالف تجعل ذلك مستحيلًا تمامًا. في حالة انضمام نور للجبهة أو حتى الدخول منفردًا في الانتخابات فسوف يتكون غالبًا التحالف الإسلامي. من مشاكل التي تواجه رغبة الإسلاميين في تكوين تحالف خاص بهم الزعامات الداخلية وجود أحزاب راغبة في استبدال الكيانات الإسلامية التقليدية يقلص بشدة فرص هذا التحالف فهذه الأحزاب الجديدة التي تكونت بالفعل أو ستتكون خلال الأيام القادمة تعرض نفسها على الجماهير الإسلامية في مصر كبديل سياسي لهذه الكيانات التي تصفها هذه الأحزاب الجديدة بالضعف أو الانبطاح وربما بالتآمر. تكوين تحالف مع هذه الأحزاب سوف يضعف مصداقيتها في نقدها للأحزاب الإسلامية الأخرى في المستقبل وهنا يثور سؤال هام لهذه الأحزاب وهو تحديد المصلحة والوزن النسبي ومشكلة الشارع والحقيقة أن هذا السؤال يواجه جميع الأحزاب ليس فقط الإسلامية بل والعلمانية أيضًا. في النهاية أقول إن أخطر عقبة أمام تواجد التحالف الإسلامي هي عقبة استفزاز الجبهة. وهذه العقبة بشكل عام يمكن تقسيمها إلى قسمين: واحد استفزاز دعاية علمانية مضادة تتحدث عن ولاية الفقيه و دولة ثيوقراطية ومجتمع مقسم إلى آخر تلك التهم المعلبة. والثاني استفزاز مكوني الجبهة أنفسهم إلى التغاضي عن الخلافات البينية وتكوين تحالف سريع يغضون فيه النظر عن كل تلك المشاكل التي أبرزناها ليواجهوا به غزو التيار الإسلامي لأول مجلس نواب. هذه يا سادة هي الأوراق التي تم توزيعها على اللاعبين على مائدة المقامرة السياسية، إن الحكيم ليس فقط من يختار الاختيارات الصائبة ولكنه من يختار الاختيار الصائب.. في التوقيت الصائب أيضًا