وصلتني على بريدي الالكتروني رسالة غاضبة وعاتبة من الدكتور محمد علي، يقول فيها بالنص: الأخ العزيز: اكتب إليك من آخر الدنيا بجوار الصين واليابان، ولست إخوانياً ولن أكون، ولكن للإنصاف هذه الجماعة مظلومة ظلما بينا من الأمن والحكومة، ومن الشيوعيين والملاحدة، ومن أمريكا وإسرائيل، ومن كل الدنيا، حتى للأسف مظلومة من أبناء الإسلام، وكم رأيت وشاهدت بأم عيني أبناء من الجماعات الإسلامية وأبناء من الإخوان شتان وشتان، شباب الإخوان سيقود العالم من وجهة نظري، لكن لن يعوقه أحد إلا أمثالك أصحاب اللحى والمدعين بالتوجه الإسلامي الصحيح، بصراحة كنت أتمنى منكم أن تكونوا أكثر وعيا وثقافة، أنت وصاحبك الملتحي الذي أجد الحقد ينقط من لحيته، ويكتب عموده فوق عمودك، صواريخكم الجو جو والأرض أرض نافذة ضد الإخوان دائما، بل ضد الإسلام لو وعيتم، يا ناس جمعوا القوى الإسلامية ولا تفرقوا، وقليلا من الحقد، وقليلا من النفاق للغير، ربما تصلوا إلى شئ تخدموا به مصر، كفاية يا إخواني الأحباء.. مصري وأستاذ جامعي في جامعات شرق آسيا.. أحبكم في الله.. والرسالة - كما ترون- تعبر بالضبط عما نرفضه في تناول الإخوان لكثير من القضايا، وسواء كان الأخ العزيز من الإخوان أم لم يكن، إلا أنه يمثل طريقة التفكير السائدة في الإخوان حول القضايا التي طرحها في رسالته الغاضبة إلينا، فهو وهم يرون "الجماعة مظلومة من كل الدنيا"، وربما مظلومة "من أبناء الإسلام" أكثر من ظلم الشيوعيين والملاحدة، والأمن والحكومة، وهو يرى - كما يرون- أن"شباب الإخوان سيقود العالم" لولا أمثالي من أصحاب اللحى الذين إذا رأوا نقداً للإخوان فإنه في الحقيقة ليس"ضد الإخوان، بل ضد الإسلام"، وهو يراني أنا وصاحبي"الملتحي الذي ينقط الحقد من لحيته" عقبة في سبيل تحقيق دولة الإسلام على الأرض بواسطة الإخوان وشبابهم! والدكتور المتخلق بأخلاق الإخوان يطالبنا بالقليل من النفاق للغير، وبالتقليل من الحقد على الإخوان، وأن نكون أكثر وعيا وثقافة، وأن نكون عامل جمع وليس عوامل طرح، وينادي فينا أن"جمعوا القوى الإسلامية"! وهي كما ترون أهداف سامية ونبيلة، وندعو الله أن يجعلنا أهلا لها، ونسأله تعالى ألا يجعلنا من المنافقين وان ينزع من قلوبنا الغل على الذين آمنوا وأن يحشرنا وإياهم في جنة نعيم. وأنا إذ أتمنى من الأخ العزيز أن يحسن الظن بنا أقول له أن الله وحده يعلم أني لا أقصد التشهير، وأني لا أقصد غير الإصلاح ما استطعت، إصلاح أرى الإخوان أحوج إليه، يبدأ أولاً بنبذ شعار احتكار الحقيقة المطلقة، وتخرجهم من عباءة الوكلاء الوحيدين للمنهج الرباني. وأقول لك - ولهم- يا أخي: إن عليهم الآن وفوراً أن يوقفوا الخلط العمدي بين حركتهم وبين الإسلام، وكأنهما شئ واحد، وألا يتعالوا عمن عداهم من حركات إسلامية بدعوى أنهم أصحاب الفهم الصحيح للدين، وأنهم حاملو الإسلام بوسطيته، وتوازنه، وشموله. ليس من حق الإخوان يا أخي، ولا من حق غيرهم كذلك، أن يصفوا أنفسهم بأنهم طليعة الأمة، أو أنهم التعبير الصادق عن وجدانها، أو أنهم الامتداد الطبيعي والحقيقي للأمة في الزمان والمكان! ليس من حق أحد لا الإخوان ولا غيرهم أن يتصور أنه عقل الأمة وقلبها، وآمالها و آلامها كما جاء في حديث منشور للمرشد عن الإخوان، لأن في هذا المنطق نفي للآخر إسلامياً كان أو غير ذلك، وليس من صحيح الدين أن يتصور الإخوان أنهم نبت رباني كريم يرعاه الله، ( قل أتخذتم عند الله عهداً فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون). وليس من حق الإخوان، ولا غيرهم، أن يتحدثوا - دون خجل- عن أنهم هم الفكر الصحيح المستمد من الكتاب والسنة، فبأي ميزان وزنتم، وعلى أي أساس أصدرتم أحكامكم غير القابلة للنقد. جماعة الإخوان في محنة حقيقية، وربما مزدوجة، محنة الملاحقات المستمرة لكوادرها وقياداتها وعناصرها المؤثرة والأحكام العسكرية التي طالت الكثير منهم، ثم محنة أخرى في الداخل قد تكون أشد وطأً من محن تأتي من الخارج، وفي كل الأحوال لا يحتاج الإخوان المسلمون إلى مراجعة واحدة، بل إلى مراجعات، وأدعو الله- مخلصا-ً أن يفعلوها، وساعتها سأزهو معك ومعهم بأنهم أهل لأن يقودوا العالم، ولن نكون ساعتئذ بعيدا عما يفعلون. [email protected]