الرجالة العوانس".. مصطلح غريب على المجتمع المصري الذي اعتاد اختصاص النساء اللائي تأخر بهن سن الزواج بصفة "عانس"، دون الرجال.. لكن الكاتب الساخر شادي عبد السلام قرر أن يعالج تلك السلوكيات الاجتماعية المتحيزة ضد المرأة في رأيه من خلال كتاب حمل هذا العنوان. ويرصد الكتاب، الواقع في 205 صفحات بأسلوب ساخر أسباب تأخر سن الزواج لدى الرجال والضغوط التي يتعرضون لها إن وقعوا في هذا التصنيف الاجتماعي، ولكنه في الوقت ذاته يعلن تحيزه للمرأة الشرقية وانتقاد ما تواجهه من ضغوط في المنزل والشارع والعمل. وعن الدافع وراء تأليف هذا الكتاب يقول عبد السلام لمراسلة الأناضول "همي الأكبر هو التمرد على كل القوالب الفاسدة الجامدة، سواءً في السياسة أو المجتمع، وأعتبر الكتاب جزءًا من الثورة الاجتماعية التي تأخرت في القيام كثيرًا". ويضيف "ألعب من خلال هذا الكتاب دور المحامي لا دور القاضي، فأدافع عن المجني عليهن من السيدات، أمام جبروت الرجال وتسلطهم، في كل مراحل العلاقة التي تجمع رجلاً بامرأة في مصر وفي شرقنا العربي". وأشار إلى أن هدفه من الكتاب هو "ترميم هذه العلاقة، وإنصاف المرأة التي تعاني كي تتزوج، وتعاني أثناء الزواج، وإذا وقعت مشاكل تدفعها للطلاق تعاني أيضاً حتى تحصل عليه، ثم تعاني من نظرة المجتمع لها بعد الطلاق". وعن ما إذا كان الكتاب يمارس تمييزاً ضد الرجل يقول عبد السلام "لا أسعى إلى محاكمة الرجل، بل أسعى من خلال هذا الكتاب إلى هدايته وتزويجه ومساعدته على الحفاظ على بيته وصون كرامة زوجته". ويجيب الكاتب بين صفحات مؤلفه؛ عن السؤال "لماذا لا يتزوج الرجال في مصر؟"، بطريقة تختلف عن المبررات التي ساقها كثير من علماء الاجتماع والمتخصصون في الشئون الأسرية. فعبد السلام يرى كما يذكر في كتابه أن "الزواج عبارة عن معادلة حسابية مفادها: عبء المسئولية + المتعة الجنسية + الرغبة في الاستقلال = اتزاناً نفسياً يفضي إلى رغبة الرجل والمرأة في الزواج". ويعتقد أن "الخلل الذي طرأ على هذه المعادلة، هو ما أفضى إلى عزوف الرجال المصريين عن الزواج"، لافتاً إلى أن هذا الخلل "يتعلق بشكل خاص بالإشباع الجنسي، فهناك سبل اخترعها بعض الشباب لاحتواء هذا الأمر مثل الانترنت والفضائيات، أصابت معادلة الزواج بخلل مزمن". ويقلل الكاتب المصري الساخر من أهمية الأسباب التي يرجع إليها المتخصصون ارتفاع نسبة العنوسة بين الجنسين في مصر، مثل غلاء المهور، وارتفاع تكاليف الزواج، وغيرها. ويرى أن "الفقراء في مصر، والمنتمين للطبقة الوسطى، قد أوجدوا حلولا عبقرية للتغلب على هذه الأمور، تجعل من يريد الزواج بحق، لن يجد كثيرا ما يمنعه عن تحقيق ذلك". ويبلغ عدد المصريين الذين تبلغ أعمارهم 30 عاما فأكثر ولم يسبق لهم الزواج وفق إحصائية في العام 2008 إلى نحو 1.044 مليون نسمة، كما يبلغ عدد الذين لم يسبق لهم الزواج من سن 35 عاما فأكثر 491 ألف نسمة، بحسب إحصائية صادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء في عام 2010. وأفرد الكاتب فصلاً كاملاً بعنوان "نصائح ناصحة" تتضمن إرشادات اجتماعية بأسلوب ساخر للرجل والمرأة فيما يتعلق بإدارة العلاقة الزوجية. وفي هذا السياق يقول الكاتب ناصحاً الفتاة التي تقدم لها أحد الشباب للزواج، بمجموعة من النصائح لقياس مدى جدية العريس قائلا "المرأة في كثير من الأحيان يخدعها حدسها وتخونها فراستها عندما تحب، وقد لا تستطيع التمييز بين رجل جاد في الزواج، وآخر غير ذلك" ويستشهد بنصائح الباحثة الأمريكية آن لانجفورد، أستاذة علم النفس في جامعة كولومبيا، في كتابها "متى يتزوج الرجل" قائلاً "هناك 7 علامات للتعرف على الرجل اللعوب غير المستعد للزواج وهي؛ يعرف كثيرا من الناس لكن أصدقائه الحقيقيين محدودين، يحب الإكثار من السفر، يهوي استخدام التليفون لتسليته في أوقات فراغه، حياته الاجتماعية غير منظمة وأشياؤه الخاصة مبعثرة، علاقته مع والديه وإخوته غير وثيقة ومضطربة، يكثر من التدخين أو التسوق وإنفاق راتبه فيما لا يفيد، قبل التعرف عليك خرج لتوه من قصة حب فاشلة". وينتقد الكاتب عدد من الممارسات الاجتماعية لبعض الشباب المصري عند إقدامهم على الزواج مثل المبالغة في الاهتمام بماذا تمتلكه عروس المستقبل وأهلها من أموال وأملاك. ورغم طابعه الساخر يغطي الكتاب جوانب العلاقة المعقدة بين الرجل والمرأة، من الناحيتين العضوية والنفسية، والعادات الجنسية المدمرة للعلاقة، وإنصاف الإسلام للمرأة، واختلاط المفاهيم الدينية والتفسيرات الشائعة بخصوص القوامة والميراث والشهادة. كما يقدم الكتاب نماذج واقعية من مشاريع زيجات تقليدية فاشلة بسبب "مهازل ذكورية مثيرة للاستفزاز"، على حد وصفه كتاب "الرجالة العوانس" أصدرته دار إيزيس للفنون والنشر عام 2012، وقامت بتصميم غلافه الفنانة سوزان التميمي.