نجحت حركة كفاية بالفيوم في تنظيم أول تظاهرة في أكبر ميدان بالمحافظة تحت سمع وبصر الأمن وهو الحدث الغير مسبوق في تاريخ المحافظة خاصة في الربع قرن الأخير كما لوحظ كثافة التواجد الأمني رغم حرص القيادات الأمنية على أن تبدو هادئة وبعيدة عن الإثارة إلا أن القوات الأمنية التي احتشدت في توتر بالغ من الظاهرة الغريبة على الشارع الفيومي قد أغلقت كافة محاور البلدة الرئيسية والتي تسمح للمواطنين بالمرور أمام التظاهرة والاشتراك فيها إلا أن المواطنين قد أحاطوا بالكردون الأمني من الخارج مما دفع أعضاء كفاية لرفع أصواتهم طيلة مدة التظاهرة لتصبح اللافتات والشعارات محل سمع وبصر الجميع . ويبدو أن الأربعاء الأسود 25/5 الماضي لم يصبح تاريخا بعد ,فرغم الكم الهائل من الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الشرطة ومن أسمتهم الحركة المصرية من أجل التغيير " كفاية " ب بلطجية النظام إلا أن القدرة الهائلة على تحويل المآتم الي ذكري وطنية و هو ما دفع الحركة في الفيوم لإعلان الاحتفال بهذا اليوم ولكن على طريقتها الخاصة جدا . فقد أعلنت لجنة كفاية في الفيوم عن اعتزامها تنظيم تظاهرات أسبوعية دورية كل أربعاء لتطوف على الميادين الأكثر جماهيرية معولة في الوقت نفسه على تحرك الشارع الفيومي المقتول سياسيا والذي يعتبره الكثيرون – حتى من أبناء نفس المحافظة – شارع فارغ من الحركة بشكل عام . ويبدو أن كفاية الفيوم لها وجهة نظر أخرى إذ صمم منسق الحركة بالفيوم الروائي عصام الزهيري على أن فراغ الشارع ليس دليلا على بطلان التحرك فيه بل العكس هو الصحيح حيث أن الشارع الفيومي لم يعتد مثل هذه الحركات الجماهيرية على خلفيات سياسية وطنية وبعيدا عن الشعارات العاطفية التي غالبا لا تقوى على كسر الرهبة الأمنية المنتشرة بطول مصر وعرضها . كان النقاش الذي تابعته المصريون منذ مراحل الترتيب الأولي وتنفرد بنشر تفاصيله الدقيقة يدور في الغالب حول التخوف من دور الأمن في إجهاض المظاهرة فضلا عن تشكيك البعض في قدرة الشارع الفيومي على كسر حاجز الخوف الأمني الرهيب لصالح الانضمام إلى المظاهرة . هذا وقد شدد الأديب محمد يوسف على أهمية إقامة سلسلة تمهيدية من المعارض في الشارع وفي أحياء شعبية على وجه الخصوص لتحفيز المواطنين وتشكيل وعيهم رافضا في الوقت نفسه فكرة الخروج بتظاهرة دون استعداد جماهيري معين . غير أن عددا غير قليل من أعضاء الحركة طرحوا سيناريو مغاير معللين تأييدهم للتظاهر بفكرة أن المواطن البسيط لن يفرق كثيرا بين التظاهرة و الفاعليات الأخرى – معارض / اعتصامات / . . . الخ – فضلا عن وجود حالة احتقان سياسية واقتصادية من الأوضاع التي وصلت إليها مصر ككل والمواطن إذ يتابع القنوات الفضائية بما تطرحه من صورة مغايرة للصورة الحكومية النمطية يمكنه الآن أن يتسائل عن وجود الحركة المصرية من أجل التغيير في محافظة هامشية مثل الفيوم وهو الأمر الذي يهم الحركة تأكيده وفي الوقت نفسه ضرب مثل للمواطنين بأن الحق الدستوري في التظاهر أصبح أمرا متعارف عليه حتى من رجال الأمن أنفسهم . كما تابعت "المصريون" عن قرب مواقف الأطراف الأخرى خارج وداخل حلقات النقاش المشار إليها مما أوجد توجها عاما بالتعاون في كل المجالات دون تقديم مجال سياسي على آخر حيث أكد منسق كفاية بالفيوم عصام الزهيري استعداده لمشاركة كل الحركات والأحزاب السياسية والمعارضين في المحافظة بكل السبل الممكنة معتبرا أن كفاية هي أكثر الحركات السياسية مرونة في الوقت الحاضر ومعولا أيضا على وجود نضج سياسي على مستوى القيادات والجماهير في المعارضة المصرية يدفع باتجاه تبني أي عمل مشترك . وقد تجاهلت الحركة كل ما حدث من خلافات أو احتكاكات أمنية وقامت ببدء التظاهرة في موعدها في تمام السابعة مساء بتعليق لاقتات الحركة المصرية من أجل التغيير " كفاية " تحت شعارها الأشهر " لا للتمديد لا للتوريث " كما تواجد عدد من المواطنين مندهشين من الظاهرة الجديدة والتي تحدث في أهم ميادين الفيوم . وتعمدت كفاية رفع شعارات ضد النظام وتؤكد على رفضها لقانون الطوارئ وكل القوانين الناتجة عنه فيما أسمته في بيانها " محاولة النظام لتحويل مصر كلها إلى معتقل كبير " كما احتوى البيان على إشارات صريحة ضد الفساد والبطالة والتعتيم الإعلامي والتوريث . وعلى صعيد الوضع الميداني لاحظت "المصريون" قيام موظفي الهيئة العامة للاستعلامات بالفيوم بمتابعة سير المظاهرة وتدوين أسماء المتظاهرين ممن يعرفونهم بحكم التواجد بشكل نشط في النوادي الأدبية فضلا عن الشعارات والهتافات و هو الأمر الذي أدي إلى احتكاك بين احد أفراد الحركة وبين احد الموظفين هرعت على إثره قيادات الأمن لتحجيم الموقف بعد أن اتهم عضو الحركة الموظف بالعمالة الأمنية لجهاز أمن الدولة . وقد نجحت الحركة رغم قلة العدد في جذب انتباه المواطن الفيومي فضلا عن انتزاع حقها الدستوري في التظاهر بشكل دوري وهو ما جعل الأداء العام للتظاهرة دعائيا في المقام الأول وتحفيزا للمواطن لكسر حالة الخوف الكاسحة بين أبناء المحافظة خاصة و أن الجهاز الأمني في المحافظة قام بعدد كبير من العمليات والممارسات شديدة العنف في الأعوام الماضية حيث دكت قوات الشرطة في أكثر من مرة بيوت المواطنين وضربت حيا كاملا مثل " دار الرماد " بالذخيرة الحية وقنابل الدخان فضلا عن تدمير قرية فيومية بمدفعية الجيش وقوات الشرطة لوجود خلايا من جماعة الشوقيين بها في العام 1991.