خطاب عاجل من التعليم بشأن مناهج المستوى الرفيع في المدارس الرسمية لغات والمتميزة (التفاصيل)    رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الشيوخ الأمريكي: يجب التخلص من مجلس حقوق الإنسان    الخارجية التركية ترحب بخارطة الطريق لحل أزمة محافظة السويداء السورية    السيطرة على حريق هائل نشب بمطعم الشيف حسن بمدينة أبوحمص بالبحيرة    مصرع شاب وإصابة اثنين آخرين في حادث تصادم موتوسيكل وسيارة نقل بمركز بدر بالبحيرة    الصورة الأولى للشاب ضحية صديقه حرقا بالشرقية    محافظ جنوب سيناء يشيد بإطلاق مبادرة «صحح مفاهيمك»    أسعار الخضار في أسوان اليوم الأربعاء 17 سبتمبر    أسعار طبق البيض اليوم الاربعاء 17-9-2025 في قنا    مباحثات سعودية إيرانية في الرياض حول المستجدات الإقليمية    الشرطة الإسرائيلية تفض اعتصام المتظاهرين أمام مقر نتنياهو    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الاربعاء 17-9-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    خبير أمن معلومات: تركيب الصور بالذكاء الاصطناعي يهدد ملايين المستخدمين    رئيس جامعة المنيا يشارك في اجتماع «الجامعات الأهلية» لبحث استعدادات الدراسة    د.حماد عبدالله يكتب: البيض الممشش يتلم على بعضه !!    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 17-9-2025 في محافظة قنا    «دروس نبوية في عصر التحديات».. ندوة لمجلة الأزهر بدار الكتب    زيلينسكي: مستعد للقاء ترامب وبوتين بشكل ثلاثي أو ثنائي دون أي شروط    مبابي: مباراة مارسيليا تعقدت بعد الطرد.. ولا أفكر في أن أكون قائدا لريال مدريد    حرق من الدرجة الثانية.. إصابة شاب بصعق كهربائي في أبو صوير بالإسماعيلية    التعليم تكشف حقيقة إجبار الطلاب على «البكالوريا» بديل الثانوية العامة 2025    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    بالصور- مشاجرة وكلام جارح بين شباب وفتيات برنامج قسمة ونصيب    "يانجو بلاي" تكشف موعد عرض فيلم "السيستم".. صورة    سارة سلامة بفستان قصير وهيدي كرم جريئة .. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    أمين عمر حكما لمواجهة الإسماعيلي والزمالك    زيارة صرف الأنظار، ترامب يصل إلى بريطانيا ومراسم استقبال ملكية في انتظاره    ارتفاع جديد ب 340 للجنيه.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025 بالصاغة    حريق هائل بمطعم شهير بمدينة أبو حمص في البحيرة (صور)    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025.. الأسد: كلمة منك قد تغير كل شيء    بسبب زيزو وإمام عاشور.. ميدو يفتح النار على طبيب الأهلي.. وينتقد تصريحات النحاس    تدريبات فنية خاصة بمران الزمالك في إطار الاستعداد لمباراة الإسماعيلي    بعد تضخم ثروته بالبنوك، قرار جديد ضد "مستريح البيض والمزارع"    اليوم، الفيدرالي الأمريكي يحسم مصير أسعار الفائدة في سادس اجتماعات 2025    انخفاض بدرجات الحرارة، الأرصاد تعلن طقس اليوم    مروان خوري وآدم ومحمد فضل شاكر في حفل واحد بجدة، غدا    أبرزها الإسماعيلي والزمالك، حكام مباريات الخميس بالجولة السابعة من الدوري المصري    أعراض مسمار الكعب وأسباب الإصابة به    كاراباك يصعق بنفيكا بثلاثية تاريخية في عقر داره بدوري الأبطال    4 أيام عطلة في سبتمبر.. موعد الإجازة الرسمية المقبلة للقطاع العام والخاص (تفاصيل)    سعر السمك البلطي والسردين والجمبري في الأسواق اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025    رئيس أركان جيش الاحتلال ل نتنياهو: القوات تعمّق الآن «إنجازًا» سيقرب نهاية الحرب    يوفنتوس ينتزع تعادلًا دراماتيكيًا من دورتموند في ليلة الأهداف الثمانية بدوري الأبطال    فرنسا تدين توسيع العملية الإسرائيلية بغزة وتدعو إلى وضع حد للحملة التدميرية    على باب الوزير    تحريات لكشف ملابسات العثور على جثة شاب طافية بنهر النيل في الوراق    مي عز الدين تهنئ محمد إمام بعيد ميلاده: «خفة دم الكون»    قبول الآخر.. معركة الإنسان التي لم ينتصر فيها بعد!    داليا عبد الرحيم تكتب: ثلاث ساعات في حضرة رئيس الوزراء    أوقاف الفيوم تنظّم ندوات حول منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعانة الضعفاء.. صور    ننشر خريطة موعد بدء الدراسة للتعليم الابتدائي بمدارس الفيوم تدريجيًا.. صور    قافلة طبية مجانية بقرية الروضة بالفيوم تكشف على 300 طفل وتُجري37 عملية    حتى لا تعتمد على الأدوية.. أطعمة فعالة لعلاج التهاب المرارة    يؤثر على النمو والسر في النظام الغذائي.. أسباب ارتفاع ضغط الدم عن الأطفال    ليست كلها سيئة.. تفاعلات تحدث للجسم عند شرب الشاي بعد تناول الطعام    أمين الفتوى يوضح حكم استخدام الروبوت في غسل الموتى وشروط من يقوم بالتغسيل    فيديو - أمين الفتوى يوضح حالات سجود السهو ومتى تجب إعادة الصلاة    أمين الفتوى يوضح الجدل القائم حول حكم طهارة الكلاب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النخبة... وصدمة الديمقراطية
نشر في المصريون يوم 18 - 12 - 2012

من المصطلحات المضللة والتى تعد من الأسباب الرئيسية للتيه السياسى فى الشارع المصرى فى هذه الأيام مصطلح "النخبة". غير أن الاقتراب من هذا المصطلح يساعد كثيرًا فى فك الخيوط العنكبوتية للموقف السياسى الحالى فى مصر و يقود كذلك بسرعة أكبر إلى الانفراجة.
بعيدًا عن الطرح العلمى العميق يوجد لدى كل منا مفهوم وتصور تلقائي لم يعرض على النقد لمعنى مصطلح "النخبة" وهو خيرة المجتمع وصفوته من حيث الكفاءة وسلامة الحكم. غير أننا ونحن نعى ذلك نغفل أن هذا اللقب هو من الألقاب الحرة الطليقة التي لا يقيدها رابط ولا معيار موضوعي. ولذا فمن يتوسم في نفسه أنه صفوة المجتمع يسمي نفسه "النخبة" أو "من النخبة" و يتصرف على هذا الأساس ليقول لسان حاله إنه "نخبوي" لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وهذا ليس أمرًا هينًا في نتائجه، بل أمر له خطورة بالغة.
وسبب هذه الخطورة أن من يعتبر نفسه "النخبة" بمحض قناعته بأنه أفضل الموجودين في الوجود ويتحرك في المجتمع على أساس هذه الاقتناع إنما يستقي شرعيته من ذاته ويدهس الشرعية التي لا يعطيها له إلا المجتمع بالحذاء. ولذا فإن هذا المصطلح يقوم على التشبع بالعنصرية وبالتعالي وبالكبرياء على باقي أبناء المجتمع، كما أنه يقوم في أخطر ما يقوم على "اغتصاب الشرعية" بموجب وجود الذات النخبوية. وليس عجيبًا والأمر كذلك أن يرفض "النخبويون من تلقاء أنفسهم" السلوك السياسي للأغلبية الغالبة من الشعب الذين يراهم النخبوي على أنهم رعاعٌ لمّا يبلغوا الحلم بعد، و بعبارة أخرى تقربنا من الواقع المصري: النخبوي ديكتاتور يتعامل مع الأغلبية الشعبية في المجتمع وفقًا للمبدأ الصامت: ما أريكم إلا ما أرى و ما علمت لكم من صاحب قرار غيري.
والذى يزيد من عمق اقتناع "النخبويين المنصّبين من قبل ذاتهم" هو وظيفة حكومية رفيعة شغلوها في وقت قد مضى أو جائزة ما أو نصف جائزة قد نالوها في ظروف ما. ويتعامل النخبويّون مع هذه التشريفات على أنها صكٌّ إضافي من صكوك النبوة والعصمة والتي تعطيهم مزيدًا من الحق من التغول على شرعية الأغلبية، أى مزيدٍ من الحق في التبجح بالديكتاتورية، مع أن التكليف بوظيفة رفيعة أو نيل جائزة أو نصف جائزة... إنما هو تعبير ذاتي أيضًا عن مجرد رأى في المكلّف بالوظيفة أو الفائز بالجائزة، وهو رأى لشخص أو رأى لبضعة أشخاص معدودين و ليس رأيًا كونيًا. إن النخبة حينما تصل إلى هذا المرحلة من فهم الذات على أنها فوق حيثما لا يكون فوق الفوق فوق... وحينما تحصل على رأي واحد يثبتها على ما هي فيه في صورة وظيفة أو جائزة... فإنها تعتمل في صدرها العظمة ويختم على بصرها فلا ترى إلا ذاتها... ويختم على قلبها فتنسى ما حولها من تفاصيل واقع آخر غير ما فى جنبات الذات.
إن هذا النخبة وهى تفهم نفسها بمفهوم العظمة والعصمة على هذا النحو لا تصبح فقط خطرًا جسيمًا على المجتمع... وإنما خطرًا على نفسها. فهى لا تستطيع أن تقبل الآخر وإذا صدمها الواقع وفاق قدراتها فإنها تلجأ إلى أحد الخيارين:
إما أن تقتل هذا الآخر المختلف.... و إما أن تنتحر.
و هذا هو، على ما أرى سبب الأزمة الحالية في مصر: نخبة تتوهم أنها فعلًا هى النخبة الحقيقية وأنها أولى من أى أحد آخر بصنع القرار وبالهيمنة على كل شيء وأنها ليست بحاجة إلى شرعية شعب... لأنها انتخبت نفسها... فهى النخبة وهى العظمة.. وهى العصمة وهى كل شيء. فإذا ما وجدت هذه النخبة نفسها في وسط اللعبة الديمقراطية صدمتها قواعد العمل الديمقراطي: فهنا لا توجد عصمة.. هنا لا توجد عظمة... هنا لا تفيد جائزة سابقة بنزع شرعية من قبض الريح... هنا لا يكفي منصب رفيع سابق.. لكل يكون برنامجًا سياسيًا... هنا لا تجدي مغازلة وسائل الإعلام الأجنبية بسب الوطن والدين وكل القيم والثوابت... هنا يتحكم الشعب... هنا يقول الناخب كلمته ويجر النخبوي من قمة كبريائه جرًا إلى الأرض غير آسف عليه. و لذا فإن النخبة المصرية، كما يصف البعض نفسه، هم الأزمة التي تسبب أزمة المجتمع... ولا تخدم مصطلحات "جبهة إنقاذ" وغيرها من المصطلحات إلا التغطية والتستر على هذه الأزمة الكبرى التي تعصف بصدر كل شخص من هذه الشخصيات. ولا عجب أن تنادي هذه النخبة بمظاهرات مناوئة للإرادة الشعبية لإسقاط مشروع الدستور... ولمنع باقي الشعب من التصويت عليه. فكل شيء خارج كيان النخبوي هو غير موجود أو أنه له فى أحسن الحالات "وجود مزوّر".
إن هذه النخبة الزائفة كانت من قبل فرعون... فخاب مسعاه... وكانت هامان.. و خاب مسعاه... و كانت قارون وخاب مسعاه... وأثبت سحرة فرعون... أنهم هم النخبة الحقيقية... كما يثبت الناخب المصري أنه هو النخبة و لا نخبة فوقه... وأنه صانع قراره. وأن أميّة الحرف والكلمة وإن وجدت لا تعني أميّة سلامة الحكم والحكمة والذكاء الفطري الذي لا يخيب.
إن الديمقراطية الوليدة في مصر تمثل لهذا السبب صدمة كبيرة لهؤلاء النخبويين المزعومين... كما تمثل صدمة لغيرهم ممن انبروا لسوء استخدام وسائل التعبير الديمقراطي وغدًا يهرول هائمًا على وجهه كمن يهرول في جلباب أكبر منه.
إن الرئاسة المصرية والحكومة المصرية بات عليهما الآن طرح برنامج إنقاذ لهذه النخبة المزعومة قبل أن تقدم على قتل غيرها أو على الانتحار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.