هذا القول ليس لى بالقطع بل هو للاستاذ الدكتور عبدالمنعم سعيد أحد ابرز اعضاء لجنة السياسات بالحزب الوطنى ومن المقربين لجمال مبارك. وهو ايضا من ابرز اعضاء مركز الدراسات الاستراتيجية بجريدة الأهرام. وهو ايضا من دعاة التطبيع مع إسرائيل ومن دعاة دعم العلاقات الاستراتيجية مع الولاياتالمتحدة والتى ستبقى بإذن الله -بنص كلماته- استراتيجية دائما!! والبادى انه يميل الى الوقوف ضد التيار الوطنى العام وانه كذلك يجب ان تكون مواقفه مثيرة للجدل. بل يجب ايضا ان يصدم سامعه باراء يعرف سلفا انها سوف تثير غضبهم. ولعل هذه المميزات هى التى أهلته ان يكون مقربا من جمال مبارك بل وضمه الى لجنة السياسات اصلا. ما يدعونى ان اخص الدكتور عبدالمنعم سعيد بهذا المثال امران: اولهما: انه نموذج لما عليه حال غالبية اعضاء لجنة السياسات التى فى رأيه تقود تيار الاصلاح فى مواجهة ما يسميه القوة الرئيسية المتحكمة فى مصر وهى البيروقراطية بجناحيها الامنى والمدنى والتى على حد قوله تقاوم التغيير وهى التى تقاوم التطور وتفرض حالة الطوارئ. اما لجنة السياسات -على حد قوله ايضا- فتقود فى اتجاه الاصلاح والديمقراطية...!. الأمر الثانى اقواله فى الحوار الذى أجرته معه صحيفة صوت الأمة فى عددها الصادر فى 18 من شهر يوليو الجارى صفحة 5 حيث سأله المحرر الاستاذ محمود صلاح عن تفسير ما شهدته الفترة من خروج بعض المثقفين من لجنة السياسات.بعد تأكدهم من انه لا شئ تغير وان ذات السياسات التى قادتنا الى ما نحن فيه مستمرة وربما بشكل أسوأ... فاجاب:.... هناك تيار لا يزال موجودا فى الصحافة والاعلام يؤمن بشيء اسمه دور مصر.. وهؤلاء يتحدثون عن مصر باعتبارها قوى عظمي. والحقيقة ان بلدنا فى درجة من السلم واطية بالنسبة للعالم ككل. مصر بلد متواضعه القدرات ولا يمكن مقارنته الا بدولة مثل تايلاند.. هل تعرف ان اخر احصائية للبنك الدولى عن الفقر تقول ان لدينا 11 مليون مواطن مصرى دخلهم اليومى 2 دولار فقط..... وهنا سأله المحرر: اذا كانت مصر دولة واطية فى السلم العالمى فلماذا يذكرها بوش فى خطبه دائما ويدعوها ان تكون قائدة المنطقة نحو الديمقراطية بعد ان قادتها للسلام مع إسرائيل؟ فأجاب الدكتور عبدالمنعم سعيد... احد ارصدة مصر التبشير.. بشرنا فى عصر عبدالناصر بالاستقلال فمشى العرب خلفنا ونحن الآن نبشر بالسلام..... وأسقط الدكتور سعيد فى التأريخ الدور المصرى لتحرير افريقيا ودورها فى حركة عدم الانحياز والمعارك التى خاضتها مع امتها العربية من أجل الوحدة. ودورها فى تحرير اقتصادها من الهيمنة الاجنبية وتأميم قناة السويس وبناء السد العالي. وهنا سأله المحرر:..... ولماذا لا تبشر مصر بالديمقراطية الحقيقية والعداء الكامل لإسرائيل على اعتبار انها كانت وستظل دولة احتلال للتراب الفلسطيني؟ واسمعوا اجابة الدكتور عبدالمنعم سعيد.... هذا الكلام له علاقة بإعلام صوت العرب وأحمد سعيد... وللاسف فمعدل الاعتراف بإسرائيل - لاحظوا كلمة وللاسف - يسير بمعدلات بطيئة! ومعظم الهجوم على إسرائيل والدعوة لمقاطعتها فى الصحافة العربية يقوم بها مصريون.. وانا اذكر اننى نتيجة لهذا المناخ الغوغائي... ذهبت للمشاركة فى واحد من اكبر مهرجانات التطبيع فى عمان... وهناك وزعوا علينا خرائط مكتوبا فيها اسماء مصر وفلسطين دون ذكر كلمة إسرائيل.... واكاد أرى دموع الدكتورعبدالمنعم سعيد وهو يروى هذه الفاجعة!!.... واذا كان الشئ بالشئ يذكر فقد حدث منذ عامين أن دعانى الاخ والصديق احمد ماهر السيد ابان توليه وزارة الخارجية للمشاركة فى الاحتفال بيوم عيد الدبلوماسية المصرية كما دعا غيرى من قدامى السفراء وآخرين. كان من بينهم الدكتور عبدالمنعم سعيد. وقد كان من بين برنامج الاحتفال ندوة حول الدبلوماسية المصرية دعيت للمشاركة فيها. وقد فوجئ الحضور قرب نهاية الندوة بالدكتور سعيد يرفع يده طالبا الكلمة. وكان مما قاله ومازلت اذكره ان ما يسمى بمدرسة الوطنية المصرية فى وزارة الخارجية والتى تتبنى قضية فلسطين أن لها ان تغلق ابوابها....!!! فقد عقدت مصر معاهدة سلام مع إسرائيل كما ان الجهد الدبلوماسى المصرى لمساندة الشعب الفلسطينى هو مكلف ماديا ويستغرق جهدا لا لزوم له.... والفلسطينيون يتهجون على مصر فى الحاضر كما فى الماضي... وهنا انبرى الاخ السفير حسن شاش بالرد على الدكتور سعيد وافحمه.. ولكنى رأيت ان اضيف بعض الكلمات فى شأن قضية فلسطين وانها تمس الأمن القومى المصرى وأستعرض موقف نابليون عندما احتل مصر حيث رأى وهو القائد العسكرى انه لا يمكن ان يتم تأمين احتلاله لمصر دون تأمين جناحها الشرقى فى فلسطين. ومن بعده محمد على الذى رأى ان امن مصر يبدأ من جبال طوروس فى سوريا شاملا طبعا فلسطين ثم من بعدهم جمال عبدالناصر. وقد ذكرنى بذلك منذ ايام السفير صلاح شعراوى الذى كان على رأس الحضور فى يوم عيد الدبلوماسية المصرية. الدكتور عبدالمنعم سعيد نموذج لاعضاء لجنة السياسات التى ترسم السياسات المصرية داخليا وخارجيا. ومن هنا تزول الدهشة ويتضح السبب الذى من أجله اندفعت مصر الى توقيع اتفاقية الكويز وقبلها الافراج عن الجاسوس الإسرائيلى ومؤخرا وليس اخرا تزويد إسرائيل على مدى عشرين عاما بالغاز لانارة محطة كهرباء يجرى انشاؤها شمال تل ابيب. ناهيكم عما يشوب هذه الصفقة من غموض فلا أحد يعرف شيئا عن تفاصيل هذه الصفقة ولا اسباب وجود وسيط هو شركة البحر المتوسط قطاع خاص مصرى إسرائيل وما سيحققه من ربح للمساهمين الذين لا نعرفهم. يتبقى من حديث الدكتور عبدالمنعم سعيد لصحيفة صوت الامة قوله ان اخر احصائية للبنك الدولى عن الفقر تقول ان فى مصر احد عشر مليون مواطن دخلهم اليومى دولاران فقط. وهذه البيانات بالقطع خاطئة فدولاران يساويان بالسعر الرسمى قرابة احد عشر جنيها وهو دخل لا بأس به. بينما وزير التخطيط فى برنامج البيت بيتك يوم الثلاثاء الماضى بمناسبة مرور عام على قول حكومة احمد نظيف للسلطة قال ان خط الفقر هو جنيه ونصف الجنيه فقط.. ولنتخيل مواطنا يمكنه ان يسكن ويلبس ويأكل بدخل مقداره جنيه مصرى ونصف الجنيه يوميا لاغير. اى خمسة واربعبن جنيها فى الشهر لو كان صاحب مرتب ودخل ثابت. ولم يقل لنا الدكتور سعيد من الذى اوصل مصر الى أن تكون واطية فى سلم دول العالم بعد ثلاثين عاما من حكم الحزب الوطنى بهذا التدنى فى دخول أحد عشر مليونا من مواطنيها. ولم يقل لنا الدكتور سعيد كم عدد اصحاب البلايين والملايين.. ولم يقل لنا كم بليون جنيه تم تهريبها للخارج. مصر يا دكتور تعيش أزمة حكم. ويوم يحكم مصر أبناؤها لن يكون من بين أبنائها من يصفها بالواطية. ومن هنا تجئ هذه الانتفاضة التى تقول لكم كفاية. ----- صحيفة العربي المصرية المعارضة في 25 -7 -2005