وصل الاضطراب في التصريحات الأمنية المصرية أمس حول سير التحقيقات في أحداث شرم الشيخ حدا بالغ السوء ، ووصل إلى حد فوضى التصريحات المتناقضة ، وترك انطباعا غير جيد بين المراقبين والمحللين عن محاولات " تسييس " الحدث ، لخدمة توجهات سياسية محلية واستحقاقات انتخابية مقبلة بعيدا عن الحقائق المتوفرة حول الحادث وسير التحقيقات فيه ، حيث أشارت مصادر استطلعت المصريون رأيها أن أطرافا في " السلطة " حاولت خلال اليومين الماضيين تسريب معلومات عن " فرضية " دور أجنبي كبير في تخطيط وتمويل وتنفيذ عملية شرم الشيخ ، وتم بالفعل صدور تصريحات أمنية رسمية عن تتبع خيط تسعة باكستانيين ، تم اختصارهم بعد ذلك إلى ستة ، وأنهم " مفتاح " التحقيق في العملية ، وقامت السلطات المصرية بالفعل بنشر صورهم على الوكالات ، رغم عدم وجود أي شواهد جدية على ارتباطهم بالأحداث ، حيث يمر آلاف الباكستانيين والهنود عبر البوابة المصرية إلى جهات متعددة في آسيا وأفريقيا وبعضهم يعمل في مصر ذاتها ، واعتبرت هذه المصادر أن محاولة دعم هذه الفرضية بالحديث عن محور " بغداد العقبة شرم الشيخ " الذي تسربت عن طريقه المجموعات التي قامت بالعملية وتجهيزاتها هي مجرد خرافة أمنية ، وتصور عبور نصف طن متفجرات متطورة عبر الموانئ المصرية مجرد " خيال " بقدر ما هو إهانة للأمن المصري ، كما أن التسريبات عن " نوعية " متقدمة من المتفجرات ثبت أنها غير صحيحة ، وأن المتفجرات التي استخدمت هي من الأنواع التقليدية ، وهي شبيهة بما تم استخدامه في عملية " طابا " . وكان رد الفعل الباكستاني بالغ العنف على تسريبات الأجهزة الرسمية المصرية ، وهو الأمر الذي اضطر السفير المصري في إسلام أباد حسين هريدي إلى أن ينفي في تصريحات علنية أي صلة للباكستانيين المعلن عنهم بأحداث شرم الشيخ ، وقال لوكالة رويترز بالحرف الواحد: "ننفي وجود أي صلة على الإطلاق بين المواطنين الباكستانيين وتفجيرات شرم الشيخ". ، وكانت الخارجية الباكستانية قد نفت بشدة هذه الأنباء ، ووصل الأمر إلى حد أن يعلن الرئيس الباكستاني برويز مشرف في بيان متلفز سخريته الكاملة من الرواية المصرية ، مشيرا إلى أن محاولة نسبة مثل هذه " القصص " عن ذراع القاعدة الطويلة هو محض " خرافة " . على صعيد اضطراب التصريحات الأمنية أيضا ، نفت مصادر أمنية ما سبق وأعلنته مصادر أمنية أخرى عن وجود اشتباكات بين الشرطة وبين بعض البدو في المناطق المحيطة بشرم الشيخ ، وكان مسؤولون في الشرطة المصرية قد أكدوا لوكالة الأنباء الفرنسية أن قوات الأمن توجهت إلى قريتي "خروم" و"رويسات" البدويتين في جنوبسيناء, على بعد 30 كم من شرم الشيخ ، وهي تقارير نشرتها صحف قومية لا تنشر إلا ما يصلها من بيانات رسمية . وقد أشار بعض المحللين إلى أن هذه الفوضى في البيانات الأمنية ربما تعود إلى أن هناك أكثر من فريق أمني وجهاز أمني يقوم بالتحقيق في الحادثة ، وبالتالي تتعدد الاجتهادات والفرضيات ، إلا أن مصادر " المصريون " أكدت لنا أن الاضطراب يعود بالدرجة الأولى إلى تدخل " جهات سياسية " على خط التصريحات ، ومحاولتها " تسييس " الحادثة ، واستثمارها سياسيا ، ووضعها في سياق حشد التعاطف الدولي والمحلي مع الرئيس مبارك وملف ترشيحه للانتخابات المقبلة ، وتعزيز موقفه الداخلي أمام احتشاد قوى المعارضة وضغوطها المتتالية حول مطالب إصلاحية ، وحذرت "تلك المصادر " من أن هذا " التسييس " المتعجل سبب إحراجا كبيرا لموقف مصر الدولي ، واضطرها إلى تقديم اعتذارها وتكذيبها لبياناتها علانية للجانب الباكستاني خلال أقل من أربع وعشرين ساعة ، وأكدت المصادر على أن خيط التحقيق الرئيسي ما زال على قناعة تامة بأن العملية " محلية " وأن مجموعات إسلامية متشددة في سيناء هي التي نفذت العملية ، وأنها هي ذاتها المجموعة التي نفذت عملية طابا ، وهي ذاتها المجموعة التي خاضت مواجهات عنيفة مع أجهزة الأمن قبل عدة أسابيع في منطقة " الطور " على بعد أقل من مائة كيلو متر من مدينة " شرم الشيخ " والتي قتل فيها عدد من رجال الشرطة مع عدد من المجموعات المسلحة وهروب باقي المجموعة حيث فشلت الشرطة في القبض على أي منهم . وكانت مجموعة إسلامية ثالثة ، وغير معروفة حتى الآن تطلق على نفسها اسم "جماعة التوحيد والجهاد المصرية" قد نشرت بيانا أمس الثلاثاء 26- 7- 2005 على شبكة الإنترنت أعلنت فيه مسئوليتها عن انفجارات شرم الشيخ وأعطت أسماء خمسة مهاجمين قتلوا في هذه العمليات،وهم :إياد الفلسطينى وسليمان فليفل سواركه وحماد التربانى ومحمد بدوى وسلامه التيهى ، ولم يتسن التحقق من صحة هذا البيان الجديد ولا من صحة هذه الأسماء أو أنها أسماء حقيقية وليست حركية .